"لن أتراجع".. هكذا تقف فارسة سعودية في وجه حلم ابن سلمان
أكدت شبكة "أي بي سي" الأميركية في تقرير لها أن فارسة سعودية تقف حجرة عثرة أمام حلم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في بناء مدينة "نيوم" الضخمة عبر تشريد أهل قبيلتها، رغم التهديدات التي تتلقاها يوميا.
يتعلق الأمر بعلياء الحويطي، وهي أول امرأة سعودية محترفة في رياضة الفروسية، وبعد سبع سنوات من المنافسة على المستوى المهني، على ظهور الخيل أصبحت عدوا لبعض الأشخاص الأقوياء في بلدها ومن بينهم ولي العهد السعودي، وفقا للشبكة الأميركية.
وتعيش الفارسة السعودية الآن في لندن، لكنها تخاطر بحياتها بسبب انتقاداتها العلنية لولي العهد محمد بن سلمان والحكومة السعودية، والتي تأتي بعد جريمة القتل الوحشي للصحفي جمال خاشقجي عام 2018 .
وكان خاشقجي، وهو صحفي من صحيفة "واشنطن بوست"، قد ذهب في أكتوبر/ تشرين الأول 2018 إلى القنصلية السعودية في إسطنبول ولم يخرج منها قط. وقد رفعت خطيبته دعوى قضائية ضد ولي العهد السعودي ، متهمة إياه بإصدار الأمر بقتله.
وقالت علياء لشبكة "أي بي سي" في أحد شوارع وسط لندن: "أتساءل أحيانا ما إذا كان هناك شخص ما وراء ظهري، لكن لا يمكنني أن أخاف لأنني سأكون خائفة حتى الموت".
مهددة بالتقطيع
وليس بعيدا عن السفارة السعودية في مايفير، عملت علياء الحويطي ذات مرة قبل أن تفر وتتحول إلى شوكة في خاصرة المملكة، حيث تقول إنها تتلقى تهديدات بالقتل بشكل شبه يومي ورسائل تخويف، تعتقد أنها من أفراد متحالفين مع الحكومة السعودية.
وقد كشفت الحويطي بعضا من هذه الرسائل التي كتبت باللغة العربية، حيث تقول إحداها: "في يوم من الأيام سنأتي وسنقطعك قطعة قطعة". وتقول رسالة أخرى: "سنلقي بحمض على وجهك.. أنت لست مسلمة ويجب قتلك".
وتروي علياء كيف أن بعض التهديدات تحثها على عدم الوثوق بأصدقائها لأنهم يمكن أن يكونوا أعداءها. وهي تعلم أن الهدف منها ليس فقط إخافتها، ولكن لجعلها مصابة بالجنون والهلوسة. لكن الفارسة السعودية ترفض الاستسلام، قائلة: "علمت عندما اخترت هذا الطريق أنه ستكون هناك تضحيات".
بعد الترهيب المستمر بسبب منشوراتها على مواقع والتواصل الاجتماعي وآرائها القوية حول حقوق الإنسان، غادرت عليا مكان عملها قرب السفارة وقطعت علاقاتها مع المملكة العربية السعودية في عام 2019.
وتدافع علياء عن قبيلتها السعودية "الحويطات"، التي عاش أهلها على طول ساحل البحر الأحمر لمئات السنين. وتقف هذه القبيلة في طريق حلم الأمير محمد بن سلمان الذي تبلغ كلفته 700 مليار دولار، حيث يريد ولي العهد السعودي إنشاء أول مدينة ضخمة عالية التقنية في العالم، تُعرف باسم "نيوم".
وبينما يحاول ولي العهد محمد بن سلمان بناء اقتصاد أقل اعتمادا على إمدادات النفط المستنفدة، فإن "نيوم" هو مشروع بقيمة 700 مليار دولار مصمم لجذب الاستثمار الأجنبي وتطوير قطاع السياحة.
"أرض عذراء"
وتقول الإعلانات للمدينة إنها ستحتوي على سيارات أجرة طائرة بدون طيار، وجزيرة شبيهة بحديقة الجوراسي، وستضم عددا أكبر من المطاعم الحاصلة على نجمة ميشلان مقارنة بأي مدينة أخرى في العالم.
وتقول الدعاية أيضا إنها مبنية على أرض "عذراء"، لكن أهل الحويطات يرفضون ذلك ويقولون إنهم عاشوا في المنطقة منذ قرون.
ونقلت الشبكة عن علياء قولها: إن "أفراد عشيرتها يتعرضون للتهديد والمضايقة والإبعاد القسري عن منازلهم".
وبدأت في التحدث بعد قتل عبد الرحيم الحويطي، زعيم قرية الذي رفض المشروع. وقالت الفارسة السعودية: إن "قوات الأمن أطلقت النار على عبد الرحيم ردا على إطلاق النار عليها أولا".
لكن علياء تصر في حديثها للشبكة الأميركية على أنه عبد الرحيم الحويطي "لم يكن مسلحا، ومنذ ذلك الحين اختفى ما لا يقل عن 15 من السكان ولا يمكن تحديد مكانهم".
وأضافت الفارسة السعودية: "هذا هو واجبي تجاه الناس.. إنهم يطلبون المساعدة وهذا هو السبب الذي دفعني لتبني القضية وسأحاول بذل قصارى جهدي لتحقيق العدالة لأهالي نيوم". وتابعت: "لقد وعدت بذلك، الأسر في 13 قرية على طول البحر الأحمر حيث سيتم بناء نيوم".
وأشار التقرير أن "ولي العهد عرض على سكان القرية 4000 دولار فقط للمغادرة، بينما تم قطع الكهرباء على أولئك الذين رفضوا".
ماذا بعد نيوم؟
ووفقا للشبكة الأميركية، فقد تولى المحامي رودني ديكسون، المقيم في لندن، النظر في القضية ورفعها إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف. ويسعى ديكسون إلى فتح تحقيق عاجل في تهجير أهالي الحويطات.
وقال ديكسون لـ"أي بي سي": إن "هذه الانتهاكات توثر على مئات الأشخاص، وربما الآلاف". وأضاف: "هناك الكثير مما يحدث ولا نستطيع اكتشافه، ولكن من خلال تقديم هذا التحقيق، نريد كشف هذه الأمور".
وأوضح الملف الذي جرى تقديمه إلى الأمم المتحدة إلى أن قبيلة الحويطات هي قبيلة بدوية كبيرة من البدو الرُحل. وتمتد القبيلة عبر جزء من الشرق الأوسط، بما في ذلك فلسطين والأردن والمملكة العربية السعودية.
وتنص الوثيقة على أن "الفيديو الترويجي لمشروع نيوم يؤكد خطأ كليا أن المنطقة التي ستُبنى عليها المدينة الضخمة هي أرض عذراء".
وحسبما أفادت الشبكة، فإن "اللافت للنظر والمخيف، أنه لا توجد إشارة واحدة إلى وجود الآلاف من أفراد قبيلة الحويطات في أي مادة ترويجية".
ولا تزال "نيوم" في المراحل الأولى من التطور. ولكن في حين أن ولي العهد يهدف إلى نقل السكان الأوائل في عام 2025، فإن فيروس كورونا قد أخر البناء.
ويُعتقد أن مقتل جمال خاشقجي أضر أيضا بالاهتمام الدولي بالمشروع، لكن على الرغم من العقبات، لم تتوقف أعمال البناء.
إلى ذلك أكدت علياء لشبكة "أي بي سي" أنها لن توقف حملتها ضد عمليات الإخلاء القسري لشعبها، بغض النظر عن الضغوط التي تمارس عليها للقيام بذلك، مؤكدة: "لقد وضع الناس حياتهم بين يدي وهم يؤمنون بي لإيصال أصواتهم.. لن أستسلم أبدا حتى يستمع العالم إليهم".