عينت ضابط حرس ثوري سفيرا بصنعاء.. كيف خدعت إيران الرياض وأبوظبي؟
بمرور الوقت تسعى جماعة الحوثي لتكريس نفسها كسلطة أمر واقع، وتسعى للحصول على الاعتراف، رغم الإجراءات التي يتخذها تحالف السعودية والإمارات لتضييق الخناق عليها.
مؤخرا أعلنت طهران تعيين سفير جديد لها لدى الحوثيين في اليمن، وبحسب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، فإنه من المقرر أن يقدم السفير المعين حديثا حسن إيرلو أوراق اعتماده لوزير خارجية حكومة الحوثي هشام شرف، تمهيدا لتقديمها إلى رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع للجماعة مهدي المشاط.
إيرلو وصل يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول 2020 إلى صنعاء، على نحو أثار استغراب وغضب كثير من اليمنيين الذين تساءلوا عن الطريقة التي تمكن الرجل فيها من كسر الحصار المفروض على المطارات والوصول إلى صنعاء.
مصادر كشفت أن إيرلو وصل مع طائرة الجرحى الحوثيين الذين قدموا من عمان، في طائرة أممية هبطت في مطار صنعاء، في ظل حديث عن تسهيل الولايات المتحدة عودة الجرحى الحوثيين إلى عمان مقابل الإفراج عن أسيرين أميركيين كانا محتجزين لدى الجماعة، بالإضافة إلى جثة أميركي ثالث.
تورط علني
يأتي اعتماد سفير إيراني لدى جماعة الحوثي في اليمن، بعد أن اعتمدت الجماعة إبراهيم الديلمي سفيرا لها في طهران في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وقالت وكالة أنباء فارس الإيرانية: إن الرئيس حسن روحاني استقبل الديلمي الذي قدم أوراق اعتماده كسفير جديد لصنعاء لدى طهران.
ومن شأن تلك الخطوة أن تمثل اعترافا إيرانيا بجماعة الحوثي، ما يضفي المزيد من التعقيد على الأزمة اليمنية جراء الاعتراف بجماعة انقلابية كسلطة سياسية شرعية.
الخارجية اليمنية التابعة للحكومة الشرعية، استنكرت الأمر موضحة أن ذلك الإجراء يعد مخالفة صريحة وواضحة لميثاق الأمم المتحدة واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
الإجراء الأخير أكد تورط طهران في دعم الحوثيين، وهو ما كانت تنفيه دوما جماعة الحوثي، وتتجاهل طهران التعليق عليه، غير أن تبادل السفيرين أخرج ذلك الدعم السياسي والدبلوماسي للعلن.
الجنرال المجهول
المثير للجدل في تعيين سفير إيراني في صنعاء، هو شخصية حسين إيرلو ذاتها، حيث لا يوجد دبلوماسي إيراني بهذا الاسم ولا حتى في من يعمل في السلك الدبلوماسي، ما يشير إلى أن غرض التعيين ليس التعاون الدبلوماسي بل أمر آخر.
وزارة الخارجية الأميركية أشارت إلى أن السفير المعين حديثا ليس دبلوماسيا، بل ضابطا في الحرس الثوري، وفي 21 أكتوبر/تشرين الأول 2020، اتهمت واشنطن، طهران بتهريب عضو في الحرس الثوري الإيراني إلى اليمن، تحت غطاء سفير لدى جماعة الحوثي بصنعاء، بحسب وكالة الأناضول.
جاء ذلك في تغريدة للمتحدثة باسم الخارجية الأميركية مورجان أورتاجوس عبر حسابها على تويتر قائلة: "قام النظام الإيراني بتهريب حسن إيرلو عضو في الحرس الثوري الإيراني مرتبط بـ (حزب الله) اللبناني، إلى اليمن تحت غطاء سفير لدى مليشيا الحوثي".
وقالت الخارجية الأميركية: إن "نية النظام الإيراني استخدام الحوثيين، لتوسيع نفوذه الخبيث واضحة" أورتاجوس، على أنه "يجب على الشعب اليمني أن يقول (لا) لإيرلو، وإيران".
وكان الصحفي الأحوازي محمد مجيد الأحوازي قد نشر سلسلة تغريدات على حسابه في تويتر قال فيها: إن الخارجية الإيرانية لا تحوي أي سيرة ذاتية بهذا الاسم، ولا حتى صورة للسفير الإيراني الجديد المعين في اليمن.
وأشار الأحوازي، في تغريداته، إلى أن إيرلو قائد في الحرس الثوري وأضاف أن كلا من حسين إيرلو وصغير إيرلو شقيقي حسن إيرلو المعين حديثا، كانا من قيادات الحرس الثوري في الحرب العراقية الإيرانية، وأنهما قتلا في معركة الحصاد الأكبر وحصار البصرة عام 1987، وأن حسن إيرلو كان مقربا من قائد الحرس الثوري السابق قاسم سليماني.
وقال الأحوازي: إن ملف اليمن بالنسبة لإيران في غاية الأهمية، ولهذا فقد أولي لفيلق من الحرس الثوري بدلا عن الخارجية الإيرانية، مضيفا أن الجنرال في الحرس الثوري عبد الرضا شهلائي هو مسؤول ملف اليمن.
1- «الجنرال المجهول»
— M.Majed محمد مجيد (@MohamadAhwaze) October 21, 2020
ثريد عن حسن ايرلو السفير الإيراني الجديد في اليمن ، حتى اسم السفير قد يكون غير هذا ويستخدم إسم " حسين ايرلو " كإسم مستعار ، ولا يوجد في موقع الخارجية الإيرانية أي سيرة ذاتية عن هذا السفيرة ولا حتى صورة للسفير الإيراني في اليمن!
حصار عبثي
وصول السفير الإيراني إلى صنعاء رغم الحصار المفروض على الشعب اليمني، أثار موجة غضب تدين التحالف وذلك لأسباب، منها أن التحالف إنما يفاقم، بالحصار المفروض، معاناة الشعب اليمني ويزيد من معاناة المرضى الذين عجزوا عن السفر للعلاج في الخارج، وعن اليمنيين الآخرين الذين لم يتمكنوا من السفر من وإلى اليمن، في حين لم يكن قادرا على منع السفير الإيراني من الوصول لليمن.
الأمر الآخر أن موقف الحوثيين يزداد قوة يوما بعد يوم، في مقابل تزايد ضعف الشرعية، نتيجة السياسة التي انتهجها التحالف تجاه الشرعية والتي آلت إلى فقدان الشعبية للحكومة المقيمة في الرياض.
علاوة على ذلك، فرغم الحصار المفروض من قبل التحالف على المنافذ الجوية والموانئ البحرية، فإن الحوثيين مازالوا يتلقون الأسلحة النوعية التي تأتيهم من خارج اليمن، وهي أسلحة تمكنوا من خلالها من تنفيذ هجمات على الأراضي السعودية خصوصا الحد الجنوبي للمملكة، ما يعني أن الحصار المفروض على اليمنيين حصار عبثي في أفضل أحواله.
حلقة جديدة
تعيين سفير جديد لإيران في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، يأتي كإجراء يطور العلاقة الدبلوماسية بين طهران وجماعة الحوثي غير المعترف بها دوليا.
ويأتي هذا التعاون الدبلوماسي كحلقة في سلسلة التعاون بين الجماعة الانقلابية وطهران، حيث تمد الأخيرة جماعة الحوثي بأسلحة نوعية مكنتها من الاستمرار في المعركة ضد اليمنيين وضد التحالف السعودي والإماراتي.
وفي حال صدقت الأقوال التي ذهبت إلى أن السفير الجديد أصله ضابط في الحرس الثوري، فإن ذلك يعد تعزيزا للتدريب العسكري الذي تتلقاه جماعة الحوثي من قبل طهران.
وحسب صحيفة إيلاف الإلكترونية فإن حسن إيرلو قائد في الحرس الثوري، وجنرال مقرب من قائد الحرس الثوري السابق قاسم سليماني، وكان قد شارك في ثورة الخميني عام 1979، كما شارك في الحرب الإيرانية العراقية.
ويعد إيرلو خبيرا بصناعة الصواريخ وإطلاقها، وكذلك الصواريخ المضادة للطائرات، وساهم ببناء شبكة صواريخ حزب الله، وكان من أبرز العاملين مع عماد مغنية، وأمضى منذ عام 1999 متنقلا بين بيروت وطهران، تحت إمرة قائد الحرس الثوري قائد سليماني الذي اغتيل في العراق بطائرة أميركية مسيرة نهاية العام الماضي.
مراقبون يرون أن الحوثيين في طريقهم لمرحلة جديدة من تطوير الأسلحة والصواريخ التي استخدموها مؤخرا في الهجوم على المناطق الجنوبية بالمملكة العربية السعودية.