إيران تنصب أنظمة دفاعية بسوريا.. لماذا انزعجت روسيا وإسرائيل؟

يوسف العلي | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

توالت الأنباء عن نشر إيران لأنظمة دفاع جوي في الأراضي السورية، لا سيما المناطق القريبة من الحدود اللبنانية، والتي يسيطر عليها "حزب الله" اللبناني، وذلك بعد سلسلة هجمات إسرائيلية على مواقع للقوات الإيرانية والمليشيات المرتبطة بها في سوريا.

نشر المنظومة الإيرانية في سوريا يشكل تحديا ليس لإسرائيل فقط، وإنما لروسيا التي منحت نظام بشار الأسد منظومة صواريخ "إس 300" لكنها لم تحرك ساكنا في الهجمات التي نفذتها المقاتلات الإسرائيلية، والتي فسرها مراقبها بأنها ضوء آخر لإنهاء وجود إيران بسوريا.

ترهيب إسرائيل

في 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، قال موقع "نيوز ري" الروسي: إن المتحدث باسم هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي، أكد نشر إيران بعض أنظمة الدفاع الجوي في سوريا، مشيرا إلى أن طهران لا تزود حلفاءها بهذه المعدات دون مقابل.

وحسب الموقع الروسي، فإن "إيران تسعى من خلال هذا النوع من التصريحات إلى ترهيب تل أبيب التي تشن غارات جوية ضد مواقع إيرانية على الأراضي السورية، ومن غير المستبعد أن تؤدي هذه التصريحات إلى تفاقم الوضع".

ونقل عن شكارجي، قوله: إن "إرسال أنظمة دفاع جوي إلى سوريا كان بناء على طلب رسمي من حكومة النظام في دمشق"، مشيرا إلى أن "الوضع الاقتصادي الصعب الذي تتخبط فيه إيران بسبب العديد من العوامل، بما في ذلك العقوبات الأميركية، لا يسمح لها بتقديم مساعدات كبيرة إلى سوريا".

وفي الوقت الذي لم يحدد فيه شكارجي نوعية الأسلحة التي أرسلت إلى سوريا، فقد رجحت بعض المصادر للصحفية الروسية أن "تكون المنظومات المرسلة من طراز باور 373 للدفاع الجوي وخرداد 15 ومرصاد".

وأشار الموقع إلى أنه لا يمكن لإيران تجاهل عواقب مثل هذه الخطوة التصعيدية العلنية، التي قد تعتبرها إسرائيل بمثابة إعلان حرب ضدها. وقد أوضحت تل أبيب في العديد من المناسبات أنها مصممة على منع إيران من نشر أنظمتها في سوريا بشتى الوسائل، لأنها ترى في وجود قوة عسكرية إيرانية بالقرب من حدودها تهديدا إقليميا.

وتطرق الموقع إلى افتراضات مفادها بأن القيادة الروسية تمنع الهجمات الانتقامية على الطائرات الإسرائيلية للحيلولة دون تحول الوضع إلى صراع واسع النطاق، ناهيك عن أن لديها الأدوات اللازمة لردع الطموحات الإيرانية.

في المقابل، أشار "نيوز ري" أن "مصالح الروس والإسرائيليين لم تجد أرضية مشتركة في سوريا. ومن المرجح أن يحاول الجانب الإسرائيلي التحدث مع روسيا حول تفاصيل أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية في المستقبل القريب، لا سيما أن نشرها في سوريا يمكن أن يأخذ الصراع إلى منحى جديد".

أنظمة الدفاع

وبخصوص تفاصيل وصول الأنظمة الإيرانية، كشفت تقارير مواقع سورية معارضة في 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، عن بدء المليشيات الإيرانية بنقل أجزاء من منظومة دفاع جوي "صياد" محلية الصنع إلى داخل سوريا، وذلك بعد أشهر من إعلان طهران عن توصلها لاتفاق مع نظام الأسد بخصوص تعزيز دفاعاته الجوية.

وذكرت أن خبراء إيرانيين بدؤوا بنقل قطع من منظومة الدفاع الجوي محلية الصنع "صياد"، والمخصصة للتعامل مع الأهداف المتوسطة والبعيدة المدى، وأن المليشيات اختارت "اللواء 24" التابع للنظام والقريب من مطار دمشق ليكون موقعا لانتشار هذه المنظومة، مرجحة أن سبب اختيار المكان هو كثرة الغارات الإسرائيلية على المطار الذي بات معقلا لإيران.

وفي السياق ذاته، نشر موقع "إيران وير"، تقريرا في 23 سبتمبر/أيلول 2020، كشف فيه أن طهران أرسلت عدة شحنات من الأسلحة إلى سوريا عبر مطار دمشق في 20 تموز/ يوليو 2020، ونقلت حمولة الطائرة إلى منطقة جبل المانع في منطقة الكسوة بريف دمشق.

ونقل الموقع عن مصدر عسكري من "الفرقة الأولى" التابعة لقوات النظام، ومقرب من المليشيات الإيرانية في سوريا، قوله: إنه "بعد يوم من وصول تلك الشحنات قامت إسرائيل بقصف أماكن انتشار هذه الأسلحة، وجرى التصدي لتلك الغارات بصواريخ أرض جو في مطار المزة وجبل قاسيون".

وأوضح المصدر العسكري أن "من بين تلك الشحنات عدد من منظومات الدفاع الجوي، لكنها لم تكتمل بعد حيث نقلت على أجزاء"، لافتا إلى أن "المنظومات التي دخلت إلى سوريا منظومة (خرداد 3) ومنظومة (بافار 373) و (خرداد 15) وأجهزة تشويش ورادار من طراز (بشير) ثلاثي الأبعاد وصواريخ محمولة على الكتف وصواريخ أرض جو".

ولفت إلى أن منظومة (بافار 373) هي أحد الأنظمة الهجينة المتطورة التي تم تطويرها من (إس 300) الروسية وهي قادرة على اكتشاف واعتراض الصواريخ من طراز كروز وطائرات الشبح مثل (إف 22) و(إف 35) الأميركية، ويبلغ مداها 250 كم ومدى الرادار 350 كم.

وتستطيع منظومة (خرداد 15) رصد الأهداف باستخدام رادارها من نوع بيسا من مسافة 150 كم والاشتباك مع 6 أهداف في وقت واحد ومع أهداف خفيفة مثل (إف 35) من مسافة تصل إلى 45 كم.

أما (خرداد 3) فصواريخها ذات مدى متوسط يتراوح من 50 إلى 105 كم وتخضع إلى ما يسمى "معمودية النار". وهذه المنظومة أسقطت طائرة (آر كيو 4) المسيرة الأميركية فوق مياه الخليج في يونيو/ حزيران 2020.

سيطرة إيرانية

وفي يوليو/ تموز 2020 وقع الجانب الإيراني والسوري اتفاقا بشأن توسيع التعاون العسكري الثنائي، خاصة في مجال الدفاع الجوي. في المقابل، لم يدل الجانب الروسي المسؤول عن الدفاع الجوي السوري بأي تعليق حول هذا الأمر.

وسبق أن نشرت "الاستقلال" في 16 يوليو/ تموز 2020 تقريرا قرأ فيه محللون الاتفاقية العسكرية الشاملة بين إيران والنظام السوري وتوقيت توقيعها في ظل الظروف الراهنة، على أنها أرادت إيصال رسائل عدة إلى روسيا وإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.

في حينها رأى الخبير العسكري السوري أحمد حماد، في حديثه لـ"الاستقلال" أن "الاتفاق الأخير بين نظام الأسد وإيران سبقه اتفاق في 2018، وتريد طهران من خلاله إظهار تبعية النظام لها، وكذلك فيه رسائل للروس الذين ينافسونها في السيطرة على مقدرات سوريا".

وأشار العقيد السوري السابق إلى أن "الاتفاقية فيها رسائل كذلك لإسرائيل وأميركا بأن إيران باقية وتوقيع الاتفاق يجعل جيش رئيس النظام بشار الأسد تابعا لها، وخاصة بعد قانون قيصر الذي يحاصر هذا المحور".

ويهدف قانون "قيصر" الأميركي إلى إجبار النظام السوري على تعديل سياساته، والقبول بالجلوس إلى طاولة المفاوضات بناء على القرارات الأممية السابقة لاسيما القرار رقم 2254، كما يستهدف القانون دفع دمشق إلى التخلي عن الدعم العسكري الذي تقدمه طهران.

وفي السياق ذاته، قال المعارض السوري أيمن عبد النور: "الاتفاقية الأخيرة بين إيران وسوريا تحمل بين طياتها 3 رسائل: الأولى لا تخلو من تحد للولايات المتحدة وقانون قيصر، والرسالة الثانية لروسيا التي أظهرت في الآونة الأخيرة تململا تجاه سياسات النظام وعناده وهو ما ترجم في مقالات نشرتها وسائل إعلام مقربة من الكرملين تنتقد الأسد والدائرة الضيقة المحيطة به".

ولفت عبد النور خلال تصريحات صحفية في 8 يوليو/ تموز 2020 إلى فتح موسكو قنوات تواصل مع قوى في المعارضة وشخصيات علوية في المهجر، الأمر الذي عزز مخاوف الأسد بشأن النوايا الروسية.

وبحسب المعارض السوري، فإن الرسالة الثالثة موجهة لإسرائيل التي وسعت نطاق استهدافها لقواعد إيرانية في سوريا، وتريد طهران إيصال رسالة من خلال هذه الاتفاقية تفيد بأنها ستتمكن من السيطرة على الأنظمة الجوية السورية وتطويرها بما يمكنها من الرد على الهجمات التي تتعرض لها.

وفي نهاية 2018، سلمت موسكو النظام السوري منظومة "إس 300". ورغم قلق الولايات المتحدة في تلك الفترة من أن هذه الخطوة ستساعد إيران على تعزيز وجودها في سوريا، غير أن أنظمة الدفاع الجوي الصاروخية لم تغير الكثير من المعطيات على أرض الواقع.