بفيلم "مولان".. لماذا دعمت ديزني انتهاكات الصين ضد مسلمي الإيجور؟

4 years ago

12

طباعة

مشاركة

اكتسب رد الفعل العنيف ضد فيلم "مولان"، الذي أنتجته شركة ديزني للرسوم المتحركة زخما خلال الأيام الماضية بسبب تصوير أغلب مشاهده في إقليم شينجيانج الصيني، وهي المنطقة التي يُحتجز فيها مسلمو الإيجور في معسكرات اعتقال جماعية.

مع بدء عرض الفيلم على منصة ديزني في 4 سبتمبر/أيلول 2020، لاحظ المشاهدون في نهاية الفيلم تقديم ديزني الشكر لـ 8 كيانات حكومية في شينجيانج الواقعة أقصى غرب الصين وتضم الأقلية المسلمة المتحدثة بالتركية تحت رقابة وقمع موسعين.

ووفق صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، قدمت ديزني الشكر أيضا لمكتب الأمن العام في شينجيانج، ووصفت الصحيفة المنطقة بأنها تعد "واحدة من أسوأ الأماكن التي يمارس فيها انتهاكات حقوق الإنسان في العالم حاليا".

انتقادات حادة

ووفق تقرير نيويورك تايمز المنشور في 8 سبتمبر/ أيلول 2020، فإن انتقادات حادة ودعوات للمقاطعة واحتجاجات صاحبت الفيلم مع بداية عرضه.

وقالت الصحيفة: "أثار فيلم مولان موجة جديدة من الانتقادات لتصويره جزئيا في شينجيانج، حيث تم احتجاز مسلمي الإيجور في معسكرات اعتقال جماعية". 

التقرير سلط الضوء على الاحتجاجات وموجة الرفض التي بدأت في 7 سبتمبر/أيلول 2020، وشملت المشرعين الأميركيين، واعتبرتها الصحيفة أحدث مثال على أن الفيلم الجديد أثار حالة من الغضب تجاه سياسات الحزب الشيوعي الصيني التي تروج للقومية وشوفينية الهان العرقية.

النائب الجمهوري من ولاية ويسكونسن مايك غالاغر، كتب على تويتر أنه "بينما يرتكب الحزب الشيوعي الصيني جرائم ضد الإنسانية في شينجيانج، شكرت ديزني 4 من أقسام الدعاية التي تكذب على العالم بشأن هذه الجرائم. كما شكرت مكتب الأمن العام في توربان المكلف بإدارة معسكرات إعادة التأهيل التي يحتجز فيها الإيجور".

الخبير في الشأن الصيني أدريان زينز قال في تغريدات على تويتر: إن مكتب الأمن العام في توربان مكلف بإدارة المعسكرات التي تحتجز حوالي مليون شخص بها منذ عام 2017، معظمهم من مسلمي الإيجور، دون محاكمتهم.

 

ونقلت الصحيفة عن اثنين من أقلية الإيجور يعيشان في واشنطن وهما المحامي ريحان آسات وشقيقه الأصغر أكبار الذي سجن في شينجيانج قولهما: "منح شركة ديزني الفضل للوكالات الحكومية في شينجيانج يتعارض مع المثل العليا لمن هم في الأوساط الفنية والتجارية والترفيهية".

وأضافا: "أولئك الذين يدّعون الدفاع عن الحرية في العالم لا يمكنهم تجاهل مثل هذا التواطؤ"، وأكدا أن دعم ديزني للإقليم يرقى إلى مستوى التعاون ويسمح بالقمع بشكل مدمر.

وقال طاهر أمين وهو ناشط من الإيجور في واشنطن أيضا: إنه تم تصوير هذا الفيلم بمساعدة الشرطة الصينية، بينما كانت هذه الشرطة في نفس الوقت ترتكب جرائم ضد شعب الإيجور في توربان".

وأضاف: "كل شركة كبيرة في أميركا تحتاج إلى التفكير فيما إذا كانت أعمالها تساعد الحكومة الصينية في قمع شعب الإيجور".

دعم الإبادة

في تقرير لصحيفة واشنطن بوست، ربط إسحاق ستون فيتش الباحث في مركز آسيا للعلاقات الأميركية الصينية، بين الإبادة الجماعية التي تمارسها بكين في مناطق صورت فيها ديزني وشكرها للإدارات الحكومية التي ساعدتها في تنفيذ الفيلم.

فيتش أشار في تقريره المنشور  7 سبتمبر/ أيلول 2020، إلى وفاة عدد لا يحصى داخل معسكرات الاعتقال بالإضافة إلى حملات التعقيم القسري التي تسببت في خفض معدل المواليد في شينجيانج بنسبة 24% تقريبا في عام 2019 وهو ما وصفه بأنه يتناسب مع التعريف القانوني للإبادة الجماعية "فرض تدابير تهدف إلى منع المواليد داخل المجموعة"، وهو المكان الذي قامت فيه ديزني بتصوير فيلم مولان وشكرت الإدارات الحكومية فيه.

كما اتهمت وكالة أنباء تركستان الشرقية التي تتهم الصين باحتلال الإقليم منذ عام 1949 شركة ديزني بدعم الإبادة الجماعية التي تطبقها الصين على الإيجور وطالبت عبر تغريدات بموقع تويتر بمقاطعة فيلم مولان.

وتساءلت الناشطة الإيجورية المهاجرة إلى الولايات المتحدة زيبا مراد في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست قائلة: إن ديزني إذا تمكنت من جني الملايين من تبييض أرض مزقتها الإبادة الجماعية، فهل تستطيع شراء حرية والدتي؟.

وأوضحت زيبا في 10 سبتمبر/ أيلول 2020، أن الإيجور لم يعاملوا باحترام أو كرامة إنسانية وواجهوا قسوة مستمرة بسبب العرق، مشيرة إلى تسارع هذه الوحشية في السنوات الأخيرة.

وتحدثت زيبا عن اختطاف والدتها في 11 سبتمبر/ أيلول 2018 من منزلها في أورومتشي القريبة من مدينة توربان وأنها لم تصل إلى أي معلومة عنها منذ ذلك الحين.

وكشفت زيبا عن التضييق الشديد والرقابة التي تمارسها الصين على الإقليم وعدم قدرة الصحفيين الوصول إليه وتساءلت: "هل من المبالغة أن نطلب من ديزني ألا تدعم الأيديولوجية التي من المحتمل أن تجعل والدتي عبدة وسجينة في العصر الحديث؟.

وأضافت: "الكلمات التي تم تمريرها عبر اعتمادات الفيلم التي تشكر مرتكبي الإبادة الجماعية أولئك الذين ربما استعبدوا والدتي صادمة، إنه لأمر مروع أن نفس العقول التي تخلق عوالم أيقونية مع الأبطال والأشرار لا تأخذ بعين الاعتبار أخلاقيات القصص التي تبيعها في العالم الحقيقي، بقيت أسأل: هل شخصيات أفلام طفولتي موجودة في شكل حقيقي؟ هل هناك أي استعداد لمواجهة الشرير في العصر الحديث؟.

ويشير تقرير حقوق الإنسان الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية لعام 2018 إلى حالات التعذيب والاعتداء الجنسي وإجراءات المراقبة القمعية والأكل القسري للحم الخنزير وشرب الكحول ومصادرة المصاحف وحتى الموت في مخيمات شينجيانج.

كلمة السر

ربما يتساءل البعض عن الأسباب التي دفعت ديزني لتصوير الفيلم في هذه المنطقة ودعمها للحكومة الصينية التي تشرف على عمليات القمع في الإقليم ومعرفة الشركة المسبقة بسيل الانتقادات التي يمكن أن توجه لها مع بدء عرض الفيلم.

يعتبر فيلم كوندون الذي أنتجته الشركة ووزعته في عام 1997 هو كلمة السر حيث قدم الفيلم صورة مجيدة عن الدالاي لاما وتسبب في غضب الحزب الشيوعي الحاكم ودفعه لوضع قيود على استديوهات ديزني للعمل في الصين. 

والدالاي لاما هو القائد الديني الأعلى للبوذيين التبتيين، وفي عام 1959 احتلت الصين التبت وانتقل الدالاي لاما الرابع عشر كلاجئ للهند، واستقر في شمال الهند حيث أسست هناك إدارة التبت المركزية أو حكومة التبت في المنفى.

تقول صحيفة واشنطن بوست: "في عام 1998 اعترف مدير شركة ديزني حينها مايكل ازنر بأن الشركة ارتكبت خطأ في فيلم كوندون وقدم اعتذاره للصين وقال: "أريد الاعتذار هنا وفي المستقبل سنمنع حدوث هذا لأنه مهين لأصدقائنا".

وقالت الصحيفة في 8 سبتمبر/ أيلول 2020: "اعتقد مدراء ديزني أن تقديم صورة أصيلة عن مولان سترضي الحكومة الصينية ورواد السينما في الصين، وحاولت الحصول على حظوة الحزب الذي غضب من الشركة في السابق".

ومنذ ذلك الحين واصلت ديزني عمليات استرضاء بكين واعتبرت الصحيفة أن أول مكافأة حصلت عليها الشركة كانت في عام 2016 في افتتاح ديزني لاند في إقليم شنغهاي.

وتحدث تقرير للكاتب جينجان يونغ في صحيفة الجارديان البريطانية حول الكثير من النقاط الجدلية التي أثيرت حول الفيلم من تعديل في السيناريو والتغييرات التي أدخلت على شخصية البطلة ومكان تصوير الفيلم وغيرها من الجدليات إلا أن الكاتب في نهاية تقريره وصف الفيلم بأنه تحول إلى قطعة سينمائية محيرة وغامضة مثل الجانب المظلم من القمر. 

وخلص يونغ في تقريره المنشور في 7 سبتمبر/ أيلول 2020، إلى أن التعديل الجديد الذي تم إنتاجه كان الهدف منه جني الثمار في شباك التذاكر الصيني وانتهى به الأمر إلى دعم أهداف حكومة بكين.