محمد علي يدعو للتظاهر.. ما المطلوب لمواجهة السيسي هذه المرة؟

12

طباعة

مشاركة

من جديد، يحاول الفنان والمقاول المصري المعارض محمد علي، دفع المصريين إلى التظاهر ضد النظام الحاكم، بعد مرور سنة على نجاحه في إطلاق مظاهرات مماثلة.

وأطلق مقاول الجيش السابق في 5 سبتمبر/أيلول 2020، الدعوة الجديدة، بالتزامن مع حالة غضب شعبي واسع ضد رأس النظام عبد الفتاح السيسي.

وقال علي عبر صفحته الرسمية بـ"فيسبوك": إنه لا يعرف الاستسلام، وأنه "مؤمن تماما أن ربنا هيجمعنا وينصرنا لأننا أصحاب الحق"، معتقدا أن السنة الماضية كشف للمصريين أشياء كثيرة عن هذا النظام.

وأشار خلال مشاركته في هاشتاغ "#ارحل_مش_عايزينك_ياسيسي"، إلى أنه في إطار تحديد موعد نزول المصريين للتظاهر، وثورة الشعب المقهور والمظلوم.

هل ينتفض المصريون؟

مع دعوة محمد علي، الجديدة قبل الذكرى الأولى لتظاهرات 20 أيلول/ سبتمبر 2019، يثار التساؤل: هل تقود الظروف الحالية في الشارع المصري إلى موجة تظاهرات جديدة وأشد من سابقتها العام الماضي؟

الشارع المصري يشهد حالة احتقان واسعة بسبب حملة الإزالات المتواصلة من كل أجهزة الدولة العليا والقيادية والتنفيذية والأمنية لآلاف المنازل في كل ربوع مصر، بحجة مخالفتها التصاريح القانونية، وتنفيذا لأوامر السيسي الذي هدد في آخر أحاديثه للشعب بنزول الجيش لمتابعة أعمال الهدم.

وتواصلت خلال الأيام الماضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغات رافضة لاستمرار السيسي في الحكم، واسترجع الناشطون ذكريات الثورة ونشروا صورا لها مع صور هدم مباني المصريين؛ في الوقت الذي أطلق مغردون دعوات للحشد والتظاهر في ذكرى تظاهرات 20 سبتمبر/أيلول 2019.

وبعد دعوة محمد علي، تصدر هاشتاغ "#انزل_20_سبتمبر" قائمة الأكثر تداولا في مصر عبر موقع تويتر. 

 

 

مؤشرات الغضب

بعض الصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أعلنت عن وجود مؤشرات حول غضب المصريين الشديد من حملة الإزالات والهدم وتغريم المصريين أموالا طائلة بحجة عدم ترخيصهم لمنازلهم.

وتحدث ناشطون عن رفض بعض أهالي السويس وبور سعيد من محافظات القنال الملاصقة لشبه جزيرة سيناء، حملات الهدم، حيث تجمع الأهالي بكثرة لمنعها في بعض المناطق، وهو ما لم يتسن لمراسل "الاستقلال"، التحقق منه بنفسه.

وخرجت المظاهرات التي أطلقها محمد علي من منفاه الاختياري في عدة مدن مصرية، كانت أشدها ضراوة في مدينة السويس، والقاهرة، والإسكندرية والمحلة ودمياط.

القمع المنتظر

حينها، أطلق النظام العسكري الحاكم ترسانته العسكرية والشرطية بداية من أحدث الأسلحة في مواجهة التظاهرات والجنود المدعمين بالرصاص الحي والخرطوش والقنابل المسيلة للدموع، لمواجهة تلك التحركات الشعبية، وأغلق الميادين العامة والمنشآت الحيوية بكل المحافظات إلى جانب ميدان التحرير وخط المترو الواصل إليه ومحطة السادات الشهيرة.

اعتقل الجهاز الأمني للنظام حينها آلاف المصريين من كل أنحاء البلاد، فيما كان العدد الأكبر من مدينة السويس صاحبة الدور الكبير في ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، حيث جرت تظاهرات حاشدة ضد السيسي، على مدار جمعتين متتاليتين يومي 20 و27 سبتمبر/ أيلول 2019.

ومنذ الانقلاب العسكري منتصف العام 2013، أطلق النظام الحاكم ترسانة من القوانين لمحاكمة المصريين المتظاهرين، مثل قانون التظاهر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، كما يواصل مد العمل بقانون "الطوارئ" سيئ السمعة بشكل متواصل.

منظمة العفو الدولية وصفت قانون التظاهر بأنه "نكسة خطيرة ويشكل تهديدا خطيرا لحرية التجمع ويطلق لقوات الأمن العنان لاستخدام القوة المفرطة، بما فيها القوة المميتة، ضد المتظاهرين".

وأشار المحامي، والخبير بالقانون الدولي الدكتور محمود رفعت، إلى جانب محتمل آخر من الحراك المصري بمواجهة النظام، من داخل الجيش، لافتا إلى تأييد قوى دولية له.

وقال رفعت، عبر صفحته في "تويتر": "أي تحرك لضباط الجيش المصري ضد نظام السيسي سيحظى بتأييد شعبي سيكسر عنق الجميع وسيجعل كل دول الاتحاد الأوروبي ومعهم أميركا تهرع لتأييده، وعرض القبض على السيسي، وإعادة أموال مصر المنهوبة كما حدث إبان انتفاضة يناير 2011".

وأكد أن الحديث السابق هو "فقرة بتقرير تقدير الحالة من جهاز المخابرات الأميركية CIA  للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وصلتني نسخة منه".

براكين الغضب

"هناك براكين غضب عارم تموج تحت سطح بحيرة الحياة المحكومة بالحديد والنار في مصر"، كانت تلك إجابة الكاتب الصحفي أحمد حسن الشرقاوي، على تساؤل "الاستقلال": "هل تنجح دعوة محمد علي بالتزامن مع تحرك جرافات السيسي لهدم منازل المصريين يوميا في دفع المصريين للتظاهر مجددا؟".

الشرقاوي، أضاف: أن "امتداد مظالم النظام ووصولها إلى غالبية شرائح المجتمع توشك أن تفجر أحد تلك البراكين الخامدة قسرا وإجبارا، لا خمودا واستقرارا".

النائب السابق لرئيس تحرير وكالة أنباء "الشرق الأوسط" الحكومية المصرية، أكد أن "جرافات النظام المصري التي صارت مشهدا مألوفا لدى المصريين، تعد عامل استفزاز كبير للشخصية المصرية".

ولفت إلى أن "العسكر الجهلة لا يستوعبون قيمة (ملكية الدار أو المسكن) لدى المصريين، وهي قيمة وصفها الدكتور جمال حمدان صاحب موسوعة (شخصية مصر-دراسة في عبقرية المكان) بأنها قيمة متغلغلة في الشخصية المصرية".

وتابع: المصريون بنوا الأهرامات لتكون (الدار أو السكن) بالحياة الأخرى بعد الموت، وهم يغتربون في بلاد الله شرقا وغربا ليتمكن الواحد منهم بعد سنوات طويلة من الكد والتعب والغربة أن يعود لقريته أو بلده ومسقط رأسه ليبني دارا أو شقة سكنية، وليبني أيضا مقبرة يدفن فيها بعد موته".

الشرقاوي، أكد أن "إهدار النظام العسكري الفاشي لتلك القيمة بدون توفير بدائل مقبولة أو معقولة يعد خطأ كبيرا ينم عن جهله المطبق بجوانب مهمة للشخصية المصرية".

هل تنجح دعوة علي؟

ويعتقد الشرقاوي، أن "محطة 20 سبتمبر/أيلول 2020، يمكن أن تكون أكثر نجاحا من سابقتها لسبب مهم؛ وهو أن الداعي لها وهو الفنان والمقاول محمد علي استوعب الدرس الماضي، وكشف بفطرته بهلوانات السياسة خارج مصر، وكيف خانه وباعه البعض وقبضوا الثمن مقدما من أعداء الربيع العربي وحماة الثورات المضادة بالمنطقة".

وختم الكاتب المصري بالقول: "آمل ألا يخيب ظن الجميع هذه المرة ويتعلم من الدروس السابقة".

من جانبه قال المحامي والسياسي المصري عمرو عبد الهادي: إن "ما يفعله السيسي تسبب في أن تكبر كرة الغضب يوما بعد يوم، ويظهر أمام الشعب ككل من ذُكر في التاريخ ويُضرب به المثل في تعذيب وقتل وظلم الشعوب في العالم".

وفي حديثه لـ"الاستقلال"، شبه عبد الهادي، السيسي بـ"نيرون روما، وهتلر ألمانيا وهكسوس وتتار المصريين".

وأكد أن "دعوات محمد علي طبيعية في ظل ما يعانيه الشعب، وفي ظل عدم تراجع السيسي؛ لذلك المناخ مواتي لثورة ضد النظام".

وأوضح أن "كل ما سُلب من المصريين دخل جيوب عائلة السيسي أو جيوب الجيش لا غيرهما؛ لذلك فالثورة آتية آتية منذ 2014، والكرة تكبر إلى أن تنفجر في وجهه".

وعلى الجانب الآخر، رفض رئيس حزب الفضيلة المهندس محمود فتحي، تلك الدعوات، التي اعتبرها في تدوينة عبر صفحته بـ"فيسبوك"، "عشوائية بدون خطة ومجموعات ثورية وقيادة وحاضنة شعبية واصطفاف وطني".

وحذر من تبعاتها بداية من "نشر الإحباط، وكشف الشباب عند التحرك، وتأخير الدعوات الجادة، وتصدر غير المؤهلين"، مشيرا إلى أهمية التخطيط للأمر"، ومؤكدا أن "ثورة يناير 2011، لم تستمر لأنها كانت بدون تخطيط وقيادة ومجموعات ومظلة ثورية".

فتحي، قال في حديثه لـ"الاستقلال": "يجب أن ندعم كل دعوات التحرك؛ لكن لو تحرك الشعب بدون تنظيم ثوري وقيادة فالمستفيد هو النظام العسكري وأجنحته".

وأوضح أن "أي تحرك يجب أن يكون وفق 3 نقاط أساسية هي: "تطمين الشعب، وتنظيم الثوار، وتفكيك النظام"، مضيفا: "لهذا نرفض كل الدعوات العشوائية بدون الأفكار السابقة".