قبلة الفساد.. لهذا يتجه قادة العالم الفارين للإقامة في الإمارات
عندما وصل ملك إسبانيا السابق، خوان كارلوس الأول، إلى مطار أبوظبي الدولي في الثالث من آب/ أغسطس 2020، كان يتّبع -ربما دون أن يعرف ذلك- مسار القادة الأجانب الآخرين الذين يعانون من بعض المشاكل، والذين اختاروا مغادرة دولهم والتحول إلى الإمارات العربية المتحدة لتصبح ملجأ لهم.
ففي هذه الوجهة المحصنة من جميع العيون، يعيش الرئيس الباكستاني الأسبق، كما وجدت شقيقة المستبد رئيس النظام السوري، بشار الأسد، ملجأ لها.
وأشارت صحيفة إلموندو الإسبانية إلى أن إقامة الملك الإسباني الفخري في الإمارات محاطة بصمت كثيف.
ولم تنشر الصحافة الإماراتية، التي يسيطر عليها النظام هناك، تفاصيل وصوله أو إقامته في البلاد، باستثناء ما ورد في البيان الذي نشرته الأسرة المالكة الإسبانية لتأكيد وصوله إلى أبوظبي.
وقد جاءت هذه الخطوة بعد فتح قضاة إسبان وسويسريين تحقيقات بشأن مؤسساته الخارجية المزعومة وحساباته المصرفية السرية وأعماله التجارية في الخليج العربي.
قائمة طويلة
وقبل أن يختار خوان كارلوس أبوظبي كوجهته الأولى بعد مغادرة إسبانيا، والتي من غير المعروف ما إذا كانت إقامة مؤقتة؛ اختار قادة سابقون آخرون الإمارات للهروب واللجوء فيها.
وعلى رأس هذه القائمة، يظهر الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف، الذي غادر إسلام أباد في عام 2008 بعد سبع سنوات من توليه السلطة في بلاده لتجنب عملية "عزل".
واتخذ الجنرال، الذي حُكم عليه بالإعدام غيابيا في 2019، من لندن ودبي مكانا لإقامته وسط شائعات عن مشاكل صحية خطيرة يعاني منها.
وبينت الصحيفة أن رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة، بينظير بوتو، سلكت نفس هذا المسار خلال سنة 1998، واتخذت من الإمارات منفى اختياريا، استعانت فيه برئيس الإمارات العربية المتحدة وحاكم أبوظبي الشهير، زايد بن سلطان آل نهيان.
وقد كان الرجل الذي حكم الإمارات لمدة ثلاثة عقود صديقا مقربا لعائلة بوتو وعرض عليها قصرا مجانيا لتستقر فيه هي ووالدتها وأطفالها الثلاثة. وبعد أن أقامت في البلاد لمدة ثماني سنوات، عادت بوتو إلى باكستان، حيث اغتيلت في كانون الأول/ ديسمبر سنة 2007.
وأوردت إلموندو أن ثاكسين شيناواترا، وهو رجل أعمال وسياسي كان رئيس وزراء تايلاند بين عامي 2001 و2006، قد وجد ملاذا في حدود صحراء الإمارات العربية المتحدة.
وبعد أن طُرد من السلطة، وأدين بالفساد خلال سنة 2008، أصبح شيناواترا يعيش بسلام في دبي منذ ذلك الحين بفضل استثماراته في تعدين الذهب والماس وتراخيص اليانصيب التي يحملها في مختلف البلدان.
وحتى أشهر قليلة مضت، كانت الإمارات أيضا الوجهة المفضلة للمواطنين الهنود الملاحقين في بلادهم بسبب اتهامات الفساد التي تحوم حولهم.
لكن، أدت سلسلة من عمليات الترحيل والتعاون المتزايد بين قوات الأمن في كلا البلدين إلى تعليق عمليات وصول الهنود المتهمين بالفساد إلى الإمارات واللجوء فيها.
كما استقر أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في حكومة الديكتاتور المصري المخلوع حسني مبارك، في الإمارات خلال سنة 2012، بعد أن خسر بفارق ضئيل في الانتخابات الرئاسية التي جاءت بالرئيس محمد مرسي إلى الحكم.
وقد عاش القائد المتقاعد للقوات الجوية المصرية في مأواه في أبوظبي، حيث تقيم ابنته، إلى غاية كانون الأول/ ديسمبر سنة 2017، عندما أعلن عن نيته المنافسة في الانتخابات ضد رئيس النظام الحالي عبد الفتاح السيسي، العقل المدبر للانقلاب الذي جاء به إلى الحكم برعاية الإمارات.
وأضافت الصحيفة أنه في تعاقب سريع للأحداث، تم ترحيل شفيق إلى القاهرة وأجبر على التخلي عن أي تطلعات سياسية. منذ ذلك الحين، يعيش السياسي السابق في ملجأ آخر سري.
علاوة على ذلك، قدمت الإمارات العربية المتحدة سقفا آمنا للقادة اليمنيين أو السوريين أو الليبيين، مثلما فعلت دول أخرى مجاورة مثل المملكة العربية السعودية أو عمان أو قطر.
ومنذ عام 2012، أقامت بشرى الأسد، شقيقة رئيس النظام السوري، في الإمارات برفقة أطفالها الخمسة. وقد قُتل زوجها، وهو عضو بارز في جيش النظام، في ذلك العام في انفجار للمعارضة السورية.
ومن جهتها، انتقلت أنيسة مخلوف، والدة عشيرة الأسد، إلى دبي عام 2013، لكنها توفيت في دمشق عام 2016.
وفي جميع الأحوال، عرضت أبوظبي ملاذها الآمن على الكثير من السياسيين والشخصيات ذوي السمعة السيئة في بلدانهم، والذي يكون أحيانا مدفوع الأجر؛ مقابل التزام الصمت وعدم الإدلاء بتصريحات علنية من شأنها الإضرار بعلاقات البلاد الدولية.
وتعتمد الإمارات هذه السياسة، خاصة وأنها بلد لا يتسامح مطلقا مع المعارضة السياسية.
وفي هذا الصدد، قال الخبير في ممالك الخليج، نيكولاس ماكجيهان، لصحيفة إلموندو: "تملك أبوظبي سجلا رهيبا في مجال حقوق الإنسان، لكنني لا أعتقد أن ذلك من شأنه أن يردع الملك (الإسباني) المتهم بالفساد عن اللجوء إلى هناك. علاوة على ذلك، من الواضح أن الإماراتيين سعداء باستضافته".