"تغييب متعمّد".. لماذا لم يصطف الإعلام الأردني إلى جانب المعلمين؟

12

طباعة

مشاركة

استنكر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، التعتيم الإعلامي الأردني "المتعمد" على الفعاليات المنددة والمناهضة لممارسات السلطات الأردنية بحق المعلمين، والمتمثلة بقرار الحكومة إغلاق مقرات نقابة المعلمين واعتقال عدد من قادتها البارزين.

وطالب رواد "تويتر" عبر مشاركتهم في وسوم مختلفة أبرزها، #الحرية_للمعلمين، #الحرية_لمجلس_النقابة، #مع_المعلم، بالإفراج الفوري على المعلمين، وتجنيب البلاد الانزلاق نحو الفوضى بإصرار الحكومة على قمع المعلمين.

وحذر ناشطون من تبعات التعنت الحكومي بحق المعلمين والطريقة غير الرشيدة التي تدير بها الأزمة، وما سيتبعه من تضامن شعبي مع المعلمين، خاصة في ظل تعتيم الإعلام الداخلي ونقل الإعلام الخارجي لنبض الشارع الأردني بعد قرارات النائب العام بمنع النشر في القضية.

وتحدثوا عن فضح الصحف الغربية لقمع السلطات الأردنية للمعلمين وتغيب مواقفهم والتعتيم عليها بأوامر قضائية، مشيرين إلى التقارير الدولية وأبرزها تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" الذي وجه الاتهام للنظام السياسي بالأردن، ودور وسائل التواصل الاجتماعي.

وتداول الناشطون وسوما أجنبية عدة للتضامن دوليا مع معلمي الأردن، ومنها  #freedom_for_jordanian_teachers، #With_Jo_teachers، #With_teacher، مؤكدين أن إحكام السلطات الأردنية لقبضتها الأمنية حتى وصلت للإعلام لن تجدي نفعا.

تعتيم إعلامي

واستنكر ناشطون انحياز القنوات التي كانوا يعولون على ثبات موقفها ومحايدتها، للروايات الرسمية، وتماهيها مع باقي قنوات التلفزيون الأردني، وتركيزها على نقل الأخبار العشوائية.

ونشر أبو العماد السعدي رسما كاريكاتيرا يجسد دعم قضية المعلمين عبر تويتر فقط، موضحا أن "هذا الكاريكاتير للمبدع رأفت الخطيب يعكس أزمة إعلام الأردن".

ولفت إلى أن قرار النائب العام منع النشر متعلق بمجريات التحقيق (المحاضر المضبوطات ..الخ) ولا تتعلق بتغطية أخبار فعاليات تحصل على الأرض، مضيفا: "يمكن أن نقول إنه إعلام لا يملك قراره ناهيك عن الرقابة الذاتية".

ونشرت لبنى اللحام الكاريكاتير نفسه، وعقبت بالقول: "عندما يصدح صوت الشعب ويصبح جميعهم إعلاميين وصحفيين وناشرين في غياب الإعلام السلطة الرابعة التي تعمل فقط ضد الوطن والمواطن بجانب الحكومة".

وأكد فؤاد القضاة أن تعتيم إعلامنا الرسمي وفي مقدمته قناة "المملكة" على حدث بضخامة احتجاجات المعلمين تحت ذريعة منع النشر، التي يعلم الصغير قبل الكبير أن الاحتجاجات غير مشمولة فيه هو (كذبة) لا يصدقها أحد بل يرقى إلى مستوى (فضيحة) تستوجب الكثير من المساءلة (لو) كان هناك من يراقب أو يحاسب.

وأثنت روعة على دور الإعلام الخارجي في نقل صوت المعلمين بالداخل الأردني، قائلة: "غاب الإعلام المحلي لإسكات الأصوات، فحضر الإعلام الخارجي لتصل أصوات المعلمين للعالم..  وفي حضرة المعلم يقف الجميع احتراما وإجلالا".

واعتبر الصحفي ضرار علي الشبول، أن سطوة الدولة على الإعلام وتقيّدهم من تغظية قضية المعلمين بحجة مجريات التحقيق مُعيب جدا، قائلا: إن "موقف الإعلام المرتجف أمام الدولة مخجل، والسكوت عن ذلك دون المطالبة بتعديل التشريعات الناظمة سيأزم الأمور أكثر في المرحلة القادمة".

"إعلام شاورما"

وسخر ناشطون من تركيز الإعلام على مدار اليومين الماضيين على حالات الإصابة والوفاة بالتسمم الغذائي لعشرات الأشخاص بسبب تناولهم وجبات شاورما ملوثة جرثوميا من مطعم بمنطقة البقعة، شمال غرب عمّان، إضافة إلى تركيزه على الشؤون الخارجية وتجاهل الداخل.

وقال الكاتب الأردني أحمد أبو غنيمة: "تخيلوا سقف الحريات الإعلامية عندنا في الأردن، نشر أخبار مظاهرات في الكيان الصهيوني احتجاجا على نتنياهو !!!، ولا خبر أو تلميح لمظاهرات المعلمين ضد حكومتنا؛ في إربد وذيبان والكرك!".

وأضاف متهكما: "سقف الحريات الصحفية عندنا مسموح له بالإقلاع إلى الكيان الصهيوني وغير مسموح له الهبوط في مطاراتنا".

وعلق الكاتب أحمد حسن الزعبي  ساخر، بالقول: "إعلامنا المحلي: مبدع في نشر أخبار الشاورما والتسممات...، أما عن المعلمين وقضيتهم.. (ما لهذا خلقنا)".

وتساءل عبدالسلام طرانويش: "إعلام الشاورما .. شو بالنسبة للمعلمين؟؟".

واستهجن أحمد فرج قائلا: "إعلامنا يصمت أمام حدث كبير ومهم وملموس للشعب كله. ثم يخرج ليخبرنا عن المصداقية في نقل الخبر".

وأشار أحمد حمزة إلى أنه بحث في مواقع عدة عن خبر مظاهرات تأييد المعلمين الحاشدة في إربد، ولم يجد سوى الحديث عن فساد الدجاج والشاورما، مؤكدا أن منع نشر أخبار هبة المعلمين من الحكومة غباء غير مسبوق وهبل، لأن الأخبار والفيديو والصور تملأ الفضاء.

يشار إلى أن مدينة إربد شمالي الأردن، شهدت أمس السبت 1 أغسطس/آب 2020 -ثاني أيام عيد الأضحى، مظاهرة حاشدة للمعلمين، تطالب السلطات بالتراجع عن قرارات النائب العام بوقف عمل نقابتهم والإفراج عن أعضاء مجلسها الموقوفين، ورفض إغلاق مقر النقابة وفروعها.

وكان النائب العام في عمّان حسن العبداللات، قد قرر السبت 25 يوليو/تموز 2020، وقف عمل نقابة المعلمين وإغلاق مقراتها لمدة عامين، على خلفية قرارات قضائية، كما أصدر مذكرات إحضار بحق أعضاء مجلس النقابة؛ ومن ثم عرضهم على المدعي العام المختص؛ لاستجوابهم عن "جرائم" مسندة إليهم.

ووفق بيان للنيابة العامة، فإن التحقيقات مع أعضاء مجلس النقابة تشمل اتهامات بـ"تجاوزات مالية" و"إجراءات تحريضية"، فيما ينفي المتهمون صحة تلك التهم.

وقبيل هذه القرارات بـ 48 ساعة، خرج نحو ألفي معلم في مسيرة قرب مقر نقابتهم بالعاصمة عمّان، طالبوا خلالها الحكومة بالتزام اتفاقية موقعة بين النقابة والحكومة، في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، بشأن إقرار علاوة (زيادة مالية) على رواتبهم.

وبدورها، دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الخميس 25 يوليو/تموز 2020، السلطات الأردنية إلى التراجع عن قرار إغلاق النقابة، مؤكدة أن ذلك يثير مخاوف جدية بشأن احترام الحكومة لسيادة القانون.