"إنسايد أوفر": هذه الشكوك المتعلقة بالبعثة الدولية المحتملة في سرت

12

طباعة

مشاركة

نشر موقع "إنسايد أوفر" بنسخته الإيطالية، تقريرا تطرق فيه إلى المخاطر والشكوك التي تحوم حول اقتراح إرسال بعثة دولية تحت إشراف الأمم المتحدة إلى مدينة سرت الإستراتيجية، والتي تشكل الآن الجبهة الجديدة للصراع الدائر على الأراضي الليبية.

وقال تقرير الموقع: إن أصواتا قليلة كانت تهمس داخل أروقة الدبلوماسية الدولية، بمهمة مستقبلية تحت رعاية الأمم المتحدة وإرسال قوات أوروبية إلى منطقة سرت الليبية، ربما لدراسة الميدان والتحقق من إمكانية التنفيذ على أساس سياسي لكن الاقتراح اليوم بصدد التشكل.

وأشار إلى أنه بعد انسحاب حفتر من منطقة طرابلس، تدور الجبهة الجديدة الحقيقية القادرة على تغيير مسار الصراع  حول مسقط رأس الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي.

وتخضع المدينة إلى سيطرة مليشيات حفتر منذ السادس من يناير/كانون الثاني 2020 وتشكل الآن هدف قوات حكومة الوفاق المتقدمة في جميع أنحاء غرب ليبيا منذ أبريل/نيسان 2020.

وتعني السيطرة عليها الاستحواذ على آبار النفط الواقعة شرق المدينة، خاصة حقلي البريقة ورأس لانوف، فضلا على أن الأهمية الإستراتيجية للمنطقة ذات طابع سياسي وعسكري على حد سواء.

اقتراح أممي

تعتبر سرت هدفا حيويا لطرفي النزاع الليبي، حيث ترغب حكومة الوفاق-المعترف بها دوليا- في إعادة السيطرة عليها، في المقابل تستعد مليشيات حفتر للدفاع عنها، كما تحظى المدينة في الوقت ذاته بأهمية بالغة للرعاة الخارجيين. 

وبحسب الموقع، فإن تركيا- حليف السراج الرئيسي- تود استغلال الاتجاه الإيجابي للصراع لتوطيد وجودها حتى في قلب ليبيا. من ناحية أخرى، تخشى روسيا التي تدعم عسكريا حفتر، تقدما على عدة جبهات من قبل قوات الوفاق المدعومة من تركيا.

وينطبق الشيء نفسه على الرعاة التاريخيين الآخرين لحفتر، وهما الإمارات و مصر، ففي القاهرة، كان هناك حديث عن سرت في مناسبات عديدة على أنها "خط أحمر" لا يمكن تجاوزه مع التلويح بإمكانية التدخل العسكري. 

لذلك، تعتبر سرت إستراتيجية للغاية وأساسية لأي حل مستقبلي محتمل للحرب، ولهذا السبب، هناك خطر حقيقي من أن تعيش المدينة حمام دم ثالث في 9 سنوات، بعد معركة أكتوبر/تشرين الأول 2011 التي أدت إلى القبض على القذافي وقتله والحرب ضد تنظيم الدولة في صيف 2016 من كتائب من مدينة مصراتة بدعم من الولايات المتحدة.

ومن هنا جاء اقتراح إنشاء منطقة منزوعة السلاح قادرة على جعل سرت مدينة "محايدة"، وذلك بانسحاب قوات الوفاق ومليشيات حفتر للسماح بدخول قوة دولية لحفظ السلام تخضع لإشراف الأمم المتحدة وبالتزام عسكري من بعض الحكومات الأوروبية، بحسب الموقع.

وأُطلق هذا الاقتراح، خلال مرحلة الوساطة الأميركية التي استمرت لبضعة أسابيع لتجنب المزيد من التصعيد. وبصفة خاصة، تُبذل جهود لإقناع حفتر بالتراجع عن سرت بعد أن تلقى وعودا من بعض القبائل في المنطقة  بأنها لن تدعم قوات حكومة الوفاق الوطني  في حالة انسحابه. وتكون هذه النقطة مقدمة للتدخل الدولي المحتمل القادر على ضمان حياد سرت.

وتجدر الإشارة إلى أنه في الأيام الأخيرة، تحدث وزير الخارجية الألماني هيكو ماس صراحة عن بعثة أوروبية تحت رعاية الأمم المتحدة في وسط ليبيا. وشدد ممثل دبلوماسية برلين على إمكانية تحويل سرت والجفرة إلى مناطق عازلة تحت حماية قوة دولية لحفظ السلام قادرة على الفصل بين طرفي النزاع.

تداعيات محتملة

الموقع لفت إلى أن فكرة البعثة في الوقت الحالي هي مجرد اقتراح، ولم تتخذ بعد خطوات رسمية في هذا الصدد، خاصة وأن العديد من الشكوك تتعلق بها. من ناحية، محاولة تجنب حمام دم جديد في سرت هو بلا شك هدف مهم ويجب السعي إليه بأي وسيلة ممكنة.

وبالنسبة لليبيين، أوضح الموقع أنه بعد 9 سنوات من المذابح المستمرة والاقتتال، تحمّل معاناة اشتباكات أخرى بين الأشقاء تعني الوقوع في كابوس أكثر رعبا. علاوة على ذلك، من الصحيح أيضا أن هذه المهمة  ستعطي مرة أخرى زخما لدور أوروبا.

وفي هذا الصدد، صرحت الأكاديمية الإيطالية وخبيرة الشأن الليبي، ميكيلا ميركوري للموقع بأنه "بلا شك سيعود الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا للعب دور رئيسي، وستسمح المهمة من عودة القارة القديمة إلى الملف". 

ومن ناحية أخرى، من الصحيح بنفس القدر أنه سيكون من الضروري فهم نوع المهمة، وتضيف ميركوري: "علينا أن نرى عدد الدول التي ستشارك ومن الذي سيزود بالمعدات والجنود ومن هو على استعداد للمخاطرة بالذهاب إلى هناك، بالإضافة إلى معرفة قواعد الاشتباك". وأكدت أنها "يمكن أن تكون العملية مهمة لأوروبا إذا تم تشاركها من قبل العديد من الحكومات، وإلا فسيكون مآلها الفشل السياسي أولا ".

وفيما يتعلق برد فعل الليبيين، تعتقد ميركوري أن " العديد من المليشيات ستخرج إلى الشوارع عند الإعلان عن وصول جنود أجانب إلى ليبيا، ولن يرحب الكثيرون بها".

وتابعت: لذلك يمكن أن تكون هناك مقاومة مهمة، وخاصة وأنه يصعب على الليبيين التعايش مع وجود مقاتلين أجانب على أراضيهم، سواء المرتزقة الروس من فاجنر، وأي قوات خاصة من دول مختلفة موجودة بصفة سرية في شرق وغرب البلاد. 

كما أن هناك أيضا طموح الأطراف المعنية مباشرة، ومدى استعداد حفتر للانسحاب فعليا من سرت ومدى إيمانه بوعد إنشاء منطقة محايدة. في المقابل، هل سيقرر السراج، الذي بدأ بعد شهور من المشقة في التقدم مرة أخرى، إيقاف قواته عند أبواب المدينة المتنازع عليها؟

حالة حرب

يرى الموقع أنه من الجيد أيضا تحليل الوضع من وجهة نظر الليبيين ومستقبل بلادهم. يمكن لقوة التدخل ضمان تحقيق أسرع لوقف إطلاق النار المرغوب فيه، ولكن في الوقت نفسه يمكن أن يؤخر إرسالها أي حل نهائي للنزاع.

وبحسب التقرير، فإن إنشاء مناطق عازلة ووجود قوات أجنبية في مدينة مثل سرت، سيجعل من ليبيا دولة بعيدة عن الحد الأدنى من الحياة الطبيعية، بل على العكس من ذلك، ستكون أرضا في حالة حرب مستمرة وبتوازنات غير مستقرة يصعب الحفاظ عليها. 

وتابع: يجب على ليبيا، من أجل خير واستقرار منطقة البحر الأبيض المتوسط، أن تعود إلى بلد طبيعي بمؤسساته الموحدة وهيئاته الإدارية القادرة على حكم البلاد لإخراجها من الحرب.

وفي الختام، أكد الموقع أن مهمة على الأراضي الليبية، تعني التخلي عن أي محاولة ملموسة لإيجاد حل طويل الأمد. وفي هذا السياق، يظهر سؤال دقيق وبسيط تلقائيا: هل للجهات الفاعلة الداخلية والدولية المتداخلة في الأزمة، مصلحة في إنهاء هذا الصراع؟