بعد عام على رحيله.. لماذا لم يحاكم قتلة الرئيس مرسي؟

حسن عفيفي | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحل الذكرى الأولى لوفاة محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في مصر بتاريخ 17 يونيو/حزيران، ولا تزال ملابسات وفاته لم تتكشف خيوطها كاملة، فضلا عن توصيفها توصيفا دقيقا كجريمة قتل بالإهمال، أو قتل متعمد، وما يتبعها من تقديم المسؤولين عنها للعدالة.

ولا يستغرق الأمر كثيرا من البحث على المحركات المختلفة، لإدراك أن زخم قضية وفاة الرئيس المصري السابق قد خفتت، وتوارت عن التغطيات الإخبارية، وأجندات الأحداث الدولية، فيما لا يخلو الأمر من بعض المقالات التي تتفق غالبيتها في أن الجهد المبذول دون عِظم القضية.

عقب وفاة مرسي، تعالت أصوات تطالب بإجراء تحقيق دولي وشفاف في ملابسات مقتله، وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أوائل المسؤولين الدوليين المشككين في رواية السلطات المصرية. وأكد في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 أن أنقرة لا تزال تبحث عن الحقائق حول مقتله.

وفي الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 2019، نشرت الأمم المتحدة تقرير الخبيرة بالأمم المتحدة المتخصصة بالقتل خارج إطار القانون، أجنيس كالامارد، بالاشتراك مع فريق أممي معني بالاحتجاز التعسفي. وخلص التقرير إلى أن مرسي تمت معاملته بوحشية.

وقال: "جرى احتجاز مرسي انفراديا لـ23 ساعة يوميا، وإجباره على النوم على أرضية صلبة مع عدم توفير أغطية كافية، ومنعه من مخالطة بقية المسجونين". وبين التقرير أن قتل مرسي كان اغتيالا تعسفيا بضوء أخضر من الدولة.

وفي نهاية ذات الشهر، نشرت غرف العدل الدولية ومقرها لندن تقريرا يحث الأمم المتحدة على إطلاق تحقيق شامل وشفاف في وفاة مرسي.

وقال توبي كادمان رئيس غرف العدل الدولية والمحامي بالمحكمة الجنائية الدولية: "لا بد من فتح تحقيق جنائي حال ثبوت ضلوع الدولة المصرية بوفاة مرسي".

المستشار الإعلامي لأسرة الرئيس محمد مرسي، محمد جمال هلال أكد لـ"الاستقلال" أن "هناك مكاتب قانونية تحاول دراسة رفع قضايا دولية في عدد من الدول ذات الاختصاص بقضايا حقوق الإنسان والإهمال الطبي والإخفاء القسري الذي تعرض له مرسي".

خبراء قانون يرون أن إطلاق تحقيق دولي في قضية تخص حقوق الإنسان ليس بالأمر الهين، خصوصا مع عدم عضوية مصر في المحكمة الدولية.

وفي حواره مع الاستقلال، أكد كادمان أن "هناك أملا ضعيفا للغاية في محاكمات عادلة لأي من قيادات الجيش المصري أو رموز النظام الحالي أمام القضاء المصري ولكننا نعلم أن الأمور يمكن أن تتغير في لحظة ويسقط هذا النظام ولا يستمر عبد الفتاح السيسي في إدارة البلاد".

كادمان أضاف أن الجهود القانونية تسعى لتقديم قادة الانقلاب داخل مصر، وأنه "لا يمكننا أخذ قضية موت الرئيس مرسي إلى المحكمة الجنائية الدولية والتي ليس لها الصلاحية في النظر في قضية كهذه داخل مصر".

تحت البطش 

مع انطفاء وهج الأسئلة الباحثة عن وفاة مرسي، أطلق حقوقيون وشخصيات عامة في سبتمبر/أيلول 2019 تقريرا بعنوان "من قتل مرسي؟" لتسليط الضوء على المعاناة التي واجهتها الأسرة أثناء احتجازه وبعد وفاته، والتي تُوجت بوفاة نجله الأصغر عبد الله.

وفي حديث لـ"الاستقلال"، أكد أحد أفراد أسرة الرئيس أن ما يواجهونه هو انتقام من نظام عبد الفتاح السيسي، رغم ابتعادهم عن ممارسة أي عمل سياسي.

وتابع: أنه "رغم عدم وجود تصعيد حالي مع النظام، حياتنا ليست طبيعية أو حرة. نطالب بإطلاق سراح أسامة وإخراج الأسرة من دائرة القمع. نحن لا نمارس العمل السياسي، والانتقام منا سببه حملنا لقب مرسي الذي نعتز به". 

أسرة مرسي دللت على البطش بما حدث من منع لإقامة جنازة للرئيس أو نجله عبد الله، واستمرار احتجاز نجله أسامة. كما أن وفاة عبد الله، هي الأخرى وما أحاط بها من ملابسات تدلل على المخاطر التي تهدد الأسرة.

ففي حديثه مع "الاستقلال"، قال محمد هلال: "نؤكد أن عبد الله تم قتله، بعد حصوله على معلومات تخص مقتل الرئيس مرسي، ومطالبته بفتح تحقيق أممي في وفاة الرئيس، ولا أستبعد أنه قد حصل على معلومات تفيد بأن قتل مرسي كان قتلا عمدا. نؤكد أن عبد الله تم قتله".

"كادمان" تحدث أيضا عن الأيام التي سبقت وفاة عبدالله، وقال: "كانت بيني وبينه الكثير من النقاشات والاتصالات والرسائل المتبادلة بعد جريمة قتل الرئيس، وكان من بينها رسالة مهمة تحدث فيها عن خوفه على حياته وأن مصير عائلته في خطر وأن النظام اعتقل شقيقه أسامة لا لشيء إلا أنه نجل الرئيس".

وتابع لـ"الاستقلال": "طالبني عبد الله بالبدء مباشرة في مخاطبة الأمم المتحدة من أجل فتح تحقيق دولي بخصوص الطريقة التي قتل بها مرسي".

وأكد هلال أن "خيار رفع قضية في الولايات المتحدة أمر وارد، خصوصا أن اثنين من أبناء مرسي يحملان الجنسية الأميركية، ومن حقهم ممارسة الحق الدستوري والقانوني لضمان أمن الأسرة".

ذكرى رحيله

الجهود المبذولة لإحياء قضية وفاة محمد مرسي لم تكن مقنعة لدى البعض، وذهب آخرون لاتهام مناصريه بالتخلي عن قضيته.

الشيخ عصام تليمة يرى أنه بعد وفاة مرسي "لم نجد تحركا دوليا ينادي بالتحقيق في وفاته، بل رأينا بعض تحركات على استحياء من البعض، ولكنها وقفت لأسباب غامضة".

وأوضح في مقال نشره بتاريخ 11 يونيو/حزيران 2020، على موقع "عربي 21" أن من أسباب عدم إجراء محاكمة دولية الادعاء بأن الأمر صعب، وأن القوانين الدولية لا تسعف، وأنه لا توجد إرادة عند الدول الغربية للتحرك في ملف حقوقي لصالح مرسي"، مبينا أن هذا الكلام ينطلي على خداع ممن يقوله، أو يأس، أو عدم إرادة للتحرك.

فيما أشار محمد هلال إلى إعلان الأسرة عن إنشاء كيان جديد يحمل اسم "مرسي للديمقراطية".

وأضاف هلال: "مرسي للديمقراطية هي مؤسسة مجتمع مدني غير ربحية ودولية وليس لها انتماء حزبي أو سياسي، تم تأسيسها لتخليد ذكرى الراحل وترسيخ نهجه الذي مات من أجله من قيم العدالة وحقوق الإنسان والحريات العامة وتنمية المجتمع".

وكشف أن من بين أهداف المؤسسة خلال الخمس سنوات الأولى "احتلال مركز قوي لدعم واتخاذ القرارات الخاصة بالديمقراطية والحريات العامة في العالمين العربي والإسلامي".

إحياء ذكرى وفاة محمد مرسي، طالب البعض أن تتحول لأداة لرد حقه، وإنقاذ آلاف المعتقلين في السجون المصرية الذين يواجهون ظروفا قاسية كتلك التي عايشها مرسي، ولا يُستعبد أن يواجهوا مصيرا مشابها.