لوفيجارو: المسلسلات العربية في رمضان تكسر المحرمات تجاه إسرائيل
سلطت صحف فرنسية الضوء على المسلسلات التي تذاع في الدول العربية خلال شهر رمضان المبارك وسط اتهامات لبعضها بالترويج للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
صحيفتا "لوفيجارو" و"ليبراسيون" أكدتا أن هذه الأعمال الدرامية التي تحظى بمتابعة عالية أدت إلى دوامة دبلوماسية وأشعلت شبكات التواصل الاجتماعي بمنطقة الشرق الأوسط.
وكتبت "لوفيجارو" أن المسلسلات التي أثارت الجدل في دول الخليج ومصر هي "مخرج 7"، و"أم هارون" و"النهاية"، من خلال الحديث بشكل جديد عن اليهود وإسرائيل.
كسر المحرمات
وأوضحت أن السعودية التي لا تقيم علاقات رسمية مع إسرائيل كسرت المحرمات، من خلال الحديث عن الظلم الذي تعرضت له العائلات اليهودية في الكويت خلال الأربعينيات، أو الجدل حول التطبيع المحتمل مع "تل أبيب".
أما في مصر، حيث دولة تعيش في "سلام بارد" مع جارتها منذ توقيع معاهدة ثنائية منذ أكثر من أربعين عاما، يُعد تدمير "الدولة الصهيونية" و"عودة اليهود إلى أوروبا" نقطة انطلاق لرواية خيال علمي.
وفقا للصحيفة، تحظى هذه الأعمال الدرامية بشعبية كبيرة لدى المشاهدين في الشرق الأوسط، حيث تم إنتاجها للشهر الكريم من قبل القناة السعودية العامة إم بي سي، التلفزيون الأكثر شعبية في العالم العربي، أو سينرجي، وهي بلا شك أكبر شركة إنتاج مصرية.
فعلى الصعيد الدبلوماسي، أوضحت لوفيجارو" أن حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، أعربت عن غضبها تجاه مسلسل أم هارون ورأت فيه "محاولة سياسية وثقافية لإدخال المشروع الصهيوني في المجتمع الخليجي".
ومن جهتها، وصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية محتوى مسلسل النهاية بأنه "مؤسف وغير مقبول على الإطلاق"، حيث يستند إلى فرضية أن الدولة العبرية اختفت.
وتظهر الحلقة الأولى مشهدا لمعلم في مدرسة يتحدث لطلابه عن "حرب تحرير القدس" وتوقّع نهاية إسرائيل، وذلك في العام 2120، حيث العمل يتناول عصرا تكنولوجيّا حديثا، وكان قد تحدث أيضا عن تقسيم الولايات المتحدة الأميركية، والتي كانت داعمة لتل أبيب.
ويتابع المعلم شرحه بأن المواجهة انتهت بسرعة بانتصار الدول العربية، وأن معظم اليهود في إسرائيل فروا وعادوا إلى بلادهم الأصلية في أوروبا.
أما المسلسل السعودي "أم هارون"، فيبدأ بمشهد للممثلة الكويتية حياة الفهد، 71 عاما، وتلعب الدور الرئيسي فيه وهي قابلة (داية) ينتهي بها الأمر بمغادرة شواطئ الكويت لتستقر على شواطئ البحر الأبيض المتوسط في إسرائيل (فلسطين المحتلة).
وتقول في أحد المشاهد: "قبل أن يختفي أثرنا كله، وتتحول حياتنا إلى ذكرى ونضيع في زحمة الحياة، قبل أن نطوى في دفاتر السنين، قررت أن أكتب عنا وعن ما يخصنا كله، وأوثق كل شيء عنا، نحن يهود الخليج".
لكن هذا كثير من وجهة نظر حركة حماس والعديد من مستخدمي الإنترنت، حيث قال القيادي في الحركة رأفت مرة، عبر حسابه بموقع تويتر: "إن شخصية أم هارون التي جسدتها للأسف الممثلة حياة الفهد، ذكرتني بشخصية رئيسة حكومة الاحتلال، جولدا مائير.. عجوز حاقدة مجرمة قاتلة".
ونوهت "لوفيجارو" إلى المسلسل السعودي الثاني، مخرج 7، الذي يتميز بشخصية – يؤديها الممثل راشد الشمراني - ويدافع من خلالها عن إقامة علاقات أفضل مع إسرائيل ويتهم الفلسطينيين بمهاجمة المملكة السعودية "على الرغم من كل ما قدمته لهم الرياض".
إثارة للغضب
وبينت أن المشهد الذي أثار ضجة، هو حوار بين الشمراني ومسؤول حكومي قال فيه: "كل تضحياتنا لأجل فلسطين، دخلنا حروبا لأجلها، قطعنا النفط لأجل فلسطين، وعندما أصبح عندهم سلطة ندفع تكاليفهم ورواتبهم وإحنا أحق بالفلوس، وما يصدقون أن يلاقوا فرصة حتى يهاجمون السعودية".
وأجاب محاوره: "أصابع يدك ليست متشابهة، فمثلما يوجد فلسطينيون تهجروا عام 1948 وتعرضوا للمذابح. في المقابل هناك من باع أرضه لليهود، مثلما واجه فلسطينيون في الانتفاضة الأخيرة اليهود بصدروهم العارية أمام الدبابات، هناك فلسطينيون يموّلون الجدار العازل، لذلك هم بشر مثلهم مثل غيرهم، فيهم الطيب وفيهم الرديء، وفيهم ناكر الجميل وفيهم الوفي، وفيهم المخدوع والواعي، لكن إسرائيل هي التي تغذي العداوة بين الفلسطينيين وباقي العرب".
وأكدت "لوفيجارو" أن هذا الحوار أثار غضبا بين صفوف الناشطين المؤيدين للفلسطينيين الذين استنكروا محاولة إقناع المجتمع العربي بقضيتهم. ونوهت إلى تقارب السعودية ودول الخليج من إسرائيل، حيث طورت تعاونا أمنيا خفيا باسم محاربة العدو المشترك، النظام الشيعي الإيراني.
وتابع: "تعمل مصر بشكل وثيق مع الاستخبارات الإسرائيلية لإحباط هجمات الجماعات الإرهابية في سيناء لكنها تخشى من أن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي تدعو إلى ضم أراض في الضفة الغربية المحتلة لإسرائيل، تعزز قوة حماس بغزة القريبة من الإخوان المسلمين".
أما صحيفة "ليبراسيون" فقالت: إنه "غالبا ما يفكر الصائمون في رمضان بالمسلسلات الرومانسية، كما هو متوقع تقريبا خلال الإفطار، لكن هذا العام، يبدو أن الإنتاج الفني السعودي والمصري يمثلان تجديدا من خلال تناولهم لإسرائيل، وذلك بسبب التقارب المستمر بين تل أبيب والرياض، حلفاء المصلحة في مواجهة العدو الإيراني".
ونوهت الصحيفة بأن مسلسل "أم هارون" الذي يتحدث عن عائلة يهودية من الكويت في أربعينيات القرن الماضي، هو أول إنتاج عربي يعيد ربط اليهود تاريخيا بالمنطقة، كما أن الحوار الذي جاء في مسلسل مخرج 7، يبدو من الواضح أنه منسجم مع النهج السياسي في الرياض.
وأكدت أنه في ظل الجدل الذي أحدثه "أم هارون" و"مخرج7"، طالبت 13 جماعة فلسطينية مسلحة بإنهاء بثهما، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، تحث منظمات إقليمية أخرى تعارض تطبيع العلاقات مع إسرائيل المشاهدين على مقاطعتهما.
ورأت "ليبراسيون" أن هذه المسلسلات ذات الميزانية الضخمة والتي تمت مشاهدتها كثيرا في جميع أنحاء المنطقة خلال شهر رمضان، تسمح لمنتجيها في الخليج على وجه الخصوص، بنشر رسائل سياسية، لكن ليس بالضرورة أن يتناسب مع الطموحات الدبلوماسية لبعض العواصم، في حال الاصطدام بالرأي العام.
وأشارت إلى أنه إذا كانت الأعمال السابقة تتلاقى مع التعاون المتزايد بين دول الخليج وإسرائيل ضد عدوهم المشترك، إيران، فهناك مسلسل خيالي مصري يعمل ضد العلاقات الإسرائيلية المصرية "النهاية"، الذي يتحدث منذ الحلقة الأولى، عن تدمير إسرائيل الذي حدث قبل عقود.
ونوهت الصحيفة بأن مسلسل "النهاية"، الذي أشادت به القنوات العربية، واجه انتقادات حادة من وزارة الخارجية الإسرائيلية، التي نددت بمسلسل "مؤسف وغير مقبول"، مشيرة إلى أن الجارَين مرتبطان بـ"معاهدة سلام عمرها واحد وأربعون عاما".