متحدث حكومة الوفاق لـ"الاستقلال": 3 تهديدات تواجه ليبيا هذا أخطرها (حوار)

12

طباعة

مشاركة

في وقت تتطلع كافة دول العالم للتخلص من جائحة فيروس كورونا المستجد وتخوفها من زيادة رقعة انتشارها، ينشغل الليبيون في القتال والدفاع عن عاصمتهم ضد هجمات مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يتلقى دعما خارجيا متواصلا للسيطرة على طرابلس.

وحققت قوات حكومة الوفاق الليبية (معترف بها دوليا) في الفترة الأخيرة عددا من الإنجازات ضد حفتر رغم الدعم الخارجي المتواصل له والذي كان آخره وصول 3 طائرات شحن عسكرية إماراتية.

وأمام هذه التطورات المتلاحقة، حاورت "الاستقلال" مصطفى المجعي، المتحدث باسم المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب"، التابعة لحكومة الوفاق، حول العملية الأخيرة التي أطلقتها قواته، والتدخل الخارجي في بلاده، وأزمة فيروس كورونا المستجد.

الوضع الميداني

  • أعلنتم عن عملية "عاصفة السلام" العسكرية ضد مليشيات خليفة حفتر، ما هي أهدافها؟

منذ إعلان وقف إطلاق النار في ٩ يناير/كانون الثاني الماضي، اكتفت الحكومة بإحكام دفاعاتها دون أي هجوم من طرفها، لكن ذلك قوبل بالتصعيد الدامي من قبل مليشيات حفتر ومرتزقته، ثم ازدادت الأمور سوءا عقب إعلان حظر التجول في العاصمة لمجابهة احتمالية انتشار فيروس كورونا.

لزم الناس بيوتهم لكن ذلك لم يقهم من القذائف والصواريخ الغاشمة، بل سجلت العاصمة تصعيدا خطيرا حين استهدفت بأكثر من خمسمائة قذيفة صاروخية في يوم واحد.

كل هذا والمجتمع الدولي يتفرج رغم المناشدات العديدة لحكومة الوفاق، وأصبح الواجب الأخلاقي يحتم على الحكومة أن تتحرك لإبعاد شبح الموت عن مواطنيها، فأطلقت عملية "عاصفة السلام" في الخامس والعشرين من مارس/آذار ٢٠٢٠، وهدفها الأساس حماية الأحياء السكنية من الصواريخ والقذائف العشوائية.

  • هل حققت قوات حكومة الوفاق الليبية أي تقدم جديد على الأرض؟

أهم ما حققته قواتنا هو اقتحام قاعدة الوطية الجوية، والتي كانت شريان الإمدادات لمليشيات حفتر في غرب البلاد، ومربض طائراته، والتي ما انفكت تجلب المرتزقة والعتاد العسكري وآلة القتل، وكانت حتى وقت قريب مصدر الطيران المهدد للعاصمة طرابلس.

وقد تمكنت قواتنا التي باغتت العدو بهجوم بري من شل القاعدة وإعطاب دفاعاتها الجوية، كما قبضت على سبعة وعشرين مسلحا بها، بعضهم طيارون وفنيو طيران وبعضهم يحملون رتبا عسكرية عالية. 

التقدم الآخر لقواتنا كان في محاور جنوب طرابلس "الطويشة، الرملة، العزيزية" وقد أصبحت طلائع قواتنا على مشارف منطقة "سوق السبت" وحيدت فيها جزءا مهما من آلة القتل التي أقضت مضاجع الآمنين في العاصمة ومحيطها.

  • ما هي أبرز الأماكن التي تدور بها الاشتباكات في ليبيا؟

الحرب تدور الآن في محيط طرابلس، وفي شرق مصراتة، ففي جنوب طرابلس لدينا عديد المحاور "السواني، الرملة، الطويشة، عين زارة"، ثم محوري طريق المطار وصلاح الذين يعتبران الأكثر تقدما للعدو باتجاه طرابلس.

كذلك محاور وادي الربيع الأقرب لترهونة، أما شرق مصراتة فهناك محور للقتال على بعد حوالي 130 كم من المدينة، هذا عن المحاور النشطة. كما لدينا خطوط تماس أخرى لم تندلع فيها اشتباكات منذ فترة، مثل غريان وأوباري في الجنوب الغربي.

  • هناك مسلحون غير ليبيين يقاتلون إلى جانب حفتر.. ما هي جنسياتهم؟

منذ البداية كان حفتر يستعين بالمرتزقة، بل منذ 2014، وهذا مثبت في تقارير الأمم المتحدة، ومنذ تحرير غريان في نهاية يونيو/حزيران 2019، قبضت قواتنا على مرتزقة يقاتلون في صفوف حفتر، واعترفوا بوجود فرنسيين وإماراتيين بغرفة العمليات بغريان.

الحديث يطول تحت هذا العنوان، وقد نشر مركزنا الإعلامي تفاصيل عن آلاف المرتزقة من السودان وتشاد، وتورط الإمارات في تجنيد شباب سودانيين مع حفتر، كما تورطت السعودية في تجنيد مرتزقة شركة فاغنر الروسية، كذلك المرتزقة من مصر، ولا نغفل الضباط الإماراتيين الذين قتل ستة منهم في قاعدة الجفرة الجوية بعد قصف طيراننا لها.

  • بعد شهور من القتال المستمر.. كيف تصف نتائج معركة طرابلس؟

المزيد من الضحايا، المزيد من الدمار والخسائر، عدد النازحين يقترب من ٣٥٥ ألف نازح، حرم أكثر من ٢٠٠ ألف طالب من الدراسة، عطلت 220 مدرسة في طرابلس وحدها، عدد القتلى من المدنيين تجاوز الخمسمائة عدا قتلى المعارك، والأرقام في تصاعد رهيب. 

 لسنا سعداء بذلك طبعا، ولسنا سعداء حتى بتزايد أعداد القتلى في الجانب الآخر، ولا حتى المرتزقة، لكننا وضعنا في موقف لا اختيار فيه، فإما أن تدافع عن نفسك وشعبك وبلدك، وإما أن تقتل ويذل أهلك.

لقد صار حفتر يعتمد بشكل أساسي على المرتزقة والدعم الخارجي، ولم يعد له من الأمر شيء، المعركة تدار من القاهرة وأبوظبي، وبدعم من دول أخرى معلومة لكل متابع للشأن الليبي.. نعم إننا نواجه غزوا خارجيا، وليس لنا مفر، فإما أن ننتصر أو نموت.

  • هل هناك أسرى من مليشيات حفتر لدى قوات حكومة الوفاق؟

لعلك تقصد المرتزقة، لدينا أسرى بالتأكيد وقد أظهرهم الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في مقاطع فيديو لا تحتمل اللبس.

بالنسبة للمقبوض عليهم من الليبيين، فالدولة لا تطلق عليهم وصف "الأسرى"، هم مقبوض عليهم متلبسين، يحملون السلاح على الدولة ويزعزعون أمنها، وبعضهم مطلوب للمدعي العسكري، وبعضهم مطلوب في قضايا جنائية، والمسار القانوني لهم محدد.

لكن من الناحية القانونية ليسوا أسرى، وآخرهم في قاعدة الوطية في أول أيام انطلاق عملية "عاصفة السلام".

  • هناك مطالبات أميركية ودولية لوقف القتال، ما رأيكم في ذلك؟

نذكر أولا بأن غزو جحافل الغدر للعاصمة طرابلس انطلق في الرابع من أبريل/نيسان 2019 والأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيرش" كان ينادي بعملية السلام، ودعم ملتقى غدامس الجامع برعاية الأمم المتحدة.

وقد طالب وقتها بوقف العدوان من داخل طرابلس، ثم اتجه إلى الرجمة معقل حفتر وكرر طلبه الذي رفض، فخرج وقلبه "يتفطر حزنا" -وفق تعبيره- مطالبا إياه باحترام قواعد الاشتباك والقانون الدولي الإنساني.

الدعوات كانت كثيرة، من باريس إلى باليرمو إلى موسكو وبرلين، إلى دعوات مجلس الأمن، دعوات فردية وجماعية، آخرها الدعوة الدولية لوقف إطلاق نار لدواع إنسانية لمواجهة جائحة فيروس كورونا التي تهدد العالم.

وعقب هذه الدعوة التي رحبت بها الحكومة الليبية، صعد المعتدي عدوانه، ثم خرج المدعو "المسماري" -ناطق حفتر- في مؤتمر صحفي أعلن الاستجابة لدعوات وقف إطلاق النار، لكن لم تمض ساعة على ظهوره حتى شرعت القذائف في الهطول على الأحياء المدنية. 

إننا أمام جائحة أخطر من جائحة كورونا، وليس لدينا وباء أشد فتكا في الوقت الحالي أخطر من الدول الداعمة لحفتر. 

فيروس كورونا

  • ما هي التدابير الوقائية التي قمتم باتخاذها لمنع تفشي فيروس كورونا؟

الحكومة أغلقت المنافذ الدولية التي تقع تحت سيطرتها، وكلفت لجنة عليا لإدارة الأزمة، ورصدت لها ميزانية تقدر بخمسمائة مليون دينار لتجهيز ما يمكن تجهيزه لمواجهة احتمالية انتشار المرض، فرضت حظر التجول جزئيا، وأوقفت المدارس وأغلقت المساجد، وحظرت التجمعات، واشتغلت إعلاميا لتوعية المواطنين.

كما قامت جهود أهلية بحملات توعية وتوزيع معدات الوقاية، ودشنت حملات لتعقيم مواقع العمل وبعض الشوارع، وهناك مجهودات أهلية لتجهيز مواقع للحجر الصحي، ومصحات للكشف عن الحالات المشتبه بها، ومصحات لعزل من تأكدت إصابتهم.

وعلى صعيد البلديات هناك جهود في حدود إمكانيات كل بلدية، ولا نقول إن ما تم كاف أو غير كاف، فالمرض بفضل الله لم يتفش لدينا، لكننا لا نجهل أن قطاع الصحة في بلادنا متهالك، ولن يكون الأمر سهلا لو تعرضنا لهذا الامتحان.

  • في حال كان لديكم أسرى من مليشيات حفتر.. كيف تتعاملون معهم لمنع انتشار الفيروس بينهم؟

غرفة عمليات بركان الغضب حضت على الحذر في التعامل مع المقبوض عليهم أو القتلى من العدو، وهناك بروتوكول تم تعميمه على المستشفيات الميدانية من أجل اتباعه عند التعامل مع جميع الحالات، كما تم توزيع معدات الوقاية على المستشفيات والأطقم الطبية العاملة بالمستشفيات الميدانية.

  • كيف هو شكل التنسيق والتعاون مع المجتمع الدولي لمواجهة كورونا في ليبيا؟

القطاع الصحي في ليبيا في وضع مترد، ولا شك أن الحرب زادته سوءا، والدول التي كانت ليبيا تستعين بها في العلاج أغلبها تعاني من هذا الوباء، وليس من السهل توفير المستلزمات الطبية ونحن نرى دولا تسطو على معدات دول أخرى صديقة.

وحسب المعلن فقد وصلتنا مساعدات من دولة قطر، وجلبت الوزارة معدات عن طريق تركيا.

كما أعلنت وزارة الخارجية أنها طلبت المساعدة من الصين في مواجهة المرض، بينما حذرت منظمة الصحة العالمية بأن قدرتها على مساعدة ليبيا ستكون محدودة فيما لو تفشى فيها الوباء.

  • هل تمتلكون الإمكانيات الطبية الخاصة لمواجهة فيروس كورونا؟

شاهدنا دولا كبرى تنهار أمام هذا الخطر الداهم. وعلينا أن نعترف أن ليبيا لو واجهت معشار ما واجهوا ويواجهون فستكون في وضع لا يسر صديقا، ما علينا إلا أن نتفاءل ونتحرك بحذر، ثم نعمل، ونعمل، فلا خيار أمامنا.

التدخل الخارجي

  • ما هي أبرز الدول التي تواصل دعم حفتر في القتال؟

لا تزال الإمارات ومصر تتصدران واجهة الداعمين، ومن خلفهم فرنسا والسعودية، ولو استندنا على تقارير الأمم المتحدة، فهناك دول متداخلة أخرى منها الأردن وروسيا.

كما أن هناك مجندين من السودان وتشاد وأوروبا الشرقية وسوريا، وطالما لم تخرج الدول المذكورة وتبرر موقفها وتدافع عن نفسها، فهي عندنا لم تخرج من دائرة الإدانة. 

  • ماذا عن أشكال الدعم الذي تقدمه تلك الدول لحفتر؟

نعيد ونقول: لقد تلقى حفتر دعما من مصر والإمارات والأردن وفرنسا وروسيا، كما دعمته دول أخرى بالمقاتلين كمرتزقة، وهذا مثبت في تقرير فريق خبراء مجلس الأمن الذي صدر في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، ونشر في 8 ديسمبر/كانون الأول 2019م. وتحدث عن 13 نوعا من الدعم العسكري. وهذه تفاصيلها:

من الأردن: مدرعات مشاة طراز المارد، مدرعات مدافع طراز Mbombe، وأيضا مركبات مشاة مقاتلة طراز 60-  Ratel، ومركبات رباعية الدفع طراز الوحش. 

ومن الإمارات: مركبات ضد الألغام طراز Caiman، ناقلة أفراد طرازf9  Panthera، مقذوف ليزري عيار 155 ملم طراز GP6، منظومة صواريخ أرض جو طراز 1-S Pantsir، منظومة صواريخ أرض- جو طراز MIM-23 Hawk، وطائرات وينق لونغ صينية الصنع. 

ومن فرنسا: صواريخ جافلين (قذائف طراز Javelin 148-  FGM، وهي التي استحوذت عليها قواتنا في غريان لاحقا.

كما تحصل حفتر على ناقلة أفراد طراز Irigiri من نيجيريا، ومنظومة صواريخ 32  RPG-طراز نشاب وهي أردنية روسية. 

وأثناء اقتحام قوات الجيش لغرفة عمليات حفتر في غريان استحوذت على ذخيرة مصرية صنعت في 2019م. 

يضاف إلى ذلك دخول الطيران الحربي الإماراتي والمصري وقصفه للمدن الليبية في مناسبات عديدة بعضها اعترف بها المعتدون.

  • ما هو موقفكم من هذه الدول، وما هي رسالتكم لها؟

التاريخ دروس وعبر، وليبيا دولة لها تاريخ ممتد، ستذكر من مد لها يد العون في محنتها، وستذكر من اعتدى عليها وعمق من جراحها، خاصة من دول الجوار وإخوة العروبة.

رسالتنا للأنظمة الحاكمة في هذه الدول: لقد راهنتم على السراب الخادع، وأخذتكم العزة بالإثم، فأسأتم إلى شعوبكم المسالمة قبل أن تسيؤوا لشعب ليبيا الأبي الصامد.

ليبيا ستخرج من محنتها أقوى مما كانت، وستقف على قدميها رغم كيد الكائدين، "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".