دعارة ملفقة.. أساليب حوثية وحشية لإخضاع المعارضات في اليمن

آدم يحيى | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

درجت جماعة الحوثيين في اليمن، على اتهام المعتقلين المعارضين لها بالعمل لصالح ما تسميه "العدوان السعودي"، وتوجه لهم اتهامات بكونهم أعضاء في خلايا تعمل ضد الجماعة، وترسل إحداثيات لاستهداف قياداتهم وتجمعاتهم عبر طائرات التحالف السعودي.

غير أن التهم التي توجهها الجماعة للمعارضات تختلف عن تلك المنسوبة للمعارضين، فمن بين كل التهم الجنائية المعروضة، كان "البغاء" والتورط في شبكات الدعارة هي التهمة التي اختارتها جماعة الحوثي، لإلصاقها بفتيات قامت باختطافهن واحتجازهن في فلل سرية في مدينة صنعاء.

في 9 فبراير/شباط الجاري، أصدر فريق الخبراء الدوليين المعين من قبل لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن بشأن اليمن، تقريره السنوي لعام 2019، وكشف فيه أن جماعة الحوثي اعتقلت ناشطات يمنيات معارضات للجماعة، ووجهت لهن تهمة "البغاء".

وأضاف تقرير الخبراء الدوليين أن جماعة الحوثي أنشأت شبكة استخباراتية نسائية مهمتها تتبع المعارضات والناشطات على وسائل التواصل الاجتماعي، ثم اعتقالهن في أماكن سرية وتعذيبهن.

شبكة زابن

وتابع أن الجماعة أوكلت هذا العمل لأحد قيادييها الذي عينته مديرا عاما للبحث الجنائي بصنعاء وهو سلطان زابن الذي يرأس هذه الشبكة، ويدير المعتقلات السرية، بالإضافة إلى القيادي الحوثي عبدالحكيم الخيواني.

وكشف التقرير أن عددا من المعتقلات تعرضن للاغتصاب والتعذيب وسوء المعاملة بصورة متكررة، أثناء الاحتجاز لدى الحوثيين.

يقول الناشط الحقوقي محمد الأحمدي: إن ما أورده تقرير فريق الخبراء الدوليين التابع للأمم المتحدة بشأن الجهاز التابع لمليشيا الحوثي ودوره في قمع المرأة اليمنية يكشف بوضوح مستوى التوحش الذي تنتهجه المليشيا بحق اليمنيين، مدفوعة بمخزون هائل من الأحقاد والكراهية ضد كل ما يمت لليمن واليمنيين بصلة.

ويوضح الأحمدي في حديث لـ"الاستقلال": "هذه الانتهاكات تجسد حالة العزلة والانفصام الذي تعيشه المليشيا بسبب ثقافة الاستعلاء ومفاهيمها الطائفية العنصرية".

وأردف: "لم تدع مليشيا الحوثي سلاحا إلا واستخدمته لقهر اليمنيين وإذلالهم وقمعهم، بدءا بأسلحة القتل المختلفة وصولا إلى امتهان الكرامة والتعرض للأعراض والطعن في أخلاق اليمنيين وتشويههم".

حل أجهزة

في إجراءاتها الأخيرة، عملت جماعة الحوثي على حل الجهاز الإداري للأمن القومي والأمن السياسي، وإنشاء أجهزة أخرى، منها الأمن الوقائي وجهاز استخباراتي معين حديثا، مهمته قمع المعارضين بشكل وحشي، وهي خطوة تسعى من خلالها الجماعة لإحكام قبضتها على مفاصل الحياة العامة في المدن الخاضعة لسيطرتها، عبر عناصر جديدة موالية لها.

وحقق الفريق أيضا في حالات نساء تم توقيفهن واعتقالهن لأسباب تتصل بعملهن في المجال الإنساني.

وطال الاعتقال النساء اللائي حاولن الاضطلاع بدور نشط في الحياة العامة، إما بالمشاركة في حركة سياسية، أو في مظاهرات، أو حتى بالعمل لصالح منظمات غير حكومية تتصل بمشاريع لتمكين المرأة، عبر الجهاز الاستخباراتي النسائي "الزينبيات" الذي تم تشكيل معظمه من "أسر هاشمية"، بحسب التقرير.

والأسر الهاشمية معروفة بالولاء المطلق لجماعة الحوثي، وتعد الحاضنة الاجتماعية والدينية لها.

يعمل الجهاز النسائي على تفتيش النساء والمنازل وتلقين النساء أفكار الجماعة وحفظ النظام في سجون النساء، كما يؤدي دورا محوريا في عمليات الاغتصاب التي تعرضت لها المختطفات والمعتقلات، أغلبهن احتجزن في منازل خاصة، ووجهت لبعضهن تهم الدعارة والتعاون مع "العدوان" في إشارة للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.

فلل سرية

في يناير/كانون الثاني 2019، كشفت وكالة أسوشيتد برس أن جماعة الحوثي تعتقل فتيات في فلل سرية تابعة للجماعة، وقد تحدث مصدر لـ"الاستقلال"، طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أن بعضا من تلك الفلل يقع في منطقة حدة في العاصمة صنعاء.

وقال المصدر: إن هذه الفلل تابعة لقيادات من حزب المؤتمر -جناح الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وتم مصادرتها من قبل الجماعة، بعد مقتل صالح.

تضيف الوكالة أن جماعة الحوثي تنفذ حملات اعتقال للنساء وتحتجزهن وتضربهن ثم تبتز أهاليهن، من خلال توجيه تهم أخلاقية لهن، والادعاء بأنهن ضمن شبكة دعارة.

وأضافت الوكالة نقلا عن المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر، أن جماعة الحوثي اختطفت أكثر من 100 فتاة، واحتجزتهن في سجون غير رسمية، تدار من قبل عناصر تابعة للحوثي، ومسؤولين في إدارة البحث الجنائي، معينين من قبل جماعة الحوثي.

وكانت المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر قد كشفت في تقرير سابق لها في يناير/كانون الثاني 2019 لها أن عدد الفتيات المختطفات وصل إلى نحو 162 امرأة، كلهن يتعرض للتعذيب النفسي والجسدي ويجبرن على دفع مبالغ مالية مقابل الإفراج عنهن.

استدراج النساء

في يوليو/تموز 2019، كشف تقرير حقوقي لمنظمة سام للحقوق والحريات، ومقرها جنيف، أن الحوثيين شكلوا جهازا أمنيا خاصا بالنساء وظيفته اعتقال النساء واستدراجهن وجمع معلومات ميدانية عن الخصوم والمشاركة في اقتحام المنازل.

وأضافت المنظمة أن الحوثيين يعتقلون نساء في سجون خاصة بهم في صنعاء، ويمارسون انتهاكات جسيمة بحق المعتقلات، وأنه تم رصد مواقع لاعتقال وإخفاء النساء شملت أماكن مهجورة تستخدم للتحقيق والتعذيب النفسي، وبيوت مواطنين تم إجبار أصحابها على تركها، وأقسام شرطة تسيطر عليها مليشيا الحوثي.

وذكرت المنظمة في تقريرها أن نساء معتقلات قمن بعدة محاولات انتحار بعد تعرضهن للتعذيب الشديد والمعاملة القاسية.

وحسب التقرير، فإن جماعة الحوثي اعتقلت نحو 90 امرأة ولفقت ضدهن قضايا أخلاقية لابتزازهن ماليا، واحتوى على شهادات لضحايا وأقاربهم وشهود عيان تحدثوا للمنظمة عن انتهاكات جسيمة تتعرض لها النساء المعتقلات في سجون مليشيا الحوثي.

بيوت دعارة

في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أصدرت منظمة رايتس رادار الحقوقية (أهلية مقرها في أمستردام) تقريرا قالت فيه: إن جماعة الحوثي تختطف فتيات ثم تعمل على تخديرهن ونقلهن لبيوت دعارة، ومن ثم القبض عليهن بتهمة الدعارة.

وبحسب المنظمة، فإن الجماعة اختطفت أكثر من 30 فتاة يعملن في معامل للخياطة في مدينة الطويلة بمحافظة المحويت، وتم تخديرهن ونقلهن إلى بيت للدعارة، وهناك جرى القبض عليهن بتهمة ممارسة الدعارة، وإرسالهن إلى صنعاء.

وقد ضاعفت الجماعة من اختطاف الفتيات والطالبات في العاصمة صنعاء، وفي المناطق الخاضعة لسيطرتها، بصورة غير معهودة ولا مسبوقة في اليمن.

ووفقا للمنظمة، فإن الجماعة اختطفت 35 فتاة وطالبة من أماكن الدراسة من شوارع العاصمة، خلال فترة وجيزة، وتعددت أسباب الاختطاف، بعضهن للضغط على أسرهن، والبعض الآخر لحسابات أخرى لم يتم الكشف عنها.

وكانت الجماعة داهمت معهدا للغات في 9 ديسمبر/كانون الأول الماضي، واختطفت فتيات كن يعملن في المعهد، بتوجيه من القيادي الحوثي سلطان زابن، الذي ورد اسمه في تقرير فريق الخبراء، وتم تلفيق تهم لهن بالدعارة وأخرى مخلة بالشرف والأخلاق، وذلك لتبرير عملية الاختطاف والإخفاء القسري. 

لماذا تهمة "البغاء"؟

لا يتم توجيه تهمة الدعارة لمعظم الفتيات المختطفات وفق لائحة اتهام رسمية، كما لا يتم تحويل قضاياهن إلى النيابات أو المحاكم، بل يتم توجيه هذه التهم لهن بطريقة غير رسمية.

وفي محاولة لتلافي ردود الأفعال الغاضبة من قبل المجتمع اليمني إزاء اختطاف الفتيات من قبل الحوثيين واستغلالا للأعراف المجتمعية، فإن الجماعة تعمل على تلفيق تهم كيدية لهن بالبغاء أو بالدعارة.

وهذا الأمر يلجم أهالي الفتيات المختطفات، خوف أن يلحق بهم العار في مجتمعات عرفت بكونها محافظة، أو يجدوا أنفسهم مضطرين لمغاردة بيوتهم، بعد العار الذي لحق بهم، مع علمهم بأنها تهم ملفقة.

وفي الوقت الذي يفترض أن يكون الاعتقال جريمة ارتكبها الحوثيون، فإنها تتحول لقضية شرف وعار يلحق بأهالي الفتاة.

من ناحية أخرى، فإن الحوثيين يوجهون تلك التهم بالبغاء، من أجل ابتزاز الفتيات وأهاليهن، لدفع أموال طائلة، وكانت مجموعة من الفتيات قد قدمن مصوغات ذهبية مقابل الإفراج عنهن.

وكانت جماعة الحوثي أصدرت فيلما بعنوان "خطوط حمراء" للحديث عن ما أسمته "كشف شبكات الدعارة" واتهمت كل المعتقلات بهذه التهمة، بما في ذلك المتظاهرات اللائي خرجن في مسيرة للمطالبة بجثة صالح، وقالت: إن المتظاهرات هن في الأصل مدفوعات من قبل من يقود تلك الشبكات.