ممارسات غريبة.. هكذا تحولت عبير موسي إلى مادة للسخرية في تونس

12

طباعة

مشاركة

فتحت ممارسات رئيسة الحزب الدستوري الحر في تونس عبير موسي الباب على مصراعيه أمام موجة من السخرية على خلفية جملة من المواقف والخيارات السياسية التي اعتبرت متطرفة منذ انتخابها عضوة في البرلمان الجديد.

ولم تفارق السخرية ألسنة التونسيين منذ عقود في تداول النكتة السياسية في المجالس الضيقة في عهد الاستبداد وتطور نسقها مع انفتاح التونسيين على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتحول إلى مادة دسمة في انتقاد النظام المتهاوي.

وبعد ثورة الكرامة وفرار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في 14 يناير/كانون الثاني 2020، لم تستثن السخرية السياسية أحدا من الأطراف في تونس، سواء كانت في الحكومة أو في المعارضة، ومن بعد الانتخابات الأخيرة التشريعية والرئاسية.

واستغل التونسيون تاريخ عبير موسي المليء بالمناشدة للرئيس الراحل ونظامه خاصة في الأيام الأخيرة قبيل سقوطه، حيث كانت تشغل حينها منصب أمينة عامة مساعدة في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي، الذي جرى حله بقرار قضائي في 2 مارس/آذار 2011 وكانت موسي أحد المحامين المدافعين عنه.

الحملة الانتخابية

بعد وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي في 25 يوليو/تموز 2019، أقرت الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها في 15 سبتمبر/أيلول من نفس السنة، لتعلن رئيسة الحزب الحر الدستوري عبير موسي ترشحها للانتخابات الرئاسية الثانية بعد ثورة 17 ديسمبر/كانون الأول 2010.

خلال هذه الحملة الانتخابية، أثارت موسي موجة من التهكم على مواقع التواصل الاجتماعي بعدما استعانت بـ”الحصان” للتشبّه بالرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة.

وتداول نشطاء فيديو عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر، وهي تركب الحصان، حيث استقبلت على أنغام الطبل والمزمار (أسلوب تجمعي كان رائجا خلال عهدي بورقيبة وبن علي)، خلال افتتاحها فرعا جديدا لحزبها في مدينة القلعة الكبرى التابعة لولاية سوسة (شرقا).

واعتبر البعض أن موسي تحاول أن تظهر في صورة مقلدة للزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، في صورته الشهيرة في العام 1955 أثناء عودته من الخارج بعد توقيع اتفاقية حكم الاستقلال الداخلي لتونس. 

وشبه بعضهم المشهد بفيديو كليب نجلاء التونسية مع الحصان قائلين: إن عبير موسي دخلت في منافسة قوية معها عبر فيديو الحصان، الذي صاحبه أنغام الزكرة وقرع الطبول في مشهد مشابه للأجواء التي كانت ترافق زيارات الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

الترشح للانتخابات

احتفظت ذاكرة التونسيين بمشهد عبير موسي ليلة 13 يناير /كانون الثاني 2011، بعد خطاب الرئيس المخلوع بن علي وهي تردد في اجتماع نسائي شعار "الله أحد الله أحد ...بن علي ما كيفو حد" أي أن بن علي ليس كمثله أحد.

هذه الحادثة ارتبطت بتعريف موسي في كل مناسبة، وصارت حالة تندر داخل أوساط السياسيين وعلى مواقع التواصل الاجتماع ومحل لمز لها حتى تحت قبة البرلمان.  ويبدو أن عادات التطبيل التي برعت موسي في إقامتها تحت ظل نظام بن علي، انتقلت بسرعة بعد الثورة إلى أنصارها.  

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بكثير من السخرية، صورا لمواطن عمد إلى القفز في المسبح بثيابه من أجل مصافحة رئيس الحزب الدستوري عبير موسي.

والتقطت الصور بمناسبة عيد المرأة في 13 أغسطس/آب 2017، أثناء تجمع احتفالي لحزب الحركة الدستورية. وبعد أن تعذر على أحد أنصار الحزب الوصول إليها بسبب الاكتظاظ، عمد ذلك الشخص إلى النزول للمسبح وتوجه سباحة إلى المكان الذي توجد فيه موسي وصافحها.

الجميع "إخوان"

بعد فوزها بمقعد نيابي في مجلس نواب الشعب، برفقة 16 نائبا مثلا للحزب الدستوري الحر، رفضت موسي دعوة  للقاء رئيس الجمهورية، والتي وجهها أيضا لرؤساء الأحزاب والقوائم الانتخابية الفائزة في الانتخابات التشريعية. 

واعتبرت موسي في ندوة صحفية في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2019، أن الدعوة سابقة لأوانها، وقامت بقراءة نص الرسالة المفتوحة التي وجهها حزبها إلى مؤسسة رئاسة الجمهورية والتي تفسر أسباب رفض الدعوة.

وسبق أن دعت موسي أنصارها إلى عدم التصويت لقيس سعيّد في انتخابات 13 أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي ، وذلك لما اعتبرته "أسباب واضحة وجلية" تتمثل في دعمه من قبل من الإخوان" المسلمين في إشارة إلى حركة النهضة.

وقوبلت تصريحات عبير موسي ضد الرئيس التونسي الجديد الذي فاز بأكثر من 72% من أصوات التونسيين الذي اعتبرته منتميا إلى القوى الظلامية والمتطرفة، وأن نتائج الانتخابات فضيحة وصدمة، بموجة نقد وسخرية واسعة.

واعتبر الإعلامي الساخر محمد صابر الوسلاتي، والذي يقدم فقرة "صبريار" يوميا على إذاعة جوهرة إف إم، أن الجميع بالنسبة لعبير موسي إخوان حتى تثبت براءتهم.

وأضاف الوسلاتي أن يوسف الشاهد المنتمي لـ"نداء تونس" والذي عمل في السفارة الأمريكية لسنوات بالنسبة لها "إخوانجي" وصديق لتنظيم الدولة. 

اعتصام البرلمان

منذ افتتاح الجلسة الأولى للبرلمان التونسي، رفضت النائبة عبير موسي وكتلتها أداء اليمين الدستورية بشكل جماعي مع بقية النواب، مثيرة موجة من البلبلة وسط المجلس في محاولة لتعطيله، ما أثار غضب عدد من النواب من مختلف الكتل.

هذا التصرف تكرر في أكثر من جلسة، مما دفع بالنائب عن حركة النهضة جميلة الكسيكسي لوصف موسي بالكلوشارة (البلطجية)، وهو نفس الوصف الذي أطلقته عليها النائبة والقيادية في حزب التيار الديمقراطي سامية عبّو ، قبل أن تتهمها النائب عن حركة الشعب ليلى الحداد بأنها تتلقى رشاوى من الإمارات.

وفي محاولة للرد على هذه الاتهامات دخلت موسي وكتلتها النيابية في اعتصام في مجلس نواب الشعب استمر لأربع أيام متتالية بلياليها.

كما تواصل عبير موسي ومجموعة من نواب حزبها النوم داخل القاعة الرئيسية للبرلمان، متلحفين بالبطاطين والملايات، مؤكدين مواصلة الاعتصام والحيلولة دون انعقاد أي جلسة عامة، احتجاجا على ما وصفوه بالإهانة التي تعرضوا لها.

مقاطع الفيديو التي نشرتها موسي لها ولكتلتها من داخل البرلمان قوبلت بسخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أن موسي تتناقض مع ما طرحته سابقا بأنها تسعى لاسترداد هيبة الدولة.

في المقابل تساءل آخرون "هل كانت تستطيع موسي أو أي أحد في عهد النظام البائد الاعتصام أو الاحتجاج في أي مكان من البلاد، علاوة على البرلمان وأمام شاشات التلفاز؟".

مشكلتها مع الفاتحة

في ذكرى فرار الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في 14 يناير/كانون الثاني 2019 ، دعا رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي على غرار ما جرت عليه العادة بعد الثورة، إلى تلاوة الفاتحة في بداية الجلسة العامة لمجلس النواب ترحما على أرواح شهداء الثورة.

 إلا أن رئيسة  الحزب الدستوري الحر  وبرفقة كتلتها النيابية، قررت مغادرة القاعة رافضة تلاوة الفاتحة.

نفس المشهد تكرر في بداية جلسة عامة يوم 30 يناير/كانون الثاني الماضي حين دعا رئيس المجلس لتلاوة الفاتحة على روح المناضلة اليسارية لينا بن مهني والتي توفيت قبل أيام متأثرة بمرض ألمّ بها.

هذه الحادثة وإن أثارت غضب العديد من التونسيين وفي مقدمتهم عائلات الشهداء، إلا أنها كذلك جعلت من موسي محل سخرية من عدد كبير من الناشطين على فيسبوك.

ودعا عدد  من المغردين إلى تلاوة الفاتحة في بداية كل جلسة من أجل أن يستريح التونسيون من مشاهدة موسي وكتلتها داخل البرلمان.

بينما قال آخرون: إن موسي فقط تتقن التطبيل والزغاريد للمستبدين ولا تتقن تلاوة الفاتحة على ضحايا النظام الذي كانت تسانده، وفق تعبيرهم.