صحيفة تركية: أذربيجان تقترب من الانضمام إلى مصاف الدول المؤثرة
وصفت صحيفة تركية، الجارة أذربيجان بأنها دولة صاعدة رغم الشدائد والمصاعب التي تواجهها، وأنها بموقعها الجيوسياسي الواقع على ساحل بحر قزوين، أثبتت نفسها وسطع نجمها في العالم.
وقال الكاتب إبراهيم كارغول في مقالة بصحيفة يني شفق: إن "أذربيجان كدولة صاعدة وتزداد قوة، مصيرها مرتبط إلى حد بعيد بمصير تركيا والعكس، في ظل توافر الكثير من التشابهات بين الدولتين"، مبينا أن جميع التحليلات والرؤى وحسابات الماضي والمستقبل بينهما مشتركة.
وأضاف: أن "هناك تشابها كبيرا بين البلدين في المزايا والمصاعب التي تقابلها بسبب موقعها الجغرافي وأوجه الكفاح التي تخوضها كل من الدولتين في الداخل والخارج في ظل إصرارهما على حضور القوة والرفاهية كل إلى جانب الآخر". وشدد الكاتب على أن الدفاع عن أذربيجان هو ذاته دفاع عن تركيا وهو بمثابة "التفكير الوطني".
وشهدت أذربيجان يوم 9 فبراير/شباط الجاري انتخابات برلمانية، بعد أن حل الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف البرلمان يوم ٥ "ديسمبر/كانون الأول 2019 وأصدر قرارا بإجراء انتخابات مبكرة.
وأظهرت نتائج أولية للانتخابات، فوز حزب "أذربيجان الجديد" الذي يتزعمه رئيس البلاد، بأغلب مقاعد البرلمان، وحسب رئيس لجنة الانتخابات المركزية، مظاهر بيناهوف، فإن حزب الرئيس علييف حصل على 65 مقعدا من أصل 125.
ولفت الكاتب إلى أن هذه الانتخابات تجرى في وقت ينفذ علييف تجديدات شاملة في الجهاز البيروقراطي وإدارة الدولة ويغير فيه الكوادر والكيانات التي وصفها بالمتعفنة ويعين فيه شخصيات شابة حاصلة على تعليم جيد ويحدث فيه تحولا هيكليا وممنهجا في الدولة.
ويبلغ عدد نواب البرلمان 125 وتنافس على مقاعده هذه 1324 مرشحا من بينهم 299 امرأة، ولا شك أن الشباب الأذربيجاني هم الحلقة الأقوى في البلاد، حيث معظم المرشحين من الشباب والأسماء التي تنخرط في اللعبة السياسية للمرة الأولى.
وذكر الكاتب أن حزب "أذربيجان الجديدة" الذي يرأسه الرئيس الحالي للبلاد إلهام علييف، والذي حصد في الانتخابات الماضية 74 مقعدا من أصل 125 ليتمتع بالأغلبية البرلمانية، شارك في الانتخابات بمرشحين في 123 منطقة انتخابية من بينهم 75 مرشحا شابا لم يشارك في الانتخابات من قبل، أي أن أكثر من النصف بقليل من مرشحيه هم من الشبان.
ورأى أن هذه الانتخابات التي قررها علييف، عملت على تجديد هيكل الدولة وإعادة تنظيمه وتحويله وتفسح مساحة كبيرة أمام مشاركة أوسع في الانتخابات.
حملة تغيير كبرى
الكاتب وصف ما يجريه الرئيس الأذربيجاني بحملة تغيير كبرى، تفتح المجالات للجميع وكافة شرائح المجتمع وتشجعها على الإسهام والمشاركة في دوائر الدولة كما يفسح مساحة من أجل تضامن وطني؛ بهدف نقل البلاد إلى المرحلة التالية وتحويلها إلى دولة أقوى وأكثر تشاركية من أجل الانضمام إلى مصاف الدول الأكبر.
ووصف تلك الخطوات بأنها "الأكبر من نوعها منذ تأسيس الجمهورية"، حيث أن هذه الخطوات تعلن شعار أنه "حان الآن القضاء على أذربيجان الضعيفة، وأن تتوقف كل خطوات سلب البلاد لمواردها، وكذلك توقيف كل التدخلات الخارجية، على يد مجموعات الضغط ودول مختلفة لها مصالح هنا أو هناك".
يعمل علييف على تقوية السلطة المركزية للدولة وتعزيز دروعها الدفاعية ويطلق "مبادرة أذربيجان على المستويين الإقليمي والدولي" والأهم من ذلك أنه ينشر عملية إنشاء هذه القوة بين قطاعات مجتمعية عريضة ويحولها إلى "مثال مشترك".
يقول الكاتب: إن "أذربيجان تتمتع بمكانة مركزية بفضل مشاريعها العالمية في مجال الطاقة. ولذا فهي تواصل هذه الإنجازات بخطوات ثابتة ونفس طويل من أجل نقل الدولة والبلد إلى المرحلة التالية"، معربا عن اعتقاده أن ما يحدث هناك "لا يعتبر استثمارا انتخابيا فقط، بل استعدادا لما هو أبعد وفق ما تخطط له البلاد بتلك الرؤية الثاقبة".
وتحدث عن زوجة الرئيس علييف ونائبته منذ 2005، والتي كانت نائبة في البرلمان أيضا، قائلا: إنها "أضحت رمزا في العهد الجديد، حيث أنها تتكلم بلغة سياسية معتدلة، إذ تدعو للحوار دائما مع جناح المعارضة، ولا تحصر اهتمامها على حزب أذربيجان الجديدة فقط".
وتابع: أن عقيلة الرئيس "تتقرب إلى كل الأوساط السياسية في البلاد وتحاول دعوتهم للمشاركة في هذا التغيير وتسعى لترسيخ دعائم التضامن بين كل أطياف المجتمع".
ورأى الكاتب أن أذربيجان تحاول تقوية نفسها عن طريق المركزية، بحيث تكون قلب الدولة وعماده قويا لينعكس ذلك على باقي أطراف البلاد، مشددا أيضا على أن الأيدولوجيات والهويات السياسية والمعارضة ومشاريعها تحمل أهمية كبرى وهي عناصر ضرورية في أي دولة ديمقراطية.
لكن، بحسب الكاتب فهذه الأيدولوجيات تستغل في العمليات لإنهاك الدولة من الداخل عندما تضعف السلطة المركزية وهو ما بدا في المنطقة بشكل جلي خلال السنين الماضية وقد استفادت تركيا من هذا الدرس جيدا وما زالت تخوض "كفاحا" في هذا الصدد.
وختم الكاتب مقاله بأن أذربيجان حاليا تعيش أقوى عهودها كـ"دولة"، مشيرا إلى أنها ستغدو مع الأيام قوة كبيرة محط أنظار الجميع، "وما الانتخابات المبكرة هذه إلا صورة من صور مساعي الدولة العتيدة إلى التجديد والتغيير والتضامن، وسيكون نجم هذه المدينة ساطعا في السماء المطلة على بحر قزوين".