القوات الأمريكية في الشرق الأوسط.. التعداد والتمركز والمهام
- المرتبة الأولى: البحرين
- المرتبة الثانية: الكويت
- المرتبة الثالثة: تركيا
- المرتبة الرابعة: قطر
- المرتبة الخامسة: السعودية
- المرتبة السادسة: الإمارات
- المرتبة السابعة: مصر
- المرتبة الثامنة: الأردن
- المرتبة التاسعة: إسرائيل
- المرتبة العاشرة: جيبوتي
- المرتبة الحادية عشرة: الصومال
باقي الدول:
- العراق
- سلطنة عمان
- تونس
- المغرب
- ا. الكويت
- ب. قطر
- ج. البحرين
- د. العراق
- هـ. الإمارات
- و. جيبوتي
- ز. السعودية
- ح. الأردن
- ط. ليبيا
المقدمة
بينما ينتشر حول العالم نحو 200 ألف جندي أمريكي خارج حدود بلدانهم، يتمركز من بينهم ما بين 60 إلى 70 ألف جندي في منطقة الشرق الأوسط. ويتراوح هذا العدد الضخم من العسكريين ما بين موظفين دائمين في وزارة الدفاع الأمريكية، وما بين قوات مقاتلة ذات مهمة عمل محددة بالزمان والمكان.
وتكشف تتبعات هذا العدد الضخم من العسكريين عن وجود قواعد عسكرية تمتد من تونس غربا إلى سلطنة عمان شرقا، مرورا بالدول المشهورة بالقواعد العسكرية الضخمة من "العديد" في قطر إلى "الظفرة" في الإمارات، ومن تركيا والأردن شمالا وحتى جيبوتي والصومال جنوبا، فضلا عن بلدان تمنح تسهيلات ما بين المغرب غربا وحتى العراق شرقا مرورا بدول مثل مصر وإسرائيل.
هذه الورقة تطرح تساؤلات حول نصيب الدول الإقليمية من كعكة القوات الأمريكية، سواء من جهة العدد أو الانتشار والتوزيع، وحتى أدوار هذه القوات التي يمتد مسرح عملياتها من ليبيا إلى الخليج العربي.
أولا: العسكريون الأمريكيون الدائمون والقواعد العسكرية في المنطقة
يبلغ تعداد موظفو وزارة الدفاع الأمريكية "الدائمين" الموجودين في دول الخليج أكثر من 10 آلاف موظف، منهم نحو 9500 عسكري، في حين يشكل المدنيون بقية العدد (1115 موظفا مدنيا بوزارة الدفاع الأمريكية)[1]. الجدول التالي يستعرض أعداد موظفي وزارة الدفاع الأمريكية "الدائمين" في دول الإقليم. ويعكس هذا الرقم أهمية الدول الواردة في هذا الجدول، ووزنها النسبي من حيث الأهمية في الإستراتيجية الأمريكية للمنطقة.
ويمكن القول بأن زيادة عدد العسكريين الدائمين يرتبط بوجود قواعد عسكرية دائمة. وتفصيل القول في وظائف هذا الأعداد فيما يلي:
- المرتبة الأولى، البحرين: من الجدول السابق، تظهر مملكة البحرين باعتبارها الدولة الأهم من حيث الوجود العسكري في المنطقة، ومرد ذلك لتصنيف الولايات المتحدة، البحرين حليفا رئيسيا خارج الناتو في أكتوبر/تشرين الأول 2001، وذلك بعد أن وافقت المملكة - بترتيب خليجي - على أن تكون مقر الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية.
وفي هذا الإطار، فإن البحرين تحتل المرتبة الأولى من حيث وجود "العسكريين الأمريكيين الدائمين" بعدد نحو 4700 أمريكي منهم 477 موظفا مدنيا بوزارة الدفاع الأمريكية، غير أن الدلالة الأهم المرتبطة بالأسطول الخامس الأمريكي تتمثل في أن من بين العسكريين الأمريكيين الدائمين في البحرين 25 عسكريا من "الحرس الوطني الأمريكي". وتنتشر القوات الأمريكية الرابضة في البحرين في "قاعدة موطن البحرية" [2] وفي "قاعدة الشيخ عيسى الجوية"[3].
- المرتبة الثانية، الكويت: وتلي دولة الكويت، مملكة البحرين في هذه القائمة، حيث يقيم بها 1998 عسكريا أمريكيا دائما، من بينهم 199 موظفا مدنيا بوزارة الدفاع الأمريكية. وسبب وجود هذا العدد الكبير من العسكريين الأمريكيين في الكويت لكون هذه الإمارة مقرا لعدة قواعد عسكرية أمريكية، منها "معسكر الدوحة" الذي يعد أهم القواعد الموجودة بالكويت، ويقع شمال غرب مدينة الكويت، على بعد 60 كم من الحدود مع العراق.
وبجانب "الدوحة"، هناك معسكر "عريجان"، وهو قاعدة عسكرية في الكويت تتسع لنحو 10 آلاف جندي، وهو موقع مهم للأقسام المختلفة للقوات المسلحة الأمريكية كالقوات الجوية والبحرية وحتى مشاة البحرية (المارينز)، بالإضافة لمركز تدريب حرس السواحل.
وتضم الكويت عدة معسكرات أخرى تابعة للقاعدة الأمريكية، منها قاعدة "علي السالم" الجوية، وتضم الفرقة الجوية رقم 386 إضافة إلى معسكر التدريب فرجينيا[4]. ويتولى الموظفون الدائمون مهام إدارة الوجود العسكري الأمريكي الذي يفوق في عدده 7 أضعاف عدد العسكريين المقيمين على نحو ما سنرى لاحقا. ويقيم في الكويت عسكري واحد تابع لـ"الحرس الوطني الأمريكي"، في إشارة لكون الوجود الأمريكي في الكويت يتضمن نشاطا للأسطول الخامس، ويضمن مصالح أمريكية بجانب حماية ثروة الكويت النفطية.
- المرتبة الثالثة، تركيا: أما فيما يتعلق بالقوات الموجودة في تركيا، فلا يوجد مصدر يحدد بوضوح عدد هذه القوات، لكن ثمة إشارة إلى أنها تتراوح بين 500 إلى 1000 جندي. وتخدم هذه القوات في إدارة وتشغيل قاعدتي "أنجرليك" و"أزمير" الجويتين، بالإضافة إلى الخدمة في عدد من المنشآت العسكرية، منها "القيادة الموحدة للقوات الأمريكية وقوات حلف الناتو"، و"قوات الانتشار السريع"، و"مكتب التعاون العسكري الأمريكي"، و"القيادة المركزية لوحدة الرادارات الموجهة للطائرات"، بالإضافة للوحدة الموجودة في الميناء الذي تستخدمه القوات الأمريكية[5]. ومن بين العسكريين الأمريكيين الدائمين في تركيا ضابطان ينتميان لـ"الحرس الوطني الأمريكي".
- المرتبة الرابعة، قطر: وفيما يتعلق بدولة قطر، فإن بها 606 موظف دائما من وزارة الدفاع الأمريكية، منهم 61 موظفا مدنيا، و545 عسكريا. ويمكن تفهم وجود هذا العدد في إطار وجود قاعدتين عسكريتين أمريكيتين في قطر، أولاهما قاعدة «العديد» التي تقع على بعد 30 كلم جنوب غرب العاصمة القطرية الدوحة، وتعد أكبر قاعدة جوية أمريكية خارج الولايات المتحدة، وواحدة من أهم القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج العربي، وهو ما يجعل العدد الذي يدير الوجود الأمريكي العسكري في قطر غير كبير مقارنة بالوجود ذاته في غيرها من الدول.
وتتضمن القاعدة أطول ممر للهبوط الجوي في منطقة الخليج العربي بطول 5 كيلومترات. وتشهد "قاعدة العديد" بصورة خاصة اهتماما بتطويرها، تمهيدا لتحويلها إلى قاعدة دائمة[6].
أما القاعدة العسكرية الأمريكية الثانية فهي "قاعدة السيلية" جنوب الدوحة، وتستخدم كمستودع للمعدات العسكرية، وسبق لهذه القاعدة أن كانت مركزا للقيادة الوسطى الأمريكية أثناء غزو العراق عام 2003[7].
- المرتبة الخامسة، المملكة العربية السعودية: وتوجد في الأراضي السعودية بصفة دائمة 555 شخصية من وزارة الدفاع الأمريكية، منهم 314 عسكريا و241 مدنيا، وفق بيانات مكتب المعلومات التابع لوزارة الدفاع الأمريكية.
وتحيط السعودية الوجود العسكري بها بقدر عال من الكتمان، وهو أمر مفهوم بالنظر لدواعي أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 وما أعقب انتهاء الحرب على العراق من تفجيرات بحق مناطق تمركز القوات الأمريكية في السعودية، وهو ما أدى لنقلها بصورة أساسية إلى قطر وإلى حد ما الإمارات، إلا أن ارتفاع عدد العسكريين الدائمين يشير إلى أن وجودهم يرتبط بإدارة وجود عسكري قائم أو محتمل.
وعند وقوع أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، كان للولايات المتحدة 13 منشأة عسكرية في السعودية، بالإضافة إلى حقها باستخدام 66 مرفقا تابعا للقوات المسلحة السعودية. وبرغم أن غالبية القوات الأمريكية في السعودية قد غادرتها لدول خليجية أخرى باستثناء نحو 500 عسكري، ظلوا متمركزين فيما يعرف بـ"قرية الإسكان"[8]، إلا أن بعض هذه القواعد العسكرية أنشأت لكي لتستمر.
من بين هذه القواعد، قاعدة "حفر الباطن" التي يوجد بها قاعدة خاصة بطائرات "إف 111" المتقدمة جدا في أعمال التجسس واستعملت للطائرات العمودية الفرنسية وطائرات الإسناد الجوي القريب، وطائرات التدريب الأمريكية، بالإضافة لـ"قاعدة النعيرية" حيث حفرت الكهوف في بطون هذه المرتفعات لتموين الوقود والذخائر بأنواعها[9]، هذا بالإضافة لقاعدة الأمير سلطان في شرق العاصمة السعودية الرياض، والتي كانت أهم القواعد الأمريكية في السعودية، واتجهت إليها القوات التي أرسلت للمملكة في أكتوبر/تشرين الأول 2019[10].
وفي إطلالة على المنشآت الـ13 التي أعلن عنها الخبراء، نجد أنها كانت تتمثل في "قاعدة الملك عبدالعزيز الجوية" بالظهران، و"قاعدة الأمير عبدالله بن عبد العزيز الجوية" بجدة، و"قاعدة الملك فهد الجوية" بمنطقة الحوية بالطائف، و"قاعدة الملك فيصل الجوية" في تبوك، و"قاعدة الملك خالد الجوية" في خميس مشيط، و"قاعدة الأمير سلطان الجوية" في الخرج، و"قاعدة الرياض الجوية" في مدينة الرياض، و" قاعدة حفر الباطن الجوية"، و"قاعدة الملك عبدالعزيز البحرية" بالدمام، و"قاعدة الملك فهد البحرية" بالجبيل، و"قاعدة جدة البحرية"، بالإضافة إلى "قاعدة النعيرية" للإمداد والتموين.
ورغم أن الخبراء يتحدثون عن أن حجم القوات الأمريكية في السعودية كان نحو 5000 عسكري في أعقاب بدء حرب الخليج الثانية، إلا أن هذا العدد الكبير من المنشآت العسكرية يحمل دلالات أخرى.
وتتعمق هذه الدلالات عندما نعلم أن القواعد العسكرية لم تكن وحدها المنشآت التي تستخدم في استضافة الجنود الأمريكيين، بل يضاف إليها مدن عسكرية كاملة مثل "مدينة الملك خالد" في حفر الباطن، و"مدينة الملك فيصل" في "خميس مشيط"، و"مدينة الملك عبد العزيز" في تبوك، و"مدينة الملك فهد" في الظهران، و"مدينة أم الساهك" وتختص بقوات الدفاع الجوي، واستخدمت القوات المسلحة المدينتين الأولى والأخيرة خلال "حرب الخليج الثانية"، وذلك بخلاف 5 مطارات عسكرية[11].
ويشير خبراء إلى أن البرنامج العسكري الأمريكي قسم المملكة إلى 8 مناطق عسكرية، هي: المنطقة الشمالية الغربية (تبوك)، والمنطقة الجنوبية (خميس مشيط)، والمنطقة الغربية (جدة)، والمنطقة الشرقية (الظهران)، والمنطقة الوسطى (الرياض)، ومنطقة الطائف (مركز الطائف)، ومنطقة المدينة (المدينة المنورة)، والمنطقة الشمالية (حفر الباطن).
- المرتبة السادسة، الإمارات العربية المتحدة: وفيها يقيم بصورة دائمة 374 شخصية من وزارة الدفاع الأمريكية، منهم 352 عسكريا، و22 مدنيا. ووظيفة هذه القوة تتمثل في إدارة القاعدتين العسكريتين الأمريكيتين الموجودتين في الإمارات، وهما قاعدة "الظفرة"، التي تمثل مركز الوجود الرئيسي للقوات الأمريكية في الإمارات، وتكرس هذه القاعدة بشكل محدد لاستضافة القوات الجوية، وتتضمن هذه القوات فرق استطلاع ونقل وقتال.
كما تتمتع القوات الأمريكية بتسهيلات واسعة في مينائي "زايد" و"جبل علي"، حيث تعد دبي أكبر ميناء توقف بالنسبة للسفن الحربية الأمريكية بحسب مراقبين عسكريين[12].
ورغم أن التمركز الأمريكي في "قاعدة جبل علي"، والوجود العسكري الأساسي في هذه القاعدة لقوات مشاة البحرية الأمريكية "المارينز"، لكن القاعدة توجد بها قاعدة جوية صغيرة، ومستودعات متعددة لأغراض الدعم اللوجيستي[13]. هذا بالإضافة للقوة التي تدير قطاع الإمداد اللوجستي للقوات الأمريكية في "قاعدة الفجيرة البحرية"[14]، ومطار الفجيرة الدولي[15].
- المرتبة السابعة، جمهورية مصر العربية: وتوجد في مصر بصورة دائمة 287 شخصية من وزارة الدفاع الأمريكية، منهم 276 عسكريا، و11 مدنيا. وتوظف الولايات المتحدة هؤلاء الموظفين الدائمين في أغراض أساسية، أولها إدارة برنامج المعونة العسكرية الأمريكية لمصر، وثانيهما إدارة التسهيلات الممنوحة للقوات الأمريكية في القواعد العسكرية المتمثلة في القواعد الأربعة: "قاعدة قنا الجوية"، و"قاعدة رأس بناس" و"قاعدة بنى سويف الجوية" و"قاعدة القاهرة الغربية"، بالإضافة لإدارة "مركز نامرو الطبي" التابع للبحرية الأمريكية[16].
وتعتبر دراسات أمريكية أن المنشاة العسكرية الأمريكية الوحيدة في مصر هي "مركز نامرو الطبي"[17]، وهو ما يجعل بقية القواعد مصرية لكنها "تحت التصرف الأمريكي"، غير أن علامات استفهام تثور حول "مركز نامرو" باعتباره مركزا للوحدة الثالثة للبحوث الطبية البحرية، وهو أكبر مختبر لوزارة الدفاع خارج الولايات المتحدة[18].
- المرتبة الثامنة، المملكة الأردنية: المرتبة الثامنة في هذه القائمة من نصيب الأردن، حيث يوجد بها 100 مبعوث من وزارة الدفاع الأمريكية، منهم 95 قيادة عسكرية، و5 موظفين مدنيين من "البنتاجون".
ويعمل العسكريون الأمريكيون في الأردن على إدارة التعاون العسكري الأمريكي الأردني، واستخدام التسهيلات الممنوحة في القواعد الجوية الأردنية الثلاثة، وهي: "قاعدة الرويشد الجوية" و"قاعدة وادي المربع الجوية" و"قاعدة الشهيد موفق الجوية، وتقع الأخيرة بمدينة "الزرقا"، وبرغم أنهما قاعدتان أردنيتان - كما هو معلن، إلا أنهما يتضمنان قوات عسكرية أمريكية. كما توجد في الأردن الوحدة 22 البحرية الاستكشافية الأمريكية التي تتمركز بجوار "ميناء العقبة"[19].
- المرتبة التاسعة، إسرائيل: المرتبة التاسعة يتشارك فيها من حيث العدد كل من إسرائيل وجيبوتي، إلا أن أهمية وضع تل أبيب تمنحها أولوية الحصول على هذه الرتبة، حيث يوجد بالأراضي المحتلة 91 موظفا من وزارة الدفاع الأمريكية، منهم 69 قيادة عسكرية، و22 موظفا مدنيا. وظيفتهم إدارة قاعدة الأسطول السادس الأمريكي بالقرب من ميناء حيفا الفلسطيني المحتل[20]، بالإضافة لمحطة رادارات "ديمونة، و"قاعدة ماشابيم الجوية"[21].
- المرتبة العاشرة، جيبوتي: ويوجد في جيبوتي 91 مقيما عسكريا أمريكيا، ما يجعلها تتساوى مع إسرائيل في عدد موظفي وزارة الدفاع الأمريكية المقيمين بصورة دائمة على أراضيها، إلا أن الخلاف يكمن في تركيبة الموظفين، حيث أنه من بينهم 88 عسكريا، بالإضافة إلى 3 موظفين مدنيين.
وينسق العسكريون الأمريكيون الدائمون في جيبوتي أوضاع "قاعدة ليمونييه" المخصصة لتمركز القوات، وهي القاعدة التي أصبحت مقر "قوة العمل المشتركة في القرن الإفريقي"[22].
- المرتبة الحادية عشرة، الصومال: بالنظر لخطورة الأوضاع في الصومال، فإن البعثة الأمريكية الدائمة هناك تتكون من 85 فردا، كلهم من العسكريين. ويتمركز الوجود العسكري الأمريكي في الصومال في "قاعدة باليدوجلي الجوية" التي تقع على بعد 100 كم تقريبا شمال العاصمة مقديشيو[23].
وسبق للصومال أن كانت مركزا أمريكيا من قبل، وكانت قواتها تتمركز في "ميناء البربير" و"مطار مقديشو"، إلا أنها هجرت الصومال باتجاه جيبوتي.
باقي الدول:
- العراق: وهنا نبدأ الحديث عن القواعد العسكرية بدون ترتيب، حيث لا يوجد رقم ثابت للموظفين الأمريكيين الدائمين المنتدبين من وزارة الدفاع للعراق، وهو ما تعلله وزارة الدفاع بحاجة مسارح العمليات لإذن خاص من لجنة مشتركة من الخارجية ووزارة الدفاع لإعلان الرقم.
واليوم، يمكن الحديث عن 5 قواعد أمريكية نشطة بالعراق، منها "قاعدة بلد" وهي الأكبر والأهم حيث تحتوي على منشآت عسكرية متعددة، بالإضافة إلى مدرج طائرات، وهناك أيضا "قاعدة التاجي" التي تشبه إلى حد كبير "قاعدة بلد"، عدا أنها لا تمتلك مدرج للطائرات، وثمة أيضا "قاعدة رينج" في محافظة كركوك الكردية، وهي بمثابة معسكر نموذجي للتدريب والتأهيل العسكري.
وفي داخل حدود "مطار بغداد الدولي" توجد "قاعدة فكتوري" التي تستخدم للقيادة والتحكم والتحقيقات والمعلومات الاستخبارية، وأخيرا، ثمة "قاعدة عين الأسد" في منطقة القادسية، غرب الأنبار، وهي بمثابة معسكر محصن لانطلاق العمليات الخاصة، وأخيرا هناك "قاعدة التقدم" في منطقة الحبانية، وهي قاعدة نموذجية، فيها معسكرات ومنامات ومواقع للخزن وللطائرات المروحية ومدارس للتعليم الأمني ومقرات للتحكم والسيطرة.
- سلطنة عمان: قبل 11 سبتمبر/أيلول (2001)، كانت سلطنة عمان تضم 5 قواعد أمريكية تتبع القيادة الوسطى بصورة مباشرة، كما توجد اتفاقات تعطي الولايات المتحدة حق استخدام 24 مرفقا عسكريا عمانيا غيرها. ولا توجد قوات عسكرية أمريكية كبيرة في عمان اليوم، كما كان الحال وقت غزو أفغانستان، بل ثمة وجود رمزي ومخازن ضخمة للأسلحة والعتاد والذخائر الأمريكية في عام 2001.
ويوجد في القاعدة مقر شركة "دينكورب" الأمريكية ومهمتها التدريب العسكري والأمني والتوجيه والدعم الاستخباراتي والدعم الجوي، بالإضافة إلى عمليات الطوارئ وصيانة المركبات العسكرية البرية[24]. ويوجد في سلطنة عمان 18 عسكريا منتدبا من وزارة الدفاع الأمريكية.
- تونس: يوجد في تونس 31 موظفا دائما من وزارة الدفاع الأمريكية، منهم موظف واحد مدني، والبقية من العسكريين. ويتمثل دور هؤلاء العسكريين في إدارة برنامج التعاون الأمني المشترك العملياتي (مكافحة الإرهاب) والتدريبي، وإدارة المعونات العسكرية، بالإضافة إلى إدارة قاعدة عسكرية تقع في جنوب غرب تونس، لم يكشف عن اسمها، ولم يعرف بوجودها حتى صدور تقرير لمعهد Watson الأمريكي في 2017، كشف عن وجود هذه القاعدة[25]، وهو ما حاول وزير الدفاع التونسي نفيه.
وجاء تقرير معهد واتسون إثر نشر صحيفة "واشنطن بوست" ما يفيد رصد طائرات أمريكية بدون طيار وعسكريين أمريكان في قاعدة جوية بتونس في حزيران/ يونيو 2016، وخلصت الصحيفة في تحقيقها حول ذلك الرصد إلى أن ذلك يأتي كجزء من الإستراتيجية الأمريكية لنشر طائرات بدون طيار وطواقم صغيرة في منشآت عسكرية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالقرب من المناطق الخطيرة، للقيام بعمليات ضد من يشكل خطرا على الولايات المتحدة وحلفائها[26].
المغرب: يوجد 21 موظفا دائما من وزارة الدفاع الأمريكية، منهم 15 عسكريا، بينما يوجد 6 موظفين مدنيين من وزارة الدفاع. ويلعب هذا العدد دورا كبيرا في تنسيق التعاون الأمني، سواء فيما يتعلق بأغراض المساعدات الأمنية الأمريكية للمغربيين والتي تضمنت في 2019 هبات ومشتريات سلاح، بالإضافة لتسهيل استخدام التسهيلات العسكرية المغربية لصالح القوات الأمريكية.
ووقعت الولايات المتحدة اتفاقية مع المغرب في 27 أيار/ مايو 1982 سمحت للولايات المتحدة بتسهيل مرور "قوات الانتشار السريع" عبر المنطقة العسكرية في مطاري الدار البيضاء و"سيدي سليمان"، فضلا عن إمدادها باحتياجاتها اللوجيستية، وبخاصة تزويد الطائرات الأمريكية بالوقود، بالإضافة لتسهيل استخدام القواعد والمنشآت المحلية[27] لإجراء التدريبات والمناورات، وبخاصة "قنيطرة" و"بوكاديلي".
وتملك الولايات المتحدة الأمريكية قاعدة عسكرية في المغرب، وهي "نقطة اتصال للقوات البحرية" في مدينة "سيدي يحيا" التي تقع على بعد 80 كم إلى الشمال الشرقي من مدينة الرباط[28]، وهي قاعدة مهمة لخدمة الصواريخ المضادة للسفن في منطقة الأطلسي والبحر المتوسط.
البقية: أما عن بقية الدول العربية، فقد أوردناها إجمالا، حيث يعبر تناقص العدد عن ضعف الحضور والتأثير في الإستراتيجية الأمريكية. ويمكن الإشارة إلى أن عدد الموظفين الدائمين في بقية الدول العربية يتراوح بين 21 عسكريا أو غياب العسكريين تماما.
حالة غياب العسكريين لا توجد إلا في حالة دولة "جزر القمر" بالرغم من أهميتها الإستراتيجية، وهو ما يرجح كونه خطأ إداريا تم تضمينه في البند "أخرى غير معروفة".
أما عن بقية الدول، في لبنان 21 موظفا، منهم 15 عسكريين، بينما يوجد 6 موظفين مدنيين. كما يوجد في السودان 14، وفي اليمن 7، وفي الجزائر 6، وفي كل من ليبيا وموريتانيا موظفين دائمين من وزارة الدفاع الأمريكية كليهما من العسكريين. أما عن العراق وسوريا، فإن تقرير مركز البيانات التابع لوزارة الدفاع لا ينشر بيانات الدول التي تعد مسرح عمليات عسكرية راهنة.
ثانيا: انتشار القوات الأمريكية المقاتلة في الشرق الأوسط
إذا كان وضع القوات العسكرية الدائمة في المنطقة على النحو الذي عرضناه في المحور السابق، فإنه من المهم أن نعرف دلالة الأرقام الدائمة في النشاط الأمريكي الإقليمي ذي الطبيعة العسكرية. ومن بين نحو 200 ألف جندي أمريكي منتشرين خارج حدود بلادهم، يشير مراقبون عسكريون إلى أن نصيب منطقة الشرق الأوسط من هذه القوات يتراوح ما بين 60 إلى 70 ألف عسكري أمريكي. فما هو توزيع هذا الرقم في المنطقة؟ وما هي مهامهم؟
الكويت: أما عن القوات الأمريكية الرابضة في الكويت، يمكن التأكيد على أن ثمة أكثر من 10 آلاف جندي أمريكي متمركزين بها، بما فيهم القيادة المركزية لقوات الجيش الأمريكي - الكويتي، وقوة المهام المشتركة التي يتمركز في إطارها أفراد الفرقة الثالثة الأمريكية (مشاة)، بالإضافة لوجود حوالي 1000 من الجنود مشاة البحرية، إلى جانب أكثر من 1000 دبابة، وعدة مئات من الطائرات المقاتلة والمروحيات.
بالإضافة للقوات الموجودة في معسكر "عريجان" الأمريكي، والتي تصل قدرته الاستيعابية إلى 10 آلاف جندي[29]. القوات الأمريكية في الكويت تتراوح ما بين قوات جوية وبحرية وحتى مشاة البحرية (المارينز).
وبينما تتوزع القوات البرية على معسكري "الدوحة و"عريجان"[30] بالإضافة إلى "معسكر بيوري" ومعسكر "باتريوت"[31]، فإن القوات الجوية تتمركز في "قاعدة علي السالم الجوية" و"قاعدة الشيخ أحمد الجابر الجوية"، وتضم الفرقة الجوية رقم 386 إضافة إلى معسكر التدريب "فرجينيا". كما يوجد بالكويت كذلك "مركز تدريب حرس السواحل الأمريكي"[32].
قطر: يتمركز في قاعدة "العديد"، التي تعد أكبر قاعدة جوية أمريكية خارج الولايات المتحدة[33]، نحو 11 ألف عسكري أمريكي، غالبيتهم من سلاح الجو الأمريكي، موزعون على القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية، والمركز المشترك للعمليات الجوية والفضائية، والجناح 379 للبعثات الجوية.ويوجد بهذه القاعدة خلال هذه الفترة أكثر من 120 طائرة من مختلف الأنواع: منها الجناح 379 التابع للقوات الجوية الامريكية، والقاذفات "B-1"، والقاذفات بعيدة المدى مثل "B-52"، وطائرات استطلاع، وطائرات التموين بالوقود في الجو، إلى جانب وحدات دعم وإسناد ومخازن أسلحة وذخيرة.
كما تعد القاعدة مقرا لـ"لمجموعة 319 الاستكشافية الجوية" التي تضم قاذفات ومقاتلات وطائرات استطلاعية، إضافة لعدد من الدبابات ووحدات الدعم العسكري وكميات كافية من العتاد والآلات العسكرية المتقدمة، ما جعل بعض العسكريين يصنفونها أكبر مخزن إستراتيجي للأسلحة الأمريكية في المنطقة[34].، ولا تمثل "قاعدة السيلية" في جنوب الدوحة، مركز ثقل عسكري إستراتيجي لأنها تستخدم كمستودع للمعدات العسكرية[35].- ج. البحرين: ترجع أهمية القوات الأمريكية الموجودة في البحرين إلى كونها القوام العملي للقيادة المركزية للقوات البحرية في المنطقة، والقاعدة الأساسية للأسطول الخامس الأمريكي، الذي يخدم فيه الآن 4200 جندي أمريكي، بحسب المصادر المذكورة عاليه، وكانت بيانات من مايو/أيار 2019، قد أشارت إلى أن القوات الأمريكية المتمركزة في البحرين تبلغ 7 آلاف عسكري[36].
وتهدف القوات الخاصة بالأسطول الخامس الأمريكي إلى تأمين إمدادات النفط الخليج، والذي يمثل نحو نصف إمدادات النفط العالمية.
وتضم القوة الأمريكية المتمركزة في البحرين حاملة طائرات وعددا من الغواصات الهجومية والمدمرات البحرية وأكثر من 70 مقاتلة، إضافة لقاذفات القنابل والمقاتلات التكتيكية وطائرات التزود بالوقود المتمركزة بقاعدة الشيخ عيسى الجوية التي تربض بها عشرات الطائرات القتالية من طراز "F-16" و"F/A-18"، وطائرات مراقبة بحرية مضادة للغواصات من نوع "P-3"[37].ويبدو أن فارق القوات التي انتقصت من البحرين تمثل تلك القوة التي انتقلت إلى السعودية مؤخرا، فيما يبدو نوعا من الدعاية في مواجهة إيران لا أكثر. فالقوات مرابضة في الخليج، والفارق أنها انتقلت من قاعدة "موطن" إلى قاعدة "الملك خالد" شرقي الرياض.
وتهدف القوات الخاصة بالأسطول الخامس الأمريكي إلى تأمين إمدادات النفط الخليج، والذي يمثل نحو نصف إمدادات النفط العالمية.
- د. العراق: بعد اكتفاء العراقيين من وجود القوات الأمريكية، وقعت بغداد مع واشنطن اتفاقية الإطار الإستراتيجي في 2008، في عهد الرئيس الأسبق "جورج بوش" الابن، التي مهّدت لخروج القوات الأمريكية من العراق أواخر 2011، بعد 8 سنوات من دخول 120 ألف جندي أمريكي أرض العراق، وأنهت القوات الأمريكية العمليات القتالية في العراق عام 2010، وغادر آخر جندي أمريكي العراق في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2011، باستثناء عدد من أفراد الجيش الأمريكي الذين بقوا تحت سلطة السفارة الأمريكية.
وبعد تشكيل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد "تنظيم الدولة" الإرهابي في 2014، عاودت الولايات المتحدة نشر نحو 5 آلاف جندي من قواتها بالعراق، ليصبح عدد القوات الأمريكية في العراق نحو 5200 عسكري[38]، وما زال وجود هذه القوات محل جدل بين العراقيين[39].
وزاد هذا العدد إلى نحو 6750 عسكريا بعد انضمام القوات الأمريكية المنسحبة من سوريا، وهي القوات التي أعلن وزير الدفاع العراقي خلال لقائه بنظيره الأمريكي أنها ستنسحب خلال فترة شهر من تاريخ دخولها، وهو ما لم يحدث حتى تاريخه[40].
- هـ. الإمارات: يوجد بالإمارات نحو 5000 جندي أمريكي، بخلاف الموظفين الدائمين. يتمركز غالبيتهم (ما بين 3500 - 3800 عسكري أمريكي) في قاعدة الظفرة التي تحتضن اليوم "الفرقة الجوية الأمريكية 380"، و"سرب الاستطلاع 99" المسؤول عن توفير المعلومات الاستخبارية الحرجة لأعلى مستويات القيادة الأمريكية، مع أكثر من 60 طائرة، بينها طائرات استطلاع من طراز "لوكهيد يو-2"، وطائرات "أواكس"، وطائرات إعادة تزود بالوقود مختلفة الطرز، وسرب من مقاتلات "إف-15إس" و"إف-22"، وهي القاعدة العسكرية الوحيدة خارج حدود الولايات المتحدة الأمريكية التي تضم هذا الطراز المتطور من الطائرات الحربية.
ويخصص ثلث الطائرات في القاعدة لعمليات التجسس والمراقبة في كل من العراق وسوريا وأفغانستان. ومع دخول سلاح الجو الروسي إلى الحرب في سوريا، في أيلول/ سبتمبر 2015، كانت إحدى مهمات "سرب الاستطلاع 99" منع الاشتباك ووقوع الحوادث بين الطائرات الأمريكية والروسية، والتنسيق بينها. وتتمركز بقية القوات الأمريكية في "قاعدة جبل علي"، وهي بطبيعة الحال قوات ذات طبيعة بحرية[41].
القوات الأمريكية في الإمارات مرشحة للزيادة، ويأتي هذا في إطار تنافس محموم تبديه أبوظبي تجاه الوجود العسكري الأمريكي في قطر، وهو ما يفسر اهتمام الإمارات بوجود القوات الجوية الأمريكية.
ففي أيار/ مايو 2017 أعادت الولايات المتحدة والإمارات النظر في اتفاقية الدفاع الموقعة بينهما عام 1994، واستبدلت باتفاقية جديدة قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية "كرستوفر شيرود" بصددها: أنها "تعطي الجيش الأمريكي قدرة على الاستجابة بسلاسة أكبر لعدد من السيناريوهات داخل وحول دولة الإمارات عند الضرورة"[42].
- و. جيبوتي: بخلاف العسكريين الأمريكيين الدائمين في جيبوتي، والبالغ عددهم 91 مقيما، فإن حجم القوات الأمريكية اليوم في جيبوتي يتجاوز 4000 عسكري. وبدأ اهتمام الولايات المتحدة بجيبوتي بعد ارتفاع وتيرة رفض الوجود الأمريكي بين الصوماليين، وهو رفض بلغ حد تجسيده في فيلم سينمائي حمل اسم "Black Hawk Down"[43].
ولهذا، انتقل مقر قوة العمل المشتركة (Combined Joint Task Force CJTF) في القرن الإفريقي منذ بداية سنة 2002 إلى جيبوتي[44]، لتتمركز القوات الأمريكية في قاعدة "ليمونيه"[45]. وبلغ عدد القوات الأمريكية آنذاك نحو 900 جندي أمريكي، وإن كانت بعض التقديرات الإفريقية تقدر عددها بنحو 1900 جندي.
ومع تعقد أوضاع المنطقة، رفعت الولايات المتحدة عدد قواتها في "ليمونييه" إلى 4000 عسكري. وتقوم هذه القوة بمراقبة المجال الجوي والبحري والبري لست دول إفريقية هي السودان، إريتريا، الصومال، جيبوتي وكينيا فضلا عن اليمن ودول الشرق الأوسط[46].
- ز. السعودية: أما عن القوات الموجودة في المملكة السعودية فيبلغ قوامها اليوم 3000 عسكري أمريكي بخلاف العسكريين الدائمين. ويرجع الوجود الأمريكي العسكري بالسعودية لبداية "حرب الخليج الثانية، حيث يوجد على أرض المملكة السعودية نحو 5000 جندي تابعين للجيش وسلاح الجو الأمريكي، وأكثر من 80 مقاتلة أمريكية، ربضت في "قاعدة الأمير سلطان الجوية".
واستخدمت هذه القاعدة في إدارة الطلعات الجوية لمراقبة حظر الطيران الذي كان مفروضا على شمال العراق وجنوبه إبان فترة العقوبات الدولية، كما كانت تعمل مركزا للتنسيق بين عمليات جمع المعلومات والاستطلاع والاستخبارات الأمريكية في المنطقة.
ومع أواسط عام 2003، انتقل حوالي 4500 جندي أمريكي إلى دولة قطر المجاورة، وبقي بالسعودية حوالي 500 جندي أمريكي فقط ظلوا متمركزين فيما يعرف بـ"قرية الإسكان"، وأنهت الولايات المتحدة وجودها العسكري في قاعدة الأمير سلطان الجوية بالرياض[47] تجاوبا مع تنامي روح العداء للوجود الأمريكي في "أرض الحرمين"، واتجهت للاعتماد على نفسها وتسلحت بأحدث ما انتجته المصانع العسكرية الأمريكية.
ومع الهجمات التي وقعت على منشآت "شركة أرامكو" النفطية في المملكة في سبتمبر/أيلول 2019، طلبت السعودية دعما أمريكيا. وفي استجابة فورية، أعلنت الولايات المتحدة إرسال بطارية باتريوت و4 منظومات رادار و200 فرد إلى السعودية[48]، وصرح المتحدث باسم وزارة الدفاع جوناثان هوفمان بأنه "بناء على طلب من القيادة المركزية الأمريكية، أذن وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر بنشر قوات إضافية ومعدات أخرى في السعودية، تتمثل في سربين من المقاتلات "إف 15"، وجناح جوي واحد، ونظام واحد "ثاد".
أعقب هذا الدعم بإعلان وزارة الدفاع الأمريكية، في الثلث الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2019، أنها سترفع حجم الانتشار الأمريكي في السعودية إلى 3000 عسكري، ويشير تقرير تحليل لموقع "Military Times" أن الانتشار الأخير يعني زيادة عدد قوات القيادة المركزية للمنطقة إلى نحو 14 ألف جندي.
غير أنه من المتوقع أن ينخفض هذا العدد إلى النصف مع انتهاء مهمة حاملة الطائرات الأمريكية "إبراهام لينكون"، وهو الانتهاء الذي يتوقع مراقبون عدم تجديده لاتجاه الولايات المتحدة للتركيز على توجيه الموارد لمواجهة تنامي النفوذ الصيني والروسي[49].
- ح. الأردن: رغم انخفاض عدد الموظفين الأمريكيين الدائمين المنتدبين من وزارة الدفاع للعمل في الأردن، وبخلاف مهام العسكريين الدائمين، فإن القوات الأمريكية في الأردن تصل إلى 2800 عسكري أمريكي، ينقسمون إلى قسمين، أغليهم من سلاح الجو الأمريكي.
وتطورت مهام هؤلاء العسكريين بعد تشكيل التحالف الدولي لمواجهة "تنظيم الدولة" إلى المشاركة في المواجهة مع امتدادات هذا التنظيم. وتتمركز غالبية هذه القوات في القواعد الجوية الثلاثة: "الرويشد" و"وادي المربع" و"الشهيد موفق"، في حين تتمركز الوحدة 22 البحرية الاستكشافية الأمريكية.
ورغم التكتم الشديد على مهام الوحدة 22، إلا أنها تبدو في طبيعتها أقرب لمهام الأسطول الأمريكي السادس منها لمهام مواجهة المنظمات الإرهابية، وإن كان هذا لا يمنع من ازدواجية المهمة[50].
- ط. ليبيا: لفتت الأنباء التي صاحبت هجوم الجنرال العسكري مزدوج الجنسية خليفة حفتر (يملك جنسية أمريكية إلى جانبِ جنسيته الليبية) على العاصمة الليبية طرابلس، إلى انسحاب قوات أمريكية كانت متمركزة بالقرب من العاصمة الليبية إثر بدء الهجوم على "طرابلس[51].
رغم أن الضربات الموجهة لتنظيم الدولة في ليبيا نسبت لاحقا لقاعدة عسكرية أمريكية في جنوب غرب تونس، إلا أن الهجوم على "طرابلس" كشف عن وجود تمركز عسكري أمريكي في ليبيا، ما زال تعداده محل تكتم شديد.
ورغم أن الضربات الموجهة لتنظيم الدولة في ليبيا نسبت لاحقا لقاعدة عسكرية أمريكية في جنوب غرب تونس، إلا أن الهجوم على "طرابلس" كشف عن وجود تمركز عسكري أمريكي في ليبيا، ما زال تعداده محل تكتم شديد، برغم إعلان الجنرال تزماس والدهاوزر قائد رئيس قيادة الولايات المتحدة الإفريقية "أفريكوم" قد أعلن انتماء هذه القوات للقيادة الإفريقية، كما صرح عن مهمتها المتمثلة في مواجهة تمركزات لتنظيمي "الدولة" و"القاعدة" تسللت إلى ليبيا. وقد عاودت القوات الأمريكية في سبتمبر/أيلول 2019 ممارسة مهامها من دون أن تتدخل في القتال الدائر حول العاصمة[52].خاتمة
برغم أن تعداد القوات الأمريكية في المنطقة يتراوح ما بين 60 إلى 70 ألفا من العسكريين، إلا أن هذا العدد مرشح للزيادة بصورة كبيرة. فخلال فترة وجود جون بولتون كمستشار للأمن القومي في البيت الأبيض، أعد خطة لنشر 120 ألف جندي في منطقة الشرق الأوسط لمواجهة أي تصعيد إيراني. وهي الخطة التي طلب فيها الرئيس الأمريكي عددا مماثلا للعدد الذي استخدم لغزو العراق، لكنه لم يتحدث عن غزو للتراب الإيراني[53].
إلا أن هذه الزيادة تواجه بوجود حالة من القلق في أوساط العسكريين الأمريكيين الذين يرون أن التوتر في المنطقة يؤثر على ما ينبغي أن توليه الولايات المتحدة لتنامي أدوار القوى الكبرى في المنطقة، ومن بينها الصين وروسيا، وهي الوظيفة الأولى بدولة بوزن الولايات المتحدة الأمريكية، يثير ضيق نخبتها أن يرونها تعمل مأجورة لدى عدد من الدول الثرية الإقليمية، في الوقت الذي لم تعد فيه الولايات المتحدة بحاجة لنفط هذه المنطقة بعد أن باتت الولايات المتحدة أحد أهم منتجي النفط اليوم.
تتركز القوات الأمريكية في المنطقة في المشرق الخليجي، حيث الدول قادرة على تمويل استقدام القوات الأمريكية، لغرض حماية النفط كما سبق للكويت أن طلبت، أو لحماية الأنظمة الحاكمة كما أوضحته بجلاء تعليقات الرئيس الأمريكي الساخرة حول النظام السعودي، أو لكبح جماح أدوار توسعية إقليمية يمارسها طرف يرغب في مد نفوذه لمساحات لا يمكن فهم غاياتها بالنظر لتكلفتها.
تكشف الورقة عن أدوار تؤديها بعض الدول العربية في هذا الإطار، أهمها إرضاء الطموحات الشخصية لبعض الحكام العرب الذين يتسابق بعضهم لسرقة الوجود العسكري الأمريكي من الدول العربية المجاورة، في حين يحاول البعض الآخر أن يكون جزءا من الإستراتيجية الكونية لـ "الاستقرار والنمو"، ويحاول البعض الآخر التكسب من تأجير البنى التحتية فيه، ويحاول البعض الآخر حماية نفسه بالتقارب مع الأمريكان عن طريق التسهيلات التي يقدمها لهم.
المصادر: