الإيجور نموذجا.. هذا ما تعانيه الأقليات المسلمة من ظلم بالصين
نشرت صحيفة "ديرليش بوستاسي" مقالا للكاتب، مراد كوبات، سلط فيه الضوء على الظلم الواقع على الأقلية المسلمة في تركستان الذين يعرفون بـ"الإيجور"، إذ يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب في وقت يقف العالم دون أن يحرك ساكنا، مشيرا إلى احتجاز أعداد ضخمة منهم.
وقال الكاتب في مقاله: "يستمر الاضطهاد في تركستان الشرقية، وفي الحقيقة أينما وجد الظلم فهو مؤلم. إن حقوق الإنسان الأكثر طبيعية، مثل القدرة على العيش بإنسانية وحرية، وممارسة الإيمان، والتحدث باللغة، والتعبير عن أفكارهم، يمكن أن تؤخذ بسهولة من أيدي الناس".
رفع الظلم
وتابع: "وفي الأصل لا الدين ولا اللغة ولا المعتقد ولا طريقة الحياة ولا النظرة العالمية لأولئك الذين تعرضوا للاضطهاد مهم"، لافتا إلى أنه "مهما كانت هوية المظلوم، يجب دعمه ورفع الظلم عنه، وهذه هي أبسط مطالب الإنسانية العادلة، ويجب على أقوى الدول القيام بذلك".
والإيجور شعوب تركية مسلمة ويشكلون واحدة من 56 عرقية في جمهورية الصين الشعبية، ويتركزون في منطقة تركستان الشرقية ذاتية الحكم، والتي تعرف باسم "شينجيانج" أيضا، على مساحة تعادل 1/6 مساحة الصين ويوجدون في بعض مناطق جنوب وسط الصين.
تاريخيا مصطلح الإيجور- الذي يعني الاتحاد أو التحالف- كان يطلق على أحد الشعوب التركية التي تعيش فيما يعرف اليوم باسم منغوليا، حيث كان "الإيجوريون مع الجوك" أقوى وأكبر القبائل التركية التي تعيش في آسيا الوسطى.
وفي عام 744 م استطاع الإيجور بمساعدة قبائل تركية أخرى بالإطاحة بإمبراطورية "الجوك التركية" وأسسوا مملكتهم الخاصة بهم، والتي امتدت من بحر قزوين غربا حتى منشوريا شمال شرقي الصين والكوريتان شرقا.
وأسس الإيجور الذين أسلموا دولة سميت "القارا خانات" والتي يسمى حاكمها قارا خان. وبعد ظهور السلاجقة واشتداد عودهم وازدياد قوتهم صارت المنافس الأقوى لدولة "القارا خانات" في تلك المناطق تركستان وكازاخستان حاليا.
الكاتب في مقاله بين، أن قوة أي بلد ترتبط بكيفية تفاعله ضد الظلم والاضطهاد والقمع في العالم، وليس بالموارد التي يمتلكها. واليوم، لا تزال أخبار الاضطهاد تأتي من بلدان ومناطق مختلفة من العالم وخاصة مناطق الأقليات المسلمة حيث معظمها يتعرض لأبشع أنواع التعذيب والظلم والاضطهاد.
وتابع: "ومن تلك الأقليات ما يحدث للأقلية المسلمة في تركستان الشرقية، يستمر اضطهاد الإيجور المسلمين في صمت وبدون قوة أو حيلة يتعرضون لذلك دون أن يتمكنوا من أن يوصلوا صوتهم للعالم، وتم تركهم يواجهون مصيرهم بأنفسهم".
وذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير، أن الصين في إطار "الحملة الصارمة ضد الإرهاب العنيف" التي تشنها تحتجز تعسفا ما يُقدّر بمليون مسلم من الإثنيات التركية في معسكرات التثقيف السياسي غير القانونية في شينجيانج منذ عام 2017، فضلا عن عدد آخر غير معروف في مراكز الاحتجاز والسجون.
وأشارت إلى أن السلطات الصينية تضع عددا كبيرا من الأطفال، احتجز آباؤهم أو نُفوا، في مؤسسات رعاية الأطفال والمدارس الداخلية الحكومية دون موافقة أهلهم أو قدرتهم على الوصول إليهم.
وأوضح تقرير "رايتس ووتش" أنه لا يُعرف عدد الأطفال المودعين في مؤسسات رعاية الأطفال الحكومية والمدارس الداخلية بلا موافقة أسرهم في شينجيانج، إذ تحول سيطرة الحكومة ومراقبتها للمنطقة، وأيضا العقوبات الشديدة ضد من يتحدثون أو يتواصلون مع الخارج، دون معرفة كافة التفاصيل. وفقد العديد من المسلمين التُرك ممن يعيشون خارج الصين الاتصال بعائلاتهم في شينجيانج بالكامل.
ولفت تقرير المنظمة الدولية إلى أن موقع "قاعدة بيانات ضحايا شينجيانج" جمع شهادات أكثر من 5 آلاف شخص في شينجيانج، منهم أكثر من 100 طفل، سُجنوا أو احتُجزوا في معسكرات التثقيف السياسي، أو تعرضوا لقيود أخرى على الحركة.
نفاق الدولة
ورأى الكاتب في مقاله أنه "من الواضح أن صمت الدول القوية التي تتحدث عن حقوق الإنسان والحريات والعدالة والحقوق والقانون هو عبارة عن نفاق للقوة الظالمة الصين، في عالم اليوم، الدول القوية صامتة، والدول الضعيفة صامتة. نحن بحاجة اليوم إلى قوى تمنع الظلم، مهما وأين وجد هذا الظلم، نحن نحتاج إلى اتحاد قوى تحمل تلك الغاية وتلك الأهداف".
وتسيطر الصين على الإقليم الذي تسميه "شينجيانج" (أي الحدود الجديدة) منذ العام 1949، ويشهد أعمال عنف دامية منذ العام 2009، حيث يطالب سكانه بالاستقلال عن الصين، فيما تعتبر بكين الإقليم منطقة ذات أهمية إستراتيجية لها.
وبحسب الكاتب، فإن رئيس وزراء البلاد الصيني، الذي دخل في سباق السلطة مع القوة العالمية وحلم أن يصبح القوة العظمى في العالم، أدلى بتصريحات حاسمة بعدم إظهار التعاطف في مكافحة الإرهاب والانفصالية في شينجيانج.
وأردف: تواصل حرمان المظلومين من أقلية تركستان الشرقية من الحق في الحياة، فهم يستوعبون مئات الآلاف من الأشخاص في معسكرات الاعتقال للتدريب وإعادة التأهيل، ويعرضونهم لأنواع مختلفة من التعذيب والإكراه بحيث يتم محو دياناتهم ولغاتهم وثقافاتهم.
واستطرد الكاتب قائلا: طالما ادعت الحكومة الصينية أن المعسكرات في منطقة "شينجيانج"، الواقعة في أقصى شمال غربي البلاد، تقدم التعليم والتدريب الطوعيين. وعليه فإن حرية أولئك الناس تذهب بعيدا، وبات الإيجور الأتراك في البلدان الأجنبية لا يمكنهم العودة إلى بلدانهم ولا يمكنهم الوصول إلى أحبائهم.
ويعيش في إقليم "شينجيانج" ذي الأغلبية المسلمة من أصول تركية قرابة 22 مليون نسمة منهم 9 مليون من مسلمي الإيجور والذين دائما ما يحتجون على النظام الصيني، حيث يرى كثير منهم أنهم يتعرضون للاضطهاد الديني والثقافي في البلاد فضلا عن ظلمهم اقتصاديا.
وتضم الصين عشر أقليات مسلمة من أصل 56 أقلية في البلاد، وهي: هوي، الإيجور، القرغيز، الكازاخ، الطاجيك، التتار، الأوزبك، السالار، الباوان والدونغشيانغ، بكثافة في شمالي، وشمالي غربي البلاد عموما.
الصين تصف ما تقوم به على أنه مكافحة للإرهاب والانفصالية، ويشابه الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة في سياق مكافحة الإرهاب بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول.
وشدد الكاتب على أن أولئك الذين لا يتسامحون مع مختلف الأديان والثقافات والمعتقدات وأنماط الحياة، يتهمونهم بالإرهاب والانفصالية بالعقوبات غير المشروعة، التي تغطي قسوتهم ويحاولون تبرير أفعالهم.
وختم مراد كوبات مقاله، بالقول: إن أي دولة تستخدم سلطتها لقمع الضعيف لم تكن عاقبتها خيرا يوما، ولن تكون في يوم من الأيام، وفي الحقيقة فإن أعظم نقاط الضعف هي الصمت في وجه الاضطهاد.