متاجر "بيم" في تركيا.. كيف أصبحت الخيار الأول للمستهلكين؟
لو قمت بزيارة تركيا، فإن أهم ما سيشد انتباهك هو انتشار سلسلة متاجر "بيم BIM" في أحياء وزقاقات المدن التركية، وما يثير إعجابك أكثر هو توفر معظم الاحتياجات الأساسية التي تستهلكها العائلة بشكل يومي، وبسعر منافس في حدود قدرة المستهلك الشرائية.
ولو نويت السكن في أي حي من أحياء تركيا، فإنه من الضروري السؤال عن مكان وجود ماركت "بيم"، لأن عدم وجوده بالقرب من سكنك قد يدفعك لاتخاذ قرار بتغيير مكان إقامتك.
بدأت سلسلة ماركة "بيم" في عام 1995 بـ 21 متجرا، برأس مال وطني، وفي عام 1997 أنشأت الشركة أول علامة تجارية خاصة بها، وهي "حليب الصداقة" (Dost Süt)، ثم افتتحت 100 فرع جديد لتصل في عام 2000 إلى 599 متجرا.
تصاعدت بعد ذلك وتيرة افتتاح الفروع، لتغطي مساحة أوسع في المدن، فوصلت في عام 2005 إلى 1194 فرعا، ليرتفع هذا الرقم في عام 2013 إلى 3876 فرعا في كافة أنحاء الجمهورية، ومع حلول ديسمبر/كانون الأول 2018 كانت الشركة قد افتتحت 6736 فرعا، ومازالت في انتشار مستمر حتى اللحظة، بهدف تغطية كل مربعات الأحياء السكنية في تركيا.
سعر الجملة
تعتمد شركة "بيم" في بيعها على مبدأ Hard Discount أو التخفيض العالي، وهو مبدأ ألماني قائم على فكرة تقليل النفقات التشغيلية وتقليل المصاريف على المنتج، وإلغاء كل ما قد يرفع التكاليف، ويضمن عدم انعكاسها على سعر السلع، ومن ثم بيعها للمستهلك بالتجزئة لكن بسعر الجملة أو بسعر مقارب لسعر المصنع.
تعتمد الشركة على البساطة في تجهيز ديكورات المتاجر، وآلية عرض المنتجات، فتعرض السلع في طرودها الخاصة، دون الاحتياج لرص بعضها في الرفوف، وتوظف العدد المطلوب من العمال، بدون إفراط، كما أنها لا تنفق ميزانية كبيرة في الإعلان والتسويق لمنتجاتها، بل تعلن في الحدود الدنيا ووفق ميزانية محددة سلفا.
توفر "بيم" 700 منتج استهلاكي، ومثلت منتجاتها الخيار الأنسب للمستهلك من بين كل البدائل المعروضة، لأنه كمنتج وطني استطاع أن ينافس بجودته وأسعاره بقية المنتجات المعروضة، بالإضافة إلى تقديمها عروضا أسبوعية مخفضة، تحوي منتجات عديدة.
عابر للحدود
لم يقتصر نشاط "بيم" على الداخل التركي فقط، بل امتد وتعدى الحدود، فأسس فروعا في كل من المغرب ومصر. وحسب تقرير "بيم" السنوي للعام 2018، فإن الشركة أسست 742 فرعا خارج تركيا، منها 442 في المغرب، و300 فرع في مصر، بقيمة استثمارية بلغت 964 مليون ليرة (الدولار يساوي 5.80 ليرة)، ومن المتوقع أن تصل لمليار و100 مليون ليرة نهاية 2019.
في أبريل/نيسان 2013 افتتحت "بيم" أول فرع لها في مصر، لتصل في نهاية 2018 إلى 307 فرع موزعة على 11 محافظة، وتهدف لتأسيس 1000 فرع في عموم المحافظات المصرية.
وفق ألفت ناجار، عضو مجلس إدارة شركة "بيم"، فإن "الشركة تسعى لنقل نموذج الجودة العالية والتكلفة المنخفضة، الذي تطبقه في تركيا إلى مصر، من خلال عرض نحو 650 منتجا، من بينها نحو 500 منتج سوف يتم الحصول عليها من مصانع مصرية، الأمر الذي سيمثل مساهمة فعالة في دعم التنمية المحلية بمصر.
حظيت شركة "بيم" بإقبال شديد من قبل المستهلكين المصريين، حيث حلت الأولى في قيمة المبيعات 2016 من بين أكبر 10 سلاسل تجارية عاملة بالسوق المصري، وحققت مبيعات بقيمة 11.5 مليار جنيه (الدولار يساوي 16.12 جنيها)، من إجمالي 35 مليارا و114 مليون جنيه، حققته أكبر 10 سلاسل تجارية في مصر.
"بيم" المغرب
كانت تجربة المغرب هي التجربة الإقليمية الأولى بالنسبة لشركة "بيم"، حيث قامت الشركة في أبريل/نيسان 2009 بافتتاح أول فروعها بمدينة الدار البيضاء.
يعمل في سلسلة "بيم" في المغرب نحو 19 ألف موظف من الذكور والإناث، في نحو 442 فرعا، أما عن المنتجات المعروضة فيقول محمد أمين بلمليح، مدير التسويق بمتاجر "بيم" بالمغرب: "بالنسبة إلى المنتجات التركية الموجودة بمتاجر بيم، فإن نسبتها لا تتعدى 30 بالمائة، وإذا ما استطعنا إنتاج هذه المنتجات التركية هنا بالمغرب سيكون أفضل، وذلك لتطوير الإنتاج المحلي".
بلمليح يضيف: "غايتنا في الأصل هي الاعتماد على المنتجات المصنعة بالمغرب، وعمليا يعتبر ذلك أسهل بكثير من الاستيراد، لأن هذا الأخير ينطوي على جانب من المخاطرة وفيه أمور تخرج عن السيطرة، مثل مشاكل النقل، كما أن الاعتماد على المنتجات المغربية يمكننا من الضبط أكثر والتحكم في الجودة وأسعار السلع".
رأس المال
مع كل المزايا التي يقدمها "بيم" للمستهلكين إلا أنه أثرـ حسب خبراء ـ على صغار التجار والبقالات والميني ماركت، وتسبب بتركز رأس المال بأيدي كبار التجار، ومنعه من التدفق لأيدي صغار التجار، وذلك لأن هذه السلسلة بما لديها من رأس مال هائل وامتيازات سلعية استطاعت استقطاب المستهلك، فوفرت له خيارات أكثر، بسعر أقل، بالإضافة إلى حصولها على عقود احتكار لتوزيع بعض المنتجات، الأمر الذي تسبب بحرمان البقالات من الحصول على المنتج بسعر منافس".
في المغرب، على سبيل المثال، مثل انتشار فروع "بيم" بداية النهاية بالنسبة للبقالات الصغيرة في أحياء المدن المغربية، واشتكت النقابة الوطنية للتجار والمهنيين في المغرب من انتشار محلات "بيم" التركية في أزقة المدن المغربية، بشكل أثر على تجار التجزئة والماركات الصغيرة ودفعها للإغلاق.
بالقدر الذي وفرت "بيم" بديلا اقتصاديا للمستهلكين، فإنها مثلت موردا اقتصاديا أسهم بتكوين رأس مال وطني هائل، ورفد خزينة الدولة بما يدفعه من مستحقات مالية للدولة، وحسب رويترز، بلغ صافي أرباح شركة "بيم" في 2018 نحو مليار و25 مليون ليرة، (230 مليون دولار) في 2018، بزيادة 45 في المئة عن عام 2017.
وأسهمت الشركة أيضا في خلق آلاف فرص العمل للأتراك، حيث يعمل في فروع "بيم" داخل تركيا حتى نهاية 2018 نحو 47980 ألف موظف بزيادة قدرها 14%، كل موظف يعول أسرة تركية، ومن المتوقع أن يزداد هذا الرقم في 2019. كما أسهمت الشركة في تشغيل مئات المصانع التركية التي وقعت معها عقودا لتمويل فروع "بيم" بالمنتجات بشكل دائم.
لجأت "بيم" كشركة اقتصادية إلى تنويع رأس مالها الاقتصادي، فأنشأت شركة اتصالات، اسمها "بيم سيل"، بعدد مشتركين بلغ نحو مليون و600 ألف مشترك حتى نهاية 2018، وخدمة شحن كروت اقتصادي من مضاعفات 5 ليرات، واتصال مجاني ضمن الشبكة، بتغطية تشمل المدن على الوجه الخصوص، ومثلت بعروضها الاقتصادية خيارا منافسا لشركة الاتصالات الأخرى.
في مارس/آذار 2015 أسست شركة بيم"، سلسلة متاجر فيله FILE، وهي هيبر ماركت تقدم خيارات أوسع، وسياستها التسويقية تحاكي النمط التقليدي للماركات المنافسة الأخرى، وتمتلك 64 فرعا، ومن المتوقع زيادة العدد في نهاية 2019 ليصل إلى 90 فرعا.
المصادر
- محلات بيم المتحدة
- "بيم".. أكبر سلسلة متاجر غذائيات في تركيا
- سياسة ومفاهيم بيم
- صافي أرباح شركة بيم تقفز 45% في 2018 وتصل لمليار و25 مليون ليرة
- التقرير السنوي لشركة بيم للعام 2018
- شركة بيم تهدف إلى افتتاح ألف نقطة بيع في المغرب
- افتتاح أول فرع لسلسلة المتاجر التركية "بيم" فى مصر
- 35 مليار جنيه مبيعات أكبر 10 سلاسل تجارية بالسوق المحلى
- «بيم» تفتتح بالمغرب المتجر رقم 70
- نقابة تشكو انتشار "بيم" التركية وتجارة الرصيف إلى العثماني