بايدن وترامب في مرمى التحقيقات.. وهذا هو المستفيد الأكبر

منذ ٦ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مع اتساع دائرة التحقيقات مع فريق إدارة دونالد ترامب، تتزايد الاتهامات الموجهة للرئيس الأمريكي الذي يستعد للانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل.

ووسط كل هذه الإجراءات المتصاعدة بين الجمهوريين والديمقراطيين داخل الكونجرس، تبرز العديد من الأسئلة، وأولها: من المستفيد في النهاية من طلب ترامب من أوكرانيا فتح تحقيق مع نجل بايدن، ومن الرابح من التحقيق الآن مع ترامب، وإلى أي مدى ستصل الاتهامات الموجهة للرئيس الأمريكي؟

بداية القصة

في 25 سبتمبر/ أيلول الماضي أعلنت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي فتح تحقيق رسمي مع الرئيس دونالد ترامب بهدف عزله وذلك بعد أن وجهت له اتهامات عدة أهمها "خرق قوانين البلاد، وإساءة استخدام السلطات الرئاسية، ودعوة دولة أجنبية للتدخل في الانتخابات الأمريكية". 

وانتقدت بيلوسي منع إدارة البيت الأبيض الكشف عن شكوى موظف بالمخابرات الأمريكية أفشى ما دار خلال مكالمة هاتفية بين ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حيث يتهم الديمقراطيون الرئيس بالضغط على زيلينسكي من أجل فتح تحقيق بمزاعم فساد بشأن نجل جو بايدن الذي شغل في الماضي منصبا بمجلس إدارة إحدى أكبر شركات الغاز الخاصة في أوكرانيا.

وجو بايدن هو المرشح المحتمل الأبرز من الديمقراطيين لمنافسة ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في 2020. 

ولم تتوقف بيلوسي عند حد توجيه الاتهامات للرئيس الأمريكي ووصفت تصرفاته بأنها كشفت عن الحقائق المشينة لخيانة الرئيس لقَسَمِه وخيانته للأمن القومي ولنزاهة الانتخابات الأمريكية، وطلبت بيلوسي من اللجان النيابية الست التي تجري تحقيقات بشأن ترامب أن تضع نفسها في إطار هذا الإجراء.  

في 14 نوفمبر/تشرين الثاني توسعت بيلوسي في اتهاماتها الموجهة إلى ترامب وقالت إنه أقر بالقيام بأفعال ترقى إلى حد الرشوة في فضيحة أوكرانيا محور التحقيق الذي يقوده الديمقراطيون لمساءلة ترامب.

وقالت بيلوسي في مؤتمر صحفي: "الرشوة هي منح أو حجب مساعدات عسكرية في مقابل تصريح علني بشأن تحقيق مزيف في الانتخابات، هذه رشوة، ما أقر به الرئيس ويقول إنه مثالي، أقول أنا إنه خطأ محض. إنها رشوة".

تحقيق رسمي 

في 14 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بدأت أولى حلقات التحقيق في الكونجرس الأمريكي الذي يهدف لعزل ترامب، واستمع الكونجرس لإفادتي وليام تايلور أعلى دبلوماسي في سفارة الولايات المتحدة في كييف، وجورج كينت، أرفع مسؤول في الخارجية الأميركية متخصص في الشؤون الأوكرانية. تكشفت خلال الجلسة العلنية الأولى معلومات جديدة عندما قال تايلور أمام الكونجرس معلومات تفيد بأن ترامب أجرى اتصالا هاتفيا آخر بعد يوم واحد من المكالمة التي أجراها في 25 يوليو/ تموز مع نظيره الأوكراني.

وخلال شهادته قال تايلور: إن أحد مساعديه كان مع سفير الولايات المتحدة لدى الاتحاد الأوروبي غوردون سوندلاند الذي كان حينذاك في كييف عندما اتصل ترامب بالسفير سوندلاند وسأله بشأن التحقيقات حول خصمه السياسي. الديمقراطي جو بايدن.

وبعد ذلك، سأل مساعد تايلور سوندلاند عن ما يفكر به ترامب بشأن أوكرانيا فقال: إن الرئيس مهتم بالتحقيقات بشأن بايدن التي يمارس محاميه رودي جولياني "محامي ترمب" ضغوطا من أجلها أكثر مما هو مهتم بالوضع في هذا البلد.  

بهذه الشهادة، أعطى تايلور المجال للكونجرس لاستجواب سفير الولايات المتحدة لدى الاتحاد الأوروبي والتي وصفها البعض بأنها الأهم والأخطر في التحقيقات.

أما جورج كينت فقال: إن جولياني سعى إلى "ما يلطخ سمعة" جو بايدن، وأضاف خلال شهادته بالكونجرس: "في منتصف أغسطس/آب الماضي بدا لي بشكل واضح أن جهوده باتت تسمم العلاقات بين كييف وواشنطن".

اتساع الدائرة

في 21 نوفمبر/تشرين الثاني مثل الدبلوماسي الأمريكي جوردون سوندلاند أمام الكونجرس للإدلاء بشهادته ليفجر العديد من المفاجآت، حيث قال: إن الجميع كان جزءا من جهود إدارة ترامب لحمل أوكرانيا على إجراء تحقيقات قد تصب في النهاية في صالح الرئيس الأمريكي بمن في ذلك نائب الرئيس مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو. 

وأشارت وكالة رويترز للأنباء أن سوندلاند أكد في شهادته أنه اتبع أوامر ترامب بالعمل مع المحامي الشخصي لترامب رودي جولياني الذي كان يدفع أوكرانيا لفتح تحقيق قد يساعد الرئيس في حملة إعادة انتخابه في العام المقبل. 

وتعتبر شهادة سوندلاند أمام الكونجرس الأمريكي كاشفة لكثير من الأوراق حيث فتحت الباب أكثر أمام توجيه اتهامات واضحة لمسؤولين بارزين في الإدارة الأمريكية كونهم كانوا على دراية بحملة الضغط التي يمارسها ترامب على الرئيس الأوكراني وابتزازه بالمساعدات التي تقدمها واشنطن لكييف. 

لاحق النائب شون مالوني السفير سوندلاند بأكثر من سؤال تصب في اتجاه واحد وهو "من المستفيد من التحقيق مع جو بايدن؟"، حاول سوندلاند التهرب أكثر من مرة إلا أنه اضطر في النهاية للإدلاء بشهادة مفادها أن "التحقيق الأوكراني مع نائب الرئيس السابق جو بايدن وابنه كان سيفيد الرئيس ترامب". 

جاء الرد سريعا بتصفيق كبير للنائب شون مالوني الذي استطاع ببراعته في المراوغة بالأسئلة أن يستخلص إجابة واضحة من سوندلاند تدين ترامب، الأمر الذي يسهل توجيه لائحة اتهام إليه لطرحها في جلسة عامة للتصويت عليها من قبل مجلس النواب لعزله.

وبما أن الديمقراطيين يتمتعون بأغلبية الكونجرس فإن توجيه اتهام لترامب بهدف عزله سيكون خطرا كبيرا على الرئيس المنتمي للحزب الجمهوري، إذا تمت إدانته، لكن ربما ينجو الرئيس عندما يتم التحقيق معه في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون وذلك لأن التصويت على عزل الرئيس في مجلس هناك يحتاج إلى الحصول على أغلبية الثلثين كي يتم بالفعل قرار العزل.

من المستفيد؟

حاول ترامب قلب الطاولة على جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما إلا أن محاولة ترامب لم تبوء بالفشل فقط بل انقلبت عليه ووضعته تحت ضغط الديمقراطيين الذين يعملون على عزله عبر تحقيق موسع في الكونجرس. 

على الجانب الآخر ربما تضرر جو بايدن من الاتهامات التي وجهها له ترامب حيث اتهمه بالفساد والحصول على ملايين الدولارات من الصين وأوكرانيا عندما كان نائبا لأوباما. 

وبناء على ما ورد في مذكرة المكالمة الهاتفية بين ترامب وزيلينسكي، طلب الأول فعليا من الأخير التحقيق من أجل التأكد ما إذا كان جو بايدن متورطا بوقف تحقيقات في أعمال شركة يعمل بها نجله.

هناك مثل مصري يقول: "العيار اللي (الذي) ما يصيبش (لا يصيب) يدوش (يسبب الإزعاج)" ربما ينطبق هذا المثل على المرشح المحتمل جو بايدن بعد اتهامات ترامب وهو ربما يكون السبب وراء دخول الملياردير الأمريكي مايكل بلومبرج مضمار الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديمقراطي لمنافسة بايدن والسيناتور إليزابيث وارين وبيرني ساندرز.

خاصة وأن بلومبرج كان قد أعلن في مارس/آذار الماضي أنه لا ينوي الترشح في الانتخابات التمهيدية حتى لا يضعف من حظوط جو بايدن، ما يعني أنه كان ينوي توجيه دعم كبير لبايدن في تلك الانتخابات وذلك قبل أن يتم توجيه اتهامات للأخير من قبل الرئيس الأمريكي. 

ونجح بلومبرج مطلع القرن الحالي في الفوز بمنصب عمدة مدينة نيويورك لمدة 12 عاما وكان نجاحه للمرة الأولى بعد أسابيع قليلة من وقوع هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

كما أن بلومبرج معروف بدعمه للحملات الصديقة للبيئة والتبرع للسيطرة على التغير المناخي بخلاف ترامب الذي انسحب من اتفاقية باريس للمناخ، حيث أعلنت الولايات المتحدة رسميا انسحابها في 5 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري من اتفاقية باريس.