صحيفة تركية: "اتفاق الرياض" يمهد لتقسيم اليمن مجددا.. هذه الأسباب
شنت صحيفة تركية، هجوما حادا على السعودية والإمارات، وذلك في تعليقها على اتفاقية الرياض الموقعة مؤخرا بشأن اليمن، مؤكدة: أن الدولتين الخليجيتين قسمتا ذلك البلد بعد توحيده.
وكتب "زكريا كورشون" مقالا نشرته صحيفة "يني شفق" تحدث عن الحرب الدائرة في اليمن، مبينا: أن السعودية والإمارات لم تفشلا فقط في تحقيق أي من أهدافهما المعلنة في حربهما على اليمن بل عملتا على تقسيم البلاد، "ولن يغفر التاريخ أو اليمنيون أبدا ما فعلتاه".
وقال الكاتب: "مع اقتراب نهاية عام 2019، ربما يكون أفضل تطور في الشرق الأوسط هو أن الحرب المتوقعة ضد إيران لم تبدأ، وعلى وجه الخصوص، خفت التوتر الذي صعدته السعودية والإمارات خلال عام 2018 مع انسحاب الولايات المتحدة من شن حرب على إيران".
وبين: أن تردد واشنطن في ضرب إيران على الرغم من اتهامها بتخريب السفن في منطقة الخليج، ووقوفها خلف الهجمات على منشآت أرامكو السعودية، دفع الإمارات والسعودية إلى التراجع.
وكانت الولايات المتحدة قد بدأت إرسال تعزيزات عسكرية لقاعدة الأمير سلطان شرقي السعودية "خلال يونيو/حزيران" الماضي، عقب تصاعد التوتر بالخليج بين طهران وواشنطن على خلفية الهجوم على ناقلتي نفط، وإسقاط إيران طائرة أميركية مسيرة.
ونشرت واشنطن المئات من الجنود للتمهيد لاستقبال وتشغيل بطارية نظام الدفاع الجوي باتريوت، وتطوير مدرج للطائرات استعدادا لوصول قاذفات مقاتلة لقاعدة الأمير سلطان الجوية.
وكانت تلك المرة الأولى التي يتم فيها إرسال جنود أمريكيين للمملكة منذ انسحابهم منها في أغسطس/آب 2003.
وأضاف الكاتب: "لا شك أنه ورغم هذا كله، فإن عدم نشوب حرب يعد تطورا إيجابيا من أجل سلامة المنطقة، ومن المثير للاهتمام أن إيران غير راضية عن الركود الاقتصادي الذي تعاني منه".
ويتابع: "أعلنت إيران التي تبني سياستها الخاصة بالقمع والإيذاء أنها ستبدأ عملية تخصيب اليورانيوم مرة أخرى بذريعة عدم الوفاء بالالتزامات الممنوحة لها وهذه هي طبيعة طهران، تلعب على كل الأطراف وتحاول الاستفادة من الظروف، ولا شك أن صوتها المرتفع دوما يشي أن موقفها ليس بتلك القوة".
اتفاقية الرياض
وبعد مرور سنوات على حرب اليمن التي نشبت بسبب صراع إقليمي في المنطقة بين كل من السعودية والإمارات من جهة، وبين إيران من جهة أخرى، "تسبب ذلك في دمار دولة بكاملها وجعل 25 مليون يمني عبارة عن حفنة من المحتاجين".
بعد هذا كله، وفي الخامس من الشهر الجاري، جرى توقيع اتفاقية جديدة في الرياض. ويرى الكاتب: أنه تم التوصل إلى هذا الاتفاق بهدف هدم الخلافات والشقوق بين الإمارات والسعودية ومواقفهما حول اليمن وإيران، ولكن يمكن أن يكون بداية نهاية حرب اليمن إذا تصرف الطرفان بشكل معقول و بمعنى آخر، يمكن وصفه بأنه أهون الشرين.
وعلى الرغم من أن أحكام الاتفاقية غير واضحة، إلا أنه في عدن، ستصبح الإمارات خلف الكواليس وسيتم نقل المسؤولية على ما يبدو إلى الحكومة الجديدة، وفي حين أن هذه المبادرة ستسمح للحياة بالعودة إلى طبيعتها لفترة على الأقل في اليمن؛ فإنها قد تمهد الطريق لتقسيم اليمن إلى جنوب وشمال، كما كان الأمر عام 1967.
ليس هناك شك في أن الإمارات أرادت تنفيذ هذه الخطة من البداية معارضة كل من الحكومة الشرعية في اليمن، والتحالف بقيادة السعودية، لكنه تم التوجه نحو صيغ جديدة.
فمن بين الأسباب العديدة للحرب اليمنية، التهديدات الموجهة للجيش السعودي من قبل اليمن عبر الحدود الجنوبية وعلاوة على ذلك، امتدت هذه التهديدات إلى العاصمة الرياض، لذلك، قاومت السعودية منذ فترة طويلة نوايا الإمارات.
ويدعو الاتفاق إلى تشكيل حكومة جديدة في غضون 30 يوما على أن يحظى فيها الجنوبيون والشماليون بتمثيل متساو. كما نص على ضم جميع القوات العسكرية وقوات الأمن من الجانبين لوزارتي الدفاع والداخلية.
وشهدت العاصمة السعودية الرياض في 5 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، حفل توقيع اتفاق بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، بهدف إنهاء الصراع على السلطة في جنوب البلاد، وذلك بحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.
ونص الاتفاق على تفعيل دور كل مؤسسات الدولة اليمنية، إلى جانب إعادة تنظيم القوات العسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع، وتوحيد الجهود "تحت قيادة تحالف دعم الشرعية" لاستعادة الاستقرار في البلاد.
وأشار إلى: ضرورة مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في مفاوضات إنهاء "انقلاب المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني".
وتحدث الاتفاق عن عودة جميع القوات التي اقتحمت عدن في أغسطس/آب الماضي إلى مواقعها السابقة بكل عتادها وأفرادها، وإعادة تنظيم القوات العسكرية في المحافظات الجنوبية.
تقسيم اليمن
ومع ذلك، فمن الواضح أن السعودية لن توافق على هذه الصيغة سيما وأنه في الوقت الحالي، ليس لدى أعدائهم الرئيسيين، الحوثيين المدعومين من إيران، خططا حول كيفية إنهاء حكمهم في الشمال، وفي هذه الحالة، ستظهر سيناريوهات جديدة في المستقبل القريب.
أيضا الحوثيون وقفوا بمفردهم في خانة الرافضين، حتى الآن. وقال القيادي محمد علي الحوثي، عبر حسابه في "تويتر": إن "الاتفاق لا يعني الشعب اليمني".
وأضاف: "بعد إتمام كل شيء، فرضوا التوقيع على الاتفاق مع من لا إرادة له، واعتبروه إنجازا لوقف حربهم باليمن. لو كان الاتفاق من أجل مصلحة اليمن وليس نتيجة الخلاف لجرى الاقتناع به وإعلانه دون حرب أو إعادة تموضع للقوات، ولما وجد ابن زايد بمسرحية التوقيع للاعتراف بالواقع أمام مليشياته".
ورأى الكاتب: أنه "قد اتفق الطرفان على تقسيم البلاد، خاصة في الجنوب، وتعزيز القوة في الشمال؛ أو بالأحرى سيتم شن حرب جديدة شرسة ضد الحوثيين في مناطق تمركزهم (شمالا)".
وتابع: "سيتم ترحيل الحوثيين إلى منطقة صعدة التي أتوا منها، وإنشاء حكومة جديدة في الشمال تحت سيطرة الجيش، وبالتالي ، فإن اليمن المنقسم سيظهر كحكومة جنوبية تقودها الإمارات، وحكومة شمال تحت سلطة الدولة".
وأكد الكاتب: أن قضية اليمن أصبحت مثالا بسيطا كالذي حدث في التدخل العراقي الفاشل عام 2003 من قبل الولايات المتحدة، حيث أرادت إحلال الديمقراطية في العراق وإبعاد إيران عن المنطقة، وكانت النتيجة أنها حطمت بغداد وتسببت في إكساب طهران نفوذا أكبر في المنطقة.
ويرى مراقبون: أن الولايات المتحدة إذا ما خسرت العراق لصالح النفوذ الإيراني فإن ذلك سيكون بسبب السياسات الأمنية الداخلية لوزارة الخارجية الأميركية، وعجز واشنطن عن استغلال أكبر مكامن قوتها، لتكريس نفوذها هناك.
الآن سيتقسم اليمن على يد كل من السعودية والإمارات تحت وطأة الحرب التي بدأت بحجة القضاء أو إنهاء أو حتى تقنين النفوذ الإيراني في المنطقة.
ولكن تكرر المشهد وبات النفوذ الإيراني أكثر قوة ورسوخا، لذلك لا اليمنيون الذين عاشوا في خضم هذه الحرب أو الكارثة الكبرى، ولا التاريخ سيغفر لوليي عهد السعودية والإمارات ما فعلاه في اليمن.