نتنياهو يفشل وغانتس يحاول.. هل ينجح بتشكيل حكومة إسرائيل؟

12

طباعة

مشاركة

سنحت الفرصة أخيرا، أمام الجنرال الإسرائيلي بيني غانتس، والذي يطلق عليه لقب ”الأمير“ لارتقائه في صفوف الجيش، للإطاحة بعرش زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو، الذي يُشار إليه بين الحين والآخر باسم ”الملك بيبي“ بعد هيمنته على السياسة الإسرائيلية لأكثر من عقد شغل خلاله منصب رئيس الوزراء.

وكلف الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، رئيس الأركان السابق البرلماني بيني غانتس زعيم حزب "أزرق أبيض" بتشكيل الحكومة المقبلة، وذلك بعد عدم إبداء أي من الفصائل البرلمانية اعتراضها عليه.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن الاثنين الماضي، إعادة التفويض الممنوح له لتشكيل الحكومة المقبلة إلى الرئيس الإسرائيلي، بعدما أخفق في جمع عدد كاف من نواب الكنيست للانضمام إلى الائتلاف الحكومي. 

وهذه هي المرة الثانية خلال عام ونصف العام التي يفشل فيها نتنياهو في تشكيل حكومة في أعقاب انتخابات عامة، تاركا إسرائيل في حالة شلل سياسي مستمر.

ومن قائمة أزرق – أبيض، وصل الرد التالي: "انتهى وقت اللهو، وجاء وقت العمل. نحن عازمون على تشكيل حكومة وحدة ليبرالية بقيادة بيني غانتس، والتي انتخبها الشعب منذ حوالي شهر". وأمام غانتس فرصة من 28 يوما، من أجل تشكيل الحكومة، وهي المدة المنصوص عليها في القانون.

أسير ليبرمان ولبيد

وفي رسالة مصورة، قال نتنياهو: "لقد أبلغت رئيس الدولة بأنني أعيد إليه ولاية تشكيل الحكومة، منذ قبول التفويض، عملت بلا كلل سرا وعلانية لإنشاء حكومة وحدة وطنية واسعة. هذا ما يريده الشعب، وهذا ما تحتاجه إسرائيل في مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة على مدار اليوم والساعة".

وأضاف: "في الأسابيع القليلة الماضية، بذلت كل جهد ممكن لإحضار بيني غانتس إلى طاولة المفاوضات، وتشكيل حكومة وطنية واسعة، ومنع إجراء انتخابات أخرى. للأسف، المرة تلو المرة وببساطة كان يرفض".

وتابع نتنياهو: "في البداية، رفض (غانتس) مخطط الرئيس، ثم رفض مقابلتي، ثم رفض إرسال فريق التفاوض الخاص به، ورفض أخيرا مناقشة التسوية التي اقترحتها، ولم يعطها حتى خمس دقائق. لم يكن هناك أي نقاش جدي، بل أعطى إجابات تلقائية سلبية. مستمر في رفض التسوية، حتى بعد أن استجبت سابقا لطلبه مقابلة رئيس الأركان، الذي قدم له مجموعة كاملة من التهديدات والتحديات التي تواجه دولة إسرائيل".

ورفض غانتس يدل على شيء واحد، بحسب تصريحات نتنياهو، أنه: "أسير في يد ليبرمان (رئيس حزب إسرائيل بيتنا) الذي يتصرف بدوافع غريبة متعلقة بشؤونه الشخصية، ولبيد (رئيس حزب هناك مستقبل) الذي يريد سقوطه".

وزاد نتنياهو: "غانتس، لبيد، وليبرمان يتحدثون عن الوحدة فقط، لكنهم في الواقع يعملون عكس ذلك. يدعمون الانشقاق والمقاطعة، يستبعدون كل من يرتدي الكيبه - طاقية الرأس لليهود ـ لكنهم لا يستبعدون أعضاء القائمة العربية المشتركة، هم متحالفون معهم طوال الطريق من أجل حكومة أقلية يسارية".

واتهم نتنياهو القائمة المشتركة بتمجيد الإرهاب وإنكار وجود دولة إسرائيل، مضيفا: "الأحزاب العربية بالفعل أوصت بغانتس كرئيس للحكومة عند الرئيس، بالضبط كما حذرت قبل الانتخابات. والآن، في الآونة الأخيرة، قاطعوا الكنيست ورفضوا إعلان ولائهم لدولة إسرائيل. كيف يمكن لحكومة الأقلية لغانتس الاعتماد على هذه الأحزاب، كيف يمكنها محاربة الإرهاب، حماس، حزب الله، إيران؟".

حلول نتنياهو

الجواب بسيط، لا يمكنها ذلك، يقول نتنياهو، مهددا: "إذا تم إغراء غانتس لتشكيل مثل هذه الحكومة الخطيرة، فسوف أرأس المعارضة وأعمل مع أعضائي لاستبدالها بسرعة. ولكن لم يفت الأوان، إذا عاد غانتس إلى رشده، وتحرر من لبيد وليبرمان، وتخلى عن فكرة حكومة الأقلية، فيمكننا تشكيل الحكومة التي تحتاجها إسرائيل بشدة في هذا الوقت، حكومة وحدة وطنية واسعة، لجميع أولئك الذين يؤمنون بإسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية. كان هذا هو الحل وما يزال".

على مدار الـ 24 ساعة الماضية، لم يتحدث نتنياهو مع شركائه، لكنه أجرى مشاورات سياسية مع زملائه حول كيفية الاستعداد للحظة التي يتسلم فيها غانتس التفويض من الرئيس.

ويتوقع حزب نتنياهو، أن يضغط حزب أزرق – أبيض على أعضاء الليكود في المقاعد الأخيرة ويحاول سحق أجزاء من الحزب، من خلال محاولة إقناعهم بأنهم إذا ما دعموا نتنياهو حتى اللحظة الأخيرة، فمن المرجح أن يدفعوا ثمن ذلك في حياتهم المهنية السياسية ويجدوا أنفسهم في منازلهم بعد فترة وجيزة من اختيارهم للكنيست.

في الليكود يعملون على حشد ورص الصفوف، ومن ضمن الأمور الأخرى ممارسة ضغوط شديدة على النشطاء البارزين، بغرض توضيح أنه من سيكسر صفوف الحزب سيدفع ثمنا سياسيا باهظا.

يقول مسؤولو الليكود: إن نتنياهو مصمم على النجاة في الأيام التي سيحاول فيها غانتس تشكيل حكومة، لكن الأمر أكثر من ذلك – سيواجه ما يعرفه هو التحدي الأكبر - النجاة إلى جانب الكتلة في الأيام المتبقية التي سيكون فيها الرئيس قادرا على إلقاء تشكيل الحكومة على أي مرشح يعرض أمام حكومة.

لهذه المرحلة، طلب نتنياهو من أعضاء الكتلة التوقيع على وثيقة تفيد بأن أيا منهم لن يكسر الكتلة في الأيام الـ 21 الأخيرة، لكن نفتالي بينيت وأيليت شاكيد رفضوا الطلب، قائلين: "لا حاجة لذلك".

مخطط أزرق – أبيض 

قال مقربون من غانتس: إن الهدف الأول هو التوجه إلى ليبرمان والليكود، واقتراح تشكيل حكومة وحدة وفتح مفاوضات ائتلافية مباشرة بين كل الأطراف. 

في أزرق - أبيض، تشير التقديرات إلى أنه بعد فشل نتنياهو سيكون تحت الضغط داخل الليكود، وستزداد فرص تشكيل حكومة وحدة في تناوب غانتس - نتنياهو، مع وجود نتنياهو في المرتبة الثانية.

حتى بعد قبول التفويض، يبدو التشبيك السياسي معقدا ومركبا، فبدون الليكود أو على الأقل بعض أعضاء الكنيست في الليكود - ليس لدى غانتس حكومة. 

وقال مسؤولو أزرق – أبيض: إنهم بمجرد استلامهم التفويض، سيدعون رئيس مجلس النواب الإسرائيلي، وأفيغدور ليبرمان مع الليكود لتشكيل فريق تفاوضي لتشكيل الحكومة. 

وتابعوا: "سنخاطب الجميع ونتحدث مع الجميع، لكننا لن نتحدث مع أي شخص سيأتي مقدما ويتحدث نيابة عن جسم وليس باسم حزب،  نحن لا نعترف بالكتل، لكننا سندعو الجميع، بمن فيهم الحريديم".

وتتمثل خطة عمل أزرق – أبيض في أنه: "بالأسابيع الثلاثة الأولى لن يحدث أي تقدم في تشكيل الحكومة، وسيكون هناك خياران فقط خلال الأسبوع الأخير: الضغط الداخلي داخل الليكود والذي سيؤدي إلى انضمام مجموعة من أعضاء الكنيست إلى حكومة يقودها غانتس، والخيار الثاني: إقامة حكومة أقلية مع إسرائيل بيتنا، ميرتس والأحزاب العربية، دون حزب التجمع المتطرف"، حسب تعبيرهم. 

يقول مسؤولون في أرزق – وأبيض إن: "الحديث يدور عن إنشاء حكومة مؤقتة (أزرق - أبيض، يسرائيل بيتينو، حزب العمل) وسيتم توسيع نطاق الحكومة خلال فترة زمنية وجيزة بضم الليكود أو الحريديم (..) بمجرد أن لا يكون بيبي (بنيامين نتنياهو) رئيسا للوزراء، سيتم استبداله في الليكود ومن ثم يمكننا ضم الليكود برئيس جديد للحزب سيتناوب أيضا على رئاسة الوزراء".

في الوقت نفسه، لا يستبعد أزرق - أبيض، تشكيل حكومة وحدة وطنية بالتناوب إذا أعلن نتنياهو أنه سيكون الثاني بالترتيب، لأن الليكود هو ثاني أكبر فصيل في الكنيست بعد حزب غانتس.

وقال مصدر بالقائمة: "إذا قال بيبي إنه الثاني في التناوب فكل شيء سيكون قابلا للحل". يكمل المصدر في أزرق – أبيض: "إذا قال ذلك يمكن تشكيل حكومة صباح اليوم التالي، لكنه لا يقول ذلك لأنه يريد إجراء انتخابات، إنه بالفعل في حملة انتخابية. يعمل فريق حملة نتنياهو معه تماما كما فعل خلال فترة الانتخابات".

ردود فعل 

رئيس حزب "العمل – غيشر" عضو الكنيست عمير بيرتس، ورئيس حزب "غيشر" أورلي ليفي أبوكسيس، قالا إن: "فشل نتنياهو هو الأمل الجديد للمواطنين الإسرائيليين. لقد حان الوقت لتشكيل حكومة تضع مواطني إسرائيل ورفاهيتها على رأس أولوياتهم، ومعالجة العنف المتصاعد، وتكلفة المعيشة، ونقص السكن، وفشل النظام الصحي، وحل المشاكل التي أحدثها نتنياهو على مدار العقد الماضي".

وهنّأ عضو الكنيست نيتسان هوروفيتش رئيس المعسكر الديمقراطي، غانتس على قبول التفويض ودعا إلى تشكيل حكومة تغيير، قائلا: "نهدف إلى أن نكون جزءا من حكومة ستوقف التحريض والعنصرية، وستسعى للسلام وتعزز العدالة الاجتماعية".

من جهته قال عضو الكنيست أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة: "نفدت خدع الساحر منذ زمن وهو يسحب بطاقة التحريض مرة أخرى. آمل أن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي يحرض فيها نتنياهو ضد المواطنين العرب كرئيس للوزراء".

بعد تكليف الرئيس، بيني غانتس، ما الذي يمكن توقعه الآن وهل من الممكن منع حملة انتخابية ثالثة في غضون عام تقريبا؟.  يتساءل الصحفي يهودا شلزينغر، من صحيفة "يسرائيل هيوم" اليمينية: ما هي نقاط الخلاف بين الليكود وأزرق - أبيض؟

قدم نتنياهو بالتعاون مع الأحزاب اليمينية كتلة مستقرة وصلبة من 55 مقعدا. طالب أرزق - أبيض بتشكيل حكومة "ليبرالية" دون أن يكون فيها متدينين أو حريديم.  وأيضا واحدة من نقاط الخلاف من سيكون أول من يرأس الحكومة كجزء من التناوب؟

علاوة على ذلك، طالب أزرق - أبيض بإخراج نتنياهو من المعادلة السياسية بسبب وضعه القانوني، لكن الليكود فرض شرطا "ملموسا"، والذي يعد نتنياهو بموجبه، مرشح رئاسة الوزراء لليكود فقط، وجرت المصادقة عليه في مركز الحزب.

ماذا لو فشل؟

يتمثل المخطط في تأسيس حكومة تكافؤ منصفة لا تتمتع فيها كتلة واحدة بميزة على الأخرى. وفيما يتعلق بإمكانية توجيه الاتهام ضد نتنياهو (في ملفات الفساد)، اقترح ريفلين تعيين نائب لرئيس الوزراء، يعمل بالتوازي مع رئيس الوزراء، بسلطات موسعة إذا اضطر الأخير لترك منصبه.

وفقا للمخطط، سيتمكن نتنياهو من الاستمرار في الخدمة كرئيس للوزراء حتى يتم توجيه الاتهام إليه، وسيُطلب منه التقاعد إذا تم تقديم لائحة اتهام.

في الوضع الحالي، لدى غانتس كتلة قوية ومستقرة مكونة من 55 عضوا، لكن ليس لديه أغلبية لتجميع 61. يقولون في أزرق - أبيض إنهم سيتحدثون إلى الأحزاب السياسية وربما ينجحوا في كسر عهد اليمين.

السيناريو الآخر الذي يخشاه نتنياهو هو تشكيل حكومة ضيقة بدعم من أعضاء الكنيست العرب، ومن ثم التصويت بحجب الثقة وحل الكنيست والذهاب إلى حملة انتخابية لن يأتي إليها نتنياهو من مكتب رئيس الوزراء، مما قد يضر بسلطته.

وفي حال فشل غانتس، فإن الرئيس سيبلغ رئيس الكنيست أنه لا توجد إمكانية لتشكيل الحكومة، وفي هذه الحالة سيكون أمام أعضاء الكنيست البالغ عددهم 120 عضوا الفرصة لجمع تأييد 61 عضوا من أعضاء الكنيست لاختيار مرشح.

وسيكون لدى أعضاء الكنيست مهلة مدتها 21 يوما للقيام بذلك، وإذا أخفقوا فسيتعين حل الكنيست مجددا وستُجرى انتخابات جديدة.