صحيفة صباح: الاتفاق التركي الأمريكي خلّص ترامب من قمع الكونجرس

12

طباعة

مشاركة

وصفت صحيفة "صباح" التركية، الاتفاقية الأخيرة بشأن سوريا بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب، والتركي رجب طيب أردوغان، بأنها: "نصر دبلوماسي وعسكري جديد لأنقرة". 

ورأت الصحيفة في مقال للكاتب "برهان الدين دوران"، إن الاتفاقية حسّنت من موقف ترامب في الساحة الأمريكية، وقوت العلاقة بين الجانبين التركي والأمريكي والغربي بشكل عام. 

وتوصلت تركيا والولايات المتحدة الأميركية لاتفاق يقضي بوقف إطلاق النار، وتعليق عملية "نبع السلام" في الشمال السوري، وانسحاب الوحدات الإرهابية التي تسمي نفسها "قوات سوريا الديمقراطية" من "منطقة آمنة" سيتولى الجيش التركي إقامتها في المنطقة. 

وصدر بيان مشترك من الطرفين عقب محادثات مطولة استمرت نحو ثلاث ساعات بين الوفد الأميركي برئاسة مايك بنس نائب الرئيس، والوفد التركي بقيادة أردوغان.

وأطلق الجيش التركي العملية في 9 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، في شرق نهر الفرات شمالي سوريا، لإنشاء منطقة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، كما تهدف العملية العسكرية إلى القضاء على "الممر الإرهابي"، الذي تُبذل جهود لإنشائه على الحدود الجنوبية لتركيا، وإلى إحلال السلام والاستقرار في المنطقة.

تفاصيل الاتفاقية

وقال الكاتب: "أسفرت المحادثات في أنقرة عن الإجماع على 13 نقطة؛ تمثلت في مجملها بقبول الاقتراح الأمريكي بوقف إطلاق النار لمدة 120 ساعة نظير مهلة تمنحها أنقرة للإرهابيين من مسلحي YPG للانسحاب من المناطق التي تسيطر عليها وذلك بمتابعة حثيثة من الولايات المتحدة".

تنص الاتفاقية على جمع السلاح الثقيل مع تدمير مواقع ومراكز التحصينات التي أنشأتها "القوات الإرهابية بدعم أمريكي"؛ وبهكذا تكون تركيا أسست لمنطقة آمنة على الحدود التركية السورية بطول 444 كم تمتد من شرق الفرات وحتى حدود العراق وبعمق 32 كم؛ ليس هذا فحسب بل حتى العقوبات الأمريكية التي فرضت مؤخرا سيتم رفعها ولن يتم وضع أي عقوبات جديدة. 

وشدد الكاتب على أن الطرفين يتفقان على تدمير تنظيم الدولة في شمال شرق سوريا بشكل كامل: "وبالتأكيد، جرى التوصل إلى هذا الحل الجديد على إثر نجاح عملية نبع السلام التي تمكنت من تحييد أكثر من 700 إرهابي على مدار أيام من تنفيذ العملية".

وهذا أكد للعالم برمته أنه وعلى الرغم من الولايات المتحدة وموقفها من هذه العملية، أثبتت تركيا أنها قادرة على تنفيذ أجندتها على الأرض ومنها تبديد المخاوف الإرهابية التي تهدد أمنها. يضيف الكاتب: "هذا انتصار تركي دبلوماسي متعدد الأبعاد مع القوى العظمى، بما في ذلك الولايات المتحدة". 

ومما لا شك فيه أن: "هذه التطورات تأتي بعد العقوبات الأمريكية التي فرضت مؤخرا على أنقرة من جهة والرسالة الفضيحة التي أرسلها الرئيس ترامب إلى أردوغان". وعبر الكاتب عن أمله في أن تقدر واشنطن الفرصة الثانية التي يمنحها أردوغان لتعاونه.

ففي خطاب مؤرخ بتاريخ 9 أكتوبر/تشرين الأول ومرسل من الرئيس الأمريكي لنظيره التركي بعد سحب قوات الولايات المتحدة من سوريا، قال ترامب لأردوغان: "لا تكن رجلا صعبا، لا تكن أحمقا".

لكن الرئيس التركي ألقى رسالة دونالد ترامب في "سلة القمامة"، نقلا عن هيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي".

ووفقا للخطاب، فإن ترامب كتب: "دعونا نبرم صفقة جيدة، أنت لا تريد أن تكون مسؤولا عن ذبح آلاف الأشخاص وأنا لا أريد أن أكون مسؤولا عن تدمير الاقتصاد التركي". وتابع ترامب: "سينظر إليك التاريخ بشكل إيجابي إذا نجحت في القيام بذلك بطريقة صحيحة وإنسانية، لكنه سينظر إليك إلى الأبد كالشيطان إذا لم تحدث أشياء جيدة".

الضغط على ترامب

وعبر الكاتب عن أمله أيضا في أن يخف الضغط من على ترامب، من قبل الكونغرس، حيث يصنف بعض الساسة داخل منظومة الحكم الأمريكية أن مواقف ترامب داعمة لأردوغان.

وقبل هذا الحل الوسط، اتهمت دوائر واشنطن ترامب باتخاذ قرارات "عملت لصالح أعداء الولايات المتحدة بشار الأسد وإيران وروسيا". ومع ذلك، كانت القضية عكس ذلك؛ حيث أن انسحاب واشنطن "غير المتعاون" و"غير النظامي" مع أنقرة خدم قوات روسيا والأسد.

ويوضح الكاتب أن: "موقف الكونغرس المعادي لتركيا، لن يفيد الولايات المتحدة في شيء، ولن يضعف من مناهضي الغرب أبدا ولن يعمل على إضعاف قوى أخرى منافسة لها بأي حال، على العكس تماما، الطريقة الوحيدة للوصول إلى مثل هذه النتيجة هي التعاون مع أنقرة لا أن تعلن كعدو وأن تفرض عليها العقوبات".

وتابع: "لحسن الحظ، بفضل قيادة أردوغان وعزمه، يبدو أن واشنطن نجت من العمى الإستراتيجي في الوقت الحالي، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه وبعد مهلة الـ120 ساعة، إذا لم تنسحب تلك القوى من مكانها وتؤسس تركيا المنطقة الآمنة وفق ما تريد، سيعود كل شيء لما كان عليه وتواصل أنقرة عمليتها".

ومما لا شك فيه أن ترامب أعرب عن ارتياحه الشخصي العميق من موافقة أردوغان على وقف إطلاق النار، "وسوف يأخذ ترامب نفسا في العملية الانتخابية، لأن هذه التسوية سترضي أيضا الإنجيليين، وذلك بفضل اتصالات بنس؛ ويمكنه التخلص من قمع الكونغرس بسبب الانسحاب من سوريا".

علاوة على ذلك، يقول الكاتب: "قد يمنع ذلك المزيد من تهديد مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط؛ لأن مهندسي السياسة السورية في عهد باراك أوباما، من رجالات الكونغرس والقنصلية الأمريكية عمدوا إلى تحويل سياسة ترامب في سوريا إلى قصة فشل كاملة".

ورأى الكاتب أنه: ومع إرادة الزعيمين للتغلب على العقبات، اتخذت واشنطن فرصة ثانية وعرض أردوغان على بنس ووفده الفرصة لمعالجة "أخطاء" واشنطن الإستراتيجية، وهذا يعني أنه يمكن استعادة الثقة بين البلدين، خاصة بعد انسحاب أمريكا من سوريا والذي يعمل على تعزيز العلاقات والعمل المشترك بين الجانبين.

وبالطبع أنقرة على وجه خاص يمكنها الآن أن تستمر في مفاوضاتها على مختلف القضايا مع موسكو وطهران، هذا عدا عن أن آفاق أزمة إدلب وإعادة توطين اللاجئين في المنطقة الآمنة ستزيد من إمكانية تلقي الدعم من العواصم الغربية.

وقال الكاتب: "أعلم أن قادة التحالف الغربي لا يحبون ترامب؛ غير أن الأخير نفذ خطوة ذكية غير متوقعة بإرسال بنس ووفده إلى أنقرة وهو مصمم على تحقيق النتائج؛ وكلي أمل ألا تنفذ واشنطن أي حماقة، وتستفيد من الفرصة التي منحها أردوغان لها من جديد".