مبادرة ورؤية وتفويض.. كل ما تريد معرفته عن حكومة إسرائيل المقبلة

12

طباعة

مشاركة

ما زالت أحزاب "الليكود" و"أزرق- أبيض" و"إسرائيل بيتنا"، تتشبث بمواقفها، رافضة تقليص الفجوات فيما بينها بشأن تشكيل حكومة إسرائيلية، مؤلفة من هذه الأحزاب الثلاثة مستثنية الأحزاب الدينية واليمينية المتطرفة.

وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، الأربعاء الماضي: إن أزمة تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة بعيدة كل البعد عن الحل، في ظل عجز رئيس الحكومة المؤقت بنيامين نتنياهو عن تشكيلها، بعد مرور 20 يوما على تكليفه بتشكيلها وبقاء أسبوع واحد فقط أمامه لانتهاء المهلة المخصصة لذلك.

وأضافت الصحيفة: أن نتنياهو قد تعهد أمام الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، في أعقاب تكليفه بتشكيل الحكومة، قبل نحو ثلاثة أسابيع بإعادة هذا التفويض لريفلين بأسرع وقت في حال عدم تمكنه من تشكيل حكومة، ليتم تكليف رئيس تحالف "أزرق- أبيض" بيني غانتس بمهمة تشكيلها.

ويسعى غانتس، بحسب الصحيفة، خلال الأيام المقبلة وخصوصا عند استلام التفويض لتشكيل الحكومة، التوجه لعشرة أعضاء كنيست في حزب "الليكود" من الذين يحتلون مراتب متأخرة في قائمة الحزب، لإقناعهم بأن نتنياهو قرر بالفعل الذهاب لجولة انتخابات ثالثة، وهو ما سيدفعون ثمنه بسبب وجودهم في المقاعد الأخيرة، وستكون تلك بمثابة محاولة لتدمير "الليكود" من الداخل، بمساعدة من أعضاء الكنيست هؤلاء ممن سيفقدون مكانهم في الكنيست المقبل.

أزمة الانتخابات

وتنتهي مهلة نتنياهو لتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة في 24 من الشهر الجاري، دون مهلة إضافية. وفي حال غياب الأصوات المطلوبة لتشكيل الحكومة -لكل من نتنياهو وغانتس- فإن ثمّة ترجيح بالدعوة إلى انتخابات جديدة.

وعُقدت جولتان انتخابيتان هذا العام، الأولى كانت في أبريل/نيسان الماضي، وأعقبتها جولة ثانية في سبتمبر/أيلول، بسبب الإخفاق في تشكيل الحكومة.

وفي خضم هذه الأزمة، قد تكون مبادرة رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني أفيغدور ليبرمان التي كشف عنها قبيل الانتخابات الأخيرة المخرج الوحيد لمأزق تشكيل الحكومة الإسرائيلية.

فمنذ الانتخابات الماضية أبريل/نيسان 2019، يفشل رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو بتشكيل الحكومة منفردا مع قوى اليمين، كما يعجز منافسه رئيس حزب (أزرق-أبيض) بيني غانتس عن تشكيلها لوحده.

حتى في انتخابات الإعادة سبتمبر/أيلول الماضي، لم تحسم المسألة بالرغم من تفويض رئيس الدولة لرئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو بتشكيل الحكومة.

وأظهرت نتائج فرز الأصوات في الانتخابات تعادُل حزب الليكود اليميني برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ومنافسه حزب أزرق- أبيض برئاسة الجنرال بيني غانتس، بحيث حصل كل منهما على 32 مقعدا، وفيما حلت القائمة المشتركة –التي تضم أربعة أحزاب عربية ثالثا بحصولها على 13 مقعدا، وحصل حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني برئاسة أفيغدور ليبرمان وحزب شاس الديني على 9 مقاعد لكل منهما.

وحصل تحالف (أزرق - أبيض) على 33 مقعدا مقابل 31 لحزب الليكود اليميني، وحلت القائمة العربية المشتركة في المرتبة الثالثة بحصولها على 13 مقعدا، متقدمة على حزب شاس الديني المتشدد (9 مقاعد).

وحصل كل من حزب "إسرائيل بيتنا" وحزب "يهدوت هتوراة" (يهودية التوراة الموحدة) الديني المتشدد للأشكيناز على ثمانية مقاعد.

وشكل ليبرمان العقبة الأساسية أمام نتنياهو في تشكيل حكومة الكنيست الـ 21، بسبب تعنته في موقف ضرورة تجنيد الحريديم، مما أفشل المساعي الرامية لتشكيل الحكومة.

ليبرمان الذي أفشل تشكيل الحكومة في المرة الماضية، يبدو أنه استشرف مبكرا مآل الأمور فكشف عن مبادرته المتمثلة في وجوب إقامة حكومة وحدة وطنية تضم الأحزاب الثلاث.

رؤية ليبرمان

وكشف ليبرمان عبر صفحته في "فيسبوك" عن رؤيته التي تشمل أربع مراحل، إذ ستضم الحكومة في المرحلة الأولى كل من حزب الليكود وقائمة كاحول - لافان (أزرق-أبيض)، وحزب ليبرمان نفسه.

ستعمل هذه الأحزاب الثلاثة على صياغة الخطوط الأساسية للحكومة، وبعد ذلك سيتاح المجال لكل الأحزاب المتبقية في اتخاذ القرار ما إذا كانت ترغب في الانضمام لحكومة الوحدة أم لا.

كتب ليبرمان في فيسبوك أن: "نتائج انتخابات 17 سبتمبر تتحدث عن نفسها وتعبر عن رغبة الشعب في تشكيل حكومة وحدة. إن تحديات الأمن والاقتصاد والتطورات بالمنطقة ومعاداة السامية التي تتفاقم في العالم تقود إلى ذات الاستنتاج. كان "يسرائيل بيتينو" أول حزب يفهم ويدرك أنه لا يوجد بديل آخر سوى إقامة حكومة وحدة وطنية. تحدثت عن ذلك طوال الحملة الانتخابية، وحتى بعد إعلان نتائج الانتخابات".

يقول: "هناك أسئلة سنحتاج إلى الإجابة عنها والتوصل إلى توافق في الآراء بشأن الحلول المقبولة لدى جميع الأطراف. على سبيل المثال، هل نواصل سياسة "التنظيم" مع قطاع غزة؟ هل سنخفض الضرائب المستعرضة العميقة أم سنرفع الضرائب أم كليهما؟ هل سيتم استكمال تشريع قانون التجنيد (وهو القانون المشكل، بخصوص تجنيد الحريديم) بقراءة ثانية وثالثة؟ والعديد من القضايا الأخرى.

الخطوة الثانية في مقترحه - إذا تم التوصل إلى توافق في الآراء بشأن الخطوط الأساسية، بين الأحزاب الرئيسية، فيجب اعتماد مخطط الرئيس للتناوب في رئاسة الوزراء.

الخطوة الثالثة - سيتم تشكيل حكومة وحدة تتألف من الأحزاب الثلاثة "كاحول - لافان" و "الليكود" و"يسرائيل بيتينو"، والتي ستوافق على الفور على ميزانية الدولة لعام 2020، والموافقة على خطة متعددة السنوات لمدة 10 سنوات فيما يخص ميزانية الجيش الإسرائيلي.

الخطوة الرابعة - استنادا إلى القواعد الحالية والميزانية المعتمدة، يمكن لأي حزب يرغب في الانضمام إلى حكومة الوحدة الوطنية أن يفعل ذلك.

هذا هو المخطط الوحيد الذي يمكن أن يقود "دولة إسرائيل" إلى إقامة حكومة مستقرة، إذا كان جميع المعنيين قادرين على التغلب على كل التجاذبات والاختلافات والطموحات الشخصية، بحسب ليبرمان.

اغتيال سياسي

ويؤكد ليبرمان على مبادئ حزبه فيقول: "على أي حال، ولتجنب الشك، لن ينضم "يسرائيل بيتينو" إلى أي حكومة ضيقة، ليس إلى كتلة الحريديم برئاسة نتنياهو، ولا حكومة يسارية بدعم من القائمة الهدامة (القائمة المشتركة) من الخارج".

ويوضح: أنه من أجل تحقيق المخطط أعلاه، يجب على نتنياهو أن يقول وداعا لكتلة الحريديم.

ومع أن ليبرمان نفسه ينتقد تشكيل أية حكومة ضيقة، فإنه يحصر اتخاذ القرار في الأحزاب الثلاثة، ويضيّق بذلك دائرة صنع القرار، أضف إلى أنه يقصي كل من العرب والحريديم من دائرة الحكومة بشكل واضح ويرفض أن يكون شريك معهم في أي حال من الأحوال.

على صعيد آخر، يبدو أن مناورات ومقترحات ليبرمان ما عادت تطاق من قبل حزب الليكود، فشن الحزب حملة تصعيد ضده من خلال تصريحات جديدة يلقيها وزير الخارجية يسرائيل كاتس. 

وهاجم كاتس، ليبرمان واتهمه باغتيال نتنياهو سياسيا من أجل انتقام شخصي، وقال: إنه (ليبرمان) لم يتوقف عن طرق أبواب الليكود، يبقى أن نرى ما إذا كان سيدعم حكومة أقلية بقيادة كاحول – لافان، والمدعومة من أيمن عودة – رئيس القائمة المشتركة.

وتأتي تصريحات الوزير كاتس في تصعيد جديد من حزب الليكود، على ما يقولون إنه الرجل الأكثر مسؤولية عن شل النظام السياسي في إسرائيل وهو أفيغدور ليبرمان.

وكاتس يعتبر من أقوى الشخصيات في الحزب، وربما يكون المرشح الأول لنتنياهو في حال تغيّب الأول بسبب تهم الفساد الموجهة له أو لأي سبب آخر.

مبادرة نتنياهو

لكن نتنياهو يسعى للنجاة، عبر مبادرة جديدة، طرح فيها أمس الخميس، الخطوط العريضة لتشكيل حكومة وحدة وطنية واسعة، على أساس مخطط رئيس الدولة، المبنية على التغييرات التشريعية المطلوبة.

وأحال نتنياهو إلى عضو الكنيست رئيس قائمة كاحول – لافان (أزرق-أبيض)، بيني غانتس هذا المخطط، الذي تم إعداده في أعمال المقر الرئيسي للحزب في الأيام الأخيرة.

بحسب نتنياهو ستستند هذه الحكومة إلى إجماع وطني واسع لتمكينها من مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية الملحة التي تزداد حول إسرائيل. ولإنشاء هذه الحكومة، يجب على جميع الأطراف أن تلتزم بالتنازلات من أجل التوصل إلى توافق في الآراء.

وفقا لإعلان مكتب رئيس الوزراء، فإن الخطوط العريضة تمس مختلف المجالات:

الأمن: ستتخذ الحكومة الخاصة قرارا في غضون ستة أسابيع بشأن الخطة المتعددة السنوات لأمن إسرائيل، بما في ذلك المصادقة على قرار ميزانية السنة الأولى على الفور حتى قبل إقرار ميزانية الدولة. هناك حاجة ماسة لهذا القرار لمؤسسة الجيش في مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة.

الاقتصاد: ستوافق الحكومة على حجم العجز المتفق عليه وستغيير أولوية الميزانية في ضوء الاحتياجات الأمنية المستعجلة. سيتم تحويل ميزانية الدولة في موعد لا يتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ إنشاء الحكومة.

الشأن الاجتماعي: ستوافق الحكومة رسميا على الاحتياجات الاجتماعية الأساسية التي سيتم إدراجها في ميزانية الدولة.

الدين والدولة: سيتم الحفاظ على الوضع الراهن للسنة الأولى. بمجرد تشكيل الحكومة، سيتم تشكيل لجنة للاتفاق على هذه المسألة. بشكل منفصل، بمجرد أن يتم تأسيس اللجنة، ستعرض الحكومة قانون التجنيد المعدل للتصويت والسماح بحرية بالتصويت على القضية.

سياسيا: سيقدم رئيس الوزراء نتنياهو ورئيس قائمة كاحول – لافان الجنرال بيني غانتس موقفا مشتركا للحكومة بشأن صفقة القرن للرئيس الأمريكي دونالد ترامب عندما يتم تقديمها، وبشأن تطبيق السيادة الإسرائيلية على غور الأردن وشمال البحر الميت.

وقال نتنياهو: "لقد اتصلت الآن بعضو الكنيست بيني غانتس وعرضت عليه حلا وسطا لتشكيل حكومة وحدة وطنية واسعة. إنها الحكومة الوحيدة التي يمكن تشكيلها الآن وهي الحكومة الوحيدة التي يجب تشكيلها الآن".

وأضاف "ينظر جميع المواطنين الإسرائيليين حولهم ويرون كيف يتغير الشرق الأوسط أمام أعيننا نحو الأسوأ، يجب أن نعلم أن التحديات الأمنية تتزايد أيضا، تلك التحديات لا تنتظرنا. ولهذا السبب أدعو بيني غانتس إلى إظهار المسؤولية الوطنية والدخول في مفاوضات معي على الفور، لتشكيل الحكومة التي تحتاج إليها إسرائيل بشدة". 

ردود فعل

ورد بيني غانتس على اقتراح نتنياهو ورفضه، بالقول: "تلقيت اقتراحا اليوم لا يمكن قبوله. سننتظر تفويض الرئيس ونبدأ مفاوضات جادة لإنشاء حكومة وحدة ليبرالية من شأنها أن تؤدي إلى تغيير واستعادة الأمل لمواطني إسرائيل".

وقال حزب غانتس: "لسوء الحظ، يشير سلوك رئيس الوزراء المنتهية ولايته خلال الفترة الماضية إلى أن طريقه ليس للوحدة بل إلى الحصانة. وحتى اليوم، فهو غير مستعد للدخول في مفاوضات مباشرة".

وتابع أنه "ليس من قبيل الصدفة، لا يتناول اقتراح نتنياهو القضية الأكثر أهمية وهي الحفاظ على نقاء القانون وسيادته. حتى في الأسابيع الأخيرة، لا يزال نتنياهو يعارض أنظمة إنفاذ القانون والإعلام وضد المسؤولين الحكوميين، ولا يعامل هذه الأنظمة بالاحترام الواجب".

واستدرك الحزب: "نبارك ونتفق مع أجزاء من اقتراح رئيس الوزراء، مثل الاستعداد لمناقشة قضايا الدين والدولة والاعتراف بالحاجة إلى إعداد خطة متعددة السنوات لمؤسسة الدفاع، ومع ذلك، إنشاء لجان وتأجيل اتخاذ القرار لوقت متأخر، يثير مخاوف من أن هذا المخطط يهدف إلى تشكيل حكومة بقيادة نتنياهو، بدلا من حل القضايا الأساسية".

ورأى أنه "في هذا الوقت ووفقا للوضع الأمني والاقتصادي والقانوني، فإن الشيء الصحيح لدولة إسرائيل وشعبها هو حكومة وحدة وطنية ليبرالية واسعة، مع خطوط أساسية واضحة فيما يتعلق بمجال الأمن، والاستقامة والصدق أمام القانون، وموضوع الدين والدولة والاقتصاد. لذلك، ندعو نتنياهو إلى إعادة التفويض إلى رئيس الدولة والسماح لرئيس كاحول – لافان بقيادة حكومة من شأنها إصلاح مشاكل الحكومة الأمنية والاقتصادية الحالية، والتوصل إلى مفاوضات مباشرة من القلب والروح، بدلا من تضييع الوقت".

وفي رد آخر لمسؤول كبير في كاحول – لافان: "هذا ليس اقتراحا ولا مخططا، ونتنياهو لا يعني بجد أي كلمة قالها. يفعل كل شيء لقيادة الانتخابات ويحاول فقط إلقاء اللوم على الآخرين كما هو الحال دائما".

كان رد فعل الليكود على ذلك بالقول: "استسلم غانتس مرة أخرى لإملاءات يائير لبيد (رئيس حزب هناك مستقبل) وليبرمان - وأصبح رافضا متسلسلا لمنع تشكيل حكومة وحدة وطنية. رفض غانتس مخطط الرئيس، ورفض الاجتماع برئيس الوزراء نتنياهو، ورفض الاجتماع مع فرق التفاوض ويرفض الآن الخطوط العريضة لحل الوسط الذي عرضه رئيس الوزراء. يقود كل من لبيد وليبرمان وغانتس حكومة أقلية تعتمد على الأحزاب العربية، وعندما تفشل، فإنها ستؤدي إلى إضعاف البلاد لإجراء انتخابات جديدة"

من جانبه رد رئيس "يسرائيل بيتينو" أفيغدور ليبرمان، على مخطط نتنياهو الجديد لحكومة الوحدة بكلمات مقتضبة وقال: "لم يتكلفوا في الليكود بالتعليق على توجهنا إليهم كتابيا حتى هذه اللحظة. وطالما أنهم لا يكلفون أنفسهم عناء الرد على استفساراتنا، فلن نرد على أي من استفساراتهم".