صحف فرنسية ترصد أبرز التحديات أمام الرئيس التونسي الجديد
بعد أن حسم التونسيون أمرهم وانتخبوا الأكاديمي في العلوم السياسية والقانونية المتقاعد، ليخلف الراحل الباجي قائد السبسي، يواجه الرئيس التونسي الجديد قيس سعيّد تحديات كثيرة خلال الفترة المقبلة، ولا سيما مع تشكيل الحكومة المقبلة.
وقالت صحيفة "ليزيكو" الاقتصادية الفرنسية: إن قيس سعيد حقق انتصارا لا لبس فيه، وبفارق كبير عن منافسه رجل الأعمال المثير للجدل نبيل القروي، لكن يتعين على الرئيس الجديد أن يستجيب بسرعة للتطلعات والآمال الواسعة وخاصة في صفوف الشباب الذين انتخبوه بكثافة.
تعزيز النمو
وبحسب الصحيفة، فإن سعيد يتعين عليه أن يعمل مع رئيس الوزراء الجديد أيضا بعد تشكل الحكومة المنبثقة عن الانتخابات التشريعية، على تعزيز النمو والحد من البطالة ووقف ارتفاع الأسعار، ومعالجة المديونية المتجهة إلى منحى تصاعدي خطير بعد ثورة 2011، لكن برنامجه لا يزال غامضا للغاية، كما سيكون عليه أن يجد الدعم في البرلمان إضافة إلى الفساد المستشري في عدد كبير من القطاعات.
وأشارت "ليزيكو" إلى أن الاقتصاد التونسي يقوضه تباطؤ النمو، وبطالة مرتفعة تتجاوز 15 بالمئة، في وقت يقدر أن ترتفع المديونية فيه إلى نسبة 83.3 بالمائة من الناتج المحلي في 2019.
وأشارت إلى أن رئيس الدولة الجديد شكر دون انتظار بعد حسمه نتيجة الاقتراع: "الشباب الذين فتحوا صفحة جديدة من التاريخ"، خلال ظهور قصير الأحد الماضي، أمام أتباعه.
وتابعت الصحيفة: "في الواقع، لقد استفاد سعيد إلى حد كبير من دعم الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18-25 عاما والذين زادوا من أصواتهم إلى 90 بالمئة لصالح هذا الأكاديمي المحافظ (61 عاما)، وكذلك الموالون لحزب "النهضة"، التي دعت للتصويت لقيس سعيد في الجولة الثانية.
وأوضحت: أن أي قرب من هذا الحزب الذي يقوده راشد الغنوشي يمكن أن يلقي بظلاله على قيس سعيد، لكن التحالف السياسي يمكنه مساعدته، فبالإضافة إلى قاعدة التصويت الخاصة بالانتخابات، ستتاح للرئيس الفرصة دائما للاعتماد، عندما يحين الوقت، على أعضاء حركة "النهضة" في البرلمانية بعد أن حصلت على 52 مقعدا من 217 خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة وحلت في المركز الأول قبل حزب "قلب تونس" التابع لنبيل القروي.
اقتصاد متدهور وفساد
وفقا للصحيفة، فإنه في مواجهة النمو شبه البطيء والتضخم الذي يثقل كاهل القوة الشرائية للتونسيين، سيتعين على الرئيس الجديد توفير ضمانات بسرعة كبيرة، مشيرة إلى أنه في مقدمة ذلك مشاكل البطالة (15 بالمئة في المتوسط، 33 بالمئة بين الشباب) والديون التي انفجرت، حيث بلغ الدين العام 77 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2018.
وذكرت، أن عز الدين سعيدان، وزير المالية السابق، أكد أن: "تضخم الإنفاق الحكومي (حوالي 10 بالمئة سنويا منذ عام 2011 مع تسارعه عام 2017) تم تمويله عن طريق الدين".
وقالت "ليزيكو": إذا كان قيس سعيد ألزم نفسه بشن حرب ضد الفساد، فهو لم يقل شيئا عن الاقتصاد غير النظامي، الذي يرى الكثيرون أنه لا يزال يتلاعب بالنظام والتقدم.
ونقلت الصحية عن حكيم بن حمودة، وزير المالية من (2014-2015) قوله: "يجب أن ننتقل إلى القرارات المفاجئة، تماما مثلما فعل ناريندرا مودي في الهند".
صندوق النقد الدلي
وأوضحت: "كما أن صندوق النقد الدولي، الذي أطلق في عام 2016 قرضا بقيمة 2.4 مليار دولار على مدى أربع سنوات لدعم تونس يتوقع نتائج، فمنذ عدة سنوات، يدعو إلى إصلاحات هيكلية لإحياء الاقتصاد، ولكن دون جدوى".
وأوردت الصحيفة، حديثا لحكيم بن حمودة الخبير الاقتصادي قال فيه: إن الطريق إلى الأمام بسيط بعد استعادة الاستقرار السياسي. وأضاف: "يجب علينا استعادة الثقة، وتعزيز الاستثمار المحلي قبل أن نأمل في إعادة رأس المال الأجنبي".
وبحسب "ليزيكو"، فإن سمير ماجول، رئيس "أتيكا" الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، رحب بفوز قيس سعيد، وقال: "يجب علينا إعادة هيكلة الشركات العامة التي تعاني جميعها من عجز"
لم يجرّب السلطة
وتؤكد الصحيفة الفرنسية، أنه: "بعد الانتصار الذي حققه قيس سعيد ولا يمكن أن تشوبه شائبة، بات عليه الآن تلبية التوقعات التي جاءت به إلى هذا المنصب".
ولفتت الصحيفة إلى أن: "قيس سعيد قال: الجميع اختار من يريده، في حرية كاملة، يعتمد مشروعنا على الحرية، انتهى وقت الخضوع، لقد دخلنا مرحلة جديدة في التاريخ".
وأكدت، أنه سيتعين على قيس سعيد، الذي لا يملك أية خبرة في السلطة ويحيط به حفنة من الأنصار المبتدئين في عالم السياسة، أن يطبق سياسة تحقق الآمال التي أثارها وصوله لقصر قرطاج، وإحياء الاقتصاد، مع رئيس الوزراء المقبل.
من جهتها، أكدت صحيفة "لوموند" أنه: إذا كان الحشد المؤيد لقيس سعيد الذي اجتمع، مساء الأحد، في قلب تونس العاصمة، متنوعا للغاية، ويمزج بين جميع الأجيال، فإن الحضور الهائل للشباب كان أحد مفاتيح النتيجة الساحقة التي أحرزها هذا الدستوري.
وأكدت، أن نحو 90 بالمئة من الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18- 25 صوتوا لصالحه، وفقا لمعهد سيجما، مقارنة مع 49.2 بالمئة فقط لمن هم أكثر من 60 عاما.
وأوضحت الصحيفة، أنه من خلال اقتراح مشروع مؤسسي جذري يعيد "سلطة الشعب"، استطاع قيس سعيد إغواء الشباب المتلهف لإعادة تنشيط رسالة ثورة 2011 التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي.
لكن "لوموند" رأت، أن الرئيس التونسي المنتخب الذي يفتقد إلى قاعدة حزبية في البرلمان، سيحتاج إلى حركة "النهضة" إذا أراد تمرير إصلاحاته، وذلك لأن هذا الحزب الذي حل أولا في الانتخابات التشريعية معني بتشكيل الحكومة، بيد أن العلاقة لن تكون سهلة، بتقدير الصحيفة، في ظل تأكيد الرئيس قيس سعيد على تمسكه باستقلاليته.