"واشنطن بوست": السياسة الخارجية الأمريكية للبيع.. من يشتري؟
سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الضوء في مقال للكاتبة "آن أبل باوم"، على السياسة الخارجية في عهد الرئيس ترامب، مشيرة إلى أنها أصبحت في مزاد للبيع لمن يدفع أكثر، ولمن يخدم مصالح ترامب أكثر، وأن البيت الأبيض الأكثر فسادا في تاريخ أمريكا الحديث.
وقالت الكاتبة: إنه إذا كنت جمهوريا أو ديمقراطيا، وسواء إذا كنت مؤيدا لترامب أو لم تكن كذلك في يوم من الأيام، وسواء إذا كنت تقطن ولاية زرقاء أو ولاية حمراء، فأنت مدين لنفسك ولبلدك بقراءة نص البيان الذي أعدته السفيرة السابقة للكونجرس ماري يوفانوفيتش، إذا كنت تهتم بالدستور، وإذا كنت تشعر بأي إخلاص للأفكار والمثل العليا التي شكلت السياسة الخارجية للولايات المتحدة في القرن الماضي، فستجد الأمور باعثة لقلق لا يحتمل".
السفيرة المقالة
وأكدت، أن يوفانوفيتش كانت مسؤولة رسمية في وزارة الخارجية الأمريكية، عملت تحت رئاسة رؤساء من مختلفي الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، قامت إدارة ترامب بفصلها وإخبارها بالعودة للبيت على أول طائرة، وذلك لسبب بسيط أن حملتها ضد الفساد الذي مارسه ترامب في توظيف علاقة ترامب الخارجية بالرئيس الأوكراني قد تم وظفها لصالحه الشخصي .
وأشارت الكاتبة إلى أن حملتها لفضح الفساد تسببت بالقلق لدي القريبين من ترامب، وبشكل أكثر تحديدا أزعجت الرجلين: ايجور فرومان، وايف بارنس الذين كانا يعملان لدي رودلف وجولياني وهو صديق شخصي للرئيس ترامب وعمدة نيويورك السابق، وردا على حملتها لكشف الفساد، نشر الرجلان شائعات حول السفيرة وصلت الى آذان الرئيس وصدقهم على الفور".
وأشارت الصحيفة إلى ما كتبته يوفانوفيتش في بيانها: "لقد كنت علي الرغم من ذلك متشككة كيف لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية أن تختار أن تُقيل سفيرة متجذرة الأصول في العمل في وزارة الخارجية على مزاعم لا أساس لها من الصحة ومزيفة من قبل أشخاص لديهم دوافع مشكوك فيها بوضوح".
كما تشير السفير المقالة إلى أن المجموعة السابقة بالنسبة لمسؤولي وزارة الخارجية، وكذلك موظفي الخدمة المدنية الآخرين، "إنه أمر فظيع، نحن نحدث تغييرا كل يوم في القضايا التي تهم الشعب الأمريكي".
وتستمر يوفانوفيتش في بيانها قائلة: "لقد تخلينا عن حياتنا مرارا وتكرارا، وكنا نثبت أنفسنا في طريقنا لخدمة هذه الأمة، نفعل ذلك عن طيب خاطر، لأننا نؤمن بأمريكا ودورها الخاص في العالم، نعتقد أيضا أنه في المقابل، أن حكومتنا ستقوم بحمايتنا إذا تعرضنا لهجوم من المصالح الأجنبية المتعارضة مع المصالح الأمريكية".
مصالح وتآمر
ونوهت السفيرة المقالة إلى أنه "لم يعد الأمر كذلك، فالمصالح الأمريكية قد تحولت في هذه الآونة إلى مصالح فرومان وبارناس الذين تم اتهامهم للتو بتهمة التآمر "للتحايل على القوانين الفيدرالية ضد النفوذ الأجنبي" - لم تسع فقط إلى إقالة سفير أمريكي؛ ولكنهم أيضا سعوا بنجاح إلى تشويه وتقويض السياسة الخارجية للولايات المتحدة، سعوا لتقويض جهودنا المستمرة منذ عقود من أجل حكم القانون في أوكرانيا.
وأشارت إلى أنه، منذ أسبوعين، كتبت أن ترامب وجولياني: "شرعوا في تقويض كل برنامج أمريكي وأوروبي في المنطقة، وكل مبادرة دبلوماسية وتعليمية، وكل مثالية كانت الولايات المتحدة تؤيدها في هذا الجزء من العالم، لكن الآن أرى أن الوضع كان أسوأ بكثير من ذلك".
وأوضحت السفيرة المقالة: "لم يقتصر الأمر على ترامب في متابعة نظريات المؤامرة في أوكرانيا؛ لم يقتصر الأمر على رغبة الحكومة الأوكرانية في إجراء تحقيق مزيف في أحد منافسيه؛ ليس فقط سعى لممارسة التأثير السياسي في النظام القضائي في بلد آخر؛ إضافة إلى ذلك، كان يفعل كل ذلك بناء على طلب من جولياني، بما يحقق مصلحة جولياني الشخصية والمالية المباشرة".
وتابعت: لهذا السبب لدينا خدمة دبلوماسية، هذا هو السبب في أننا نوظف أشخاص موالين للبلاد، وليس لحزب سياسي أو لمصلحة خاصة: لمنع السياسة الأمريكية من صنع أشخاص مثل جولياني، الممثلين الخاصين الذين يمكنهم تفادي اللوائح الأخلاقية، لا يدينون بالولاء للولايات المتحدة والتصرف لمصالحهم الخاصة، وليس المصلحة الوطنية.
آثار هائلة
وتعلق الكاتبة على بيان السفيرة المقالة قائلة: إن "الآثار المترتبة على هذه القصة هائلة. إذا كانت السياسة الخارجية للولايات المتحدة معروضة للبيع الآن، فما عدد الأشخاص الآخرين الذين يحاولون شرائها؟
وذكرت، أن يوفانوفيتش قد خلصت إلى هذا الأمر حين كتبت: "عندما يرى ممثلون سيئون في بلدان خارج أوكرانيا مدى سهولة استخدام الخيال والتلميح للتلاعب بنظامنا".
وتساءلت: ما مدى ثقتنا في عدم وجود مصالح خاصة على المحك عندما وعد ترامب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه يمكنه اجتياح شمال سوريا؟ هل يمكن أن نكون على يقين من أنه لا توجد مصالح خاصة تشكل علاقة الولايات المتحدة مع روسيا أو السعودية؟ وردت بأن الجواب: قطعا لا. وقالت إن: "البيت الأبيض الأكثر فسادا في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، ولا يمكننا التأكد من أي شيء على الإطلاق".
وبحسب الكاتبة، فإن إدارة الرئيس الأمريكي ترامب قد حولت السياسة الخارجية الأمريكية من خدمة المصالح القومية الأمريكية والحفاظ على الأمن والاستقرار في العالم الذي يشهد في أغلب أركانه قلقا متزايدا من احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة.
وأردفت: "حولت الإدارة الحالية كل هذه الأهداف الي خدمة المصالح الشخصية للرئيس والدائرة المقربة منه، ليس هذا فقط ولكن أيضا اشتغل الرئيس والمقربون منه تلك الصلاحيات والإمكانات الهائلة التي توفرها لهم الأمة الأمريكية فقط للقضاء على خصومهم في السباق السياسي".
وتختتم الكاتبة حديثها بالقول: إن "ترامب وفريقه وضعوا السياسة الخارجية في المزاد العلني غير الأخلاقي، وكما قالت السفيرة المقالة: إن البيت الأبيض قد تحول في عهد ترامب الي المكان الأسوأ للحكم في العالم".