بصدارة المشترين.. ما أسباب تهافت العراقيين على العقارات بتركيا؟

يوسف العلي | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

للسنة الرابعة على التوالي يحتفظ العراقيون بالمرتبة الأولى في قائمة أكثر الجنسيات الأجنبية شراء للعقارات في تركيا، إذ بلغت نسبة شرائهم خلال الأربع سنوات الماضية 19 ألفا و274 عقاراً في أنحاء تركيا، كما شهد العام الماضي شراء العراقيين 8205 عقارات.

وذكرت مؤسسة الإحصاء التركية، أنه في أغسطس/ آب المنصرم تصدَّرت مدينة إسطنبول المدن التركية في مبيعات الشقق للأجانب خلال الربع الثاني من 2019، موضحة أن 44.3 بالمئة من الشقق المباعة للأجانب كانت في إسطنبول، تلتها مدينة أنطاليا بـ 21.2 بالمئة.

دوافع الشراء

تصدر العراقيون قائمة الأجانب في شراء العقارات في تركيا خلال يونيو/ حزيران الماضي، بعد شرائهم لـ 429 عقارا، يليهم الإيرانيون الذين قاموا بشراء 415 عقارا، ثم الروس بعدد 190 عقارا والألمان بعدد 126 عقارا.

الملفت للنظر أن هناك عراقيا من بين كل 5 أجانب قد تملكوا في تركيا، إذ ارتفعت مبيعات العقارات للأجانب بنحو 82 بالمئة في يناير/كانون الثاني الماضي مقارنة بنفس الفترة من 2018 الذي شهد بيع قرابة 44 ألف عقار، كما ارتفعت في فبراير/شباط الماضي بنسبة 92 بالمئة عن الشهر ذاته العام الماضي.

وأظهرت المعطيات أن مجموع العقارات المُباعة للأجانب خلال يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين فقط بلغت 6489 عقارا أي بزيادة قدرها 87 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من 2018.

ولعل السؤال الأبرز حول ما سبق من أرقام تُشير إلى إقبال متزايد من العراقيين على العقار في تركيا، قالت السيدة العراقية (أم عبدالله) في حديث لـ"الاستقلال" إنها اشترت في العام الماضي عقارا في محافظة ألاينا التركية الساحلية، وذلك لرخص الأسعار مقارنة بأسعار العقارات في العراق، إضافة إلى طابع المدينة السياحي.

وأوضحت، أن دوافع شراء العراقيين للعقار في تركيا هو الأمان المتوفر والجو المعتدل، فضلا عن رخص ثمنها وجودتها، والتسهيلات العقارية التي تُوفرها الدولة التركية للأجانب الراغبين في شراء العقار، الأمر الذي لا يأخذ من الشخص سوى يومين أو ثلاثة لتملك العقار.

وبعيدا عن الجانب السياحي الذي يُعتبر من أهم الدوافع لشراء العقار، قارنت السيدة العراقية في حديثها بين أسعار العقارات في العراق ونقص الخدمات الضرورية من كهرباء وماء وغاز، وبين ما تُوفره تركيا مع العقارات في مجمعات حديثة.

وأشارت إلى أن "العقارات في العراق، بنفس المساحة المُتوفرة في تركيا مع فارق كبير بالنظافة والجودة، إذ يُمكن شراء عقار بمساحة 125 مترا مربعا بنحو 60 ألف دولار في تركيا ببناء حديث ومكان يتوفر فيه كل شيء. أما في العراق فقد يصل سعر العقار بالمساحة نفسها إلى 100 ألف دولار، مع الفارق الكبير بالخدمات وطبيعة المكان".

هبوط الليرة

ويقول العاملون في القطاع العقاري، إن المستثمرين العرب لا يزالون ينظرون إلى تركيا، على أنها الملجأ الآمن لاستثماراتهم وأموالهم، رغم محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو/تموز عام 2016، إضافة إلى هبوط سعر الليرة أمام الدولار.

ويحق للمستثمر والمالك العربي في تركيا، وفقا للقانون الساري في البلاد، الحصول على الجنسية التركية، إذا اشترى عقارا بسعر 250 ألف دولار كحد أدنى، ويحصل على الإقامة في البلد إذا كان العقار أقل سعرا.

وفي حديث لـ"الاستقلال" يقول صاحب مكتب للعقار في تركيا العراقي (أبو حمزة): إن شراء "البيوت في تركيا شهِد اقبالا أكثر من العراقيين بعدما تعرضت الليرة التركية إلى هبوط أمام الدولار الأمريكي.

وبحسب قوله، فإن قيمة العقار أصبحت تفرق بنسبة 30 بالمئة وذلك عندما هبطت الليرة إلى أدنى مستوى في أغسطس/ آب 2018، فالشقة التي كان يشتريها المواطن العراقي في مناطق راقية بمدينة إسطنبول بسعر 100 ألف دولار، أصبحت قيمتها تعادل 70 ألف دولار، وهذا ينعكس على باقي أسعار العقار في تركيا.

ويفضل العراقيون من أصحاب الدخل المالي المرتفع، ولا سيما الأطباء والأساتذة الجامعيون، إضافة إلى التجار ورجال الأعمال بشكل عام شراء عقارات في تركيا، وخصوصا في المناطق الساحلية، لقضاء عطلة الصيف فيها.

أيضا شريحة المتقاعدين من أصحاب المرتبات المعاشية التي تصل إلى 500 دولار بالشهر، يُفضلون تصفية أوضاعهم وتأجير منازلهم أو بيعها في العراق، والإقامة في تركيا، نظرا للأجواء المناخية المعتدلة في الصيف، حسب مراقبين.

ويؤكد المراقبون، أن ما يدفع هذه الشريحة أيضا للسفر إلى تركيا والاستقرار هناك، هو أن مرتباتهم المعاشية التي تؤمن معيشتهم اليومية، يستطيعون استلامها عبر بطاقات إلكترونية من مكاتب مخصصة لذلك، ولا سيما في إسطنبول وسامسون ومرسين وأنقرة ومحافظات تركية أخرى.

وتفيد تقارير، بأن سوق العقارات في العراق شهِدت بعد عام 2006 طفرة غير حقيقية في الأسعار وبدأ البعض يشتري العقار بأي ثمن، فأدى إلى وصول الأسعار إلى سقوف خيالية، ومثال ذلك سعر المتر الواحد في مدينة الكاظمية في بغداد حيث تجاوز 10 آلاف دولار وبيعت أراضي سكنية بـ7 مليارات دينار (5 ملايين دولار).

وكذلك في محافظات تتسم بطابع ديني مثل كربلاء والنجف وسامراء، وتهافت على الشراء مستثمرون خليجيون وإيرانيون وهنود وباكستانيون وأجانب بهدف الاستثمار وبناء فنادق.

إقليم كردستان

مواطنو إقليم كردستان العراق، الذي يُعد أُنموذجا في الجانبين الأمني والعمراني بالبلد، يحرصون أيضا على شراء العقار في تركيا، وبالآونة الأخير يذهب البعض منهم لشراء عقارات في إيران.

وكشف رئيس فرع السليمانية لاتحاد المستثمرين ياسين محمود، عن شراء المواطنين العراقيين عقارات في إيران وتركيا بقيمة 14 مليار دولار.

وقال محمود في تصريحات صحفية: "العراق يأتي في المرتبة الأولى في تركيا من حيث شراء العقارات، حيث تم شراء أكثر من 124 ألف وحدة سكنية من قبل عراقيين بقيمة أكثر من 14 مليار دولار".

وأضاف: أن "إقليم كردستان العراق له حصته الجيدة، وأن قيمة ثروات الإقليم لشراء العقارات والمنازل في تركيا وإيران بلغت ملياري دولار".

وأشار رئيس فرع السليمانية لاتحاد المستثمرين إلى أنه "على الحكومة صياغة ووضع خطة جيدة ومنع ذهاب ثروات إقليم كردستان إلى الخارج عن طريق استثمار المواطنين أموالهم في الداخل".

من جهته، أوضح رئيس اتحاد سماسرة العقارات في تركيا، علي تايلان، أن الأجانب يهتمون بشراء منازل في مدن تركية، خصوصا إسطنبول والمدن السياحية القريبة من البحر. وأشار إلى أن العرب لا يشترون المنازل في تركيا من أجل السكن فقط، بل بهدف الاستثمار أيضا.

معاناة تواجههم

ورغم الزخم الكبير الذي يشهده سوق العقار في تركيا من العراقيين، إلا أن تأشيرة الدخول إلى البلد الجار، لا تزال تشهد بعض الصعوبة، عوضا عن الرغبة في إلغائها وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل عام 2016، إذ كان العراقيون يدخلون البلد بتأشيرة إلكترونية مجانية.

وبعد توقف مفاجئ لمنح التأشيرة الإلكترونية للعراقيين في 21 أغسطس/آب المنصرم، أفادت مصادر تركية بوجود ترتيبات للعمل على رفع سعر التأشيرة للعراقيين الراغبين بزيارة تركيا خاصة خلال موسم الصيف نظرا للإقبال الشديد عليها.

وأكدت التقارير، أن الجهة الوحيدة التي تمنح الفيز للعراقيين حاليا هي السفارة التركية في بغداد وهي تعتمد اجراءات معقدة في منحها منها توفر الضمان الصحي وتعليمات أخرى، مشيرة إلى أن آلاف العراقيين يسافرون يوميا إلى تركيا، ولاسيما في فصل الصيف للهروب من ارتفاع درجات الحرارة في المدن العراقية.

إلا أن المسؤولين الأتراك يعزون تلك الإجراءات إلى موجات الهجرة غير النظامية والتي حصلت بأعداد كبيرة في أعوام ما قبل 2016، وإلغاء التأشيرة المجانية للعراقيين وغيرهم من البلدان، كان ضمن إجراءات اتفقت عليها أنقرة مع الاتحاد الأوروبي لإيقاف تلك الهجرة.