"صباح": أردوغان يواجه ثلاثة تحديات ساخنة.. ماذا عن داود أوغلو؟
نشرت صحيفة "صباح" التركية، مقالاً للكاتب برهان الدين توران، ناقش فيه ثلاثة مواضيع يشهدها صيف سبتمبر/أيلول الجاري، هي: "الحزب المتوقع تشكيله، قضايا اللاجئين، والتسليح النووي"، مؤكداً أنَّ الجميع كان يعرف أنَّ صيف أيلول سيكون الأشدُّ سخونة سياسياً.
وأكد الكاتب في مقاله، أنَّ هذه المواضيع وإن بدت متفرقة، لكنَّها مرتبطة ببعضها البعض بشكل أو بآخر، مشيراً إلى أنَّه إلى جانب قضايا الحزب، ثمَّةَ مواضيع ثلاثة أخرى وهي "إدلب، المنطقة الآمنة، واللاجئون" وبصرف النظر عن قضايا السياسة الحزبية، فإنَّ سوريا وقضاياها من بين المناقشات التي لا تتوقف في سياستنا الداخلية والخارجية؛ ويتزامن ذلك مع جولات أردوغان الداخلية والخارجية والتي تزيد من الحماسة في هذه القضايا.
وأضاف، أنَ هذه القضايا تُوضع إلى جانب خطاب الرئيس أردوغان في اجتماعات الأمم المتحدة المقبلة، والتي تُحدِّد سياسة تركيا الداخلية والخارجية وتُرسل رسائل مختلفة للأطراف ذات الشأن والعلاقة.
وتُفتتح الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في 17 سبتمير/أيلول، وتُعقد المناقشة العامة في 24 سبتمبر/أيلول الجاري وسيكون لأردوغان خطاب ضمن البرنامج السنوي.
وتوقَّع الكاتب، أن يشتمل خطاب الرئيس التركي على ثلاثة قضايا، اثنين منها قديم بعض الشيء وهما "التشكيلات الجديدة، واللاجئون، والمنطقة الآمنة" ولكن ثمَّةَ موضوع جديد تطرق له أردوغان مؤخراً وهو السلاح النووي.
الحزب الجديد
أشار الكاتب إلى أنَّ أردوغان الذي حذَّر البعض من التقارب مع أحمد داود أوغلو وعلي باباجان في إطار سعيهما لتشكيل الحزب الجديد، قائلاً: "من ينزل من القطار ويقسّم الأمة، ويعمل على إشعال نار الفتنة وأصحاب المشاريع، سيواجهون الخسران، والخذلان والإحباط".
ورأى برهان الدين توران، أنَّ التصريحات هذه، توضِّح أنَّ أردوغان دخل في "مواجهة واضحة وصعبة" مع سياسيين سابقين من حزب" العدالة والتنمية" الذين كانوا يقومون بالمراهنة على الحزب وانسحاب قيادات منه وكذلك قاعدة من ناخبيه.
وشدَّد الكاتب على أنَّ هذه هي طبيعة السياسة حيث تتَّسمُ "بالقسوة"، متابعاً: "إذا كانت وجهات النظر والأهداف تختلف، خصوصاً، بين الأطراف الفاعلة، فإنَّ قوانين (الروح الرياضية) أو (حقوق الإخوة) لا يمكن لها أن تسير بشكلها الطبيعي".
ولهذا السبب، يرى الكاتب، أنَّه "ليس من الواقعية بمكان أن يقابل الرئيس أردوغان الذين يريدون الخروج عن خطه السياسي بوجه بشوش، ولا سيما وهم يدينون له بمهاراتهم القيادية والسياسية وكذا لنجاح وعراقة حزب كحزب العدالة والتنمية".
وبحسب الكاتب، فإنَّه من الطبيعي إذن أن تكون المواجهة والمحاسبة صعبة، وهذا أمر لا شُبهة فيه، لكن، سيتحدَّدُ محتوى هذه المواجهة، بتكتيكات الأشخاص الفاعلة ومشاعرهم. الرئيس أردوغان، حتى هذه اللحظة، ارتبط بقضيته ورسالته بشكل وثيق، ورغم أنَّه قال: إنَّه شعر بالإهانة؛ لكنَّه لم يعالج هذه المسألة من ناحية شخصية أو عاطفية.
وأردف: أما بخصوص الحركة الأخيرة وعملية إخراج داود أوغلو ورفاقه من حزب "العدالة والتنمية"، فهي جاءت للحيلولة دون استخدام الحزب واستمالته إلى منصة ترويج لحزب آخر. وهذا يعني بشكل أو بآخر، تكتيك وقائي لمنع الضرر ضد تكتيك "الخروج السياسي" المفيد والذي كان يخطط له داود أوغلو ورفاقه.
تركيا والمنطقة الآمنة
وانتقل الكاتب إلى المواضيع السياسية المتعلقة بأزمة اللاجئين في تركيا والمنطقة الآمنة، التي ما فَتِئَ ينادي بها الرئيس أردوغان مُنذ سنوات خلت، ولكن وعلى الرغم من جهوده هذه كلها، إلا أنَّ "الرئيس في انزعاج من موقف الدول الغربية غير الصادق في قضية اللاجئين والمنطقة الآمنة".
وأشار إلى أنَّ تركيا تعمل على مشاركة الآخرين في العبء الذي تتحمله وبصدق وبجهد "فوق طاقتها" مُنذ سنوات طويلة، ورسالتها إلى الولايات المتحدة واضحة تماماً "ما لم يتمَّ إنشاء المنطقة الآمنة حتى نهاية سبتمبر/أيول الجاري ستعمد أنقرة على إنشاءها منفردة وبالطريقة التي تراها مناسبة وبالشكل الذي تريد".
وأوضح الكاتب أنَّها تهدف لعملية تسكين مليون لاجئ سوري موجودين في تركيا بالوقت الراهن في تلك المنطقة الآمنة" أو قد يكون لتركيا خيارات أخرى في هذه المسألة أيضاً "قضية اللاجئين" وهو خيار أكثر إيلاماً عند أوروبا وهو خيار "فتح الحدود" أمام المهاجرين.
وكان أردوغان حذَّر من أنَّ أنقرة قد تُعيد فتح الطريق أمام المهاجرين إلى أوروبا، إن لم تتلق دعماً كافياً لخطتها لإنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا شرق الفرات. وقال أردوغان: إنَّ حكومته تريد إعادة توطين مليون لاجئ في المنطقة المعتزم إنشاؤها، من بين أكثر من ثلاثة ملايين و500 ألف سوري لجأوا إلى تركيا فراراً من الحرب.
وشدَّد الرئيس التركي على أنَّه في حال عدم تحقُّق المنطقة الآمنة "سنضطر إلى فتح الأبواب. إما أن تعطونا الدعم، وإن لم تعطونا، آسف، ولكن هذا ما نستطيع تحمُّله". وتساءل "هل نحن فقط من سيتحمل عبء اللاجئين؟". وأكد أنَّ "تركيا أنفقت 40 مليار دولار على اللاجئين"، منتقداً الغرب، خصوصاً الاتحاد الأوروبي، لعدم تنفيذ وعوده.
وبين الكاتب، أنَّ تركيا تنتظر دعماً قوياً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في مسألة إدلب، وإلا فإنَّ اللاجئين المتوقع هروبهم من ويلات الحرب لن يكون مصيرهم إلى تركيا كما كان مسبقًا بل سيكون أوروبا وهذا الأمر واضح لا شبهة فيه، وعليه ، فإنَّ السياسيين الأوروبيين مطلوب منهم إيجاد مبادرة لتقاسم عبئ اللاجئين بشكل مشترك مع تركيا.
تركيا والسلاح النووي
وعرّج الكاتب التركي على تصريحات الرئيس أردوغان والمتعلقة بالسلاح النووي، وذلك بمدينة سيواس شمال تركيا.
وانتقد أردوغان الضغوط التي تتعرَّض لها بلاده لعدم حيازة السلاح النووي. وقال في خطاب أخير له، "بعض الدول لديها صواريخ ذات رؤوس نووية لكن ممنوع عليّ أن أحصل عليها، أنا لا أقبل ذلك".
وأشار إلى أنَّه لا يوجد تقريباً أي دولة متقدمة في العالم حاليًا لا تمتلك صواريخ برؤوس نووية. وتابع "انظروا إلى هؤلاء على ماذا يتسابقون! ولكن يقولون لنا احذروا لا تقوموا بذلك، فهناك إسرائيل قربنا".
ولا تمتلك تركيا أي سلاح نووي، وهي ملتزمة بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية مُنذ عام 1980. ويأتي تصريح أردوغان في الوقت الذي تعزّز فيه بلاده علاقاتها الدفاعية مع روسيا على حساب الولايات المتحدة الحليف التاريخي لأنقرة في حلف شمال الأطلسي.
وذكر الكاتب، أنَّه من المعروف أنَّ أردوغان ينتقد استخدام إسرائيل للقدرات العسكرية النووية باعتباره "وسيلة للتخويف والاستفزاز" في المنطقة، وكان قد أشار سابقاً إلى عدم المساواة بين الدول التي تمتلك أسلحة نووية وبدونها. وحديث أردوغان يراه الكاتب في مسألة الصواريخ النووية جديد تماماً ومن المعلوم أن تركيا ضمن الموقعين على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية.
ورأى الكاتب، أنَّ تصريحات أردوغان قد يكون لها غرضان، الأول، إطلاق حوار وطني من أجل تعزيز القوة العسكرية لتركيا، أو لنقد النظام العالمي الحالي، وأنَّ العالم "أكبر من خمسة" في إشارة للدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.
يُذكر أنَّ "العالم أكبر من خمسة" مبدأ أردوغان لإصلاح الأمم المتحدة؛ حيث يحرص خلال المؤتمرات والاجتماعات الدولية التي يشارك فيها، على تكرار عبارة "العالم أكبر من خمسة"، للتعبير عن موقفه الرافض لتحكُّم الدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي بمصير العالم، وهي الولايات المتحدة، وروسيا وبريطانيا، والصين، وفرنسا، حتى باتت شعاراً واسع الانتشار.
ويقول أردوغان أيضاً، إنَّ "خمس دول فقط داخل الأمم المتحدة قولها معتبر، ومجريات العالم كله تعود لقرار هذه الدول، ولكن ألا توجد وجهات نظر مختلفة عن هذه الدول؟ هل قراراتها تشمل العالم بأسره؟ لابد من إصلاح الأمم المتحدة" وبالتالي يكون تصريحه رمزياً له معنى.