أي من الدول الكبرى ستكون بيدها نهاية العالم؟

12

طباعة

مشاركة

إعصار "دوريان" بجزر الباهاما، حرائق غابات الأمازون التي اندلعت منذ 15 أغسطس/آب المنصرم ولم تخمد إلى الآن، وأخرى شمال المغرب وتحديدا بمدينة شفشاون، وسيول ناتجة عن أمطار قوية جنوبه، وأخرى أغرقت مدينة إسطنبول التركية، وموجة البرد الشديدة التي عاشتها أوروبا في فصل الشتاء، على غير العادة، كلها مؤشرات على أن الطبيعة ليست بخير.

هذه الكوارث الطبيعية التي يعيشها العالم تنذر بتغيرات مناخية السبب فيها هو الإنسان، أو بالأحرى الحكومات، فهناك 170 دولة مسؤولة عن أكثر من 90% من انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة. وعلى رأس قائمة الأكثر تلويثا للبيئة، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية، هي الصين وأمريكا.

تعد الصين أكبر مصدر في العالم لانبعاثات الغازات الملوثة (ما يقارب ربع الانبعاثات على مستوى العالم). وتعهدت للمرة الأولى بأن تحد من انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول العام 2030 بالحد الأقصى، بعدما ظلت تمانع تعهدا كهذا بداعي ضرورات التنمية فيها.

والصين أكبر مستهلك للفحم في العالم، وهو أكثر مصادر الطاقة تلوثا، لكنها في المقابل أكبر مستثمر في مصادر الطاقة البديلة. وتنوي تخفيض انبعاثاتها من الكربون بنسبة تراوح بين 60 و65% بحلول العام 2030 مقارنة مع ما كانت عليه في العام 2005.

اتفاقية المناخ

تعد الولايات المتحدة ثاني مصدر للتلوث في العالم، وهي تعتزم تخفيض انبعاثاتها بما بين 26 و28% بحلول العام 2025 مقارنة مع ما كان في العام 2005، وهو هدف أعلى من المساهمات الأمريكية السابقة، ولكنه أدنى من الأهداف الأوروبية في هذا المجال.

تقول الباحثة في معهد "ورلد ريسورسز" جنيفر مورجان، إن "الولايات المتحدة باتت على الأقل تمتلك خطة ذات مصداقية"، إلا أن ذلك كان في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، الذي كانت إدارته تهتم بهذه القضية.

في حين أعلن ترامب عن انسحاب بلاده من اتفاقية باريس للمناخ. وأكد في خطاب ألقاه، أنه يرفض أي شيء يمكن أن يقف في طريق "نهضة الاقتصاد الأمريكي"، جازما بأن اتفاق باريس المناخي في 2017 "لن يكون له تأثير كبير" على المناخ.

وفي بيان مشترك، أسفت برلين وباريس وروما لانسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس حول المناخ، مؤكدة أنه "لا يقبل إعادة التفاوض".

وأضاف قادة الدول الثلاث: "نحن مقتنعون بشدة بأنه لا يمكن إعادة التفاوض حول الاتفاق"، وذلك بعدما أبدى الرئيس دونالد ترامب رغبته في التفاوض على اتفاق جديد أو إعادة التفاوض حول الاتفاق الراهن. إلا أن الرئيس الأمريكي لم يتراجع عن قراره الذي وصف بـ"الخطير".

وفي آخر تقرير لها، أكدت اللجنة الدولية التي تُعنى بالتغير المناخي أن الجهود التي تقوم بها الأسرة الدولية لمحاولة تخفيف انعكاسات التغير المناخي على بيئات البحار والمحيطات وما يسمى "مناطق الأنهار الجليدية" فيها كثير من التقصير وأن مضاعفات هذا الأداء السيئ كارثية على البيئة وعلى الإنسان نفسه.

ثقب الأوزون

يجري الحديث منذ سنوات عن ثقب بخطورة الأوزون، وفي الأيام الأولى من اندلاع حرائق الأمازون جرى الحديث عن أنها ليست "رئة الأرض" كما هو متداول، فما مدى صحة معلوماتنا حول المناخ؟ وما مدى خطورة ما نجهله؟

حتى وإن سمي "ثقب الأوزون" فهو ليس ثقبا، ولو كان كذلك لاحترقت الكرة الأرضية، إنما يتعلق الأمر بتآكل طبقة من الغلاف الجوي يبلغ سمكها 220 دوبسون (وحدة القياس) في حين يجب أن يكون سمكها 300 دوبسون. وتوجد الطبقة المتآكلة فوق القطب الجنوبي المتجمد.

يتكون الغلاف الجوي من 5 طبقات، التروبوسفير، الستراتوسفير، الميزوسفير، التيرموسفير والإيجزوسفير، طبقة الأوزون هي إحدى مكونات الستراتوسفير، تحظى بكل هذه الأهمية لأنها تعكس الأشعة فوق البنفسجية المنبعثة من الشمس، ولولا هذه الحماية لاحترقت الأرض. 

تآكل الطبقة جعل متوسط درجة حرارة سطح الأرض يرتفع بـ0.9 درجة منذ نهاية القرن 19، وجعل درجة حرارة سطح المحيطات ترتفع أيضا، فيما يخسر القطب الشمالي معدل 286 مليار طن من الجليد سنويا، بينما يخسر القطب الجنوبي معدل 127 مليار طن من الجليد سنويا.

كما أن النصف الشمالي من الكرة الأرضية انخفض غطاءه الثلجي، إذ تذوب الثلوج قبل موسمها، وهذه المياه ترفع منسوب مستوى سطح البحر، الذي ارتفع بـ20 سنتيمترا،  أي أن الأرض مهددة بالغرق.

يزداد معدل تآكل طبقة الأوزون بسبب الغازات المنبعثة من الصناعات التي تعتمد على الكلور والفليور، والأخير عنصر كيميائي رمزه F وعدده الذرّي 9، ويكون على هيئة غاز ثنائي الذرة F₂، له لون أصفر شاحب في الظروف القياسيّة من الضغط ودرجة الحرارة، وهو غاز سام ذو تأثير سلبي على الكائنات الحيّة.

فيما تؤدي الغازات الدفيئة، الناتجة عن المصانع والسيارات والحرائق إلى الاحتباس الحراري، إذ تبقى هذه الغازات حبيسة تحت الغلاف الجوي، فتشكل طبقة تمنع الأشعة الشمسية المنعكسة من الأرض من الرجوع إلى الفضاء، ما يجعل سطح الأرض أكثر سخونة.  

وهي غازات توجد في الغلاف الجوي تتميز بقدرتها على امتصاص الأشعة التي تفقدها الأرض (الأشعة تحت الحمراء)، فتقلل خروج الحرارة من الأرض إلى الفضاء، ما يساعد على تسخين جو الأرض وبالتالي تساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري والاحترار العالمي، وتعد الصين أكبر الدول في حجم انبعاثات الغازات الدفيئة.

رئة الأرض

نفت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية أن تكون حرائق الأمازون قد تسبب نقصا في الأكسجين، وفسرت ذلك بقولها إن غابات الأمازون المطيرة -رغم عظمتها- لا تنتج سوى جزءا بسيطا من الأكسجين في الجو.

وأضافت أن المحيطات هي التي تنتج نصف الأكسجين الذي نتنفسه، والباقي ينبعث من الغطاء النباتي الأرضي الذي لا تمثل منه غابات الأمازون إلا جزءا صغيرا جدا، وبالتالي فهي مصدر لنحو 5% فقط من إجمالي الأكسجين في الغلاف الجوي. لكن هل 5 بالمائة نسبة هينة؟.

الاعتقاد بأن الأمازون تنتج 20% من الأكسجين على الأرض لم يأت من فراغ، بل هو نابع من حقيقة أن الأمازون تساهم بحوالي 20% من الأكسجين الناتج عن عملية التمثيل الضوئي على الأرض.

أي أن الغابة الشاسعة تقدم مساهمة كبيرة في سحب ثاني أكسيد الكربون من الجو، وهي لا تشبه الرئة، بل تشبه مكيف هواء عملاق يبرد الكوكب، وهي من أهم الأسلحة التي تساهم في مواجهة تغير المناخ، إلى جانب غابات استوائية أخرى في وسط إفريقيا وآسيا.

"لوفيجارو" لفتت في المقابل إلى أن هذا لا يعني أن إزالة الغابات من حوض الأمازون لا يمثل كارثة حقيقية، إذ أنه يعرض السكان الأصليين للخطر، ويزيل هذا التنوع البيولوجي الفريد من نوعه في العالم، سواء بالنسبة للنباتات أو الحيوانات. كما أن له تأثيرا كبيرا على المناخين الإقليمي والعالمي.

إلى جانب ذلك، تلعب غابات الأمازون دورا منظما أقل شهرة لمناخ قارة أمريكا الجنوبية بأكملها، إذ أن هذه الغابة المطيرة الاستوائية تمثل مصيدة للسحب المتبخرة من المحيط، وتعيد توزيعها في جميع أنحاء القارة.

الاحتباس الحراري

عند سماع مصطلح "الاحتباس الحراري" يظن سكان العالم الثالث أن الأمر لا يعنيهم، في حين أفادت دراسة بأن التغير المناخي أدى على مدار نصف القرن الماضي إلى تفاقم التفاوت بين دول العالم، إذ عرقل النمو في البلدان الأكثر فقرا، بينما أفضى على الأرجح إلى زيادة معدلات الرفاهية في بعضٍ من أكثر دول العالم ثراء.

إذ أن نسبة الفجوة بين الدول الأشد فقرا وتلك الأكثر ثراء، تزيد بـ25 % عما كانت ستصبح عليه، إذا لم تشهد الأرض ظاهرة الاحتباس الحراري وما تؤدي إليه من ارتفاع لدرجة حرارة الكوكب.

يُعرّف الاحتباس الحراري على أنه ارتفاع بشكل تدريجي في درجات الحرارة في الطّبقة السفلى من الغلاف الجوّي للأرض، وذلك نتيجة الارتفاع في انبعاث الغازات الدّفينة.

وبدأ علماء المناخ -منذ منتصف القرن العشرين- جمع كميّات عملاقة من البيانات والمعلومات التي تدل على حدوث تغير في المناخ على مستوى كوكب الأرض، وتشمل هذه البيانات مُعدلات هطول الأمطار، وتيارات المحيطات، وهبوب العواصف.

وتشير جميع هذه المعلومات إلى وقوع تغيرات أساسية في مناخ الأرض منذ عهد الثورة الصناعية، وبأنها كانت نتيجة مباشرة للنشاطات البشرية والتغير الذي يصنعه الإنسان في بيئة الأرض.

وأفادت المنظمة الدولية للأرصاد الجوية، بأن شهر يوليو/تموز الماضي -مع ما شهده من موجات حرارة غير مسبوقة وفيضانات وحرائق غابات وذوبان للثلوج- كان الأشد حرارة على الإطلاق منذ أواسط القرن التاسع عشر، وهو مؤشر إضافي على الاتجاه التصاعدي للتغيرات المناخية التي تشهدها الأرض.