ماذا يعني إخراج داود أوغلو من حزب العدالة والتنمية؟

12

طباعة

مشاركة

ضجَّت تركيا خلال الأيام الماضية بخبر إحالة رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد داود أوغلو ومسؤولين آخرين في حزب العدالة والتنمية إلى لجنة التأديب تمهيدًا لفصلهم.

وجاء هذا القرار خلال اجتماع عُقد في 2 سبتمبر/أيلول الجاري، برئاسة رئيس الحزب والبلاد رجب طيب أردوغان، مع اللجنة التنفيذية لحزب العدالة والتنمية التركي الحاكم.

وبحسب وكالة الأناضول الرسمية، فإنَّ اللجنة أحالت كلاً من أحمد داود أوغلو، وسلجوق أوزداغ، وأيهان سفر أوستون، وعبدالله باشجي إلى اللجنة التأديبية، تمهيدًا لفصلهم.

ونقلت الوكالة عن مصادرَ لها، أنَّ اللجنة التنفيذية لحزب أردوغان، تعتزِم إحالة الرئيسين السابقين لفرعي الحزب في العاصمة أنقرة وإسطنبول إلى اللجنة التأديبية مع طلب الفصل النهائي.

وبحسب وسائل إعلام محلية تركية، فإنَّ هؤلاء الأشخاص المُقرر إحالتهم للتأديب وفصلهم من الحزب، وجَّهوا انتقادات للرئيس التركي أردوغان، وأعلنوا عزْمهم تشكيل حزب جديد، قد يُنافس الحزب الحاكم في البلاد مُنذ أكثر من 10 سنوات.

ويُعدُّ أحمد داوود أوغلو، أحدَ مؤسسي الحزب الحاكم في تركيا، وشغل منصبي وزير الخارجية ثمَّ رئيس الوزراء حتى استقالته في 2016. ووجَّه أوغلو، الذي كان مقرباً من الرئيس التركي، انتقادات لأردوغان والحزب الحاكم، بسبب ما اعتبره "انحرافًا عن مبادئه الأساسية".

ويُواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، انتقادات هي الأولى من نوعها داخل حزبه، وذلك على خلفية الإجراءات الأمنية التي تبعت محاولة الانقلاب على حكومته في 2016، بالإضافة إلى خسارة حزبه للانتخابات المحلية الأخيرة في إسطنبول. 

طرد وانضمام

وقال الكاتب "جونري جيفا أوغلو" في مقالة نشرتها صحيفة "ميلييت" التركية المعارضة، إنّ الحسابات السياسية قد تبدو مُعقدة، لكنَّ من الواضح أنّ "عبد الله غول" الرئيس التركي السابق سيكون الحصان الأسود لجميع الأطياف التي تتربَّصُ بالرئيس رجب طيب أردوغان ويقصد هنا "المعارضة التركية" بما فيها مَن كان رفيق دربه قبل فترة زمنية قصيرة للغاية كما أنَّ عملية الطَّرد هذه سهَّلت من انضمام "داود أوغلو" لحزب "باباجان" المنتظر.

وبيَّن الكاتب أنَّ "الحدث ليس عاديًا، فإخراج داود أوغلو من الحزب، ليست مُجرد خطوة تأديبية يتَّخذها حزبٌ ما ضِدَّ أحد عناصره، سيما وأنَّه بانتقاداته وتصريحاته القاسية، يُنبئ بأنَّه سيُنشئ حزبًا جديدًا وهذا هو بالضبط بيت القصيد"، وفق تعبيره.  

وفي الحقيقة، ليس "أحمد داود اوغلو" فقط من يريد أن يُنشئ حزبًا جديدًا، حيث يدعمُه في ذلك عبد الله غول الرئيس الحادي عشر لتركيا، إضافة إلى وزير المالية السابق ومساعد رئيس الوزراء "علي باباجان".

وكما هو معروف، وقت أن أضحى "غول" رئيسًا للدولة استقال من حزب العدالة والتنمية كما ينصُّ الدستور في تركيا؛ ولم يُعاود استئناف نشاطه في الحزب بعد أن انتهت فترة رئاسته للجمهورية. 

وتطرق الكاتب إلى "علي باباجان" والذي التقى "أردوغان" وبعدها قدَّم رسالة استقالة واضحة، عرَض فيها الأسباب التي دفعته للاستقالة من حزب العدالة والتنمية بشكل جلِي لا لَبْس فيه وعزاها لـ"منع اسمه من التآكل بسبب عمليات مثل الطَّرد، التي تُعطى إلى اللجنة التأديبية"، كما قال. 

واستقال باباجان من الحزب الذي شارك في تأسيسه في يوليو/تموز الماضي بسبب "خلافات عميقة" بشأن السياسة وقال: إنَّ تركيا في حاجة إلى "رؤية جديدة".

وهذا الفرق الذي حدث بين الرجلين، فبينما قرَّر "باباجان" الاستقالة، فضّل "داود أوغلو" الاستمرار في عضويته للحزب مع عدم القيام بأي نشاط داخله. 

ويشير الكاتب في مقالته إلى أنَّه في اجتماع العدالة والتنمية تمَّ اتخاذ القرار بالإجماع وبدون أي عملية دفاع من قبل داود أوغلو والآخرين. 

ورأى أنَّ هناك انطباع بأنَّ موقف داود أوغلو "الثابت والحازم" هو رسالة "مداواة" إلى عبدالله غول وعلي باباجان؛ وفي المقابل أضاف الكاتب: "يمكن اعتبار هذه الخطوة أول ردَّ فعْلٍ من قِبل حزب العدالة والتنمية وبالأخص الرئيس أردوغان في وقت يواصل فيه "باباجان" تدْشين الهيئة التأسيسية للحزب الخاص به".

من جانب آخر، فهذا يعني تصدير داود أوغلو في الحزب الجديد والإيذان بالموافقة على الانخراط في قيادته. 

ومن المعروف أنَّ تركيا لن يكون لديها أي انتخابات قبيل 3 سنوات من الآن، وهذا يعني أنَّه لن يكون هناك أي إثارة سياسية ولكن من الضروري توسيع سيناريوهات أي انتخابات قادمة، بحسب الكاتب.

أسباب الخلاف

ظهرت الخلافات بين أردوغان وداوود أوغلو إلى العلن في مايو/أيار عام 2016، عندما طلب الرئيس التركي من رفيق دربه تقديم استقالته بعد اجتماع بينهما بحسب ما قالت الصحف المحلية التركية وقتها، وقد كتبت إحدى الصحف حينها عنواناً يقول: "تركيا دخلت في النظام الرئاسي فعليًا" في إشارة إلى استجابة رئيس الوزراء لقرار أردوغان بإقالته وأنَّ منصب رئاسة الوزراء أصبح بلا أهمية بعد ظهور بوادر النظام الرئاسي.

وشجَّع تحالف علي باباجان، نائب رئيس الوزراء السابق، والرئيس السابق عبد الله غول، لتأسيس حزب جديد منافس لحزب "العدالة والتنمية"، داود أوغلو على الاستمرار في توجيه انتقاداته لأردوغان، وكان أشرسُها انتقاده خسارة حزبه في إسطنبول في الانتخابات المحلية وانتخابات الإعادة العام الجاري.

وقال داوود أوغلو في إحدى خطاباته في معمورة العزيز (إلازغ): "كانت الحكومة في الماضي تعمل على تحقيق جميع تعهُّداتها للشعب، وعلى من كان السبب في تراجع الحزب دفع الثمن".

وأضاف أنَّ: "المسؤول عن هزيمة العدالة والتنمية في إسطنبول في الانتخابات البلدية، هو من تسبَّب في حُدوث تراجع في الخطاب والتحركات والقيم والسياسات"، وفق وصفه.

وشدَّد على رفضه لما سمَّاه "الممارسات الخاطئة لأردوغان" قائلاً: "من الخطأ أن يتمَّ الإقرار بصحة العملية الانتخابية ثمَّ التراجع بسبب خسارة الحزب في تلك الانتخابات، كما أنَّه من الخطأ أن تُعتبر المنافسة الانتخابية مسألة حياة أو موت ثمَّ تقوم بوصف من يعتقد بخلاف ذلك أنَّه إرهابي"، حيث رفض داوود أوغلو أيضاً قرار أردوغان إقالة ثلاثة رؤساء بلديات في شرق تركيا، بسبب مزاعم متعلقة بالإرهاب.