اعتقاله فضحهم.. بمن يرتبط زعيم أكبر مافيا مخدرات ودعارة في العراق؟
أثار اعتقال زعيم أكبر مافيا مخدرات ودعارة في العراق حمزة الشمري، جدلا واسعا بشأن توقيت القبض عليه، رغم كشف ممارساته قبل سنوات، ولماذا لم تنفذ الأجهزة الأمنية اعتقاله وأسندت ذلك إلى الحشد الشعبي، الذي يدّعي الشمري انتسابه إليه؟
التساؤلات ذهبت إلى أبعد من ذلك، فقد تساءل البعض عن الدوافع التي أدت إلى اعتقال الشمري، رغم انتسابه للحشد الشعبي، فهل يكون بداية للإطاحة بقيادات أخرى، أم أنه كبش فداء أطيح به لتلميع صورة "الحشد"، الذي يتهم برعايته لتجارة المخدرات والدعارة وصالات القمار في البلاد؟
صديق المسؤولين
الشمري المعروف بـ"الحجي" شغل الرأي العام بعد اعتقاله، ونشر صوره التي التقطها مع قيادات سياسية نافذة في البلد وعدد من رجال الدين الشيعة المقربين من المرجعية الشيعية في النجف، إضافة إلى حصوله على هدايا وشهادات تقديرية من مسؤولين بالدولة.
أبرز الذين ظهر معهم الشمري في صور نشرها على حسابه في "فيسبوك"، مستشارة رئيس الوزراء لشؤون المرأة، حنان الفتلاوي، كما أن منشوراته لم تخف تأييده ودعمه لانتخاب رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي، كذلك تأييده لزعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله.
لكن حمزة الشمري، ظهر قبل اعتقاله بمدة على إحدى القنوات الفضائية العراقية، تحت عنوان "مستثمر في أحد النوادي الليلية ببغداد" وقال: إنه "لا يبتز أحد، وهو داعم للحشد الشعبي، ويتشرف بالانتماء للأحزاب الدينية المقدسة، كما أن لديه كتاب شكر من المرجعية الدينية بالنجف".
طيلة الأعوام السابقة، كان الشمري يؤكد انتماءه للحشد الشعبي، ليظهر في صور عدة، إحداها مع رجل دين، قال إنه مبعوث المرجع الديني محمد الخاقاني، والذي كرمه بـ "سيف الإمام علي".
وبحسب نواب مستقلين في البرلمان العراقي، فإن واردات صالات القمار تصل إلى 2 مليون دولار يوميا، ويتم تمويل أنشطة بعض الأحزاب من خلالها.
ويسيطر "حجي حمزة" على جميع أماكن لعب القمار (صالات الروليت) والدعارة وتجارة المخدرات، حسبما أفاد بيان لقوات الحشد الشعبي أصدرته عقب عملية اعتقاله.
وكشف البيان، أنه جرى اعتقاله مع 25 آخرين من أتباعه ومسؤوليه الذين كانوا يدعون انتماءهم لـ"الحشد" ويمتلكون هويات مزورة والذين فتكوا ببعض الشباب العراقي من خلال توريطهم بتعاطي المخدرات وزجهم في صالات القمار من أجل كسب ملايين الدولارات يوميا.
��#عاجل
— مديرية الإعلام - هيئة الحشد الشعبي (@teamsmediawar) August 5, 2019
بتوجيه من رئيس الوزراء @AdilAbdAlMahdi نفذ ابطال مديرية #امن #الحشد_الشعبي الحملة #الاكبر في تاريخ #العراق لملاحقة مافيات #الروليت و #القمار و #الدعارة و تجارة #النساء ، حيث تم اعتقال المدعو #حجي_حمزة_الشمري زعيم هذه المافيات مع 25 متهم اخر من اتباعه يدعون انتمائهم للحشد pic.twitter.com/XYCgkUB147
لماذا "الحشد" اعتقله؟
اللافت في الأمر، أن من اعتقل حمزة الشمري، هو "مديرية أمن الحشد الشعبي"، وليس قوات الشرطة أو جهاز مكافحة المخدرات، غير أن قيادات فصائل مسلحة تابعة لـ"الحشد" أكدت أن من يدّعي انتسابه للحشد ويمارس هذه الأعمال لا يقدِر عليه جهاز أمني غير "الحشد".
زعيم مليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، الذي ظهر في إحدى الصور مع الشمري، قال: إن "الحشد الشعبي حقق إنجازا مهما، بعد تصديه لصالات القمار (الروليت) ولم تكن لدى الأجهزة الأمنية والعسكري، القدرة على اعتقال هؤلاء، لأن عددا كبيرا من القادة العسكريين والأمنيين متورطون بصالات القمار، وتجارة الجنس".
وادعى الخزعلي، "أن عملية اعتقال الشمري كشفت وجود أماكن خاصة للاستراحة وشرب الخمر وممارسة الجنس أنشأها الأخير في مقاره، إذ يقوم الشمري بتصوير شخصيات سياسية وأمنية مهمة من خلال كاميرات نصبها لهم في هذه الغرف، ويمتلك مقاطع على رؤوس كبيرة في البلد".
وفي خطوة اعتبرها مراقبون، محاولة لتلميع صورة الحشد الشعبي وتبرئة ساحته من رعاية الدعارة وتجارة المخدرات بالعراق، قال الخزعلي: إنه "منذ 15 عاما لم يجرؤ أحد على مداهمة أماكن الشمري واعتقاله، ولأن الحشد الشعبي، نظيف الثوب، وليس متورطا بأي فساد من هذا القبيل، استطاع أن يقوم بهذه المهمة بدون تردد".
وعلى الوتيرة ذاتها، كشف مدير إعلام الحشد الشعبي، مهند العقابي، جانبا من تحضيرات اعتقال حمزة الشمري، والذي اتهمه بيان الحشد بالإتجار بالنساء والمخدرات.
وقال العقابي في حديث للتلفزيون الرسمي العراقي: إن "رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي وجّه هيئة الحشد الشعبي شخصيا بمتابعة الملف، لتقوم الهيئة بتوجيه جهاز الأمن الخاص في الحشد، لتنطلق القوة".
وبخصوص سبب اختيار الحشد الشعبي لتنفيذ المهمة، عوضا عن أجهزة الدولة الأخرى، أجاب العقابي قائلا: "كان التكليف مباشرا من رئيس الوزراء، وهو كان مُتابعا أولا بأول لتفاصيل القضية، حتى أنه كان يتصل بشكل يومي، وأحيانا ثلاث مرات في اليوم، منذ تسليم الملف لأمن الحشد وحتى لحظة اعتقال الشمري بعد ثلاثة أيام من تسلّم الملف".
وتبرأ العقابي من كون "حجي حمزة" منتسبا للحشد الشعبي، مشيرا إلى أن "هناك فرقا كبيرا بين مدّعي الانتماء وبين منتسبي الحشد".
من يقف وراءه؟
تصنيف الشمري نفسه على "محور المقاومة" من خلال نشر صور للمرشد الإيراني علي خامنئي، ورئيس الحكومة العراقية الأسبق نوري المالكي الموالي لإيران، إضافة إلى صور زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله، ترفع منسوب التكهنات حول الجهات التي تقف وراء "الحجي".
إلى جانب ذلك، فإن الشمري يرأس شركة تسمى "يادكار اللبنانية العراقية للاستثمارات السياحية"، إضافة إلى زياراته المتكررة إلى لبنان، يربطها مراقبون بأن "الحجي" امتداد لمافيات تجارة المخدرات التابعة لحزب الله اللبناني.
ولعل ما يؤكد ذلك، هو حديث حاكم الزاملي الرئيس السابق للجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، الذي أكد في حديث تلفزيوني عقب اعتقال الشمري، أن الأخير هو الحلقة الأضعف في مافيا تجارة المخدرات، والدعارة في البلد.
وكشف الزاملي، أن "حجي حمزة تسلسله الأخير بين الحجاج السبعة، الذين يرتبطون بحجي كبير، وهؤلاء الحجاج الأقوياء هم المافيا الكبيرة، وهم أهم من حمزة، فهو أضعفهم، والبعض منهم صدرت بحقه أوامر القاء القبض، لكنها لم تنفذ بعد".
ولفت رئيس اللجنة الأمنية السابق في البرلمان، إلى أنه تحدث قبل عام في وسائل الإعلام عن خطر هؤلاء. هناك جهات من خارج العراق ومن داخله ترعى هذه المافيا، فيما سخِر في حديثه بالقول: "نأتي بالمخدرات من الأرجنتين"، في إشارة إلى إيران.
وأكد الزاملي، أن الرأس الكبير لمافيات تجارة المخدرات والدعارة وصالات القمار، لا يزال طليقا وبالإمكان إلقاء القبض عليه لو كانت لدى الدولة العراقية إرادة لفعل ذلك، وحينها ستظهر ارتباطاته وصوره التي التقطها هو الآخر مع كبار مسؤولي البلد.
وربط السياسي العراقي، بين حادثة اعتقال "حجي حمزة" وتهريب تجار المخدرات من سجن القناة شرق العاصمة بغداد، لافتا إلى أن الجهات واحدة التي تقف وراء رعاية هؤلاء ومحاولة حمايتهم.
من جهته، قال الخبير القانوني طارق حرب، إن التحقيق بدعوى "حجي حمزة" لايزال سريا ولم ترفع السرية عنه حتى الآن طبقاً لأحكام قانون الأصول الجزائية الذي أجاز سرية التحقيق لفترة محددة وليست مطلقة.
وتساءل حرب في منشور على حسابه بـ"الفيسبوك" قائلا: "هل بدأت حرب المافيات والتصفيات بين المتصدرين والمتنافسين على احتكار هذه التجارة؟ ولمن ستكون من هؤلاء خلافة حجي حمزة في قيادة هذه التجارة التي أرباحها وما يتحقق منها يوازي أو يفوق ما تأمل الحكومة الاتحادية حصوله من تصدير نفط إقليم كردستان بالرقم الوارد في قانون موازنة عام 2019؟".
ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي، صورة لزعيم مافيا المخدرات والدعارة، "حجي حمزة" أثناء احتجازه لدى جهاز الأمن الوطني، بعدما اعتقلته قوة من الحشد الشعبي، كما نشر ناشطون مقاطع فيديو لعملية مداهمة فندق فلسطين ميريديان وسط بغداد، واعتقال ثلاثة من أصحاب "صالات الروليت".
المصادر
- الحشد يكشف تفاصيل توقيف حمزة الشمري.. اتصالات عبد المهدي لم تتوقف لاعتقاله
- بالصورة .. "حجي حمزة" بعد القاء القبض عليه
- من يقف وراء "زعيم مافيا القمار والدعارة" بالعراق؟
- بعد 15 عاما استيقظ الحاج “حمزة الشمري” فوجد نفسه زعيم مافيا قمار و دعارة!
- الحشد الشعبي يعتقل زعيم أكبر مافيا للقمار والمخدرات في العراق
- الخزعلي: حمزة الشمري لم يعتقل طيلة 15 سنة لإمتلاكه فيديوهات عن تورط قادة أمنيين وسياسيين مهمّين (فيديو)