"مجاهدي خلق" الإيرانية.. من قائمة أمريكا السوداء إلى أروقة الكونجرس

12

طباعة

مشاركة

في ظل التوترات القائمة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، يرى المسؤولون الأمريكيون الآن منظمة "مجاهدي خلق"، وهي جماعة معارضة إيرانية كانت موضوعة على القائمة السوداء، يمكن أن تكون بديلا لنظام الجمهورية الحاكم منذ 1979.

ونشر موقع "ميدل إيست أي" تقريرا في نسخته الفرنسية، تحدث فيه عن هذه الجماعة التي أسسها مثقفون إيرانيون عام 1965، وتعدّ الآن أشرس قوة معارضة للنظام الإيراني.

طائفة شمولية

وقال التقرير: إنه "حالما انتهت مريم رجوي، رئيسة منظمة مجاهدي خلق، التي يظهر وجهها على شاشة عملاقة، من الحديث، كانت السماء فوق مئات من أنصارها في الولايات المتحدة مليئة بالحلويات الحمراء والبيضاء والخضراء، وهي ألوان العلم الإيراني".

وأضاف: "مرتدية بدلة زرقاء داكنة لامعة ووشاحا حول رقبتها، اتهمت مريم رجوي، الحكومة الإيرانية بـالإرهاب والعدوان"، حيث رد المؤيدون عليها بـ "إيران مريم، مريم إيران"،  ملوحين بالعلم الإيراني قبل الثورة الإسلامية، الذي كان يضم أسدا ذهبيا مع سيف بدلا من اسم الله باللغة العربية الذي يزين الآن شعار البلاد.

وأشار التقرير إلى أن هذا الحدث جرى أمام مبنى وزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن، حيث كان أنصار منظمة "مجاهدي خلق" يرتدون ملابس صفراء، ممتلئين بالحيوية ولكن منضبطين، ووقفوا في طابور، مثل تشكيل عسكري، لمشاهدة  الشاشة.

وأوضح، أن النقاد يصفون جماعة المعارضة الإيرانية هذه بأنها "طائفة شمولية" ويخشون من ثقلها المتزايد في أروقة السلطة في واشنطن، فقبل سبع سنوات فقط، صنفت وزارة الخارجية الأمريكية منظمة "مجاهدي خلق" بأنها "إرهابية" وسمعتها السيئة للغاية هو أمر تعرفه مريم رجوي وأتباعها جيدا.

وذكر الموقع، أنه  خلال خطابها القصير عبر الفيديو يوم 21 يونيو/حزيران الماضي، شكرت مريم رجوي "أصدقاءها" في الولايات المتحدة، بمن فيهم المسؤولين المنتخبين اليوم، وأعضاء مجلس الشيوخ، والجنرالات السابقين، والسفراء السابقين والسياسيين من جميع المستويات.

ومن جانبهم، طالب متظاهرون من منظمة مجاهدي خلق، أمام المبنى الذي وصف منظمتهم على أنهم "جماعة إرهابية" في عام 1997، الحكومة الأمريكية بـ "معاقبة الملالي أكثر".

يؤيدها معاوني ترامب

وبيّن "ميدل إيست أي" أن "اثنين من الأذرع اليمنى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب يساندون مجاهدي خلق: مستشار الأمن القومي جون بولتون، والمحامي الشخصي للرئيس رودي جولياني، إضافة إلى أن مشرّعون من الحزبين السياسيين الأمريكيين الرئيسيين، امتدحوا حركة مجاهدي خلق، باعتبارها حركة مؤيدة للديمقراطية، على الرغم من ماضيها المضطرب".

ونقل التقرير عن باربارا سلافين، مديرة مبادرة مستقبل إيران بالمجلس الأطلسي، وهي مؤسسة بحثية مقرها واشنطن، قولها: "تمكنهم من الحصول على هذا التأثير في الولايات المتحدة أمر سخيف". وأضافت: "أعتقد أن السبب الرئيسي في ذلك هو المال... إنهم يدفعون جماعات الضغط للدفاع عن قضيتهم، أصحاب النفوذ الكبير مثل جون بولتون ورودي جولياني حسموا أمرهم".

وبحسب الموقع، ظهر جولياني مرة أخرى على منصة مجاهدي خلق هذا الشهر، وتصدّر مؤتمرا في ألبانيا، حيث تتمركز مجموعة المنشقين الآن هناك، وقد وصف العمدة السابق لمدينة نيويورك المجموعة بأنها "حكومة في المنفى"، وقال إنها بديلة جاهزة لقيادة البلاد إذا انهارت الحكومة الإيرانية، وإنه يؤيد علنا تغيير النظام في طهران.

وأضاف مازحا: "مريم رجوي تتمتع بدعم في الكونجرس الأمريكي أكثر مما كان يتمتع به"، ورأى الموقع أنه استنادا إلى تأثير هذه الجماعة في أصحاب السلطة في واشنطن، فقد يكون جولياني على حق.

ولفت إلى أنه على مرّ السنين حضر كل من إليوت إنجل، وبراد شيرمان، كبار الديمقراطيين في مجلس النواب، وعضو الكونجرس الجمهوري توم ماكلينتوك، والسيناتور الجمهوري جون كورنين، والسيناتور الديمقراطي جاري بيترز وجين شاهين، والسيناتور جون ماكين، جميع أحداث المنظمة دعما لها.

وأوضح، أنه خلال مسيرة الشهر الماضي في واشنطن، أشاد السياسيون الديمقراطيون كالجمهوريين بقتال الجماعة ضد الحكومة الإيرانية، فمنذ شطبها عام 2012 من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية التي أنشأتها واشنطن، استفادت منظمة مجاهدي خلق من قدرتها على العمل بشكل قانوني في الولايات المتحدة والعداء المتزايد ضد حكومة إيران لجذب المشرّعين.

وبحسب التقرير، فإن رايان كوستيلو، مدير السياسة بالمجلس القومي الإيراني الأمريكي (لوبي مقره واشنطن) قال: إن ضرب إيران من خلال خطة سياسية يلقى رواجا في بعض الدوائر، وإذا كان هناك حافز مالي أيضا، فسيكون من السهل على العديد من المشرّعين الانضمام".

الإطاحة بنظام "الملالي"

وأوضح الموقع، أنه خلال  الشهر الماضي، قدّم المشرعون الرئيسيون والمسؤولون السابقون رسائل دعم خلال تجمع لـ"مجاهدي خلق" في واشنطن، بمن فيهم السيناتور بوب مينينديز، أعلى ديموقراطي في لجنة العلاقات الخارجية.

ونقل التقرير بيانا عن مينينديز قرأه خلال الاحتجاج، قال فيه: "شكرا لكم لمواصلة تسليط الضوء على محنة الإيرانيين في ظل نظام قمعي ووحشي، أنا أشاركم رؤيتكم لمستقبل أفضل لإيران وجميع الإيرانيين".

وجرى هذا التجمع بعد أقل من 24 ساعة من إلغاء ترامب، شن ضربات عسكرية ضد إيران في سياق التوتر المتصاعد بين البلدين، حيث ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن جون بولتون كان واحدا من كبار مسؤولي البيت الأبيض الذين يشجعون العمل العسكري.
ويشارك بولتون، وهو متحدث منتظم في تجمعات  "مجاهدي خلق"، وجهة نظر الجماعة بأن النظام الإيراني لا يمكن إصلاحه ويجب الإطاحة به، وخلال مؤتمر نظمته "مجاهدي خلق" في باريس عام 2017، قبل أشهر قليلة من وصوله إلى فريق ترامب، أعلن بولتون للحشود أنهم سيحتفلون بسقوط الحكومة الإيرانية قبل عام 2019.

وقال في ذلك الوقت: "لقد جئت إلى هذه الأحداث لأكثر من عشر سنوات، وأكرر أن السياسة المعلنة للولايات المتحدة الأمريكية يجب أن تتمثل في الإطاحة بنظام الملالي بطهران".

كما أنه في مسيرة جرت الشهر الماضي، أشار العديد من المتحدثين أيضًا إلى أن "مجاهدي خلق" هم البديل المثالي للحكومة في طهران، وقال بيل ريتشاردسون، حاكم نيومكسيكو السابق وسفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة من 1997 إلى 1998:"نحن بحاجة إلى نظام جديد، وهذا النظام هو مجاهدي خلق".

علاقة مع السعودية

وعندما سأل الموقع باربرا سلافين، عما إذا كانت منظمة "مجاهدي خلق" تتمتع بشرعية كافية لتكون بديلا عن الحكومة الإيرانية، كما يقول بعض أنصار الجماعة ردت:  "لا، لا على الإطلاق". وأضافت ليس كل المشرّعين الذين تحدثوا في فعاليات منظمة مجاهدي خلق كانوا بالضرورة مدركين لقصة الجماعة أو دعموا المنظمة نفسها "إنهم يعلمون أن هذه الجماعة تعارض النظام الإيراني، إنهم لا ينظرون إلى التفاصيل، ولا يدرسون تاريخ الجماعة".

كما أشار الموقع إلى أن "مجاهدي خلق" لا تخفي علاقاتها مع الحكومة السعودية، وغالبا ما تشتمل الأحداث التي تقيمها متحدثين مؤيدين للسعودية وحتى مسؤولين سعوديين في بعض الأحيان، حيث تحدث تركي الفيصل، أمير سعودي وكان أيضا رئيس مخابرات سابق ودبلوماسي رئيسي، في تجمعات المنظمة في باريس عامي 2016 و 2017 ، مما دفع طهران إلى اتهام الرياض بدعم الإرهاب.

وتحدث سلمان الأنصاري، رئيس لجنة العلاقات العامة السعودية الأمريكية (SAPRAC)، وهي جماعة ضغط مؤيدة للرياض في واشنطن، في مؤتمر لمنظمة "مجاهدي خلق" في ألبانيا في 13 يوليو/تموز.

ونوّه الموقع إلى أن السعوديين ليسوا الزعماء الأجانب الوحيدين الذين يحضرون أحداث "مجاهدي خلق"، فرئيس الوزراء الكندي السابق ستيفن هاربر تحدث في مؤتمر المجموعة هذا الشهر في ألبانيا، والذي حضره العشرات من المشرّعين والوزراء السابقين من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك السناتور الأمريكي السابق ونائب الرئيس الديمقراطي جو ليبرمان، بالإضافة إلى نواب من جميع أنحاء الشرق الأوسط.

ونقل التقرير عن باربرا سلافين، قولها إنه على الرغم من التقارير الصادرة عن أنشطتها، لا تزال منظمة "مجاهدي خلق" محاطة بالسرية ومن الصعب فهم أساسها العقائدي المعقّد.