النساء في عهد الحوثي.. معتقلات أو أداة للوقيعة بالمعارضين

آدم يحيى | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

في يناير/كانون الثاني الماضي كشف تقرير لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية عن اعتقال عشرات النساء اليمنيات من مقاه وحدائق ومحلات عامة واحتجازهن في فلل تابعة لقيادات حوثية.

ونقلت الوكالة عن منظمة مكافحة الاتجار بالبشر أن القيادي الحوثي سلطان زابن هو المسؤول عن هذه الاعتقالات، وأن الفتيات المعتقلات يتعرضن للتعذيب والضرب والابتزاز، وهو ما أكدته صحيفة واشنطن بوست مضيفة أن الفتيات يتعرضن للابتزاز من خلال توجيه تهم أخلاقية لهن، من أجل سرقة أعراضهن.

وكشفت المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر، عن عمليات اختطاف حوثية طالت نحو 120 امرأة وفتاة، واحتجازهن في سجون غير رسمية في صنعاء، تدار من قبل عناصر تابعة للحوثي وكذلك من قبل مسؤولين في  إدارة البحث الجنائي معينين من قبل الحوثي.

وأضاف نبيل فاضل رئيس المنظمة، أن عدد النساء المختطفات والمبلغ عنهن يصل إلى نحو 162 امرأة وفتاة، كلهن يتعرضن للتعذيب النفسي والجسدي  ويجبرن على دفع مبالغ مالية مقابل الإفراج عنهن.

انتهاكات جسيمة

كشف تقرير حقوقي لمنظمة سام للحقوق والحريات، ومقرها جنيف، أن الحوثيين يعتقلون نساء في سجون خاصة بهم في صنعاء، ويمارسون انتهاكات جسيمة بحق المعتقلات.

وقالت المنظمة في تقريرها إن الحوثيين شكلوا جهازا أمنيا خاصا بالنساء وظيفته اعتقال النساء واستدراجهن وجمع معلومات ميدانية عن الخصوم والمشاركة في اقتحام المنازل.

وأضافت المنظمة أنها رصدت مواقع لاعتقال وإخفاء النساء شملت أماكن مهجورة تستخدم للتحقيق والتعذيب النفسي، وبيوت مواطنين تم إجبار أصحابها على تركها، وأقسام شرطة تسيطر عليها مليشيا الحوثي.

وذكرت المنظمة في تقريرها أن نساء معتقلات تعرضن للتعذيب الشديد والمعاملة القاسية، ما دفعهن لمحاولة الانتحار.

وحسب التقرير، فإن جماعة الحوثي تعتقل نحو 90 امرأة وتلفّق ضدهن قضايا أخلاقية لابتزازهن ماليا، وحوى التقرير، الذي حصلت الاستقلال على نسخة منه، شهادات لضحايا وأقارب ضحايا وشهود عيان تحدثوا للمنظمة عن انتهاكات جسيمة تتعرض لها النساء المعتقلات في سجون ميليشيا الحوثي.

خطوط حمراء

في محاولة لتلافي ردود الأفعال الغاضبة من قبل المجتمع اليمني إزاء اعتداءات الحوثيين المباشرة ضد النساء قامت الجماعة بتلفيق تهم كيدية لهن بالدعارة، وهو الأمر الذي ألجم أهالي الفتيات المختطفات.

تقول الناشطة الحقوقية، المسؤولة في منظمة Women for Yemen، كوكب الذيباني، لـ "الاستقلال": "في الوقت الذي يفترض أن يكون الاعتقال جريمة ارتكبها الحوثيون، فإنها تتحول لقضية شرف وعار يلحق بأهالي الفتاة".

مضيفة: "الحوثيون يواجهون كل من يطالب بالإفراج عن ابنته، بأنها متورطة بجرائم دعارة، وهو الأمر الذي يتوقف عنده الأهالي، ويلجؤون لإخفائه عن أقاربهم، ويضعف موقفهم القانوني، مع علم معظمهم بأن تلك الجرائم ملفقة، غير أن الحديث في الشرف حساس للغاية، وحتى إن كان مفبركا وملفقا".

الذيباني تابعت: "بالطبع قام الحوثيون بالقبض على متورطات حقيقيات بجرائم دعارة، لكن ذلك محاولة منهم لخلط الأوراق، وتمييع القضايا، وتبرئة موقفهم من الانتهاكات التعسفية من أجل الابتزاز".  

جماعة الحوثي أصدرت فيلما بعنوان "خطوط حمراء" للحديث عن ما سمته "كشف شبكات الدعارة" واتهمت كل المعتقلات بالدعارة، بما في ذلك المتظاهرات اللاتي خرجن في مسيرة للمطالبة بجثة صالح، وقالت إن المتظاهرات هن في الأصل مدفوعات من قبل من يقود تلك الشبكات.

المكانة المفقودة

يُعرف عن المجتمع اليمني بأنه مجتمع محافظ، شأنه شأن عدد من البلدان العربية، وتحضر العادات القبلية في اليمن بشكل قوي، وتوفر الأعراف القبلية للمرأة حقوقا ربما لا يوفرها القانون، حيث يحرم العرف القبلي اعتقال المرأة أو احتجازها، أو مداهمة بيتها.

لكن منذ انقلاب جماعة الحوثي فقدت المرأة هذه المكانة وأصبحت عرضة للاعتقال في أي مكان وبطريقة غير قانونية.

يقول توفيق الحميدي، رئيس منظمة سام للحقوق والحريات: "رغم أن النساء في اليمن يحظين بمكانة خاصة، إلا أنهن مع سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء فقدن هذه المكانة، وأصبحن يتعرضن لانتهاكات جسيمة تتنافى مع الأعراف والقيم الإنسانية، ومخالفة لاتفاقية حقوق المرأة، حيث رصد على نطاق واسع معاملة تعسفية من قبل مليشيا الحوثي للمرأة في اليمن".

وتقول رينا محمد، أخصائية علم الاجتماع، لـ"الاستقلال": "لم يعد المجتمع اليمني يطالب الحوثيين باحترام مكانة المرأة اجتماعيا، ولا بمراعاة العرف القبلي لها، بل بتطبيق القانون، فاعتقال مئات النساء بغير تهمة هو أمر مخالف للقانون، واحتجازهن في فلل سرية أمر مخالف للقانون والأعراف القبلية، أما ابتزازهن فهو تصرف ميلشاوي يكمل الحلقة".

تضيف رينا محمد: "للأسف يرتكب الحوثيون الجرائم بحق النساء ثم ينفذون بجلدهم، عندما يلفقون تهما على المعتقلات بارتكاب جرائم أخلاقية، فمن سيقاضيهم، وكل الأجهزة الأمنية والقضائية والسياسية بأيديهم؟".

استدراج وإيقاع

في مقابل القبض على النساء من قبل الجهاز الأمني النسوي التابع للحوثي، يقوم فصيل نسوي آخر تابع للحوثيين، بمحاولة استدراج وإيقاع عدد من المسؤولين التابعين للشرعية أو الموالين للحوثيين كذلك، لابتزازهم ماليا مستقبلا، أو للضغط عليهم في تبني موقف سياسي معين.

كانت إحدى المجندات السابقات مع جماعة الحوثي، تحدثت في مقابلة إنها "أخذت دورة مع 17 امرأة أخرى في منزل مشرفة ثقافية تابعة للحوثيين من بيت المؤيد، كان المنزل تحت حراسة أمنية مشددة، وكان نشاطه محاطا بسرية عالية، وكانت الدورة تتناول كيفية الإيقاع بمسؤولين وإعلاميين تابعين للشرعية".

تقول المجندة السابقة: "المشرفات كان معظمهن هاشميات منتميات لجماعة الحوثي، بالإضافة إلى امرأة أخرى كانت تتحدث العربية الفصحى، تقول كنا 18 امرأة مقسمات على عدة مجموعات، كانت مهمة إحدى المجموعات هو الإيقاع ببعض الشخصيات المهمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل الابتزاز المالي".

تضيف: "أعطونا ساعات ذكية  قادرة على التصوير بشكل دقيق، وكانت مهمتي التي كُلّفت بها هي الإيقاع بشخصية دبلوماسية يمنية في مصر، وتصوير مشهد فاضح عبر الساعة الذكية، وهو الأمر الذي تم التجهيز له والسفر، غير أني تراجعت في النهاية عن أداء هذه المهمة".

تواصل المجندة: "هناك عدة فتيات مخصصات للإيقاع بمسؤولين يمنيين في عدة بلدان، وتصويرهم في مشاهد مخلة، من أجل الضغط عليهم مستقبلا وابتزازهم ماليا، وبالفعل وقعت بعض الشخصيات في هذا الفخ، من ضمنها شخصية كبيرة تعمل في شركة النفط اليمنية، وحاليا يتم ابتزازها بمبالغ خيالية".

تضيف المجندة أن أحد الأشخاص التي كلفت بالإيقاع به هو وزير السياحة في حكومة الحوثيين ناصر باقزقوز، غير أنها اعتذرت عن العمل معهم نهائيا، حد قولها.

ما يفعله الحوثيون هو امتداد لنهج الرئيس الراحل علي عبد الله صالح الذي اشتهر عنه هذه الطريقة في الإيقاع بعناصر من المحيطين به، وتصويرهم في مواقف مخلة، ثم الضغط عليهم مستقبلا.

وتحدث مصدر مطلع لـ "الاستقلال"، عن احتفاظ الرئيس السابق بملفات كاملة لعدد من المسؤولين الذين وقعوا ضحية تلك الفضائح التي دبّرها لهم صالح.