تغيّر المشهد عالميا.. كيف تسعى تركيا إلى العودة كقوة عظمى؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "ستار" التركية، مقالا للكاتبة سيفيل نورييفا إسماعيلوف، سلطت فيها الضوء على تغيّر الأوضاع العالمية بشكل مستمر، وأن العلاقات السياسية بين الدولة لا تثبت البتة على حال واحدة، مؤكدة أن الصاعد في الموضوع هي وجود تركيا كلاعب دولي وبقوة.

وقالت الكاتبة في مقالها: إن "الكل يدرك أن من يريد تربع الطاولة عالميا والمشهد على مستوى دولي عليه أن ينسج علاقات راسخة مع تركيا، وريثة الإمبراطورية العثمانية والتي تريد تركيا ان تستعيد مكانتها بكل قوة".

تقلبات خطاب ترامب

وأوضحت، أن ترامب لم يثبت على خطاب واحد تجاه دولة ما، حتى مع روسيا، فهو  يقوم بتغيير الخطاب تجاه روسيا لفترة طويلة، حتى منذ الانتخابات؛ تقصد الكاتبة الانتخابات الرئاسية، ترامب هو أول رئيس يضع في خطابه مفهوم المصالح الاقتصادية في بداية كل شيء.

وأشارت الكاتبة إلى أن ترامب هو أول رئيس يعبّر عن الحقائق الاقتصادية الأمريكية في درجة عالية، لكنه يحاول تنفيذ كل شيء وفقا لقواعد النظام الرأسمالي. وهو يتحدى هيكل الدولة الداخلي غير المتجانس وقواعد الشركات الكبرى وأصحابها الذين يرون العالم كشركتهم؛ وبالتالي، هذا هو السبب وراء هذا التباين والموقف الصعب البناء عليه.

ولفتت إلى أن ترامب ليس رجل دولة. لكنه رأسمالي والظروف العالمية تحت سيطرة العقل الرأسمالي العالمي، الوضع القاسي ينتهك الولايات وقانون الدولة؛ وهذا ما فهمناه منذ وقت طويل. نحن في صراع بين أولئك الذين يعرفون حكم الدول وأولئك الذين يعرفون حكم فرض الرأسمالية وعليه، فالأسئلة مثل بمن نثق؟ ومن أعطى وعودا وبمن نثق؟ أسئلة لا يمكن تخطيها.

وتابعت: "هنا، إذا كان نجاح أولئك الذين يمكن أن يمزجوا الحقائق الرأسمالية في العالم مع فهم قانون الدول، فمن الممكن التعامل مع هذا المأزق؛ ومن هؤلاء يقول الكاتب، إلى جانب أردوغان وترامب وبوتين، فعندما تنظر إلى العلاقات بين الزعماء الثلاثة، فإنه ليس من الصعب فهم حقائق العالم".

وتنتقل الكاتبة في حديثها إلى الإمبراطورية القديمة التي صارعت الإمبراطورية العثمانية، وتقصد هنا بريطانيا، فتقول: إن الأسباب الحقيقية لإنجلترا، التي تحاول قطع العلاقات الروسية الأمريكية لفترة طويلة، مخفية في الحالة التي ذكرتها أعلاه ومن الواضح أنه حتى لو لم يتخذ ترامب قرارا بمفرده، فإنه يتصرف مع أشخاص يقفون بجانبه ويركز على من يدعم أسلوبه.

ما موقف إنجلترا؟

وبيّنت، أن إنجلترا الصامتة، ليست راضية عن هذه العلاقات على الرغم من التصدع الموجود، فهي ليست مرحبة بالعلاقات الأمريكية التركية ولا التركية الروسية ولا حتى توطيد العلاقات الأمريكية الروسية؛ ولها تاريخ عميق في هذه المسائل، وكانت دائما أسلوبها الأمثل هو السيطرة على البحار، يعني على طرق التجارة العالمية، ولتجنب العطل في هذا النظام يجب على هذه العلاقات ألا تتغير وأن تكون على حالها وربما أسوأ.

وأكدت الكاتبة، أن أمريكا تتحرك مع إنجلترا، هذا الوضع كان دائما وذلك لأن المملكة المتحدة كدولة كانت وراء أمريكا في إقحامها الصراع العالمي، وقت أن كانت تسمى بريطانيا، الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس؛ ولكن الظروف العالمية الجديدة والنظام الرأسمالي، جنبا إلى جنب مع ترامب، في طريقه لكسر بعض القواعد.

ورأت أن ترامب ليس ذلك الثوري، وربما أصلا لا تخطر في باله هذه المفاهيم، تضيف الكاتبة ولكن الظروف الجديدة في العالم تؤدي إلى عدد من الخطوات وترامب هو ممثل الرأسمالية القاسية؛ وهنا لا يمكن التنبؤ إلى أين سيذهب العالم، لكن الشيء الواضح هو؛ أن القانون الرأسمالي والذي ينتهك قانون الدول وكذلك العلاقات التي تتبلور الآن مع صفقة الصواريخ الروسية، تعمل على صياغة العلاقات العالمية في الوقت الراهن.

ونوّهت الكاتبة إلى أن إنجلترا في خوف، وهي لا تريد أن ترى روسيا في ثقلها الحالي على الطاولة العالمية الجديدة، ولكن من المعروف أن الكل يخطب ود تركيا كقوة صاعدة، ويفعل الجميع الكثير من أجل توطيد العلاقات مع تركيا، ومن ينجح في ذلك سيكون له رأي في الطاولة العالمية الجديدة.

ولفتت إلى أن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا مهمة لتحقيق التوازن العالمي، لكن من الواضح أنها لن تبقى صامتة إذا خرجت عن نطاق سيطرتها.

العلاقات مع تركيا

لكن الأمر، تضيف الكاتبة، يختلف فيما يتعلق بتركيا، فتركيا وريثة للإمبراطورية العثمانية، وبإضافة منظور جديد عن تاريخ تركيا وما وصلت إليه الآن، وهي تسعى بكل قوة لأن تعود لما كانت عليه قبلا، كقوة عظمى، لقد نجحت لسنوات عديدة في دفع العالم الإسلامي وإعادة تسليط الضوء على بلاد الأناضول وتقاليد الأتراك مرة أخرى.

وزادت قائلة: نعم، العالم يتغير، تطمح إلى مقعد جديد في هذا العالم الجديد، لكن مع بعض من ملامح الرموز القديمة، وهذا الطموح كان واضحا في الإصرار على صفقة الصواريخ الروسية رغم معارضة واشنطن لها بشكل قوي، والتهديد مرارا بفرض عقوبات جديدة على تركيا إن واصلت الصفقة وشراء الصواريخ.

وأوضحت الكاتبة، أن المسألة، ليست مسألة حب، ولا رغبة، المسألة مصالح، فلا تركيا تقع في غرام الروس ولا الأتراك يقعون في عشق روسيا، هذا الأمر، في الأساس غير مطروح على الطاولة، وبناء على ذلك، روسيا مجبرة على أن تنظر بنظرة ود تجاه أنقرة، حفاظا على مصالحها وتسويق سلاحها المنافس للسلاح الأمريكي، وبالتالي، تقييم الحدث وتداعياته وتطوراته، يجب أن لا يتم إلا وفقا لذلك، لغة المصالح وحدها.

واستطردت: السؤال الذي يجب أن تسأله لتركيا، واضح، "ما هو الهدف؟"  وحتى لو كنا في الساحة الدولية، صغار الحجم، ودورنا محدود التأثير، هل نريد أن يكون لنا موقع أكبر، ذو تأثير، الجواب لهذه الأسئلة لو كان "نعم" يجب علينا أن نقرأ الجهود التي تبذلها تركيا وفقا لذلك، ونفهمها ونقيّمها وندعمها بعد أن نختار الخيار الصحيح.

وزادت الكاتبة: بهذا المنظور، نرى تركيا الكبيرة، وبدونه لن نكون قادرين على فهم تحركاتهم وأهدافهم في منطقة البحر المتوسط وسوريا وإفريقيا والشرق الأقصى وآسيا والعالم الإسلامي كله.

يذكر أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اعتبر، أن تركيا تمنح حلف شمال الأطلسي (الناتو) قوة، مؤكدا أنها ستبقى ملتزمة بتعهداتها طالما بقي حلفاؤها ملتزمون بما يقع على عاتقهم.

وقال أردوغان: "تركيا تمنح حلف الناتو قوة، وستبقى ملتزمة بتعهداتها طالما أن حلفاءها ملتزمون بذلك"، لافتا إلى أن الجنود، الذين يمثلون تركيا أينما كانوا، يؤدون مهامهم على أحسن وجه، ويحظون بترحيب بسبب تمتعهم بقدرات عسكرية عالية، وتحليهم بمكارم الأخلاق، إلى جانب بنائهم علاقات اجتماعية.

وأكد على مواصلة تركيا تنفيذ جميع المهام التي تتبناها في إطار الأمم المتحدة، وحلف "الناتو"، والمبادرات الأخرى. وتابع في السياق ذاته: "تركيا منذ أن أصبحت عضوة في حلف الناتو أدّت جميع المهام على أحسن وجه، ولا تزال تعمل على حفظ السلام تحت مظلة الناتو في العديد من الأماكن مثل أفغانستان وكوسوفو".