استخباراتي تركي: هؤلاء يخططون للاستيلاء على نصيب أنقرة من الغاز

12

طباعة

مشاركة

تزداد حرارة المياه كل يوم في شرق البحر الأبيض المتوسط، بسبب الحراك العسكري والتهديدات المتبادلة وعدد من الخطط التي يراد بها التلاعب في المنطقة من قبل أطراف عدة. ويتصاعد الحراك  حول التنقيب عن الغاز وتتدخل أطراف عدة في القضية؛ على رأسها تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وهناك احتمال أن تدور حرب بالوكالة بين هذه الأطراف المجتمعة.

ووصف الصحفي التركي، تونجا بينجين، في مقال له على صحيفة "ميلييت"، إسرائيل بأنها قوات "درك" (قوة عسكرية نظامية مكلفة للقيام بمهام متعددة) تابعة للولايات المتحدة، وكما هو الحال في أي توتر، فإن الممثلين البارزين في السجل الإجرامي المألوف للشرق الأوسط والولايات المتحدة وقوات الدرك: إسرائيل. لذلك، عند اكتشاف ثروة المواد الهيدروكربونية في المنطقة، التي هي أمل جميع البلدان المجاورة، تصبح رمزًا للصراع ووقتها تدق طبول الحرب من جديد.

الطاقة هي محرك كل شيء، ومن أجلها تعمل الولايات المتحدة وإسرائيل، إلى جانب الإدارة القبرصية اليونانية وأولئك الذين يتعاونون معها والذين يريدون التهام كعكة الطاقة؛ سيما وأن الهدف الأساسي من كل ما يجري في الوقت الراهن هو اغتصاب الحقوق التركية وحقوق جمهورية قبرص التركية من الغاز الطبيعي والآبار المتوقع اكتشافها في شرق البحر الأبيض المتوسط، بحسب بينجين.

توخي الحذر

وكما جرت العادة، رد تركيا دائمًا جاهز، فقد دشنت قبل أيام سفينة أخرى  بجانب "فاتح" للتنقيب عن الغاز قبل أن تطلق مناورات بحرية هي الأوسع في تاريخ الجمهورية، لكن ما هذا إلا الجانب المرئي من اللعبة القذرة والكميات الهائلة من التلاعبات التي تدور في شرق البحر الأبيض المتوسط. بحسب الكاتب الذي يرى أن الجميع مشترك في هذه اللعبة، بما في ذلك الأجهزة السرية لجميع البلدان المتعاونة التي تسعى إلى المصالح في سياق رواسب الغاز الطبيعي في المنطقة، وخاصة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والموساد.

واستند الكاتب والصحفي التركي، إلى معلومات حصل عليها من حوار أجراه مع نائب المدير السابق لهيئة الاستخبارات الوطنية التركية، جواد أونيش؛ وهي هيئة الاستخبارات الوطنية الحكومية، تأسست عام 1965 لتحل محل جهاز الأمن القومي في تركيا.

وأفاد أونيش أن هناك رواسب غاز كبيرة للغاية في شرق البحر المتوسط، "لكننا لا نعرف مدى دقة هذه الأرقام"، مضيفا أنه تم الكشف عن وجود كميات من الغاز الطبيعي في البحر المتوسط وشرقه على وجه الخصوص، لكن كل دولة تريد زيادة هذه الكمية والنسب المختلفة لصالحها وحدها.

وتابع: "معظم التقارير التي يتم نشرها هي أيضا أساليب إستراتيجية، لكننا دائمًا نتخذ خطوات متعمدة لحماية المصالح في المنطقة أو لتطوير التحالفات بين الدول". وحين سأل الكاتبُ ضيفه، حول إمكانية أن تكون هناك فخاخ أو حيل في هذه الاحتياطات؟ قال: "نعم بالطبع، سيما وأن التقارير التي تخرج عن هذه الاحتياطات، لسنا مصدرها الوحيد، وبالتالي هذا الاحتمال وارد وبشكل كبير. ولكن في الوقت ذاته كثافة هذه التقرير تؤكد أهمية المنطقة من الناحية الإستراتيجية ومن الطبيعي من الناحية الاقتصادية".

وزاد المسؤول الاستخباراتي موضحا، أن شرق المتوسط أصبح الآن ذا أهمية إستراتيجية، خاصةً وأنه يعد واحدة من النقاط الرئيسية للصراع بين الولايات المتحدة وروسيا، وهناك تضارب متبادل في المصالح يركز على موارد الطاقة هناك. لذلك، تابع مصدر كاتب المقال، ليس هناك شك في أن المعلومات حول مصادر الطاقة في المنطقة صحيحة، لكن من حيث كميتها، أعتقد أن هذه الأرقام يجب ضبطها، إذ يقوم البعض بالمبالغة فيها للحفاظ على القضية حية ومن ثم زيادة أهميتها؛ وبالتالي تشكيل تحالفات لحماية المصالح المتضاربة.

الأعمال السرية في الآبار الاحتياطية

أفاد أونيش بأن الأطراف المختلفة، أدرجت هذه النقاط والنقاشات في جدول أعمالها، من خلال صور مختلفة مثل الخدمات ومنظمات البحوث والمنظمات غير الحكومية. وهم يحاولون إبقاء القضية حية على نطاق دولي؛ "إنهم يخلقون تحالفات جديدة في البلدان وفقا لمصالحهم".

واعتبر المسؤول التركي أن مرتفعات الجولان وقضية شرق البحر المتوسط، تستند إلى تضارب المصالح الإستراتيجية في إطار الشرق الأوسط الكبير وأن التطورات قد وصلت إلى بعد ينذر بالخطر، مشيرًا إلى أن الشرارة يمكن أن تتحول إلى حرب ساخنة بين دول المنطقة في أي وقت.

واستدرك أونيش بالقول، يمكن لكل من الولايات المتحدة وروسيا إحداث صراع ساخن في المنطقة المحلية، إذ لا يوجد نزاع بين الولايات المتحدة وروسيا بشكل مباشر، بمعنى لن يتقاتل جنود الدولتين ويواجهان بعضهما، ولكن قد يتم ذلك ويحدث صراع حقيقي بين القوات الموالية لهما في المنطقة أو الدول التي يدعمانها في أي وقت.

تدويل الحرب بالوكالة

في رأي المسؤول الاستخباراتي، يتسم الشرق الأوسط دائمًا ببيئة حرب ساخنة؛ لا سيما القضية السورية، مشكلة إدلب التي لا تزال حية، شرق الفرات، مرتفعات الجولان، الهجمات العسكرية الإسرائيلية على سوريا من وقت لآخر؛ كلها ملفات تهيء الحرب للاندلاع في أي لحظة ويمكن أن يحدث فيها صراع ساخن في أي وقت. موضحا أن إسرائيل-إيران أو إسرائيل-سوريا أو غيرها من القوى في المنطقة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، لديها هذه السمات بالفعل التي يمكن أن تندلع بها الحرب بأي لحظة.

ويذكر أن تطورًا لافتًا شهدته المنطقة خلال الساعات الأخيرة، حيث تعرضت ناقلتا نفط لانفجارات وحرائق صباح الخميس في مياه خليج عُمان، وتم إخلاء طواقمهما وإعلان التأهب، ودون تحديد المسؤول عنها.

وتم إخلاء طواقم الناقلتين بعد اشتعال النيران فيهما، وقالت وكالة الأنباء "رويترز"، إن الأولى تسمى "فرونت ألتير" وتشغلها شركة الشحن النرويجية "فرونتلاين"، أما الثانية فاسمها "كوكوكا كاريدجس" وتشغلها شركة "كوكوكا سانجيو" اليابانية.

وأكد رئيس شركة كوكوكا سانجيو أن الناقلة "كاريدجس" تعرضت للاستهداف مرتين خلال ثلاث ساعات، وذكر مصدر من طاقم "كاريدجس" أنها كانت في طريقها من الجبيل بالسعودية إلى سنغافورة، وهي محملة بشحنة ميثانول، مضيفا أن الشحنة سليمة.

ووفقا للمصدر ذاته، فإن السفينة كانت تبعد بنحو 70 ميلا بحريا تقريبا عن الفجيرة، ونحو 14 ميلا بحريا عن إيران. وقد قفزت فيه أسعار النفط بشكل سريع بعد ورود أنباء عن وقوع الانفجارين، وذكرت الوكالة أن خام برنت ارتفع بأكثر من 2%، والخام الأمريكي صعد بنسبة 1.5% بعد الحادث في خليج عمان.

وكانت أربع ناقلات للنفط تعرضت لهجوم قبالة سواحل الفجيرة الإماراتية الشهر الماضي، حيث قدمت الإمارات والسعودية والنرويج وثيقة إلى الأمم المتحدة مؤخرا قالت فيها إن الألغام المستخدمة في الهجوم وضعها على السفن غواصون كانوا في زوارق سريعة، دون إشارة إلى الجهة المنفذة.