أرقام رسمية مفزعة.. ظاهرة العنف ضد النساء تتفشى بالمغرب

12

طباعة

مشاركة

على الرغم من ترسانة القوانين التي سنتها المملكة المغربية من أجل الدفاع عن حقوق المرأة وحماية مكتسباتها، وتجريم كلّ أشكال العنف المسلّط عليها وتشديد العقوبات، إلاّ أنّ أرقاما رسمية كشفت تفشي ظاهرة العنف ضد النساء والتحرش الجنسي في المغرب.

إذ أكّدت وزيرة الأسرة والتضامن المغربية بسيمة الحقاوي، أن انتشار العنف اللفظي أو الجسدي خلال الـ12 شـهرا الماضية على المستوى الوطني كان بنسبة 54.4 بالمئة، وتتفوق في ذلك المدن على القرى بممارسة العنف، فقد تعرضت أكثر من نصف عدد النساء بالمغرب للتعذيب في منتصف عام 2018، حيث يصل عددهن إلى 17.67 مليون امرأة، من مجموع 35.74 مليون شخص بالمملكة.

أرقام مفزعة  

واستعرضت الحقاوي خلال حديثها في مؤتمر صحفي عقدته بالرباط في 14 مايو/أيار الماضي، النتائج الأولية للبحث الوطني الثاني حول العنف ضد النساء في المغرب، مشيرة إلى  أن "اللواتـي تتراوح أعمارهـن بين 25 و29 ســنة كن أكثر عرضة للعنف، وفــي الأماكن العمومية، تعرض للعنف  12.4 بالمئة من مجمــوع النســاء المغربيات البالغات مــا بيــن 18 و64 ســنة".

وأوضحت الوزيرة، أن "13.4 بالمئة مـن النسـاء، صرحن أنهـن تعرضـن لأفعـال عنـف بواسـطة الإنترنـت، واتضـح أن الفئـات العمريـة الشـابة هـي الأكثـر عرضـة لهـذا النـوع مـن العنـف. ويمثـل التحـرش 71.2 بالمئة مـن أفعـال العنـف الممارسـة إلكترونيـا".

وأكدت، أن "التكتم عن واقعة العنف يظل من بين العوامل التي تضاعف مأساة النساء المعنفات"، مشيرة إلى أن "نسبة النساء اللائي لجئن لجهة معينة قريبة أو مؤسسية بلغت 28.2 بالمئة، 31.7 بالمئة منهم من نساء المدن و20.9 بالمئة من القرى".

وأضافت الحقاوي: إن "نسبة النساء المعنفات اللائي قدمن شكاية ضد المعنف بلغت 6.6 بالمئة حيث تبلغ هذه النسبة في الوسط الحضري 7.7 بالمئة، مقابل 4.2 بالمئة فقط في المناطق القروية".

واستعرض البحث الوطني الثاني حول انتشار العنف ضد النساء أشكالا عدة للانتهاكات التي يتعرضن لها. وهي تراوحت بين الاغتصاب والاعتداءات الجسدية والمنع من الدراسة والطرد من العمل والتمييز في الأجر والحرمان من الإرث.

وقالت وزارة الأسرة والتضامن والمساواة التي أنجزت هذا البحث، إن الهدف هو الاستناد إلى نتائجه "لتحديد الحاجات الضرورية لمبادرات محاربة العنف"، مشيرة إلى أهمية الاستحصال على معطيات محدّثة حول الموضوع، وشمل البحث عينة من 13543 امرأة تتراوح أعمارهن بين 18 و64 عاما في كل أنحاء المغرب.

وسجلت المغرب خلال السنوات القليلة الماضية عددا من الاعتداءات الموثقة على نساء وفتيات قصّر، والغريب أن البعض منها تم توثيقها من المعتدين، أو الضحايا ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي .

فتاة الوشم

في منتصف شهر أغسطس/آب الماضي، استفاقت مملكة المغرب على فاجعة هزت مواقع التواصل الاجتماعي، إذ انتشرت صور للفتاة خديجة البالغة من العمر 17 عاما حينها، وهي تحمل وشوما على جسدها وآثار تعذيب مما جعل القضية تعرف بقضية " فتاة الوشم" .


وقالت خديجة، إنها اختطفت واحتجزت طوال شهرين، تعرضت خلالهما للاغتصاب على يد أكثر من عشرة أشخاص، وأن هؤلاء قاموا بتشويه جسدها بالوشوم.

وذكرت وسائل إعلام محلية، أن الفتاة كانت تعامل من الشباب الذين تراوحت أعمارهم بين 18و27 عاما، في منطقة أولاد عياد بإقليم الفقيه بنصالح، مثل جارية، حيث يتم استغلالها جنسيا بشكل يومي دون رأفة، إضافة إلى التعذيب والعنف الشديد.

"واش معندكش ختك"

في 27 آذار/مارس 2018، انتشر على شبكات التواصل الاجتماعي، مقطعا مصورا، تظهر فيه مراهقة، وقد ألقيت على الأرض وجهها إلى الأسفل بينما يجلس فوقها مراهق شاب محاولا خلع ملابسها بالقوة، وكل ذلك في وضح النهار.

وتحاول الفتاة بما أوتيت من قوة الانفكاك من قبضة المتحرّش وهي تصرخ بعبارة "واش معندكش ختك" (أليس عندك أخت!)، التي تحولت إلى هاشتاج واسع الانتشار على "تويتر" يدين العنف ضد المرأة.

وأكّدت المديرية العامة للأمن الوطني المغربي، إلقاءها القبض على شخصين متهمين في الحادثة، أحدهما في العشرينيات والذي ظهر في الفيديو، وهو  بصدد محاولة نزع ملابس الفتاة تحت الإكراه، وكذلك اعتقلت الشخص الذي قام بتصوير تلك الأفعال الإجرامية باستعمال كاميرا هاتفه.

تحرّش جماعي

أثار مقطع مصور تداوله رواد مواقع التوصل الاجتماعي في المغرب، موجة غضب واسعة في البلاد، بعدما أظهر تعرض شابة في مقتبل العمر لمحاولة اغتصاب جماعي من عدد من المراهقين، داخل حافلة للنقل، بمدينة الدار البيضاء وسط المغرب.

وانتشر في 20 أغسطس/ آب، على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو يوثق لحظة اعتداء على فتاة ومحاولة تجريدها من ملابسها داخل حافلة للنقل على يد قاصرين.

وكشفت مصادر إعلامية متطابقة، أن الجهات الأمنية في الدار البيضاء، اعتقلت 4 شبان ظهروا في المقطع، وهم يحاولون اغتصاب الفتاة داخل حافلة، مؤكدة أنهم يشكلون عصابة إجرامية مختصة في السرقة، وأعمال الشغب داخل الحافلات، وينحدرون من منطقة سيدي البرنوصي، في العاصمة الاقتصادية.

"ما ساكتاش"

هذه الاعتداءات المتعددة والمنتشرة في مختلف مناطق المملكة المغربية، والتي وثقت عدد منها وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وأكدتها الأرقام الرسمية، قوبلت بحملات مجتمعية من أجل التصدي لها كان في مقدّمتها حملة "ما ساكتاش".

وحركة "ماسكتاش" (لن أسكت) تدعو النساء والرجال للانضمام إلى حملتها، فقد حشدت مسيرة يوم 10 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في شوارع مدن الدار البيضاء والرباط ومراكش المغربية، بهدف محاربة الصمت وإسماع صوت المرأة، ولقيت استجابة واسعة من المغاربة، ولاسيما الناشطين منهم والحقوقيين.

ووزعت الحملة بتوزيع صافرات بين النساء لاستخدامها عند التعرض للاعتداء اللفظي أو السلوكي في الشارع، والفضاء العام.

الحركة التي انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاقت تفاعلا واسعا، بعدما روّجت لها صفحات على "فيسبوك" و"تويتر"، مطالبة النساء والرجال بـ"فضح العنف وثقافة الاغتصاب التي تمارس على المرأة المغربية".

وتطالب "ماسكتاش" بالعمل بمقتضيات القانون الجنائي المغربي، الذي من بين ما نص عليه أنه "يعتبر مرتكبا لجريمة التحرش الجنسي، ويعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة مالية من 2000 إلى 10000 درهم، أو بإحدى العقوبتين، كل من أمعن في مضايقة الغير في عدد من الحالات".

ولا تخفي الحملة تأثرها بحملة "مي تو " العالمية، التي أطلقتها الممثلة الأمريكية أليسا ميلانو في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2017 عبر حسابها في "تويتر" تحت وسم  "Me too" (أنا أيضا) ، وهي حملة نسائية اجتماعية مناهضة للتحرش وكافة أنواع العنف الجنسي ضد النساء.

وفضحت "مي تو" منذ انطلاقتها عشرات الرجال المتهمين بالاعتداء والتحرش الجنسي في مجالات، من بينها الترفيه والسياسة والأعمال، واضطرت عشرات الشخصيات البارزة لترك العمل أو أقيلت من مناصب رفيعة، وبدأت الشرطة تحقيقات في بعض الاتهامات المتعلقة بالاعتداءات الجنسية التي كشفتها الناشطات في الحراك، الناشطة أساسا في فضاءات مواقع التواصل الاجتماعي.