مؤتمر ميونيخ للأمن.. إيران تشعل الخلاف بين أمريكا وألمانيا
عُقد مؤتمر ميونخ للأمن، في الفترة من 15 إلى 17 فبراير/ شباط المنقضي، وذلك في اليوم التالي لاجتماع "وارسو" الوزاري المثير للجدل، الذي نظّمته الولايات المتحدة وبولندا، بهدف "تعزيز مستقبل السلام والأمن في الشرق الأوسط".
وفي مقال نشره معهد البحر المتوسط للدراسات العليا الإستراتيجية، أوضح أنّ الصدام بين الولايات المتحدة وحلفائها القدامى اتضح، تماشيا مع عنوان المؤتمر "اللغز الكبير: مَن الذي سيجمع قصاصات الصورة؟" وذلك من خلال خطابات نائب الرئيس الأمريكيّ، مايك بنس، والمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، خلال المؤتمر.
بنس يحذّر تركيا
ووفقا للمقال، أشاد نائب الرئيس الأمريكي، باستثمارات إدارة دونالد ترامب، بقوله إنّ الولايات المتحدة "استعادت مكانتها الأولى على الساحة الدولية"، وأنّ "هذه قد تكون الميزة الأهم منذ عهد الرئيس الأمريكي الأسبق، رونالد ريغان، في ميزانية الدفاع، بما في ذلك تحديث الترسانة النووية"، بحسب نائب الرئيس.
وأثنى بنس أيضا، بحسب المصدر ذاته، بتوفير إدارة ترامب، 5 ملايين و300 ألف فرصة عمل، وتحقيق أدنى معدل للبطالة منذ 50 سنة. إضافة إلى جعل الولايات المتحدة أكبر منتج في العالم للغاز والنفط.
وأكّد مايك بنس، في معرض تناوله لخطاب دونالد ترامب، على "ضرورة التزام دول حلف الناتو، بنسبة إنفاق فعلي على الدفاع، تمثل 2% من إجمالي الناتج المحلي"، مشيرا إلى أن "العديد من حلفائنا في الناتو ما زالوا بحاجة إلى القيام بعمل أفضل"، بحسب ما نقله المعهد.
ولفت المقال إلى أن نائب الرئيس الأمريكي لم يفوّت الفرصة دون الثناء على الدول التي اتخذت موقفا ضد مشروع خط الأنابيب "ستريم 2"، الذي تدافع عنه ألمانيا. وأوضح أن "الولايات المتحدة لن تبقى مكتوفة الأيدي، بينما حلفاء لها يشترون الأسلحة من خصومها"، في إشارة إلي تركيا، التي اشترت منظومة الصواريخ الروسية "س-400".
ووصف المعهد الحديث الذي توجه به نائب الرئيس الأمريكي، إلى إيران بـ"العنيف"، إذ اعتبر بنس، أن "هذا البلد هو التهديد الأكبر للسلام والأمن في الشرق الأوسط، وهو الداعم الرئيسي للإرهاب، وتسليح حزب الله وحماس".
وأضاف المقال، نقلاً عن النائب الأمريكي قوله: إن "إيران تصدّر الصواريخ، وتؤجج الصراعات في سوريا واليمن، وتعد الهجمات الإرهابية في أوروبا وتدعو علنا إلى تدمير إسرائيل".
"وبعد هذه القائمة الطويلة من التظلمات"، كما وصفها المقال، دعا مايك بنس، شركاءه الأوروبيين إلى الكف عن تقويض العقوبات الأمريكية ضد هذا النظام "القاتل الثوري"، والانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، حسب قوله.
ميركل تندهش من سياسات أمريكا الاقتصادية
لم تنس المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أيّ من النقاط التي أثارها مايك بنس في خطابه دون أن ترد عليها، بحسب المقال. ففي إشارة إلى العلاقات مع روسيا، ذكّرت ميركل بالانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى، التي وقعت عليها كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي.
ونقل المصدر عن ميركل قولها: إنه "لا يمكن أن يكون سباقاً أعمى نحو التسلح، حيث أعلن الروس والأميركيون عن تطوير أنظمة جديدة تغطي نطاقات من 500 إلى 5000 كيلومتر".
ورداً على الانتقادات، أكدت المستشارة أنها ستحاول الوصول بميزانية الدفاع إلي نسبة 1.5% من إجمالي الناتج المحلي، بحلول عام 2024، وفي نظرها تعد هذه خطوة كبيرة. وذكرت المستشارة الألمانية أن بلادها كانت متواجدة في أفغانستان منذ 18 عام ب 1300 جندي.
وتابعت ميركل، نقلاً عن معهد الدراسات الإستراتيجية، أن ألمانيا كانت تتواجد أيضا في ليتوانيا ومالي، مضيفة أن "هذا ليس من ثقافة ألمانيا التي تختلف عن ثقافة الأصدقاء الفرنسيين مثلا"، على حد تعبيرها.
وقارنت المستشارة بين نسب الإنفاق وما تمثله من قيمة مالية، فما أنفقته ألمانيا، (طبقا لما ورد في تقرير الناتو 2017) يقدر بـ1.22%، وما أنفقته اليونان 2.32%، وتأتي في المرتبة الثانية بعد أمريكا بنسبة قدرها 3.58%. ولكن القيمة المالية لما أنفقته المانيا تقدر ب 42.8 مليار دولار، وما أنفقته اليونان يقدر ب 4.5 مليار دولار، بحسب المعهد.
وأعربت أنجيلا ميركل، وفقا للمصدر ذاته، عن أسفها لأنّ موضوع إيران يقسم حلف الناتو، متسائلة: "نعم إن السياسة الإيرانية تثير القلق، ولكن ما هي أهمية الانسحاب من الاتفاق الوحيد القائم؟". ثم استحضرت العلاقات التجارية الصعبة مع الولايات المتحدة الأمريكية، مندهشة من كون السيارات الأوروبية تشكّل تهديدا للأمن القومي الأمريكي، بحسب المقال.
وأشار المقال إلى دفاع وزير الخارجية الألمانية، هايكو ماس، عن التعددية، كما أشاد بمعاهدة "ايكس لا شابيل" الفرنسية-الألمانية. ثم خاض في المجال الاقتصادي، مندداً بالتعريفة الجمركية الأمريكية على الصلب والألمنيوم، وقال إنهم استخدموا فيه سيناريو "الخاسر الخاسر"، حسب تعبير ماس. وعليه قد تفقد أمريكا 7800 فرصة عمل أوجدتها حديثا بقيمة تقدر بـ650 الف دولار لكل وظيفة في العام الواحد".
مورجيني تدعم ميركل
ووقف المقال، عند خطاب المفوضة السامية الأوروبية للشؤون السياسية والأمنية، فريديريكا مورجيني، التي ضمت صوتها إلى صوت المستشارة الألمانية، ودافعت عن نهج مزدوج لحل النزاع قائلة: "لا يمكن معالجة أي من التحديات الأمنية التي تواجه العالم، من خلال نهج عسكري محض".
وأضاف المصدر ذاته، أنها "في حين وافقت على زيادة ميزانيات الدفاع، فقد أشارت قبل كل شيء إلى "أن الأموال المستثمرة في المعونات الإنسانية والتنمية المستدامة والإجراءات المتعلقة بالمناخ، وتعزيز حقوق الإنسان والدفاع عنها، تشارك على حد سواء في المساواة في الأمن والسلام في العالم".
كما تحدث وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، وقال نقلاً عن مقال معهد الدراسات الإستراتيجية: إنه "من غير المفاجئ أن لافروف عارض الوصف الذي وصفت به بلاده، مستشهداً في أولى كلماته بشارل ديجول، الذي نادى بأوروبا العظيمة من المحيط الأطلسي إلى جبال الأورال".
وأعرب لافروف، حسب المقال، عن أسفه لنهج "الناتو المركزي"، " وقال إنه بمثابة العودة إلى سنوات ما بعد الحرب الباردة والقصف الغربي ليوغوسلافيا السابقة، وتقسيم كوسوفو والاعتراف بها، أو حتى دعم الانقلاب في كييف".
ومد الوزير الروسي يده للتعاون مع أوروبا، مشيراً إلى أن الباب مازال مفتوحا للتوسع في الاتحاد الاقتصادي "اليورو- آسيوي"، الذي من شأنه أن يؤدي إلى منطقة مشتركة كبيرة من لشبونة في البرتغال إلي فلاديفوستوك في روسيا، بحسب المصدر ذاته.
ومن بين المتحدثين الآخرين، تحدث رئيس النظام المصري، عبدالفتاح السيسي، بصفته رئيسا للاتحاد الأفريقي، قائلاً: إن "عدم تسوية القضية الفلسطينية بشكل عادل ونهائي؛ هو المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط".
وفي حين القضية الفلسطينية بالكاد ذكرت في وارسو بحسب المعهد، دافع السيسي عن "حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم على حدود يونيو-حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وأفاد المقال الذي نشره المعهد، أن وزير الدفاع البريطاني جافن ويليامسون، ألقى خطابا منفصلا تماما عن سابقيه، حيث هاجم روسيا بعنف متجاهلاً التهديد الذي يمثله الإرهاب، إذ لم يذكره أبدا في كلامه.
وقال المصدر، إنّ الوزير "مجّد الصداقة الأنجلو-ألمانية العميقة التي رسمتها معركة مندن، وهي حلقة من حلقات حرب السنوات السبع التي قاتل فيها الإنجليز والألمان جنباً إلى جنب ضد الفرنسيين. ولم يذكر فرنسا أبدا في كلمته، على الرغم من اتفاقية لانكستر هاوس لعام 2010".