"غير مخلصين للنظام".. ما حقيقة اتهامات الإعلام الإيراني لحكومة بزشكيان؟

منذ ٤ أشهر

12

طباعة

مشاركة

تتعرض حكومة الرئيس الإيراني الإصلاحي مسعود بزشكيان الجديدة، لانتقادات متلاحقة من وسائل الإعلام المحلية، بشأن اختيار أعضائها، وصلت إلى حد اتهام بعض الوزراء بأنهم "غير مخلصين للنظام".

في هذا الإطار، يناقش موقع "فيرارو" الفارسي أسباب وتداعيات هذا الهجوم الإعلامي على حكومة بزشكيان التي وافق البرلمان الإيراني عليها في أغسطس/آب 2024.

وكانت المفاجأة وقتها أنها المرة الأولى منذ أكثر من عقدين، التي يتمكن فيها زعيم من تمرير جميع مسؤوليه من خلال البرلمان الإيراني المتشدد.

انتقادات للحكومة

وأثارت حكومة مسعود بزشكيان الجدل منذ ظهورها للنور؛ حيث تنوعت ردود الفعل عليها، بحسب الموقع.

فبينما ذهب البعض للقول إن حكومة الوفاق الوطني تميل أكثر نحو الإصلاحيين، ذهب آخرون إلى أبعد من ذلك، مشككين في جميع اختيارات مسعود بزشكیان بشكل عام.

فعلى سبيل المثال، كتب حسين شريعتمداري الكاتب الصحفي ورئيس تحرير صحيفة "كيهان": "كان من المقرر، ولا يزال، ألا يسند الرئيس المحترم المناصب الرئيسة للأشخاص الذين لديهم مواقف مناوئة للنظام والثورة".

وذلك "لأن هؤلاء الأشخاص ليس فقط لا يمكنهم أن يكونوا رفقاء متعاونين مع الرئيس والحكومة، بل إنهم سيتسببون في حدوث أضرار جسيمة وخسائر لا يمكن تعويضها للنظام والمصالح الوطنية".

ويلفت الموقع إلى أن هذه النوعية من التصريحات باتت منتشرة في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أن البعض يعدونها نقدا، بينما يعدها آخرون اتهاما، ويتعلق الأمر بمدى الانتماء لـ"الثورة الإسلامية".

ويتساءل عن الكيفية التي يمكن أن تؤدي بها حكومة مسعود بزشكیان عملها على المدى الطويل في ظل هذه البيئة المتشككة والناقدة.

ويبدو أن هذه الانتقادات التي تتعلق ببعض حلفاء الحكومة الرابعة عشر، أو أعضائها الذين لديهم آراء تتعارض مع الثورة، تثير تساؤلات حول معنى هذا الاتهام وكيف يمكن قياسه؟

وللإجابة على هذه التساؤلات، حاور الموقع عزت الله يوسفيان ملا، النائب البرلماني السابق، والمدير العام السابق لمكتب السلطة القضائية، والناشط السياسي الأصولي.

اتهامات ثقيلة

يؤكد يوسفيان أولا أن “عدم الولاء للنظام يعد تهمة ثقيلة، ويبدو أن بعض وسائل الإعلام ابتعدت عن وظيفتها الأساسية، وهي نشر الأخبار وزيادة الوعي، وأصبحت تحت تأثير المصالح السياسية والعقائدية والحزبية”.

ويأتي ذلك في حين أن وسائل الإعلام ملزمة بنشر أخبار شفافة بعيدة عن أجواء الاتهام والإهانة، وفق تقديره.

ورأى أنه “يجب على الوسيلة الإعلامية التي تدعي أن الحكومة الجديدة قد عيّنت أفرادا مناهضين للنظام والثورة، إما أن تتوقف عن هذا النوع من الاتهام، أو أن توضح بشفافية وصدق مصادرها وأدلتها وبراهينها”.

ويتابع: "للأسف، وجه السيد (الكاتب الصحفي) شريعتمداري الاتهامات في صحيفته دون ذكر أدلة، وهذا النوع من الكتابة لا يليق بالصحافة في بلادنا".

وأردف المدير العام السابق لمكتب السلطة القضائية: "صحيح أن حرية الصحافة وخلق مساحة للأسئلة هي من الأمور المهمة التي تساعد في تقدم البلاد، لكن توجيه الاتهامات الثقيلة دون دليل شيء مختلف عن الحرية".

ويشدد يوسفيان على خطورة إلقاء الاتهامات بدون دليل قائلا: “لقد عملت لسنوات في الجهاز القضائي في البلاد، وأصدرت أحكاما عديدة”.

وأردف: "أقول -كفرد ذي خبرة في النظام القضائي والعدالة في البلاد- إن توجيه الاتهامات للآخرين دون دليل هو من أخطر الأمور التي يمكن أن تحدث، ويجب ألا نسمح بتفشي مثل هذه التصرفات في البلاد".

“أفعال تخريبية”

وتابع السياسي الأصولي مدافعا عن بزشكيان: "ليس بإمكانه إرضاء جميع الإصلاحيين، أو الأصوليين، أو كل الطيف السياسي في البلاد".

وكما وجه بعض المحافظين أصابع الاتهام والانتقاد للحكومة الجديدة، لفتت الصحيفة إلى أن بزشكيان لم يسلم كذلك من الانتقادات.

إذ وجهت إليه الانتقادات من بعض أعضاء التيار السياسي الإصلاحي الذي ينتمي إليه.

وفي هذا الصدد، يقول يوسفيان: "من المثير للاهتمام إن بعض أفراد التيار الإصلاحي أيضا لديهم انتقادات لبزشكیان، الذين يعتقدون -على عكس شريعتمداري- أن معظم اختياراته قريبة من التيار الأصولي". 

ويقول: “من الطبيعي عندما تُختار مجموعة ما في الحكومة، أن يتخذ الآخرون موقفا ضدهم، فذلك يعد نوعا من المنافسة بين التيارات السياسية”.

 لكنه شدد على أن "المنافسة تكون صوابا إذا لم تؤد إلى نزاعات شخصية وصراعات سياسية استقطابية مضرة بالبلاد واستقرارها".

ونصح منتقدي قرارات بزشكيان، أن "يتحدثوا بوضوح وشفافية، ويطرحوا الأفكار التي يعتقدون أن تنفيذها سيكون أفضل للبلاد". 

وأضاف: "ما فائدة الانقسام والصراعات في الظروف الحالية للبلاد؟ من الطبيعي أن يرغب كل من الإصلاحيين والأصوليين في الحصول على أكبر حصة في الحكومة، لكن من غير الطبيعي أن يعمدوا إلى أفعال تخريبية للوصول إلى مطالبهم".

واستغرب البرلمان السابق "توجيه اتهامات، لا يُعرف من أين أتت، لرئيس لم يبدأ بعد في اتخاذ الإجراءات الأساسية".

وتابع: "يجب أن يُعطى للحكومة الجديدة الوقت والفرصة لتقييم إجراءاتها بشكل صحيح".

وفيما يخص اختيار الوزراء، أجرى بزشكيان أعلى درجات المشورة، كما عمل المجلس الإستراتيجي ولجان الاختيار والمستشارون جاهدين لتحقيق فكرة الوفاق الوطني، التي دعا إليها الرئيس، وفق يوسفيان.

ويختتم حديثه قائلا: "أنا واثق من أن بزشكيان لن يعين أبدا أشخاصا مشبوهين أو منافقين أو أشخاصا يتعارضون مع النظام، وإذا كنا ندعي أننا نهتم بتقدم البلاد، يجب أن نظهر سلوكيات أكثر ودية ونتعاون مع الحكومة".