عمليات ترحيل موريتانية واسعة ضد مهاجري غرب إفريقيا.. ما علاقة أوروبا؟

"المعلومات المتعلقة بالاحتجاز والترحيل غير الإنساني تصلني يوميا منذ فترة"
مع تصاعد أزمة الهجرة غير النظامية فيها، تقول مجلة "جون أفريك" الفرنسية: إن موريتانيا أصبحت تبرز كمحور رئيس لعمليات ترحيل واسعة تستهدف المهاجرين غير النظاميين القادمين من دول غرب إفريقيا.
وبحسب المجلة، كثفت السلطات الموريتانية جهودها في اعتقال وإبعاد هؤلاء المهاجرين في الشهور الأخيرة، ما أثار ردود فعل متباينة بين الجهات الرسمية والمنظمات الحقوقية.
وبينما تؤكد الحكومة أن هذه الإجراءات تأتي في إطار مكافحة الهجرة غير النظامية وتهريب البشر، تعرب منظمات حقوق الإنسان عن قلقها إزاء الظروف القاسية التي يواجهها المرحَّلون.
وفي هذا الصدد، تبرز المجلة أن هذا الملف يعكس تعقيدات التوازن بين الضغوط الأوروبية لمنع تدفق المهاجرين والمطالب الحقوقية بضمان معاملتهم بإنسانية، وسط مخاوف من تصاعد المخاطر التي تواجه المهاجرين في المنطقة.

عنف متبادل
تستهل المجلة الفرنسية تقريرها بالإشارة إلى مقاطع فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، أظهرت مهاجرين متفرقين من قبل الشرطة الموريتانية، بعد مهاجمتهم لمركز شرطة على الحدود مع مالي.
وتذكر "جون أفريك" أن موريتانيا نفذت، خلال الأيام الماضية، حملة واسعة من عمليات الترحيل والاعتقال بحق المهاجرين غير الشرعيين، حيث أُعيدوا إلى نقاط الحدود التي دخلوا منها.
وتعد البلاد -على حد وصف المجلة- نقطة انطلاق رئيسة للمهاجرين الساعين لعبور البحر إلى أوروبا عبر المسارات الإفريقية.
وكردّ فعل في المقابل، تلفت المجلة إلى أن بعض المهاجرين المرحلين هاجموا وأضرموا النار في مركز شرطة بمنطقة غوغي على الحدود مع مالي، يوم 8 مارس/ آذار 2025، وفقا لمصادر أمنية وإدارية.
وأفاد أحد هذه المصادر بأن "المرحلين، بعد إنزالهم لعبور الحدود إلى مالي، هاجموا مركز الشرطة بالحجارة قبل أن يشعلوا فيه النار".
وبعد ذلك، تدخلت قوات الأمن واستخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع، وفقا لمقاطع فيديو التُقطت من قبل شهود، والتي لم يُتحقق من صحتها بعد.

تبرير حكومي
وفي هذا السياق، تنقل “جون أفريك” عن المتحدث باسم الحكومة الموريتانية، حسين ولد مدو، قوله: إن "نواكشوط تلعب دورا في مكافحة الهجرة غير النظامية".
وأضاف ولد مدو قائلا: "فقط خلال الأسبوع الماضي، فككنا أربع شبكات لتهريب المهاجرين، كان أعضاؤها من خمس جنسيات مختلفة".
وأوضح أن الأمر يتعلق أيضا بحماية السكان من مخاطر الهجرة غير النظامية؛ حيث قال: "هذه الشبكات تعرض حياة المهاجرين للخطر من خلال توفير قوارب الموت لهم للوصول إلى أوروبا. وغالبا ما تنتهي رحلتهم في عرض البحر قبل أن تقذف الأمواج جثثهم إلى الشواطئ".
وهنا، تشير المجلة إلى أن "حسين ولد مدو لم يحدد عدد الأشخاص المعنيين بعمليات الترحيل، كما لم يقدم تفاصيل حول ظروف تنفيذها".

مخاوف متزايدة
وفي هذا الصدد، تسلط المجلة الفرنسية الضوء على أن المنظمات غير الحكومية تعرب عن قلقها المتزايد بشأن ظروف هذه الترحيلات إلى الحدود.
وشدَّد كوري سنيبا، عضو جمعية "SOS Esclaves" التي تكافح الاتجار بالبشر واستغلالهم، على أن "هؤلاء المهاجرين لا ينبغي أن يُعتقلوا في ظروف غير إنسانية"، داعيا إلى "احترام حقوق الإنسان خلال هذه العمليات".
وأضاف أن "هذه الإجراءات يجب أن تتم بطريقة تحترم كرامة الإنسان، لتجنب أي إحباط أو استياء لدى المهاجرين".
وفي الوقت نفسه، كرد فعل دولي، تذكر المجلة أن النائب السنغالي، غاي ماريوس ساجنا، طالب بإرسال بعثة تحقيق برلمانية حول عمليات الترحيل في موريتانيا.
وكتب على مواقع التواصل الاجتماعي: "يصلني العديد من الأخبار من موريتانيا، وأسمع عن انتهاكات لحقوق الإنسان وحملة كراهية تستهدف مواطني السنغال ومالي وكوت ديفوار ودول إفريقية أخرى".
وأضاف، وهو أيضا عضو في برلمان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "الإيكواس"، أن "المعلومات المتعلقة بالاحتجاز والترحيل غير الإنساني تصلني يوميا منذ فترة".
وكما تنقل المجلة، قال النائب عن حزب "باستيف": "سأقترح في الجمعية الوطنية السنغالية إنشاء بعثة تحقيق إلى موريتانيا لتقييم وضع مواطنينا السنغاليين ومواطني الإيكواس والمهاجرين من مختلف الدول الإفريقية".
وأكَّد في النهاية على أن "موريتانيا تبقى دولة ذات سيادة، ولها الحق في وضع قوانينها الخاصة".