بعد فشله في إنهاء التطبيع.. البرلمان الأردني يفتح جبهة جديدة لحظر التهجير

منذ ٨ أيام

12

طباعة

مشاركة

تواجه المملكة الأردنية دعوات أميركية لتهجير الفلسطينيين إليها ضمن مخطط طرحه الرئيس دونالد ترامب، الأمر الذي دفع برلمانيين أردنيين للعمل على استصدار قانون يحظر التهجير.

وكشف ترامب في 26 يناير/ كانون الثاني 2025 عن مخططه لتهجير فلسطينيي قطاع غزة إلى دول مجاورة، بما في ذلك مصر والأردن، وشكل ذلك صدمة كبيرة في الأوساط العربية.

وعاد ترامب وصدم الجميع حينما قال: إن الولايات المتحدة "ستتولى" و"تمتلك" غزة، موضحا أنه يتصور ملكية أميركية "طويلة الأمد" للمنطقة بعد نقل جميع الفلسطينيين إلى مكان آخر.

فمنذ زمن يصد الأردن محاولات تهجير الفلسطينيين إليه، كون هذه القضية تشكل حساسية بالنسبة للمملكة بوجه خاص، لما لها من انعكاس على الأمن القومي الأردني بشكل مباشر.

ولهذا اتجه بعض النواب الأردنيين لتأطير شعار "رفض التهجير" الشعبي، عبر القانون وسد كل الذرائع أمام مثل هذه الخطوة.

قانون يحظر التهجير

وفي 9 فبراير/ شباط 2025، أعلنت كتلة حزب "جبهة العمل الإسلامي" في مجلس النواب الأردني، تقديمها مشروع قانون يحظر التهجير إلى الأردن، ويحمل اسم "قانون حظر التهجير إلى الأردن لسنة 2025".

ويتضمن مشروع القانون حظر تهجير وترحيل وتوطين الشعب الفلسطيني في الأردن، وسيعمل به في حال إقراره من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

وتنص المادة الأولى من القرار المقدم "حظر تهجير وترحيل وتوطين الشعب الفلسطيني في الأردن".

أما المادة الثانية فتنص: "يحظر على كل فرد أو سلطة أو حكومة أو مؤسسة رسمية أو أهلية أو أي جهة داخلية أو خارجية أن تسمح أو تشجع أو تحرض الشعب الفلسطيني على الهجرة إلى الأردن سواء بالقول أو الفعل أو الكتابة أو الإعلام أو بأية وسيلة أخرى من وسائل التعبير".

بينما تقول المادة الثالثة: "كل من يخالف أحكام هذا القانون يعد مرتكبا جناية يعاقب عليها بالحبس والغرامة والعزل من الوظيفة".

وطالب المحامي والنائب عن "جبهة العمل الإسلامي" صالح العرموطي، البرلمان بالموافقة على إصدار هذا القانون حسب ما يقضي بذلك الدستور الأردني، ثم إحالته إلى اللجنة القانونية في المجلس وقبول الاقتراح وإحالته إلى الحكومة في صيغة مشروع قانون وتقديمه إلى المجلس التشريعي.

وحينما طرح مشروع القانون في الخامس من فبراير 2025 أرجع المقترح النيابي الأردني أهدافه إلى "عدم المساس بالوحدة الوطنية والتأكيد على سيادة الأردن انسجاما مع أحكام الدستور الأردني بأحكامه كافة، والرفض الكامل الرسمي والشعبي الأردني للتهجير الفلسطيني إلى الأردن كوطن بديل؛ حيث إن الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين والشعب الفلسطيني هو من يقرر مصيره".

إضافة إلى "الرفض المطلق لتصفية القضية الفلسطينية وتنفيذ الأردن للالتزامات الدولية والمواثيق والأعراف كافة التي حرمت ومنعت التهجير القسري".

 "لن يستغرق طويلا"

في السياق، لقي الحديث الأميركي عن تهجير الفلسطينيين ترحيبا في إسرائيل حيث وصف وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بـ"المبادرة الجريئة".

زاعما أنها يمكن أن "تخلق فرصا واسعة النطاق لأولئك الذين يرغبون في المغادرة في غزة وتدعم جهود إعادة الإعمار طويلة الأمد في غزة منزوعة السلاح وخالية من التهديدات بعد حماس".

وأمام هذه المحاولات الأميركية والإسرائيلية، عبرت نسبة كبيرة من سكان الأردن، الذين يحمل ملايين منهم أصولا فلسطينية، عن خيبة الأمل من إحجام الحكومة عن قطع العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

لا سيما أن دور الفلسطينيين ووجودهم ومستقبلهم في الأردن يمثل واحدة من أكثر القضايا حساسية على الصعيد السياسي في البلاد. 

ولا تنشر الحكومة الأردنية أي بيانات عن عدد من ينحدرون من أصل فلسطيني بين مواطنيها البالغ عددهم 11 مليون نسمة، لكن تقريرا أصدره الكونغرس الأميركي في الآونة الأخيرة قدر عددهم بأكثر من النصف.

والزخم الشعبي الأردني الداعم للفلسطينيين يتزامن مع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني 2025 وعودة عشرات الآلاف من سكان شمال القطاع إلى بيوتهم.

 حيث أسقط هذا الاتفاق مخطط التهجير الإسرائيلي حينما شن عدوانا على مدى 15 شهرا ودمر غالبية القطاع وخلق حالة نزوح لغالبية السكان.

وأمام ذلك، قال رئيس لجنة فلسطين النيابية بالبرلمان الأردني سليمان السعود: إن "مرور اقتراح قانون منع تهجير الفلسطينيين للأردن بمراحله الدستورية يعني تنفيذه مهما كانت التكلفة".

وأضاف السعود لقناة المملكة الرسمية في 8 فبراير: إن "الاقتراح الآن في الأمانة العامة التي تضم اللجنة القانونية النيابية، وبعدها سيتم عرضه على مجلس النواب ثم يذهب إلى مجلس الأعيان ثم يتطلب مصادقة من جلالة الملك عبدالله الثاني ثم يذهب إلى الحكومة ليصبح واجبا عليها قانونيا تنفيذ ما جاء في هذا القانون".

وتوقع أن "إقرار قانون منع تهجير الفلسطينيين للأردن لن يستغرق طويلا"، مبينا أن "مسألة الوقت مرتبطة بملاحظات وأفكار وتعديلات النواب".

وأوضح السعود أن "أهمية الاقتراح مرتبطة بالثوابت الوطنية بمنع تهجير الفلسطينيين".

"رسالة سياسة"

بدوره أكد النائب خميس حسين عطية، رئيس كتلة "إرادة والوطني الإسلامي" أن "المقترح لمنع تهجير الفلسطينيين من غزة إلى الأردن هو رسالة سياسية من مجلس النواب برفض الأردن لمبدأ التهجير ولدعم صمود الفلسطينيين في أراضيهم حتى رحيل الاحتلال".

وأضاف عطية في حديث إذاعي لـ "عمان نت" في 6 فبراير 2025: "ما يطرحه ترامب جريمة حرب بحق الشعب الفلسطيني، ولهذا فإن الاقتراح جاء وفق الدستور الأردني".

وأردف: "إن المقترح سيذهب للجنة القانونية لإبداء الرأي خاصة أن المقترح يتوافق مع الاتفاقات الدولية التي أبرمها الأردن".

ونوه عطية إلى أن "القانون سيمر لأن الجميع لا يرغب بتهجير الفلسطينيين". وراح يقول: “في حال إقراره سيتم تطبيقه من قبل الحكومة بكل إجراءاته”.

 على المستوى الشعبي، فقد أطلقت حملات إعلامية في الأردن رفضا لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، وإسنادا لموقف الأردن الرسمي الرافض للتهجير.

ولا سيما أن الداعمين لتمرير القانون يرون أنه يعد بمثابة "آلية وطنية جديدة تدعم الموقف الأردني الرسمي" الذي كثف اتصالاته الدبلوماسية لتأكيد موقف بلاده الرافض للمشروع الأميركي وتمسك المملكة بحل الدولتين.

وهذا المقترح الأميركي يمثل "تهديدا وجوديا" للمملكة الأردنية، ففي “حال تنفيذ مشروع التهجير، سينتقل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بكل زخمه ليصبح ربما صراعا أردنيا داخليا”، وفق المراقبين.

وكثيرا ما أكد العاهل الأردني، على "ضرورة وقف إجراءات الاستيطان، ورفض أية محاولات لضم الأراضي وتهجير الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية".

ومن هنا تأتي محاولات سن قانون يمنع تهجير الفلسطينيين، الذي لطالما تحدث المسؤولون الأردنيون في السابق عن أن أي تهجير للفلسطينيين نحو الأردن يعني "إعلان حرب وترحيل أس الصراع إلى المملكة".

وضمن هذه الجزئية، رأى الكاتب الفلسطيني فايز أبو شمالة في تغريدة على حسابه في "إكس" “أن تهجير أهل غزة إلى الأردن سيحول الحدود الأردنية الإسرائيلية من العقبة وحتى بحرية طبريا إلى ساحة قتال ومواجهات ومقاومة أعنف وأقسى وأصعب وأشرس مما جرى على أرض غزة المحاصرة والجائعة”.

وشهدت العاصمة الأردنية عمان ومدن أخرى في 7 فبراير 2025 احتجاجات واسعة ضد خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول الجوار، بما فيها الأردن ومصر.

وضمت المظاهرات أطيافا مختلفة من المجتمع الأردني، تعكس الرفض الشعبي والرسمي الواسع لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية. 

ورفع المتظاهرون في شوارع عمان والمدن الأردنية لافتات وملصقات تندد بسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مرددين هتافات داعمة للقضية الفلسطينية ورافضة لأي مخطط لتهجير الفلسطينيين.

وفي هذا السياق، شدد مراد العضايلة، المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، على موقف الشعب الأردني الحاسم بقوله: "نحن نقول لترامب إنه لا مكان لك على الأراضي الأردنية".