هاجس الحرب الشاملة.. ما سر انخراط ألمانيا المتزايد في صراع إيران وإسرائيل؟

15322 | منذ ٨ أشهر

12

طباعة

مشاركة

بعد مرور ساعات فقط على إطلاق إيران الطائرات المسيرة والصواريخ نحو إسرائيل، خرجت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أمام الكاميرات من مقر الوزارة في برلين، وأدانت الهجوم الإيراني بأشد العبارات، قائلة: "الليلة كادت طهران أن تغرق منطقة بأكملها في الفوضى".

ومساء 13 أبريل/ نيسان 2024، قال التلفزيون الرسمي الإيراني إن "الحرس الثوري بدأ عملية جوية بالطائرات المسيرة ضد أهداف داخل الكيان الإسرائيلي. 

ويأتي الهجوم الإيراني ردا على تعرض القسم القنصلي في السفارة الإيرانية بدمشق مطلع أبريل، لهجوم صاروخي إسرائيلي.

احتواء التصعيد

وقالت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية إن "الحكومة الفيدرالية ركزت بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل، على احتواء التصعيد، وتأمل أن يرد الإسرائيليون بحكمة لا تؤدي إلى حرب إقليمية شاملة". 

وعقبت الصحيفة على لفظ "كادت" الذي استخدمته الوزيرة، قائلة إن "هذا اللفظ يعبر عن الكثير من المخاوف الألمانية بشأن توسع العنف في الشرق الأوسط والانخراط في هجمات إضافية".

لكنها عادت لتقول إن "بعض الأمل لا يزال موجودا في الوقت الراهن"، لافتة إلى "وجود دلائل تشير إلى أنه لا يزال من الممكن احتواء الأمر برمته".

وحول ماهية هذه الدلائل، أشارت الصحيفة إلى "حقيقة أن جميع الطائرات بدون طيار والصواريخ تقريبا لم تلحق أذى مباشرا بإسرائيل في نهاية المطاف، لا سيما بعد التعاون مع الولايات المتحدة وبريطانيا وبدعم من بعض أجزاء العالم العربي". 

"وتعد هذه الحقيقة واحدة من الأخبار الجيدة القليلة التي صدرت ليلة الهجوم"، وفق "دير شبيغل".

وذكرت أن "صبيحة الهجوم كان يوم الدبلوماسية الهاتفية بالنسبة للخارجية الألمانية، حيث اتصلت بيربوك بالمستشار الألماني أولاف شولتز، الذي سافر لتوه إلى الصين برفقة وفد رسمي موسع". 

كذلك تحدثت الوزيرة مع نظيرها في الكيان المحتل يسرائيل كاتس، وأجرت اتصالا مع وزير دفاع الاحتلال السابق بيني غانتس.

إلى جانب ذلك، أوصت الصحيفة بضرورة "عدم قطع الاتصال أيضا مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الذي تحدثت معه بيربوك عبر الهاتف قبل أيام".

كسر التصعيد

من جهة أخرى، قالت الصحيفة إن "الحكومة الفيدرالية ليس لديها أي أوهام فيما يتعلق بأن الإسرائيليين سيختارون الرد على الهجوم الإيراني، حيث إن هذا الهجوم يعد الهجوم المباشر الأول الذي تشنه إيران".

لكنها في ذات الوقت تشير إلى أن السؤال الحاسم الذي يشغل برلين هو "كيف سيكون الرد الإسرائيلي على وجه التحديد؟ وهل سيؤدي في النهاية إلى دفع التصعيد لأبعد من الوضع الحالي أم سيكون نقطة توقف للتصعيد؟ وهل من المتوقع حدوث هجوم آخر ضد إسرائيل إذا ما هاجمت الأخيرة طهران؟".

وفي هذا الصدد، قالت "دير شبيغل" إن وزيرة الخارجية لم تخض في أي تفاصيل حول ماهية الخط الفاصل بين الهجوم الإسرائيلي الذي من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من التصعيد، وبين الهجوم الذي سينتج وقفا في دوامة التصعيد الدائرة. 

لكنها اكتفت بالقول: "أدعو جميع الأطراف الفاعلة في المنطقة إلى التصرف بحكمة".

ولفتت الصحيفة إلى أن الوزيرة لم تسمح بطرح أي أسئلة لها بعد إلقاء بيانها المقتضب.

وتعقيبا على الجملة المذكورة أعلاه، قالت الصحيفة إن "الجملة صيغت بعبارات عمومية إجمالية دون تحديد أو تخصيص".

وتابعت: "ولكن بما أن الجميع يفكر الآن في الرد على الهجوم، فمن المحتمل أن هذه الجملة تستهدف الإسرائيليين في المقام الأول".

وطالبت الوزيرة بضرورة "كسر دوامة التصعيد"، وتأمل في رد "لا يشعل النار في الهشيم"، لأن ذلك يمكن أن يكون له "عواقب لا تحصى".

وإدراكا من الحكومة الألمانية لخطورة الوضع الراهن في الشرق الأوسط، اجتمع فريق الأزمات التابع للحكومة في قبو وزارة الخارجية في الصباح الباكر بعد ساعات معدودة من الهجوم الإيراني.

وقالت الصحيفة إن "هذه الاجتماعات عادة ما تكون اجتماعات روتينية، يحضرها موظفو الخدمة المدنية والبيروقراطيون وبعض المستشارين".

لكن ما حدث هذه المرة أن بيربوك نفسها هي من قادت مداولات فريق الأزمات، كذلك حضر وزير الدفاع بوريس بيستوريوس.

وهو ما يدل على أنه "لا يمكن أن يكون هناك أي مجال للعمل الروتيني البيروقراطي الهادئ، حيث يتعلق الأمر بعواقب الهجوم التي قد تؤثر على الوضع الأمني ​​في منطقة الشرق الأوسط بأكملها"، بحسب الصحيفة.

قائمة الإرهاب

من زاوية أخرى، دعا الخبير الأجنبي في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، نوربرت روتغن، إلى تغيير المسار، حيث يرى وجوب ضغط برلين لـ"تصحيح السياسة الكارثية التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل تجاه إيران".

وقال روتغن لـ"دير شبيغل": "يجب إضافة الحرس الثوري الإيراني إلى قائمة الاتحاد الأوروبي للإرهاب".

ويبدو أن مايكل روث، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البوندستاغ (البرلمان الألماني)، لا يختلف رأيه عن الرأي السالف، إذ يقول عضو الحزب الديمقراطي الاشتراكي إن "إعادة التفكير بشكل أساسي في سياستنا تجاه إيران ستكون ضرورية".

ورأى أن "إيران هي أكبر تهديد للسلام في الشرق الأوسط".

وهنا تساءلت الصحيفة: "لكن ما هي بنود إعادة التفكير التي يدعو إليها روث؟ هل المقصود هو تشديد العقوبات على إيران أم ماذا؟".

وقالت إنه "حتى اللحظة لا يوجد أي تصريح رسمي من الخارجية الألمانية حول كيفية التصرف تجاه إيران"، وعللت ذلك بأن وزيرة الخارجية "قد تهدف إلى إبقاء أكبر عدد ممكن من الخيارات مفتوحا".

فيما ترى "دير شبيغل" أنه "في ظل ظروف معينة، قد يكون التخلي عن فرض المزيد من العقوبات في البداية بمثابة إشارة إيجابية".

وقالت: "يبدو أن الحكومة ترى أن الحوار ثم الحوار ثم الحوار هو السبيل لتجنب أسوأ السيناريوهات في الشرق الأوسط".

وأشارت إلى أن "بيربوك تريد مواصلة جهودها الدبلوماسية في الأيام القادمة".