بعد تهديدات تركيا.. ما انعكاسات اغتيال الناشطة عائشة نور على إسرائيل؟

2 months ago

12

طباعة

مشاركة

تتواصل الارتدادات الدولية وبشكل خاص التحركات التركية، عقب اغتيال إسرائيل للناشطة التركية الأميركية، عائشة نور أزغي أيغيي، في 6 سبتمبر/ أيلول 2024 أثناء مشاركتها في فعالية منددة بالاستيطان في بلدة بيتا بمحافظة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة.

ونشرت صحيفة “الصباح” التركية مقالا للكاتب، يوجل أجير، قال فيه إن "سبب استمرار هذه البربرية في عصر التواصل المرئي هو أن دول الغرب القوية تدعم هذه الوحشية بطريقة نظامية وعلنية، وأن بقية العالم لا تتوحد في وجه هذا الدعم، بل ولم تتّخذ التدابير اللازمة لإيقافها".

واستدرك أجير قائلا: "رغم محاولة بعض الدول مثل تركيا إيقاف هذه الوحشية بكل طريقة حقوقية وإنسانية ممكنة، إلا أنه يبدو أن التكافل المحدود بين هذه الدول لم يكن كافيا لإيقاف هذه البربرية".

واستطرد: "لو استثنينا احتجاجات المواطنين من الدول الشرقية، فإن سكوت الرأي العام الغربي يدل على أن العقلية النصرانية مازالت موجودة كما قال الرئيس رجب طيب أردوغان".

استهداف متعمد

وقال الكاتب التركي إن "إسرائيل بدأت منذ حرب 1967 في بناء مستوطنات غير شرعية في المناطق التي احتلتها بدءا من منطقة كفار عصيون، بل ومازالت تتوسع وتبني المستوطنات غير الشرعية".

وفي منطقة أخرى من مناطق الاستيطان غير الشرعي في بيتا المتصلة بنابلس كانت هناك مظاهرات أسبوعية منذ عام 2020 بسبب توسيع معسكر إيفيتار.

كما أن إسرائيل لا تمارس عملها غير الشرعي أي التوسيع من أجل تأهيلها مؤقتا، وإنما تحاول ربطها بأسباب "تاريخية ودينية" لتأهيلها بشكل دائم وتنفيذ خطتها في إلحاق الأراضي الفلسطينية بإسرائيل.

ومع تحذيرات مستمرة منذ عام 1967 من طرف بعض المحققين وقرارات الأمم المتحدة إلا أن إسرائيل مازالت تنفذ خطتها خطوة بخطوة منذ ذلك الوقت متجاهلة جميع الدعوات.

وقال أجير إن "عائشة نور البالغة من العمر 26 عاما، قد تخرجت في جامعة واشنطن في مايو/ أيار 2024، وكانت ناشطة في الحقوق الإنسانية تعمل كمتطوعة في حركة التضامن العالمية (ISM) والتي تدعم الفلسطينيين بالطرق السلمية ضد الغزو الإسرائيلي".

وبحسب بيانات "حركة التضامن العالمية" فمنذ عام 2020 كانت عائشة نور المتظاهرة المقتولة رقم 18 في قرية بيتا في فلسطين.

وفي بيان لحركة التضامن العالمية: "كنا نتظاهر بطريقة سلمية بخصوص استعمار الأراضي الفلسطينية وتوسيع إيفيتار غير القانوني".

وأوضحت الحركة أنه "عندما بدأ الجيش الإسرائيلي برمي القنابل الغازية المسيلة للدموع تفاقم الوضع واضطررنا إلى التراجع وكنا على بعد 200 متر تقريبا من الجنود وكان هناك قناص يرى بوضوح من على السطح وكانت صديقتنا الناشطة تقف تحت شجرة للزيتون مع بعض الناشطين الآخرين ومع ذلك فإن الجنود قد أطلقوا على رأسها قاصدين"

اعتراف صادم 

وقال أجير: "لقد اعترفت إسرائيل بأن عائشة نور قد قتلت بنارهم".

ففي تصريح للجيش الإسرائيلي قالوا إن "عائشة نور قد أُصيبت برصاصة لم تكن موجهه لها وإنما كانت موجهة من قبل القناص تجاه المحرض الرئيس على التمرد، حيث إنّهم أعلنوا أنهم لم يستهدفوها عمدا".

لكن بهذا التصريح تكون إسرائيل قد اعترفت أنهم كانوا يستهدفون المتظاهرين السلميين بالقناص، كونهم قالوا إنهم لم يستهدفوها وإنما استهدفوا الشخص المسمى "المحرض الرئيس على التمرد"، وفق أجير.

واستطرد: "كما أنه من الواضح أنه لن تكون هناك محاكمة عادلة ومحايدة، وأنه حتى لو كانت هناك محاكمة فلن يكون هناك عقاب". 

وتابع: "كما يفهم من التصريحات الأميركية أن واشنطن لن تمس إسرائيل حتى في حال قتل أحد مواطنيها". 

وفي أول ساعات الحدث، قال الرئيس الأميركي جو بايدن: "سيكون لدي المزيد من التفاصيل بخصوص هذا الموضوع، لكني لا أملك حاليا معلومات كافية، أحتاج إلى المزيد من المعلومات لذلك خرجت متأخرا، وأتواصل مع فريقي من الهاتف، وسيكون لدي معلومات لاحقا"، واكتفى الرئيس بذلك. 

كما أفاد وزير الخارجية أنتوني بلينكن: "نحن على علم بموت عائشة نور الكارثي في الضفة الغربية، نجمع المعلومات بسرعة الآن"، واكتفى بذلك أيضا.

لم ولن تدافع 

وقال أجير: "يمكننا أن نرى من خلال التصريحات التي قالتها أميركا أنها تحاول تجنب جعل إسرائيل تبدو مذنبة، وأنهم يريدون جعلها (كأن لم تكن) أساسا". 

وصرح بايدن أن "الحادث كان بسبب ارتداد في الرصاص وكان حادثا مؤسفا".

 ويمكن أن نجد ذلك أيضا فيما قاله بلينكن: "يجب لأي شخص ألا يصاب بطلق ناري في مظاهرة، ويجب لأي شخص ألا يضع حياته على المحك لأجل أن يعبر عن رأيه، بالنسبة لنا يجب على إسرائيل أن تغير منهجها في التعامل مع الضفة الغربية".

كما أضاف منسق مجلس الأمن القومي الأميركي للاتصالات الإستراتيجية في البيت الأبيض، جون كيربي، أنهم يؤمنون أنه سيكون من الأفضل مشاهدة المحاكمة التي ستقع في إسرائيل قبل أن يتم الحكم على الوضع. 

وبذلك يبدو من هذه التصريحات أنه "لن يكون هناك رد فعلٍ عملي على إسرائيل".

وقالت “حركة التضامن العالمية” إن "هذه الجريمة تُعد فقط مثالا آخر على إعطاء الدعم والحصانة إلى الجيش والحكومة الإسرائيلية من قبل الحكومات الأوروبية والأميركية".   

وأضافت في بيان "لقد ذاق الفلسطينيون الكثير من الألم تحت ثقل الاستعمار.. وسنتابع دعمنا لفلسطين وسنكرم شهداءنا إلى أن تتحرر".

وبينما تواصل إسرائيل مجازرها في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 تتابع أيضا قتل المدنيين الموجودين في الضفة الغربية والقدس الشرقية. 

وفي أرقام الأمم المتحدة عن عدد الشهداء الفلسطينيين الموجودين في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية كان العدد يصل إلى 594. 

وفي وقت كان جزء كبير من القتلى الفلسطينيين قد قُتِلوا من قبل الجيش، كان جزء آخر قد قُتِل على يد مستوطنين غضّ الجيش الطرف عنهم بحيث يكونون مثل العصابات المسلحة التي تعمل للجيش. 

أما فيما يتعلق بقتل عائشة نور فقد صرح أردوغان بنفسه أنهم مصممون على تقفي الأمر.

وقد أدان الرئيس التركي بشدة قتل إسرائيل عائشة نور. 

وأضاف أنهم “سيعملون قدر المستطاع لجعل إسرائيل تدفع ثمن ما فعلته من الجرائم أمام المحاكم الدولية”.

وصرّح أردوغان: "ألعن إسرائيل على أفعالها البربرية ضد المظاهرات" 

وأضاف: "سنتابع فعل كل ما نحن قادرون عليه على جميع المنصات لإيقاف سياسة ومجزرة إسرائيل التي ترتكبها منذ سنة والتي قتلت فيها 41 ألف إنسان بلا تفريق ولدا صغيرا كان أو رجلا عجوزا.. وسنعمل أيضا على جعلها تدفع ثمن الجرائم التي ترتكبها ضد الإنسانية أمام الحقوق".

تركيا والمواجهة

وفي هذا السياق، يمكن التنبؤ بأن تركيا ستتقدم بطلب معزز في قضية الإبادة الجماعية الجارية أمام محكمة العدل الدولية استنادا إلى المادة 62 من المعاهدة التأسيسية للمحكمة على أساس مقتل أحد مواطنيها. 

وبالإضافة إلى العملية القانونية الجارية في المحكمة الجنائية الدولية. حيث سيتم التحقيق في الأراضي الفلسطينية بما في ذلك الأراضي المحتلة كما سيضم التحقيق الأحداثَ التي حدثت في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

وقال أجير: “يجب أن نأخذ في الحسبان أن الأشخاص المسؤولين عن الجرائم التي حدثت في الضفة الغربية بما في ذلك مقتل عائشة نور سيحاسبون أيضا”. 

وشدد على أنه “يكفي أن تصدر بحقهم مذكرة اعتقال ويقبض عليهم ويتم تسليمهم للمحكمة الجنائية الدولية”.

واستطرد أجير: “في النهاية من الواضح أن تركيا ستتابع الأمر من خلال نظامها القضائي”. 

وصرح وزير العدل التركي، يلماز تونج، أن مكتب الادعاء في أنقرة قد بدأ تحقيقا وذكر أنه سيتم حماية حقوق عائشة نور حتى النهاية فيما يتعلق بالقانون المحلي.

فبحسب قانون العقوبات التركي مادة 12 يجب أن يكون المتهم موجودا في تركيا لتلقي العقاب، إلا أنه يمكن للجمهورية أن تقاضي الأجانب إذا ارتكبوا جرائم بحق مواطن تركي.

وذكر الوزير تونج أن "الدلائل التي سيتم جمعها في هذه الفترة ستدعم القضية الجارية في محكمة العدل الدولية أيضا". 

واختتم الكاتب أجير مقاله بالقول: "في هذا السياق يبدو أن تركيا ستكون من الدول القلائل التي تخوض صراعا حقوقيا مع إسرائيل وداعميها".