تنظيمات كردية بسوريا تطلب دعم إسرائيل.. هكذا يخططون لتقسيم سوريا

بعد ١٥ دقيقة

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة حرييت التركية المعارضة الضوء على ما أسمته "التعاون الإسرائيلي مع حزب العمال الكردستاني" وأبعاده السياسية ومخاطره الإستراتيجية على أنقرة.

وقال الكاتب التركي "نديم شينير": تشهد المنطقة تطورات متسارعة، فلا تقتصر على المواجهات العسكرية، بل تمتد إلى تحالفات سياسية تُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط. 

وأحد هذه التطورات البارزة كانت العملية التي أطلقتها هيئة تحرير الشام بدءا من حلب في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، وتكللت بسيطرة المعارضة على دمشق وانهيار نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024. 

غير أنّ خلف هذا المشهد العسكري تتكشف شبكة من العلاقات بين إسرائيل وحزب العمال الكردستاني (بي كا كا)/ وحدات حماية الشعب (الفرع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي)، والتي تحمل في طياتها تداعيات إقليمية خطيرة.

وأكدت تركيا أن “وحدات حماية الشعب الكردية” التي تعد أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، لن يكون لها مكان بسوريا في ظل إدارتها الجديدة.

وتعدّ أنقرة الوحدات الكردية امتدادا لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه منظمة “إرهابية” ويخوض تمردا على أراضيها منذ عقود.

 وبعد الانتصار على نظام الأسد، انتزعت قوى الثورة مواقع مهمة من قسد، أبرزها تل رفعت على الطريق الواصل بين تركيا ومدينة حلب، بالإضافة إلى منبج عقدة الوصل المهمة بين شمال سوريا وشرقها، ومدينة دير الزور.

ويجرى التركيز حاليا على عين العرب (كوباني)، آخر المواقع التي يستحوذ عليها التنظيم في محافظة حلب، بالإضافة إلى مدينة الرقة.

خطة مشتركة

وأردف الكاتب: التعاون بين إسرائيل وحزب العمال الكردستاني/وحدات حماية الشعب لم يعد خفياً، فقد ظهر جليا في تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الذي تولى منصبه في نوفمبر. 

ففي تصريحاته وصف ساعر الأكراد بأنهم "أمة عظيمة" وضحايا للاضطهاد الإيراني والتركي، ودعا إلى تعزيز العلاقات معهم لأسباب سياسية وأمنية. 

وأضاف الكاتب: تصريحات ساعر حظيت بزخم إعلامي كبير من وسائل الإعلام الإسرائيلية ومن المنابر القريبة من حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب. 

وهذا الدعم الإعلامي والسياسي تطور لاحقا إلى خطة تهدف إلى إنشاء حكم ذاتي للأكراد في سوريا، بل وتجاوز ذلك إلى تقسيم البلاد. 

وترى إسرائيل أن دعم إقامة "دولة كردستان" المزعومة هو جزء من مشروعها الأكبر لإقامة "إسرائيل الكبرى".

وكان يائير نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد نشر خرائط في أوقات سابقة تعكس هذه الطموحات، غير أن التطورات الأخيرة على الأرض قلبت هذه المخططات.

فقد سيطرت المعارضة السورية على نحو 70 بالمئة من الأراضي، ما أثار ذعرا لدى الولايات المتحدة وإسرائيل، وكذلك حلفاؤهما من حزب العمال الكردستاني الذين يسعون لتقسيم سوريا. 

وبين الكاتب أن العملية التي أطلقها الجيش الوطني السوري نحو منبج شرق الفرات، بعد تحرير تل رفعت، أدت إلى خسارة التنظيم الإرهابي مناطق كان يسيطر عليها منذ عام 2016. 

وهذا التقدم العسكري شكل تهديدا لمشاريع التقسيم، وأربك إسرائيل أكثر من حليفتها الولايات المتحدة، التي ظلت تدعم التنظيم لسنوات.

في ظل هذه التطورات يبدو أن الصراع في سوريا لم يعد مجرد مواجهة داخلية، بل ساحة لتقاطع مصالح دولية وإقليمية. 

إذ تلعب إسرائيل وحزب العمال الكردستاني دورا في محاولة إعادة تشكيل المنطقة، لكن المقاومة العسكرية والتقدم الميداني لقوى الثورة السورية يعرقلان هذه الخطط، مما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الصراع والمواجهة.

طلب الدعم

وأردف الكاتب: في ظل الأوضاع المتأزمة في الشرق الأوسط تتداخل التحالفات وتتشابك المصالح بصورة غير مسبوقة. 

إذ كشفت صحيفة جيروساليم بوست العبرية في 9 ديسمبر أن العمال الكردستاني/ وحدات حماية الشعب طلب رسميا الحصول على دعم إسرائيل. 

ويأتي هذا في إطار محاولات التنظيم الحفاظ على مواقعه في سوريا بعد التقدم الذي أحرزته قوى الثورة السورية في مناطق سيطرة التنظيم.

وقال ساعر: "يجب وقف الهجمات على الأكراد كما رأينا في منبج! نحن نناقش هذا الأمر مع أصدقائنا في الإدارة الأميركية ودول أخرى".

وحذر من أسماهم “المتمردين السوريين” من مهاجمة الأكراد، قائلا: "إذا تعرضوا لهجوم في سوريا، فقد تتدخل إسرائيل للدفاع عنهم".

ويرى الكاتب أن هذا التصريح يوضح توجه إسرائيل لدعم التنظيم الكردي في مواجهة الفصائل السورية المدعومة من تركيا.

وأردف: لم يقتصر الأمر على الدعم الإسرائيلي فقط، بل لقيت هذه التحركات تأييدا من المسؤولين الأميركيين.

إذ أعلن قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل إريك كوريل عن دعمه حزب العمال الكردستاني/وحدات حماية الشعب عبر زيارة رسمية لمواقعهم في 10 ديسمبر.

كما صعّد السيناتور الأميركي ليندسي غراهام من خطابه ضد تركيا، وحذّر من عواقب أي عملية عسكرية تركية ضد الأكراد. وأشار أيضا إلى أنه مستعد لفرض عقوبات على أنقرة كما فعل سابقاً. 

وفي خضم هذه التطورات برزت دعوات إعلامية إسرائيلية لتوسيع مشروع الحكم الذاتي للأكراد ليشمل فيدرالية تضم الدروز أيضا وفقا لما أوردته قناة 14 العبرية.

ويهدف هذا المشروع إلى تعزيز الانقسام في سوريا كجزء من إستراتيجية إسرائيلية أوسع لإعادة تشكيل المنطقة بما يخدم مصالحها.

وفي مقابلة صحفية أعرب صالح مسلم، أحد مؤسسي حزب العمال الكردستاني/حزب الاتحاد الديمقراطي، عن ترحيبه بالموقف الإسرائيلي.

 وقال مسلم: "لا شك أننا نرحب بأيّ قوة تدافع عن حقوقنا. موقف إسرائيل صحيح؛ لقد رأوا أفعالنا وأدركوا أننا لا ننكر أبداً وجود الشعب اليهودي في الشرق الأوسط. إنّ رؤية من يفهم معاناتنا أمر مشجع".

وأضاف أن دعم إسرائيل قد يؤثر على السياسة الدولية، خاصة الموقف الأوروبي، وأعرب عن أمله في أن تتحول هذه المواقف إلى خطوات عملية.

وأشار الكاتب إلى أن هذه التصريحات والتحركات تكشف عن محاولة إسرائيلية-كردية مشتركة لإعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة. 

إذ إنّ إسرائيل التي تسعى لإضعاف خصومها الإقليميين كإيران وتركيا وجدت في العمال الكردستاني/وحدات حماية الشعب شريكاً لتحقيق أهدافها.

في المقابل يسعى التنظيم الكردي إلى تأمين دعم خارجي في مواجهة القوات السورية المدعومة من تركيا.

ويسلط هذا التحالف الضوء على تعقيد المشهد السوري، حيث تتقاطع مصالح القوى الكبرى والإقليمية مع الطموحات القومية والفصائل المسلحة. 

ومع استمرار هذه التحركات يبقى السؤال مفتوحا حول مستقبل سوريا والمنطقة، وما إذا كانت هذه المخططات ستنجح أم ستواجه المزيد من المقاومة والتحديات، يقول الكاتب.

تحذيرات أردوغان

وأضاف: وفي ظل التوترات المستمرة في الشرق الأوسط، برزت اتفاقية سيفر لعام 1920 في الواجهة من جديد. 

ففي منشور مثير للجدل على منصة إكس أشار الفرنسي برنارد ليفي، المعروف بعلاقاته الوثيقة بجهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد وزياراته المتكررة لمسلحي حزب العمال الكردستاني/وحدات حماية الشعب في سوريا، إلى أن التطورات الحالية قد تؤدي إلى خيارين.

إما إنشاء كيان ذاتي الحكم داخل سوريا أو الاعتراف باستقلال ما يُسمى "كردستان".

إن هذه الإشارة ليست مجرد تحليل عابر؛ فهي تذكير باتفاقية سيفر التي كانت تهدف إلى تقسيم الدولة العثمانية، وفرض إنشاء كيانات قومية جديدة والتي من ضمنها دولة للأكراد. 

واليوم يبدو أن هذا السيناريو التاريخي يتم إحياؤه بطرق جديدة تتناسب مع التوازنات السياسية المعاصرة.

في نفس الوقت كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد حذّر أمام البرلمان في الأول أكتوبر/تشرين الأول، من مخططات إسرائيل التوسعية التي قد تستهدف تركيا بعد فلسطين ولبنان.

وقال: "إن الإدارة الإسرائيلية تتحرك بوهم الأراضي الموعودة، وستتجه أنظارها لاحقا إلى أراضينا الوطنية".

وأردف: “هذه الحسابات مبنية على التعصب الديني، ولا يدرك ذلك بعض أصدقاء إسرائيل داخل تركيا ممّن يروجون للصهيونية سواء بشكل طوعي أو من خلال مقابل. إن حكومة نتنياهو تسعى لتحقيق حلم يضم الأناضول، وقد أعلنت عن هذا الطموح بطرق متعددة”.

وأشار أردوغان إلى أن إسرائيل تسعى لاستخدام التنظيمات الانفصالية كأدوات لتنفيذ مخططاتها، وخاصة في شمال سوريا والعراق. 

وأكد أن هذه المحاولات واضحة من خلال دعم إسرائيل لحزب العمال الكردستاني/وحدات حماية الشعب، الذي يسعى إلى إقامة كيان كردي مستقل.

وختم الكاتب التركي مقاله قائلا: لن تقف تركيا مكتوفة الأيدي أمام هذه التهديدات، فقد اتخذت تدابير استباقية لمواجهة المشروع الأميركي-الإسرائيلي الذي يستخدم حزب العمال الكردستاني/وحدات حماية الشعب كأداة لتحقيق مخططات الصهيونية في المنطقة. 

وتؤكد أنقرة أنها ستواصل التصدي لهذه المخططات، وستظهر للعالم قريباً قدرتها على إحباط مشاريع تقسيم المنطقة، وفق الكاتب.