تباين في المواقف تجاه قمة القاهرة.. خطوة للأمام أم وعود فارغة؟

تحدث البيان عن “مقترح بإنشاء صندوق ائتماني لإدارة التعهدات المالية لإعادة بناء غزة"
تباينت ردود الفعل على منصات التواصل الاجتماعي بشأن القمة العربية الطارئة التي عقدت بالقاهرة واعتمدت مشروعا مصريا لإعادة إعمار قطاع غزة، بين مؤيد مشيد بمخرجاتها، ومعرب عن استيائه منها.
وجاء في البيان الختامي للقمة التي عقدت بالقاهرة في 4 مارس/آذار 2025، الإعلان عن اعتماد خطة عربية (طرحتها مصر) لإعادة إعمار غزة وفق مراحل محددة، والتي تعد بديلا لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير أهالي القطاع.
كما تحدث البيان عن “مقترح بإنشاء صندوق ائتماني لإدارة التعهدات المالية لإعادة بناء غزة، والمحافظة على الاتصال بين الضفة الغربية والقطاع”.
وأكد أولوية استكمال وقف إطلاق النار الذي يتعرض لتحد كبير، داعيا مجلس الأمن لنشر قوات حفظ سلام دولية في الضفة وغزة.
وجدد البيان الختامي الالتزام بمبادرة السلام العربية لعام 2002، مع تأييد عقد مؤتمر دولي للسلام بين فلسطين وإسرائيل لتنفيذ حل الدولتين.
كما دعم تشكيل هيئة حاكمة انتقالية في غزة بقيادة فلسطينية وأكد على تشجيع المصالحة الوطنية والإصلاحات السياسية في فلسطين.
واتفق المجتمعون على عقد مؤتمر دولي لإعمار غزة، في أبريل/نيسان 2025، وأن "مصر عملت مع الأشقاء في فلسطين على تشكيل لجنة إدارية من المهنيين والتكنوقراط المستقلين الفلسطينيين توكل إليها إدارة غزة خلال الفترة المقبلة"، وفق ما قال رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي.
وأكد أن: "هذه اللجنة ستكون مسؤولة عن الإشراف على شؤون الإغاثة وإدارة شؤون القطاع لفترة مؤقتة، تمهيدا لعودة السلطة الفلسطينية إلى هناك"، معربا عما وصفه بـ" أمله" بأن تتواصل جهود الرئيس الأميركي، لاستمرار سريان اتفاق وقف إطلاق النار بغزة.
وأشار إلى أن حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة قد "سعت بقوة السلاح لتفريغ القطاع من سكانه، وخلفت وصمة عار في تاريخ البشرية عنوانها انعدام الإنسانية".
أما فيما يتعلق بسبل حل القضية الفلسطينية، أكد السيسي أن: "التوصل للسلام بالمنطقة لن يتحقق دون تسوية الصراع"، مشددا على أن: "القدس ليست مجرد مدينة، بل إنها رمز لهويتنا".
ترحيب ورفض
وبدورها، رحبت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، بخطة إعادة إعمار قطاع غزة، مشددة على ضرورة إلزام الاحتلال الإسرائيلي باحترام تعهداته ضمن اتفاق وقف إطلاق النار.
وعقدت القمة تزامنا مع تنصّل الاحتلال الإسرائيلي من إتمام اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في يناير/كانون الثاني 2025، ورفضه الانتقال إلى المرحلة الثانية منه، حيث يتكون من 3 مراحل.
وقالت حماس: إن “عقد القمة العربية ”يدشن مرحلة متقدمة من الاصطفاف العربي والإسلامي مع القضية الفلسطينية العادلة"، مثمنة "الموقف العربي الرافض لمحاولات تهجير شعبنا أو طمس قضيته الوطنية، تحت أي ذريعة أو غطاء".
وأضافت أن الموقف العربي "يعد مشرفا ورسالة تاريخية مفادها أن النكبة الفلسطينية لن تتكرر، ونؤكد أن شعبنا، المدعوم بموقف عربي موحد، قادر على إفشال هذه المحاولات والمؤامرات".
أما الاحتلال الإسرائيلي، فقد أعلن رفضه بيان القمة قائلا: إنه لم يعالج حقائق الوضع بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول "وظل متجذرا في وجهات نظر عفا عليها الزمن"، وفق زعمه.
وقالت وزارة خارجية الاحتلال: إن "بيان القمة العربية الطارئة يعتمد على السلطة الفلسطينية والأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين)، وكلاهما أظهر مرارا دعم الإرهاب والفشل في حل القضية"، بحسب قولها.
وأضافت: "لا يمكن أن تظل حماس في السلطة، وذلك من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة".
وأعلنت خارجية الاحتلال أنها مع فكرة الرئيس الأميركي بقولها: "هناك فرصة لسكان غزة للاختيار بناء على إرادتهم الحرة. هذا أمر يجب تشجيعه، لكن الدول العربية رفضت هذه الفرصة دون منحها فرصة عادلة، واستمرت في توجيه اتهامات لا أساس لها ضد إسرائيل".
وأشاد ناشطون عبر تغريداتهم على منصتي "إكس"، "فيسبوك" بالمخرجات النهائية للاجتماع في وسوم عدة أبرزها #القمة_العربية_الطارئة، #غزة_ليست_للبيع، #القمة، وغيرها.
فيما رآها آخرون غير كافية إذ لم تتضمن إعلانا بكسر الحصار عن غزة أو إدخال الإمدادات بلا قيود أو فرض عقوبات على المحتل أو تهديد بقطع العلاقات معه.
تقييم المخرجات
وتقييما لمخرجات مؤتمر القمة العربية بالقاهرة، وتفنيدا لها وقراءة لما فيها وما بعدها، قال المحلل السياسي ياسر الزعاترة، إن الجزء السياسي محدود، وما تبقى هي خطة إعمار مفصلة، يبدو واضحا أنها من إعداد خبراء في التطوير العقاري ومجال البنية التحتية.
وأوضح أنه في الجانب السياسي، يمكن القول إنها تقليدية تحاكي "المبادرة العربية" التي تم الإعلان عنها في قمّة بيروت 2002، طبعا بتكرارها الحديث عن الدولة في أراضي 67، وهنا تتبدى المعضلة.
وأكد الزعاترة، أن الصهاينة يرون أن هذا الخطاب لا يعدو أن يكون جزءا من الماضي حين كانت لعبة الاستدراج لمنظمة التحرير والنظام العربي الرسمي تتواصل من أجل تكريس شرعية "كيانهم"، قبل أن يُسفروا عن مطامعهم الحقيقية، ويعلنوا بقرار إجماع في الكنيست (البرلمان الإسرائيلية) رفضهم إقامة "دولة فلسطينية".
وأضاف أن هذه الخطّة ليست موجّهة لـ"حماس"، لا سيما أنها لم تأتِ على ذكر سلاحها بشكل مباشر، وتحدّثت عن لجنة غير فصائلية تدير الوضع لستة شهور (لا ترفضها الحركة)، تليها ترتيبات جديدة توحّد القطاع مع الضفة الغربية، وهو ما لا ترفضه الحركة أيضا، ما دامت النتيجة هي الانسحاب الكامل وإعادة الإعمار.
وتابع الزعاترة: "إذا كان بوسع الأنظمة العربية أن تفرض هذه الخطة على الكيان، فيمكن أن نرفع لها القبّعات، رغم رفضنا للعبة الحلول السياسية من أساسها، أما حماس، فلن تحتاج إلى موقف رافض، لأن المواجهة هنا ليست معها، بل مع الكيان وسيّده الأميركي".
فيما عد المحلل السياسي ياسين عز الدين، مخرجات القمة "تقليدية ومتوقعة"، قائلا: "أما التطبيق بخصوص إعادة الإعمار فهذا معلق بموافقة إسرائيل وأميركا لأن الدول العربية لا يوجد لديها قرار مستقل".
وأضاف: "ما لفت نظري في البيان الختامي عبارة أنه توجد (بدائل واقعية لتهجير الشعب الفلسطيني)"، موضحا أن هذه العبارة معناها "أن الأصل هو تهجير شعبنا كما يريد المعتوه ترامب والقمة العربية تبحث عن بدائل لهذا الأصل!".
واستنكر عزالدين أن ترامب يملي على قادة الدول العربية ما هو الأصل والصواب وما هو الخطأ.
وقدم الباحث في القانون الدولي معتز المسلوخي، قراءات في البيان الختامي على عدة أصعدة، موضحا أنه في القراءة الشعبية جاء أقل بكثير من المأمول والمطلوب ومخيبا للآمال كالعادة، رغم الضجة الإعلامية والتأجيل الذي سبق انعقاد القمة.
وقال: إن البيان الختامي "بلغة الشعوب بيان شكلي منزوع الدسم لا يختلف عن 32 بيانا سابقا أصدرته جامعة الدول العربية منذ إنشائها سنة 1945، ويعكس واقع الضعف العربي وحالة اللطم والعويل وطلب النجدة من المعتدي والعدو الحقيقي للشعوب العربية".
وأضاف المسلوخي، أن البيان "لا بيقدم ولا بيأخر شيء على أرض الواقع؛ أشبه ببيانات منظمات حقوق الإنسان الدولية، وبيان إنشائي بدون أي خطوة تنفيذية فعلية واجبة التنفيذ الفوري".
أما في القراءة السياسية، أوضح أن البيان متوازن؛ واقعي وينسجم مع مواقف الدول العربية من المقاومة الفلسطينية (حماس) والمقاومة اللبنانية وداعميها (إيران / أنصار الله) ويحافظ على مصالحها وأمنها القومي ضد التهجير للفلسطينيين من غزة والضفة الغربية.
وقال المسلوخي، إن البيان يصطدم مع السياسيات الإسرائيلية وخطة نتنياهو _ترامب لفرض واقع سياسي جديد بطرد الفلسطينيين من أرضهم وإعلان ضم الضفة الغربية وتفريغ غزة، ويمثل إعلان عربي موحد / بديل عن خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن.
وأكد أن الخطة قابلة للتسويق والحشد دوليا إذا توافرت الإرادة السياسية الجادة عربيا وفلسطينيا.
ووصف مطهر أنقع، القمة العربية بأنها "مخرجات ممتازة وآلية تنفيذ ضعيفة"، قائلا: "يبدو أن مصيرها سيكون كسابقتها - مخرجات القمة العربية الإسلامية - التي لم ينفذ منها بند واحد".
وأرجع ذلك إلى آلية تنفيذ مخرجاتها هي نفس الآلية السابقة، والمتمثلة في: "تشكيل لجنة لعرض المخرجات على دول العالم"، مضيفا: "ويبدو - أيضا- أن القمة مجرد إسقاط واجب، فبعد اجتماع القادة في القاهرة، سيعودون إلى عواصمهم مطمئنين إلى أنهم قد كلفوا لجنة".
ودعا أنقع، العرب لاستخدام إمكاناتهم المادية - الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية - لتنفيذ قرارات قمتهم؛ مؤكدا أن هذه هي الوسيلة العملية للتنفيذ؛ أما الوسيلة الدبلوماسية، فهي مجرد علاقات عامة لا أثر لها في عالم اليوم القائم على القوة والمصالح الاقتصادية المؤثرة!.
وأضاف أن الضرورة كانت تقتضي أن يتضمن البيان الختامي بندا يتحدث عن وسيلة العرب في التنفيذ، ولو بعبارة عامة تتضمن: "أن الدول العربية اتفقت على وضع إمكاناتها - السياسية، والاقتصادية، والعسكرية - رهن تنفيذ هذه القرارات، وإعادة تقييم علاقاتها الدولية بمدى التفاعل مع هذه القرارات".
وعد الطبيب المصري يحيى غنيم، أهم مخرجات القمة العربية الطارئة أنها أثبتت أن هناك عربا، أما قدرة العرب على الفعل والتأثير وتغيير دفة الأحداث فيتوقف على قدرة العرب على إدخال "قارورة ماء، أو رغيف خبز، أو حبة دواء، أو خيمة إيواء إلى قطاع غزة!".
وقال: "أما وقف العدوان الصهيوني على غزة فهو أمر خارج الطوق والطاقة والمنطوق والمسكوت!".
إشادة بالقمة
وإشادة بالقمة وما أسفرت عنه من تبنٍّ للخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة، قال الروائي عمار علي حسن، إنها تبدو واقعية في ضوء ما آلت إليه الأمور في الحرب التي لم تنته فصولها بعد، إذ إننا نعيش وقفا لإطلاق النار وليس انتهاء للحرب.
وأكد أن هذه النتيجة تعكس، وكما يبدو من الكلمات التي ألقيت، رغبة العرب في تثبيت أهل غزة في أرضهم، وقطع الطريق على محاولة إسرائيل تهجيرهم قسرا، وعلى تصور ترامب الفانتازي حول "ريفيرا غزة".
وأضاف حسن أن هذا هو الحد الأدنى، لكن العبرة فيما يسكن التصور العام من تفاصيل، وما يتجدد من إجراءات أثناء التنفيذ، والأهم رد فعل إسرائيل الذي قد يضع الجميع أمام تحد آخر، يتطلب موقفا أشد صرامة، وقد يدعو العرب لعودة إلى النقاش مرة أخرى، ربما حول أمر أشد خطرا من إعادة الإعمار.
ورصد الصحفي محمد السكاني، أن من الأمور الجيدة التي صدرت في القمة العربية، التوافق الجماعي على رفض تهجير أهل غزة ورفض خطة ترامب، ووضع خطة لإعمار القطاع وصندوق لجمع الأموال المتعلقة بذلك.
وعد أن الأمور الخطيرة والسلبية التي صدرت عن القمة، نشر قوات دولية وحفظ سلام في قطاع غزة، وعدم الحديث عن الضفة الغربية والقدس وعدم الحديث عن الانتهاكات وعمليات الضم التي ينفذها العدو الاسرائيلي بصمت ودون تحرك محلي ودولي وعالمي.
ورأى السكاني، أنه بالمجمل قرارات القمة جيدة وليست من أجل عيون أهل غزة أو من أجل الدفاع عنها بل يعدون تهجير أهلها إلى مصر والأردن يشكل خطرا على الأمن القومي بالنسبة لدولهم.
وأكد الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، أن ما جرى من صورة عربية ترقبها كل زعامات الأرض ليست سوى نتيجة الفعل المقاوم المغمّس بالدم.
وقال: إن هذه القمة اكتسبت قيمتها من أثر يوم الطوفان، والصمود الأسطوري للمقاومة في جبهات الدفاع، وصمود الناس وقتالهم بلحم أطفالهم الجياع وعظام جماجمهم، والصورة التي خرجت بها غزة في اليوم التالي ممسكة بقبضة من حديد بأسرى العدو وبقايا دبابته المدمّرة.
وأضاف زياد: "لولا هذه البطولات، لما كان للعرب اليوم هذه الصورة، وليتهم يراكمون عليها، ليكون لهم أعظم منها وأكبر".
هجوم واستياء
وفي المقابل، برز الهجوم على القمة والإعراب عن الاستياء منها؛ إذ طالب الإعلامي القطري جابر الحرمي، بأن يذكر أحد بقرار عملي واحد خرجت به تجاه فلسطين وغزة تحديدا.
ورأى الصحفي رضوان العمري، أن قمة عربية لا تستنكر الدعم الأميركي للاحتلال ولا تشير للقنابل الأميركية التي قتلت عشرات الآلاف من الشعب الفلسطيني، بل تعد الأميركي وسيطا، هي هزلية كغيرها، لأنها لم تناقش جوهر المشكلة الحقيقية وهو الدعم الأميركي اللامحدود للكيان.
وقال: إنه كان المفترض أن يكون البند الأول، هو إدانة مجازر الإبادة والدعوة لمحاكمة الاحتلال في كل المحاكم الدولية واتخاذ إجراءات عملية حيال ذلك، ولكنه تم تغييب هذه الفقرة نهائيا ولم نجدها في مخرجات القمة، متسائلا: "لماذا؟!!".
وقال أحد المغردين: "ليست دائما القمة هي أعلى الشيء، فقد تكون قمة الضعف، الهوان، الذل، قمة السخف والاستهتار، قمة الخزي والخنوع والخضوع، قمة المطبلين والمثبطين والمنبطحين والمطبعين، مضيفا: "ستبقى القمة العربية أسفل قمة في العالم".
وعدّ عبدالمؤمن جاف، البيان الصادر عن القمة العربية، الذي لا يتضمن دعوة صريحة للأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم لإعلان النفير العام والجهوزية للجهاد في سبيل الله لمواجهة العدو الصهيوني، ولا يعلن التحرك العسكري الحاسم ضد إسرائيل وأميركا التي تدعم الكيان "بيان مسرحي هزلي لا قيمة له".
وتساءل الشيخ حسين حازب: "هل القمة العربية شكرت المقاومة، أو عزتها في شهدائها أو تجرأت تذكرها بقليل مما تستحقه، والله لو الأمر في إفريقيا أو أوروبا لذكروا حق أهل غزة في المقاومة!".
وأشار عبدالله بن عامر، إلى أن العرب أكدوا أنهم مع السلام ومع ذلك لم يتضمن البيان (رغم بعض نقاطه الإيجابية) الإشادة بتنفيذ المقاومة المرحلة الأولى من الاتفاق والتزامها بتنفيذ بقية المراحل.
وتساءل: “أليس هذا من السلام ويدعم السلام؟ أم أن ذكر المقاومة ولو من هذا الباب سيزعج الاحتلال ويزعج من يقف خلفه؟!”
الرد الإسرائيلي
وتعقيبا على موقف “إسرائيل”، أكد الناشط الإنساني أدهم أبو سلمية، أن رفض الاحتلال لمخرجات القمة العربية الطارئة "متوقع"، قائلا: "لذلك نحن بحاجة لاستحداث آليات عربية لكسر الحصار وفتح المعابر وإلزام الاحتلال بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار".
وأضاف: "كما أن الدول العربية تحتاج لبناء تحالف دولي أوسع لفرض إرادتها على احتلال مجرم لا يتوقع منه خيرا".
وعطفا على ذلك، قال أبو سلمية: إن أي حديث عن رفض التهجير للشعب الفلسطيني دون تبني واحتضان المقاومة الفلسطينية صمام الأمان لهذا الرفض، يُبقي هذا الحديث بلا جدوى..
وعد أي حديث عن قوات دولية في غزة لا يمكن القبول به، هذه القوات التي شاهد العالم ماذا فعلت في مسلمي البوسنة، وماذا فعلت في إفريقيا الوسطى، وكيف عجزت عن منع العدوان على لبنان، لذلك فأي قوات دولية ستكون فقط بديلا عن الاحتلال لتخفيف التكلفة عليه.
واستنكر الصحفي مصطفى عاشور، قول الخارجية الإسرائيلي: إن بيان القمة لم يتضمن إدانة للهجوم الوحشي الذي شنته حماس وأسفر عن آلاف القتلى الإسرائيليين، ولم يتناول حقائق الوضع بعد السابع من أكتوبر 2023 متمسكا بوجهة نظر عفا عليها الزمن.
وعلق قائلا: "لا يا صهيوني أنت مفكر نفسك عضو في الجامعة ولا إيه؟ دا انت قاتل 50 ألف عربي وجرحت 150 ألف وجوعت 2.5 مليون".
وأشار الكاتب في العلوم السياسية والعلاقات الدولية صريح صالح القاز، إلى أن في كل قمة يعلن فيها العرب مناصرتهم لفلسطين ومنع احتلال أرضه وتهويده ترد إسرائيل بابتلاع قطعة أرض أو ثلاث جديدة.
وأضاف: "كأنها لعبة تقليدية كلما تبادل العرب التصريحات الحماسية ابتسمت إسرائيل ومضت في بناء مستوطنات إضافية.. وكأن القمم مثابة إشارات خضراء".
ووصف الباحث وسام غريب الرد الإسرائيلي على القمة بأنه "أكثر من وقح"، مستنكرا أن الاحتلال وصلت به الوقاحة إلى طلب إدانة هجوم حماس في 7 أكتوبر ونسي أنه محتل ويحاصر غزة ويسجن نصف أبنائها فى السجون الإسرائيلية.
واستنكر أن على الرغم من أن القمة العربية كانت على مستوى المسؤولية، ولكن لم يحمل أي إجراءات فعلية ضد إسرائيل إذا واصلت الحرب على غزة.
غيابات بالجملة
وشهدت القمة غياب عدد من الزعماء أبرزهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرؤساء الإماراتي محمد بن زايد والجزائري عبد المجيد تبون والتونسي قيس سعيد.
وتحدثت تسريبات عن عدم مشاركة تبون بسبب إقصاء بعض الدول العربية له من عملية صنع القرار فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أما الآخرون فلم تتضح أسباب غيابهم.
واستنكارا لغياب عدد من رؤساء الدول العربية، تساءل الإعلامي أسامة جاويش: “هو محمد بن سلمان ومحمد بن زايد محضروش القمة العربية الطارئة ليه؟”
ورأى خبير الإدارة الإستراتيجية وإدارة الأزمات مراد علي، أن غياب قادة السعودية والإمارات والكويت عن القمة العربية الطارئة، يثير عدة تساؤلات.
وأوضح أن من هذه التساؤلات: “هل يعكس هذا الغياب عدم تأييدهم الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة؟ أم أنه مؤشر على وجود خلافات غير معلنة بين الدول الفاعلة في المنطقة؟ أم أنه تأكيد جديد على تراجع الدور المحوري لمصر لصالح السعودية والإمارات، اللتين تتوليان الآن زمام القيادة الإقليمية؟”
وتساءل المحاضر بالقانون الدولي محمود الجرف: “بم تفسر غياب القادة العرب عن القمة العربية وضعف النفوذ المصري؟، كان ذلك بتوجيه من السعودية؟ محاولة تقزيم الدور المصري؟ توجيهات من الغرب وإسرائيل؟ كل ما سبق؟”
وقال الكاتب رفيق عبدالسلام، إن غياب القيادة السعودية العليا عن القمة العربية في القاهرة يثير كثيرا من الأسئلة من دون وجود أجوبة واضحة وقاطعة، مذكرا بأن الرياض تولت الاجتماع التمهيدي للقمة الذي ضم دول مجلس التعاون الخليجي ومصر، ثم غابت فجأة عن القاهرة.
وتساءل: “هل هو خوف من غضبة ترامب أم اعتراض على خطة اليوم الموالي؟ أم اعتراض على عدم المضي للنهاية في مواجهة حماس ونزع سلاح المقاومة أن ماذا؟”
ورأى محمد قنديل، أن غيابات القمة العربية أتثبت أن المتاجرين بالقضية الفلسطينية أكثر من الساعين لحلها.
حضور لافت
وفي المقابل، برزت الإشادة بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع، والثناء على كلمة الرئيس اللبناني جوزيف عون.
وأشار أستاذ العلوم السياسية عبدالله الشايجي، إلى أن الشرع يمثل بلاده في القمة بعد أقل من ثلاثة أشهر على خلع وفرار بشار الأسد.
وعد حضور الشرع ترسيخ لعودة سوريا للبيت العربي، بعد فشل تأهيل طاغية الشام بعدما حضر بشار الأسد المخلوع آخر قمتين عربيتين إسلاميتين.
ولفت إلى أن تمثيل الرئيس جوزيف عون للبنان في القمة العربية الطارئة في القاهرة جاء بعد فراغ رئاسي تجاوز عامين.
وقال الكاتب السوري حسن الدغيم: "لله الحمد والمنة على العود الحميد والاسترداد المجيد لمقعد سوريا في بيت العرب، بعد أن أبعدها النظام البائد وكاد بها المكائد، حتى صار السوريون في غربة وشدة وكربة".
وأضاف: "ها هي اليوم تعود سوريا، ويخطب السيد رئيس الجمهورية بين القادة العرب، رافضا للسياسات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني والسوري على حد سواء، متعهدا بدعم الموقف العربي المشترك في سبيل إحلال السلام وإنهاء العدوان على فلسطين وسوريا وتعزيز أمن الدول العربية بعد أن تخلصت من نظام الكبتاغون والمحور المليشياوي الطائفي البغيض".
وأشاد الشاعر السوري أنس الدغيم، بعبارة الرئيس اللبنانيّ جوزيف عون عندما قال: “حين تُحتَلُّ بيروت، أو تُدَمَّرُ دمشق، أو تُهَدَّدُ عمّان، أو تَئنُّ بغداد، أو تسقط صنعاء، يستحيلُ لأيٍّ كان أن يدّعي أنّ هذا لِنُصرةِ فلسطين”.
ووصف الإعلامي أنيس منصور، الرئيس اللبناني عون بأنه "بطل القمة العربية الطارئة، رئيس شجاع بكل المقاييس"، مشيرا إلى أنه قال ما عجز عنه الآخرون.