اغتيال نصر الله وقيادات الصف الأول بحزب الله.. يفيد إسرائيل أم يضرها؟
"رغم أن نصر الله اختفى، إلا أن قادته وعشرات الآلاف من مقاتلي حزبه لم يختفوا"
منذ اغتياله نهاية سبتمبر/ أيلول 2024، وتتواصل تداعيات غياب حسن نصر الله على مستقبل حزب الله اللبناني، والمشهد الداخلي اللبناني، وشكل الصراع العام مع إسرائيل.
وفي هذا السياق، يؤكد معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أن تهديد حزب الله لإسرائيل مازال قائما، رغم غياب نصر الله عن المشهد.
فيقول: “التهديدات التي تواجه إسرائيل لم تختف، بل تغيرت"، مدعيا أن "الإنجاز الاستثنائي الذي حققه الجيش الإسرائيلي يخلق أيضا فرصا لإسرائيل ودول المنطقة".
من هذا المنطلق، يستعرض المعهد أوجه التهديدات التي تواجه إسرائيل بعد اغتيال نصر الله، داعيا إلى الاستعداد لمواجهتها، متحدثا في الوقت ذاته، عن عدد من الفرص السانحة التي يمكن لإسرائيل استغلالها، لإحداث تغيير إستراتيجي في المنطقة.
تهديد مستمر
يشدد التقرير في مستهل حديثه على أن اغتيال نصر الله يعد "حدثا مفصليا، ومرحلة جديدة في تاريخ حزب الله والمحور الشيعي بقيادة إيران ودولة لبنان، وكذلك في علاقات إسرائيل مع هذه الجهات".
وأردف: "هذا بالإضافة إلى سلسلة هجمات الجيش الإسرائيلي الناجحة حتى الآن، والتي ألحقت أضرارا جسيمة بنظام القيادة والسيطرة في المنظمة وصولا إلى زعيمها وعدد من أكبر وأهم قياداتها، فضلا عن تحييد جزء كبير من قدراتها الإستراتيجية، الأمر الذي يترك حزب الله ضعيفا ومرتبكا".
في الوقت ذاته، يشير المعهد إلى أن هذا "لا يعني أن حزب الله ذهب ولن يستمر في تشكيل تهديد على الأمن الإسرائيلي".
واستدرك: "لكن هذه التهديدات أخذت منحى مختلفا الآن عما كانت عليه في السابق، كما أنها في ذات الوقت، خلقت فرصا مغايرة لإسرائيل ودول المنطقة لإعادة ترتيب الأوضاع في الإقليم".
إذ يقول المعهد: "من المهم لإسرائيل أن تتعرف على التهديدات الجديدة للاستعداد لها، وإدراك الفرص المتاحة لمعرفة كيفية استغلالها".
مخاطر متعددة
من جهة المخاطر التي تواجه إسرائيل، يؤكد المعهد أن حزب الله لا يزال يمثل تهديدا ضد إسرائيل، فيقول: "يجب الأخذ في الحسبان أن الحرب مع حزب الله لم تنته بعد".
ويضيف محذرا من قوة حزب الله: "مازال حزب الله يمثل قوة كبيرة تهددنا من لبنان، فرغم أن نصر الله اختفى، إلا أن قادته وعشرات الآلاف من مقاتلي حزبه لم يختفوا".
ورأى المعهد أن غياب نصر الله والقيادة التقليدية للحزب قد تزيد الأمور سوءا بالنسبة لإسرائيل، إذ "مازال لدى التنظيم ما يكفي من الأسلحة لمواصلة القتال".
وأضاف: "والأحداث الأخيرة لم تؤدِ إلا إلى تعزيز الدافع لدى من تبقى من الأفراد للتصعيد وإلحاق الضرر بإسرائيل، والآن بات هؤلاء الأشخاص دون المنطق المنظم الذي كان تقدمه قيادة نصر الله لهم".
وتابع: "قد يشجع ضعف القيادة بعض العناصر الميدانية التي تشعر بالاستقلالية على التحرك، وخلق تحديات جديدة للجيش الإسرائيلي".
غطاء سياسي
على صعيد آخر، يدعو المعهد إسرائيل إلى انتهاز الفرص القائمة "لاستكمال تقليص قدرات الحزب الإستراتيجية قبل أن يتزايد الضرر الجانبي الذي يلحق بالمدنيين والبنية التحتية المدنية، وما يليه من ضغوط على إسرائيل لوقف العمليات".
حيث يرى أن "هناك نافذة زمنية معينة لتحقيق هدفنا ضد الحزب، خاصة بعد أن تعرض التنظيم لضربات قاسية".
في نفس الوقت، يرى المعهد أن "هناك حاجة فورية لصياغة إستراتيجية خروج، والتي تتضمن الغطاء السياسي لإنهاء الحرب في الشمال، وذلك بالتنسيق مع الأميركيين وفصل التسوية في الشمال عن الجهود المبذولة للتوصل إلى صفقة الأسرى في غزة، والتي تستحق هي الأخرى معالجة مكثفة وبشكل منفصل".
ودعا المعهد إسرائيل إلى استغلال الفرصة الحالية لتصعيد شروطها من أجل الوصول لوقف إطلاق النار.
فيقول: "في الوضع الحالي، يتسع المجال السياسي أمام إسرائيل لتعزيز مطالبها في إطار التسوية، وعدم الاكتفاء بالمقترحات المقدمة من الأميركيين والفرنسيين، التي تعد مجرد تكرار لما سبق".
وأكمل: "يمكن الاعتماد على قرار مجلس الأمن رقم 1701، ولكن هذه المرة مع الإصرار على وضع آليات قوية لتنفيذه، وتوفير حلول حقيقية للانتهاكات المتوقعة من حزب الله".
يذكر أن قرار 1701 الصادر من مجلس الأمن في 2006 في خضم الحرب بين حزب الله وإسرائيل، يتضمن وقف الأعمال العدائية بين الطرفين، وانسحاب الاحتلال من لبنان، ونشر قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وعدم وجود قوى مسلحة في جنوب لبنان سوى الجيش اللبناني واليونيفيل.
أما عن تأثير الأحداث على المشهد السياسي والعسكري في لبنان ككل، فقد رأى المعهد أن "الضربات القوية التي يتلقاها حزب الله تتيح فرصة للبنان لمحاولة التخلص من قيوده".
“ولكن معارضي حزب الله الكثيرين في لبنان سيحتاجون إلى دعم واسع من الأطراف الإقليمية والدولية، الذين امتنعوا حتى الآن عن تقديم هذا الدعم”، يختم المعهد الأمني الإسرائيلي.