في بحر البلطيق.. هل تندلع بؤرة صراع جديدة بين الغرب وروسيا؟

منذ ٥ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في عودة إلى عقلية "زمن الحرب"، يصعد حلف شمال الأطلسي "الناتو" عسكريا في بحر البلطيق؛  لتعزيز مراقبة وحماية البنية التحتية الحيوية تحت الماء، في رسالة ردع لروسيا.

ففي المنطقة التي تتقاطع فيها مصالح روسيا والناتو، أعلن حلف شمال الأطلسي عن إطلاق عملية "حارس البلطيق"، على خلفية تقارير غربية تتهم موسكو بتخريب كابلات بحرية حيوية.

ورأى موقع "تيليبوليس" الألماني أن الخطوات الأخيرة في المنطقة بما فيها عملية الناتو، تفاقم حدة التوترات الجيوسياسية في بحر البلطيق مع مخاطر متزايدة لتصعيد عسكري قد يؤثر على الاستقرار الإقليمي والعالمي

وأشار إلى أن "هذه الخطوة تزيد من التوترات في المنطقة، خاصة بعد انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي في فبراير/ شباط 2024؛ مما جعل روسيا محاطة بالكامل بدول الناتو في بحر البلطيق".

مهمة عسكرية

وفي 14 يناير/ كانون الثاني 2025، أُعلن عقب قمة الناتو الأخيرة حول بحر البلطيق في هلسنكي عن أن التحالف العسكري سيطلق قريبا مهمة تحمل اسم "Baltic Sentry" في البحر وعلى سطحه وفوقه.

والهدف وراء هذه المهمة هو "حماية البنية التحتية تحت الماء للدول المشاركة من خلال دوريات". وفي هذه الأثناء، ستُستخدم فرقاطات وطائرات بحرية، بالإضافة إلى طائرات مسيرة بحرية وأقمار صناعية.

ومن ناحية أخرى، يتحدث الموقع عن أن الدافع وراء إنشاء هذه العملية لم يكن تفجير خط أنابيب الغاز الدولي "نورد ستريم" في خريف عام 2022، بل الأضرار الأخيرة التي لحقت بكابلات البيانات وخطوط الكهرباء التي تمتد داخل بحر البلطيق بين الدول المطلة عليه.

ورغم أن وقوع أضرار من هذا النوع في مياه مزدحمة ليس أمرا غير معتاد، فإن الأضرار الأخيرة تسببت فيها عمدا مراسي سفن تابعة لما يسمى "الأسطول الروسي الظلي".

ففي ديسمبر/ كانون الأول 2024، على سبيل المثال، تضرر كابل الكهرباء "Estlink2" بين إستونيا وفنلندا، وبعد أيام قليلة أُبلغ عن أعطال إضافية في خطوط الكهرباء الفنلندية.

وبهذا الشأن، قال الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته: "رصدنا في جميع أنحاء التحالف حملة تهدف إلى زعزعة استقرار مجتمعاتنا، من خلال الهجمات الإلكترونية ومحاولات الاغتيال وأعمال التخريب، بما في ذلك كابلات تحت الماء في بحر البلطيق".

وجاء في البيان المشترك لشركاء حلف الناتو في بحر البلطيق: "نحن مصممون على ردع أي محاولات تخريب وكشفها والتصدي لها، وسيُرد على أي هجوم يستهدف بنيتنا التحتية برد قوي وحاسم. نحن مستعدون لمعاقبة الأفعال العدائية التي ينفذها الفاعلون الخبيثون عند الضرورة".

والدول الثماني المشاركة في هذه العملية هي: الدنمارك وألمانيا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا والنرويج وبولندا والسويد. 

ووفقا لما ذكرته الصحيفة، يقع مركز القيادة والتنسيق للعملية في مدينة روستوك بألمانيا.

وعند سؤال الصحفيين لمارك روته، عن عدد السفن والطائرات التي ستُستخدم في إطار العملية غير المحددة زمنيا، رفض الخوض في التفاصيل.

وأوضح أن العدد قد يختلف من أسبوع لآخر، لافتا إلى أنه "لا يرغب في جعل العدو "أكثر ذكاء مما هو عليه بالفعل".

وينوه الموقع إلى أن العدو أُشير إليه بشكل واضح، حيث جاء في البيان المشترك: أن "استخدام روسيا لما يُعرف باسم الأسطول الظلي يشكل تهديدا خاصا للأمن البحري والبيئي في منطقة بحر البلطيق وحول العالم".

تصاعد المواجهة 

وفي هذا الإطار، أوضح أن روسيا أصبحت محاطة بالكامل في منطقة بحر البلطيق بدول أعضاء في حلف الناتو، منذ انضمام فنلندا والسويد إلى التحالف العسكري.

وفي حديثه لمنصة الأخبار الروسية "Dzener"، صرح المراقب العسكري في وكالة "سبوتنيك" ألكسندر خولينكو، بأن الأعمال الاستفزازية ضمن إطار عملية "حارس البلطيق" تزيد بشكل كبير من احتمال نشوب صراع مسلح مع روسيا.

كما أوضح أن الناتو يعتزم، تحت ذريعة "تعزيز حماية البنية التحتية الحيوية"، فتح جبهة مواجهة جديدة مع روسيا في منطقة البلطيق.

وفي هذا السياق، يقول الموقع: إنه "على الرغم من أن القوات البحرية والجوية لحلف الناتو كانت موجودة في المنطقة سابقا، فإن الدول المشاركة في المهمة تعمل على تعبئة عدد أكبر بكثير من السفن الحربية والمعدات العسكرية".

ويضيف أن التحالف يسعى، من خلال دوريات مستمرة، إلى إجراء تفتيش على السفن المدنية المشتبه بها في المياه الدولية واحتجازها، مع التركيز بشكل خاص على ما يُعرف بـ "أسطول الظل الروسي للتجارة".

ومن وجهة النظر السياسية الروسية، يشير الموقع الألماني إلى أن هذه المراقبة تحتوي على عناصر تشبه الحصار البحري في المياه المحايدة، مما يؤثر على طرقها التجارية وموانئها في منطقة بحر البلطيق.

ولذلك، من المتوقع أن تسعى روسيا إلى موازنة هذه الإجراءات بخطوات مقابلة، وهو أمر تدركه جميع الأطراف المعنية.

ولضمان أمن الملاحة المدنية، يتوقع الموقع أن تشهد المنطقة قريبا استخدام سفن حربية وطائرات عسكرية أو حتى أنظمة صاروخية، وذلك في حال عُثر على أي تهديد ضد الأسطول الروسي في البلطيق أو المناطق العسكرية حول كالينينغراد ولينينغراد.

قانون البحار

وفي إطار ما ذُكر سابقا، يلفت موقع "تيليبوليس" النظر إلى أن أحد أهم المبادئ الأساسية لقانون البحار التابع للأمم المتحدة هو حرية الملاحة. 

وبالتالي، فإن العملية الجديدة لحلف شمال الأطلسي من الناحية القانونية تقف على أرضية هشة. 

وبالإضافة إلى قانون البحار التابع للأمم المتحدة، ينظم كل من إعلان باريس (1856) وإعلان لندن لقانون البحار (1909) التجارة والملاحة في أعالي البحار؛ وليس حلف الناتو.

علاوة على ذلك، يذكر الموقع أن الإجراءات التي تهدف إلى الحصار البحري تستهدف عادة قطع الوصول إلى سواحل الخصم، بهدف تعطيل موانئه وقواعده العسكرية وقطع اتصالاته البحرية.

والغاية الأساسية هي "إضعاف الوسائل الاقتصادية والعسكرية للخصم إلى أقصى حد، ومنع قدرته على التعامل مع دول أخرى محايدة".

وهذه الوسيلة السياسية من قبل الأطراف المشاركة تؤثر أيضا على مصالح الدول غير المشاركة، وتعرقل الحفاظ على العلاقات التجارية مع المناطق المحاصرة وفي داخلها.

وفي هذا السياق، يذكر الموقع الألماني أنه وفقا لتصريحات دول الناتو المشاركة في العملية، تُدرس حاليا الوسائل القانونية التي يمكن اتباعها، بالإضافة إلى تحديد "إجراءات أخرى تتماشى مع قانون البحار الدولي، بما في ذلك حرية الملاحة".

ووفقا للحكومة الفيدرالية الألمانية، قد تكون هناك حاجة إلى إجراءات إضافية ضمن إطار الاتحاد الأوروبي والتشريعات الوطنية عند الضرورة.