دعوى قضائية جديدة ضد ألمانيا لتزويدها إسرائيل بأسلحة الإبادة.. من وراءها؟
“منطقة شمال قطاع غزة تحولت إلى صحراء مدمرة غير صالحة للحياة”
سلسلة من الانتقادات القانونية والدولية لألمانيا بسبب استمرارها في تزويد إسرائيل بالأسلحة لإبادة الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة.
وأشارت صحيفة "تاتس" الألمانية إلى دعوى قضائية رفعتها منظمة المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان "ECCHR" ضد شحنات الأسلحة الألمانية لإسرائيل.
وأبرزت الصحيفة أن هناك مطالب بتشديد الرقابة على الصادرات الألمانية وفرض قيود على أنواع محددة من الأسلحة، خصوصا تلك التي قد تُستخدم في الضربات الهجومية.
وفي حوار لها مع عضو المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، أندرياس شيلر، تسرد الصحيفة تفاصيل هذه القضية.
طلبات عاجلة
في ضوء إعلان المستشار الألماني أولاف شولتز، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، في البرلمان عزمه الاستمرار في تزويد إسرائيل بالأسلحة، قدمت المنظمة الأوروبية اعتراضا ضد تراخيص تصدير الأسلحة الحربية وفقا لقائمة الأسلحة الحربية.
وخلال حوارها مع عضو منظمة المركز الأوروبي، تساءلت صحيفة "تاتس" عن "السبب وراء تقديم المنظمة هذا الاعتراض".
وأجاب شيلر قائلا إن "السبب الرئيس يعود إلى أن موكلينا مهددون بهذه الأسلحة التي تُزود بها إسرائيل".
وأكد أن "الجيش الإسرائيلي ينتهك القانون الدولي الإنساني في غزة"، حيث تحظر العديد من الاتفاقيات الدولية توريد الأسلحة إذا كان هناك خطر استخدامها في انتهاكات للقانون الدولي.
ولذلك، أوضح شيلر أنه "في بداية عام 2024، اتخذت المنظمة سلسلة من الخطوات القانونية لوقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، لا سيما التي تستخدمها في قطاع غزة".
وتابع: "وتشمل هذه الخطوات تقديم اعتراضات إلى السلطات المعنية وطلبات عاجلة ورفع دعاوى أمام المحاكم الإدارية في برلين وفرانكفورت".
ومع ذلك، من المحتمل -وفق شيلر- أن "بعض هذه المسائل القانونية ستُحسم في النهاية من قبل المحاكم العليا أو المحكمة الدستورية الفيدرالية".
وبالحديث عن استخدام الأسلحة الألمانية في غزة، أوضح عضو منظمة المركز الأوروبي أنه "غالبا ما تكون الشفافية مفقودة بشأن ما يُسلم وأين يُستخدم في النهاية".
وبقوله إنهم "لا يطالبون بحظر تام على التصدير"، دعا الحكومة الألمانية إلى "تقييد خاص على أنواع وفئات الأسلحة المستخدمة في غزة".
وفي هذا النقطة، أبرز شيلر "الحاجة إلى قانون للتحكم في صادرات الأسلحة"، والذي كان مخططا إقراره، ولكنه لم يُشرع بعد".
ومن ناحية أخرى، لفت إلى أن كل ما هو معروف هو "البيانات العامة عن السلع العسكرية، الواردة في قوائم وفقا لقانون التجارة الخارجية أو قانون مراقبة الأسلحة الحربية، والتي تُنشر عبر الاستفسارات البرلمانية".
وبحسب قوله، فإن الحجة الدائمة لعدم الشفافية هي أن "الحكومة لا تريد الإعلام مسبقا بما يُسلم بالتحديد".
ورغم ذلك، أكد شيلر على أنه في "القضايا الخطيرة وغير القابلة للتراجع، التي تتعلق بالحق في الحياة، يجب أن تكون الشفافية لها الأولوية".
جرائم حرب
وفي هذا السياق، نوهت "تاتس" أن المعروف مما يُسلم هو "أسلحة حربية وكذلك معدات عسكرية".
فمن جهة، تصل إلى إسرائيل أسلحة وذخائر جاهزة، مثل قاذفات الصواريخ التي سُلمت في خريف 2023، أو الذخيرة للدبابات أو المدفعية.
ومن جهة أخرى، تستلم حكومة الاحتلال الإسرائيلي قطع غيار ومكونات للدبابات، مثل المحركات وناقلات الحركة، وهو ما أسمته الصحيفة بـ"منتجات ليست نهائية".
وعند سؤال الصحيفة: "أين ترى الفرق بين المكونات والمعدات العسكرية الجاهزة؟"، أجاب شيلر قائلا: "بالنسبة للمنظمة لا يوجد فرق، سواء كنا نتحدث عن قاذفات صواريخ أو محركات الدبابات، كلاهما ذو صلة ويُستخدم في العمليات العسكرية في غزة".
وتابع: "لذلك، لا ينبغي أن يكون هناك تمييز فيما يتعلق بمدى قانونية الموافقة طالما أن هناك خطرا من أن تُستخدم هذه الأسلحة في انتهاك للقانون الدولي، مما قد يؤدي إلى إلحاق الضرر بالمدنيين، بمن فيهم الأشخاص المتضررون الذين ندعمهم".
وبالإشارة إلى أن "البعض يقترح إرسال أسلحة دفاعية فقط إلى إسرائيل، مثل تلك المستخدمة في نظام القبة الحديدية"، تساءلت "تاتس": “هل من الممكن ضمان عدم استخدام الأسلحة لأغراض هجومية؟”
ويعتقد شيلر أن "هذا ممكن إذا استُخدمت المعدات العسكرية فقط في أنظمة الأسلحة الدفاعية، بغض النظر عن أن بعضها يمكن استخدامه للدفاع والهجوم على حد سواء".
وفي هذا السياق، ذكرت الصحيفة أنه "في الوقت الحالي، توجد تقارير إعلامية تفيد بأن وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا باربوك، ووزير الاقتصاد، روبرت هابيك، قد أجّلا شحنات الأسلحة في الماضي".
وبالإشارة إلى أنهم "طلبوا من إسرائيل الالتزام كتابة بعدم انتهاك القانون الدولي باستخدام الأسلحة التي سُلمت من ألمانيا"، تساءلت الصحيفة: “هل يمكن ضمان ذلك؟”
وفي هذا الصدد، أوضح شيلر أن "أعضاء المنظمة يعتقدون أن الحكومة الفيدرالية تلعب لعبة خاطئة هنا، إذ لا يمكن الاعتماد على التعهدات، فهي في النهاية غير قابلة للتنفيذ قانونيا حتى لو انتُهكت".
ومن غير المرجح -في رأيه- أن تقدم أي دولة في العالم ترغب في شراء أسلحة مثل هذا التعهد، لأن الجميع يعتقد أنهم يلتزمون بالقانون.
ومن ناحية أخرى، خلص شيلر إلى أنه "من الخطأ حتى الإيحاء بأن القانون يُحترم، بينما لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في عدة تقارير تفترض وجود جرائم حرب، وتظهر تقارير جديدة تؤكد هذا الافتراض".
وبهذا الشأن، تساءلت الصحيفة الألمانية عما “إذا كانت هذه التقييمات من الأمم المتحدة ستكفي لعدم تسليم برلين للأسلحة؟”
وشدد عضو المنظمة على أن الحكومة الفيدرالية يجب عليها أن تقول إنها "لا تستطيع ضمان عدم استخدام هذه الأسلحة بشكل غير قانوني، لذلك لن نقوم بالتسليم بعد الآن".
صحراء مدمرة
وبنقل الحديث إلى أن المحكمة الدولية ترى دلائل على إمكانية حدوث "إبادة جماعية"، أكد شيلر كذلك على أن "ظروف حياة الناس في غزة تتدمر".
وبلفت النظر إلى ما يحدث في شمال القطاع خاصة، ذكر شيلر أن "المنطقة تحولت إلى صحراء مدمرة غير صالحة للحياة، حيث تسود الفوضى وانتهاك حقوق الإنسان".
ولكن من ناحية أخرى، وفق ما ورد عن الصحيفة، يظهر شيلر أسفه قائلا إنهم "سينتظرون ما ستقرره المحكمة الدولية في القضية الرئيسة، لأن ما حدث حتى الآن كان مجرد إجراءات عاجلة، وهو ما سيستغرق بضع سنوات أخرى".
وفي غضون ذلك، قال شيلر: "سنرى أيضا ما إذا كانت سياسة التجويع وتدمير سبل العيش هي الهدف الوحيد من العمليات العسكرية الإسرائيلية، أو جزء من عدة أهداف".
ووجهت الصحيفة الألمانية سؤالا لعضو منظمة المركز الأوروبي: “هل معنى ذلك أنكم ترون أن الحرب ليست حرب دفاع بل هي حرب انتقام؟”
وأجاب شيلر مدعيا أنه يرى أن "إسرائيل كان لديها الحق في الدفاع عن نفسها ضد هجمات حماس بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023".
ولكن -من وجهة نظره- "حق الدفاع عن النفس لا يكون بلا حدود، لأنه يخضع لمبدأ التناسب والضرورة".
والحرب الإسرائيلية -وفقا له- "تجاوزت بالفعل حدود الدفاع وذهبت إلى ما هو أكثر من الضرورة للدفاع".
وبشكل خاص، سلط شيلر الضوء على حقيقة أن "هجمات الجيش الإسرائيلي موجهة بوضوح نحو أهداف لا ترتبط بشكل مباشر بالتهديد، وهو ما يشير إلى أن هناك أهدافا أخرى غير الدفاع".
وعرجت الصحيفة الألمانية إلى ما قالته الوزيرة أنالينا باربوك في البرلمان بأن "الأهداف المدنية مثل المستشفيات أو المدارس، التي تتعرض لهجمات من إسرائيل، يمكن أن تفقد وضعها المحمي إذا استُخدمت لأغراض عسكرية".
وفي هذه النقطة، أوضح شيلر أن "إسرائيل تدعي ذلك وتهاجم بناء على ذلك، لكنها في النهاية لا تستطيع إثبات وجود استخدام عسكري"، مؤكدا أن "وجود نفق تابع لحماس تحت مبنى سكني لا يجعل المبنى هدفا عسكريا مشروعا".