اللوبي اليهودي في تركيا.. مافيا تحارب مع إسرائيل في غزة وتدمر الاقتصاد

داود علي | 4 months ago

12

طباعة

مشاركة

حدث تاريخي له ما بعده شهدته تركيا عندما وافق البرلمان في  10 يوليو/ تموز 202،  على مناقشة مشروع قانون قدمه حزب "هدى بار" الإسلامي الكردي.

ويقضي المشروع بإسقاط الجنسية عن المواطنين الأتراك مزدوجي الجنسية، الذين يشاركون في الإبادة الجماعية على قطاع غزة ضمن صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي.

ويستهدف القانون قطاعا من "اللوبي اليهودي" في تركيا الداعم لإسرائيل وجرائمها في غزة. 

وفي حال إقراره، فإن القانون من شأنه أن يسمح للمحاكم التركية بملاحقة الجرائم التي يرتكبها أجانب ضد أجانب في بلد أجنبي، شريطة أن يتم العثور على مرتكب الجريمة داخل تركيا.

بالإضافة إلى ذلك، يتضمن القانون أحكاما تتعلق بمصادرة الأصول، وسحب الجنسية، والحكم بالسجن مدى الحياة على المواطنين المزدوجين الذين شاركوا في العدوان على غزة.

ولطالما لعب "اللوبي اليهودي" التركي أدوارا سياسية واقتصادية متعددة، ودخل في صدامات مع حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. 

تحت راية الصهاينة 

في 27 يونيو/ حزيران 2024، نشرت صحيفة "تركيا" المحلية، تقريرها الذي أورد أن نحو 4 آلاف يهودي من تركيا يقاتلون في غزة.

وأضاف بأنهم شركاء في مجازر الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني. 

واستدعت الصحيفة التركية تاريخ هجرة اليهود من تركيا إلى الكيان الصهيوني خلال فترات متعددة بعد إعلان قيام دولة الاحتلال.

وقدرت "تركيا" أن عدد الجالية التركية اليهودية هناك يقارب 250 ألفا. 

بينما عدد الذين يحملون الجنسيتين التركية والإسرائيلية من اليهود المقيمين بتركيا الآن يصل إلى عشرين ألفا، معظمهم خدم في "الجيش" الإسرائيلي بعد إعفائهم من الخدمة الإلزامية في تركيا.

وشددت على أن معظم هؤلاء يحملون جوازات سفر تركية وإسرائيلية، وأن 4000 من هؤلاء ذهبوا إلى غزة بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وقتل منهم 65 فردا، وأصيب 165 بجروح متعددة.

ثم أشارت إلى نشاط الجمعيات اليهودية والصهيونية في البلاد، ومنها جمعية "شابات"، وجمعية "يهود تركيا". 

وقالت: إنها تعمل بصورة نشطة بين اليهود، الذين يعيشون في تركيا، وأقربائهم الذين سبق لهم أن هاجروا إلى الأراضي المحتلة حيث يخدمون في جميع مؤسسات "الدولة" وأهمها "الجيش".

وأكملت أن عددا مهما من ضباط الجيش الإسرائيلي أصلهم من اليهود الأتراك، ومنهم على سبيل المثال قائد نظام "القبة الحديدية". 

ولفتت إلى أن قسما كبيرا من اليهود الأتراك يعيشون في أحياء خاصة بهم، على طريقة "الغيتو"، لا سيما في حي "باتيام" في تل أبيب.

نزع المواطنة

وكان النائب عن حزب "هدى بار" باتمان سركان رامانلي، قد أدلى بحديث لمجلة "تسنيم" التركية، قائلا إن "قانون المواطنة لعام 2023 يصب في مصلحة الصهيونية".

وطالب بتعديله بما يمكن من "ملاحقة قادة العصابات الصهيونية في تركيا الذين يرتكبون مجازر ضد الإنسانية في غزة". 

وأضاف "مضت تسعة أشهر، ووزير العدل التركي لم يتقدم بمثل هذا الطلب إلى المدعي العام".

وتساءل: "ماذا ينتظر الوزير ليطالب المدّعي العام بفتح تحقيق حول ذلك؟". 

ولفت إلى أن طلب التحقيق لا يقتصر على وزير العدل، بل بإمكان البرلمان أن يفعل ذلك"، متابعا: " نريد نزع المواطنية عن كل مواطن يحمل الجنسية التركية، وارتكب جرائم ضد الإنسانية على أرض فلسطين". 

لكن مشكلة "اللوبي اليهودي" التركي معقدة بحيث تتداخل في إشكاليات متعددة، وهو ما أشارت إليه صحيفة "serbestiyet" التركية في 9 يوليو 2024، عندما نشرت تقريرها عن نشاط مفصل لليهود الأتراك في الشطر الشمالي من قبرص (المعترف بها كجمهورية مستقلة من تركيا). 

وقالت إنهم "يشترون مساحات واسعة من الأراضي ويقيمون فيها مستوطنات يهودية تحت غطاء السياحة".

وعقبت على ذلك التحرك مع قتالهم تحت راية جيش الاحتلال، بإطلاق مناشدة للحكومة التركية باتخاذ الإجراءات العاجلة ضد كل من غادر منهم إلى إسرائيل، وساهم في جريمة الإبادة الجماعية غير المسبوقة ضد الفلسطينيين. 

جيزي بارك

لكن هناك جانب آخر يتعلق بصدامات قوية وقعت بين اللوبي اليهودي وحزب العدالة والتنمية. 

ففي 2 يوليو 2013 وجه نائب رئيس الوزراء التركي (آنذاك) بشير أتالاي، اتهامات صريحة لـ"اللوبي اليهودي" بالمشاركة في تنظيم مظاهرات ضد الحكومة.

وصرح لصحيفة "حرييت" التركية، أن الحوادث التي حدثت في حديقة "جيزي" في إسطنبول، واستمرت على مدار 3 أسابيع كانت من تدبير ما يعرف بـ"الشتات اليهودي".

واتهم أتالاي ذلك اللوبي بالتعاون مع وسائل إعلام أجنبية وقوى خارجية لزعزعة استقرار تركيا.

ضرب الاقتصاد 

ولم يغب ذكر "اللوبي اليهودي" بتركيا عن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد منذ سنوات، ووصل الأمر أن هدد بعض الأكاديميين الإسرائيليين تركيا بتدمير اقتصادها عبر تلك المجموعة. 

ففي 18 مايو/ أيار 2018 وجه المحلل الإسرائيلي إيدي كوهين، تهديدات للاقتصاد التركي، وأشار إلى تأثير اللوبي اليهودي، وذلك في تعليقه على تذبذب سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار.

ونشر كوهين وهو أيضا عضو هيئة التدريس في جامعة "بار إيلان" الإسرائيلية، تغريدة باللغة العربية على حسابه على موقع "إكس" مستهدفا الرئيس التركي، قائلا: "خسران يا أردوغان".

وربط الأمر بتعرض السفير الإسرائيلي في تركيا أيتان نائيه، للإهانة في المطار بإسطنبول خلال عودته إلى إسرائيل، وعقب "بعدها هوت الليرة التركية إلى أدنى مستوى لها في كل تاريخ تركيا" .

وقال كوهين، الذي يعمل أيضا مستشارا للحكومة الإسرائيلية، في تدوينته مخاطبا أردوغان "ألا تعلم أن نصف ثروة العالم لعائلة يهودية واحدة فقط وهي الداعم الأول لإسرائيل فكيف بأثرياء اليهود الكثر الآخرين".

كوهين الذي وجه التهديد للاقتصاد التركي باللوبي اليهودي، قال في ختام تغريدته مشيرا إلى سعر صرف الليرة التركية "القادم أدهى".

يذكر أن سعر الدولار مقابل الليرة التركية وصل في 18 يوليو 2024 إلى نحو 33 ليرة للدولار الواحد. 

تلك المسارات المتعرجة والضربات بين الحكومة التركية واللوبي اليهودي، لم تكن جماعة الخدمة أو "تنظيم فتح الله غولن" المصنف إرهابيا من قبل أنقرة بغائب عنها. 

ففي 11 فبراير/ شباط 2015 (أي قبل انقلاب 15 تموز 2016) اتهم الرئيس أردوغان "الكيان الموازي" الذي يسعى للإطاحة به بالتعاون مع اللوبي اليهودي في تركيا، وجهاز الموساد الإسرائيلي. 

وقتها أعلن رئيس الوزراء التركي (آنذاك) أحمد داوود أوغلو، أن أنقرة لن تخضع للوبي اليهودي، وأطراف أخرى تعمل ضد الحكومة.

وقال داوود أوغلو، لصحيفة "حرييت" المحلية: "أعلن من هنا: نحن لم ولن نتسلم للوبي اليهودي واللوبي الأميركي ولوبيات الأقلية اليونانية التركية".

ثم أكمل: "سنقف أمامكم بكرامة بغض النظر عن مكان وجودكم، أنتم جديرون بالازدراء بسبب الخيانة التي ارتكبتموها بحق هذه الأمة".