مواجهة إعلامية حادة بين أبوظبي والجزائر.. وناشطون: الإمارات دويلة متآمرة

منذ ١١ ساعة

12

طباعة

مشاركة

تأججت أزمة دبلوماسية بين الجزائر والإمارات على خلفية تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها مؤرخ جزائري على قناة "سكاي نيوز" الإماراتية، شكك خلالها في الهوية الأمازيغية وعدها "مشروعًا فرنسيًا صهيونيًا"، مما أثار عاصفة غضب لدى الجزائريين وفاقم التوتر بين البلدين.

المؤرخ الجزائري محمد الأمين بلغيث، قال خلال مقابلة مع قناة سكاي نيوز عربية، مطلع مايو/أيار 2025، إن "الأمازيغية ليست ثقافة أصلية بل مشروعا أيديولوجيا فرنسيا-صهيونيا". ويرى أن "البربر هم عرب قدماء من أصول فينيقية". 

ولاحقا، أمر قاضي التحقيق بمحكمة الدار البيضاء الجزائرية بإيداع المؤرخ بلغيث الحبس المؤقت على خلفية تصريحاته التي وصفت بأنها تمس رموز الدولة ووحدة الأمة الجزائرية.

 

والأمازيغية هي مكون أساسي للهوية الوطنية وفق الدستور الجزائري، كما أن أمازيغ الجزائر هم السكان الأصليون للبلاد وجزء من الشعب الأمازيغي الذي يمتد وجوده في شمال إفريقيا.

يتوزع أمازيغ الجزائر في مختلف المناطق، خاصة في منطقة القبائل الجبلية (شمال)، وتعد واحدة من أكبر الأماكن الأمازيغية في البلاد.

كما يتوزع الأمازيغيون في الأوراس، وهي منطقة جبلية في شرق الجزائر، ومزاب الصحراوية في جنوب البلاد.

ويتحدث أمازيغ الجزائر اللغة الأمازيغية، ويحافظون على ثقافتهم وتقاليدها المميزة، ويلعبون دورا مهما في الحفاظ على الهوية الوطنية الجزائرية وتنوعها الثقافي.

انتقاد حاد

وبعد المقابلة، بث التلفزيون الجزائري تقريرا لاذعا وصف فيه الإمارات بأنها “دويلة”، واصفا قادتها بـ “اللقطاء فاقدي الشرف والأقزام”.

وقال التقرير: “هذه الدويلة المصطنعة التي تحولت إلى مصنع لإنتاج الشر والفتنة عادت هذه المرة عبر إحدى قنواتها اللقيطة لتنفث شكلا جديدا من السموم والوساخة والعفن والوقاحة وسط الجزائريين”.

ولفت إلى أن “الفارق أن الدويلة المصطنعة تجاوزت هذه المرة كل الخطوط الحمراء وكل الحدود التي يمكن لجزائر العراقة والنبل والشموخ أن تغض الطرف عنها، أو أن تسكت عن قبحها”. 

وأتبع التلفزيون الجزائري تقريره بنشر منشور له على صفحته في فيسبوك، قال فيه إن هناك "تصعيدا إعلاميا خطيرا من الإمارات يتجاوز كل الخطوط الحمراء تجاه وحدة وهوية الشعب"، مشيرا إلى أنه "استهداف خطير لثوابتنا العريقة ومحاولة للتشكيك في أصولها وتاريخها العميق".

وأضاف أن "تهجّم الإمارات على الجزائر ذات التاريخ المقاوم ليس سوى محاولة يائسة من كيانات هجينة تفتقر إلى الجذور والسيادة الحقيقية".

وأوضح أن "الإمارات تتحول إلى مصانع للفتنة وبث السموم الأيديولوجية مستغلة تاجر أيديولوجيا في سوق التاريخ"، في إشارة مباشرة للمؤرخ محمد الأمين بلغيث.

وأبرز المنشور في 2 مايو/أيار، أن "الجزائر التي دفعت ملايين الشهداء دفاعا عن وحدتها لا ترضخ للاستفزازات ولن تغفر المساس بثوابتها وبأسس هويتها وانتمائها"، لافتا إلى أن "التحريض الإعلامي الذي يمسّ هوية الشعب الجزائري لن يمرّ دون محاسبة أخلاقية وشعبية".

ووصف التلفزيون الرسمي "الطعن في وحدة الشعب الجزائري، بأنه ليس مجرد إساءة إعلامية بل عدوان يطال القيم والسيادة والمصير المشترك"، مؤكدا أنه "طعن يأتي فقط من أجل حصد المزيد من الولاء لمن يقضّ مضاجعهم استقرار الجزائر وتقدمها". 

وأردف أن "الجزائر لن تقف باكية على أطلال ما قدمته من دعم ونصرة لكنها وكما يفعل الشامخون ستردّ الصاع صاعين".

وأبدى ناشطون إعجابهم بإظهار الجزائر رد فعل قوي وسريع تجاه ما وصفته بـ"التحريض الإعلامي السام" الصادر عن وسائل إعلام إماراتية، بعد استضافة قناة "سكاي نيوز" للمؤرخ الجزائري الذي تحدّث بشكل مثير للجدل عن الهوية الأمازيغية. 

وأكدوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس"، "فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الإمارات_المصطنعة، #الجزائر، #الإمارات، وغيرها، أن هذا الموقف الجزائري الصارم والدفاع الصلب عن وحدة الشعب وهويته ورفض الإساءة الإماراتية عزز شعور الفخر لدى الجزائريين.

وهاجم ناشطون الإمارات وذكّروا بدورها التخريبي في عدد من البلدان العربية بينها السودان وليبيا واليمن وغيرها، وأشاروا إلى تطبيعها مع الاحتلال الإسرائيلي.

وأكدوا أن رأس المال الإسرائيلي هو المسيطر عليها والمتحكم بسياستها وأنها مجرد أداة تستخدمها "إسرائيل" لتنفيذ مشاريعها وأجندتها الخبيثة بالمنطقة.

علاقات متوترة

وتشهد العلاقات الجزائرية الإماراتية توترات على أصعدة عدة؛ حيث تتهم الدولة المغاربية أبوظبي بالتدخل في شؤونها الداخلية بعدة أشكال، منها، دعم بعض الأحزاب السياسية أو الجماعات المعارضة، وتقديم الدعم المالي أو الاقتصادي لها أو دعم جارتها وخصمها اللدود المغرب.

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، تحدث سابقا عن "تصرفات عدائية لبلد عربي شقيق" ضد الجزائر، في إشارة إلى الإمارات.

ووجه تبون رسالة تحذير لدولة الإمارات، دون أن يذكرها بالاسم؛ حيث وصف تصرفاتها بغير المنطقية، وراح يقول: "يبدو أنهم قد أخذتهم العزة بالإثم".

وقال: "في كل الأماكن التي فيها تناحر دائما مال هذه الدولة موجود. في الجوار، مالي وليبيا والسودان. نحن لا نُكِنّ عداوة لأحد، نتمنى أن نعيش سلميا مع الجميع ومن يتبلى علينا فللصبر حدود".

وفي إشارة إلى ما يبدو أنها ضغوط مورست على بلاده من "الدولة الشقيقة"، ذكر تبون أن الجزائر لن تركع. ولم يكن إطلاق رسائل تحذيرية في هذا التوقيت مفاجئا أو غير متوقع.

إذ سبق كلام تبون، مهاجمة وسائل إعلام جزائرية محلية وقوى سياسية وحزبية، دور الإمارات في الضغط على الجزائر لتغيير مواقفها من بعض الملفات، خاصة فيما يتعلق بمستقبل غزة والتطبيع مع إسرائيل.

وكان التطبيع بين عدد من الدول العربية وعلى رأسها الإمارات مع إسرائيل، نقطة تحول كبيرة في العلاقة بين أبوظبي والجزائر.

وبعد توقيع اتفاقيات التطبيع عام 2020، خرج تبون، وقال: إن الجزائر لن تبارك ولن تشارك في ما أسماه "الهرولة نحو التطبيع".

كما أن الصراع الدموي في السودان منذ 15 أبريل/نيسان 2023، دفع الجزائر للوقوف ضمنيا مع الجيش، فيما وقفت الدولة الخليجية مع مليشيات الدعم السريع.

وفي ليبيا، تدعم أبوظبي اللواء الانقلابي خليفة حفتر، في الوقت الذي تُساند فيه الجزائر حكومة طرابلس.

وهناك سبب آخر من أسباب التوتر، يرتبط بالمملكة المغربية؛ إذ تعد الإمارات حليفا للمغرب في الوقت الذي تنقطع فيها العلاقات بين الجزائر والرباط منذ عام 2021.

بالإضافة إلى أن المغرب والإمارات طبعتا علاقاتهما مع إسرائيل، وتتهمهما الجزائر بلعب أدوار ضد مصالحها، في منطقة الساحل الإفريقي، خاصة من الجارة الجنوبية مالي.

واقتصاديا، تحدثت تقارير صحفية عديدة عن وقوف الإمارات سدا منيعا أمام محاولات الجزائر الانضمام إلى تكتل بريكس الدولي، ما شكل حلقة جديدة في التوتر بين البلدين.

إشادة بالجزائر

وفي إشادة بموقف الجزائر الرافض للإساءة الإماراتية وإعرابا عن الثناء والتضامن معها، أصدر المحامي محمد قنديل، بيان دعم ومؤازرة للدولة المغاربية في مواجهة دويلة المؤامرات والتطبيع.

وأعلن بصفته واحدا من أبناء الضمير العربي الحر، عن تضامنه المطلق واللامشروط مع الموقف السيادي والنبيل الذي عبّر عنه الإعلام الجزائري الرسمي، في مواجهة ما تُدعى زورا "دولة الإمارات".

وقال قنديل: إن هذه الكيانات الوظيفية التي لم تعرف يومًا شرف الأمة ولا همّ الشعوب، بل جعلت من نفسها خنجرا مسموما في خاصرة كل مشروع تحرري.

وعد ما عبّر عنه بيان التلفزيون الجزائري ليس مجرد موقف إعلامي، بل هو صرخة حق من قلب الأمة، تُسمي الأشياء بمسمياتها وهي صادقة حينما وصفتها "دويلة مصطنعة، تحالفت مع الصهاينة، وتاجرت بالدم العربي، وسوّقت الفوضى، وروّجت للفتنة ".

وأكد قنديل، أن الإمارات أو دويلة المؤامرات اليوم ليست سوى أداة رخيصة في يد الاستعمار الجديد، تموّل المرتزقة، وتشتري الذمم، وتوزع المال الحرام لنشر الخراب في ليبيا.. اليمن.. السودان.. تونس.. سورية..  وحتى فلسطين لم تسلم من خيانتها.

وحيا مروان الشرماني، الجزائر، وتمنى الخزي والعار للإمارات، مؤكدا أن التقرير الجزائري هزَّ عروش أبوظبي الزجاجية الأهون من بيت العنكبوت وأقلق سكينتهم وأمنهم.  

وأشار إلى أن التقرير لم يقل دولة الإمارات، بل الدويلة المصطنعة التي باعت ما تملك من العرض والحياة والشرف لأسيادهم السفاحين قاتلي الأطفال.

وأشار الإعلامي المصري معتز مطر إلى أن عسكر الجزائر يواجهون شيطان العرب في الإمارات مباشرة وبلا تورية، لافتا إلى أن تلك المواجهة جاءت بعد مواجهة السودان له؛ وتمنى أن تكون حبوب الشجاعة ممتدة المفعول.

وأعرب أحد المغردين، عن فخره بالتقرير، قائلا: "الجزائر تخرج عن صمتها وتفتح النار على الإمارات، التلفزيون الجزائري يعريها ويصفها بالدويلة المصطنعة".

وأكد أن التقرير واقعي للجزائر وتاريخها وحضورها، مضيفا: "التقرير جعلني أشعر بالفخر وأنا لست جزائري فكيف بالجزائريين".

ورأى عثمان طاهر، أن بيان التلفزيون الجزائري شديد اللهجة ويعكس توجها سياسيا واضحا في أعلى دوائر السلطة الجزائرية، ويؤكد أن العلاقات بينهما تمر بمرحلة قطيعة حقيقية. 

مخطط صهيوني

وفضحا لمخططاتها في الجزائر، قال الحاج بونيف: إن الإمارات المتصهينة الخبيثة غضبت من الدولة المغاربية، وسعت، ومازالت تسعى للضرر بها.

وذلك لأن الجزائر قالت: لن نطبع ولن نهرول للتطبيع مع الكيان الصهيوني المجرم، وفق تقديره.

وأكَّد أن الكيانين الإماراتي والصهيوني يبحثان عن منفذ يستطيعان من خلاله نشر الفوضى في الجزائر، داعيا للحذر والتنبه.

وأكد الطاهر أجانتي، أن دويلة الإمارات من صنع الغرب لزرعها وسط العرب والمسلمين لتنفيذ أجندتهم الخبيثة وهي توسيع ما يسمى بالكيان الصهيوني.

وقال: “عليها -الإمارات- أن تعلم أن الجزائر بقبائلها وأبنائها الأحرار أطعموا فرنسا الويل من العقاب، وهي بكل شعبها وجيشها أصعب مما تتصور”.

وأشار المحامي التوم برير حامد إلى أن الإمارات التي وصفها بالدويلة، وحلفائها من الصهاينة والأميركان بعد أن أشعلوا حربا ضروسا في الدول العربية والإسلامية في الصومال واليمن وسوريا وليبيا ولبنان والسودان، تريد شن حربا على دولة الجزائر العربية.

وأكد أن ذلك ليكتمل مخطط تقسيم الدول العربية المسلمة وإدخالها  في حروب طويلة الأمد ليتم بذلك إفقارها وتفشي الفوضى حتي توصف بالدول الفاشلة. 

وقال حامد: إن الإمارات تدمر المنشآت ومحطات الكهرباء لبيع ألواح الطاقة الشمسية التي يوجد بها شرائح وعلامات وإشارات لتصحيح الضربات الجوية وإصابة الهدف بدقة متناهية، داعيا للحذر من شراء ألواح طاقة من هذه الدولة.

ودعا لمقاطعة كل السلع الإماراتية والعلاقات الدبلوماسية مع هذه الدولة الشريرة قاتلة المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات.

وقال محمد الكناني: "الدويلة هبشت الجزائر إعلاميا والجزائر ردت عليها بعنف"، مضيفا أن هذه الدويلة -في إشارة إلى الإمارات- لم تكن شيئا قبل 50 عاما فاستثمر فيها الصهاينة ودول الغرب وأنفقوا أموالا طائلة وعمروها لتصبح أداة لهم لزعزعة استقرار وأمن عديد الدول العربية".

وأكَّد أن ما يحدث في السودان خير دليل على ذلك، واصفا الإمارات بأنها "أداة تخريب كلما عجزت عن زرع مليشيا في بلد ما وجّهت سهامها نحو تاريخه وهويته، وكأنها مصابة بعقدة من كل بلد موحد وعريق".

الجزائر كبيرة

ودفاعا عن الجزائر واستحضارا لمواقفها الأخلاقية والسياسية القوية، هاجم الناشط السياسي نصار المطحني، من يدافعون عن الإمارات ويسبون البلد المغاربي، ووصفهم بأنهم "مطبعون".

وعرضت منال الدليمي مقطع فيديو لممثلة الإمارات في الأمم المتحدة تصف فيه هجمات حركة المقاومة الإسلامية حماس على الاحتلال الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بأنها “بربرية وشنيعة”، وتطالبها بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.

وتضمن المقطع كلمة لممثل الجزائر في الأمم المتحدة تحدث فيها باسم الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم وأحرار آلاف الأبرياء التي أزهقها المحتل الإسرائيلي بدون حساب ولا عقاب.

ودعت الدليمي إلى مشاهدة الفيديو لمعرفة حقيقة الإمارات، قائلة: "لقد تحدثنا مرارًا عن أخطر الدول، وهي الدول الوظيفية التي جعلت من نفسها مجرد أداة تُستخدم لتحقيق مصالح القوى الكبرى، مثل الصهاينة والأميركان، التي تدوس على كرامة الشعوب وتُنفذ مخططاتهم".

ووجه منعم الكويتي رسالة إلى الجزائريين، قائلا: الإمارات دولة يعرف الجميع أنها تسبب المشاكل بين المسلمين، هي بلا تاريخ أسسها الإنجليز، وكانت قديما أرضا عمانية عكس الجزائر التي يفوق تاريخها 23 قرنا هي مملكة نوميديا وبلد الشهداء والمقاومات والثورة العضيمة عكس أبناء إسرائيل".

وقال رئيس منتدى السلام لوقف الحرب في اليمن عادل الحسني: "إنما مثل الجزائر الكبير والإمارات الصغيرة، كمثل نملة ارتكبت حماقة، ثم رفعت رأسها تتوعد الفيل! لا الحجم يشفع، ولا الضجيج ينفع، فبعض الكيانات لا تعرف مقامها حتى تصفعه الأيام".

وأكد الناشط السياسي عبدالشافي النبهاني، أن الجزائر ليست وحدها من تضررت من سموم دويلة الإمارات المصطنعة، قائلا: "كل وطننا العربي الحرّ ناله نصيب من غدرها. لكنها لن تفلت من حساب الشعوب وذاكرة التاريخ".