الاحتلال يشن أكبر هجوم سيبراني على لبنان.. وناشطون يترقبون رد حزب الله
"بايجر" جهاز اتصال إلكتروني لا سلكي صغير ومحمول يعمل ببطاريات قابلة للشحن ويستقبل رسائل مكتوبة واتصالات وإشارات صوتية وضوئية
قال ناشطون على منصة “إكس” إن واشنطن كانت على علم مسبق بالهجوم السيبراني الذي نفذته إسرائيل ضد عناصر حزب الله ومواطنين في لبنان وأسفر عن قتل 12 شخصا وإصابة نحو 2800 آخرين بجروح إثر تفجير أجهزة اتصال محمولة من نوع "بايجر" (pager) في أيدي من يحملونها، معلنين ترقبهم للرد اللبناني.
وفي 17 سبتمبر/أيلول 2024، قتل 12 شخصا وأصيب 2800 آخرون، بينهم 300 بحالة حرجة، جراء هجوم تسبب في تفجير آلاف من أجهزة "بايجر" يستخدمها "حزب الله" بصفة خاصة في الاتصالات، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة اللبنانية.
بايجر.. اختراع كندي
و"بايجر" جهاز اتصال إلكتروني لا سلكي صغير ومحمول يستخدمه مدنيون وغيرهم للتواصل داخل مؤسسات أو ضمن مجموعات ومنظومات مختلفة، وهو يعمل ببطاريات قابلة للشحن ويستقبل رسائل مكتوبة واتصالات وإشارات صوتية وضوئية.
والجهاز اخترعه المهندس الكندي ألفريد غروس عام 1949، ويُسمى أيضا جهاز النداء اللاسلكي، أو أجهزة البليب، ويستخدم للتواصل مع الزبائن في المطاعم والمقاهي، أو في المستشفيات والمراكز التجارية الكبيرة أو في كل مؤسسة تريد تسيير منظومة جماعية والتواصل معها بسهولة.
وتعمل أجهزة بايجر ببطاريات الليثيوم -التي قد تعمل أياما متواصلة- وقد تم تطوير النسخ الأولى من هذه الأجهزة في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، وشاع استخدامها مع نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن نفسه قبل انتشار الهواتف المحمولة.
وحمّل "حزب الله" إسرائيل "المسؤولية الكاملة" عن تفجير أجهزة اتصال محمولة من نوع "بايجر" (pager) في أيدي من يحملونها، وتوعدها بـ"قصاص عادل" على هذا "العدوان الآثم".
وبدورها، أدنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بشدة؛ العدوان الصهيوني الإرهابي الذي استهدف مواطنين لبنانيين بتفجير أجهزة اتصالات في مناطق مختلفة من الأراضي اللبنانية، ومَرَافِق مدنية وخدمية، وأدى لإصابة الآلاف بين المواطنين، دون تفريقٍ بين المقاومين والمدنيين، واستشهاد عدد منهم.
وعدت الحركة العدوان الإسرائيلي جريمة تتحدّى القوانين والأعراف كافة، وحمّلت حكومة الاحتلال المسؤولية كاملة عن تداعيات هذه الجريمة الخطيرة، مؤكدة أن هذه العملية تأتي في إطار العدوان الصهيوني الشامل على المنطقة، وسياسة العربدة والغطرسة التي تتبناها حكومة الاحتلال.
وتنصل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بيان، من منشور لمستشاره توباز لوك على منصة "إكس" ألمح فيه إلى مسؤولية تل أبيب عن تفجير أجهزة الاتصال قبل أن يحذفه لاحقا.
وبدورها، نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين مطلعين أن "إسرائيل" أخفت متفجرات داخل دفعة من أجهزة اتصال (بايجر) تايوانية تم استيرادها إلى لبنان.
نفي الشركة التايوانية
وقال المسؤولون إن حزب الله طلب من شركة "غولد أبولو" التايوانية أكثر من 3 آلاف جهاز اتصال، وأضافوا أنه تم زرع مادة متفجرة صغيرة الحجم بجانب بطارية كل جهاز.
وهو ما نفته الشركة التايوانية، وذكرت في بيان، أنه ليس لها أي صلاحية في تصنيع طراز "AR924" من أجهزة "بايجر" اللاسلكية.
وقالت "غولد أبولو": “نحن فقط نعطي صلاحية استخدام العلامة التجارية، وليس لدينا أي دور في تصميم أو تصنيع هذا المنتج”، موضحة أن تصنيع أجهزة "بايجر" يعود فقط إلى شركة تحمل اسم "BAC" التي منحتها "غولد أبولو" حق استخدام علامتها التجارية.
وبحسب تقارير في الصحافة التايوانية، صرح مدير الشركة هسو شينغ كوانغ، في مؤتمر صحفي، بأن أجهزة "بايجر" تم تصنيعها خارج تايوان.
وذكر كوانغ أن الأجهزة المنفجرة من إنتاج شركة "BAC Consulting Ltd" ومقرها العاصمة المجرية بودابست، وأنها وقعت عقد ترخيص مع هذه الشركة قبل 3 سنوات.
كما نقلت صحيفة المونيتور عن مصادر استخباراتية أن آلاف الأجهزة التي حصل عليها حزب الله فخختها إسرائيل قبل تسليمها للحزب.
فيما نقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن مصادر أن تفجير أجهزة بايجر في لبنان كان عملية مشتركة بين الموساد والجيش الإسرائيلي.
وأدانت الحكومة اللبنانية، التفجيرات، وعدتها "إجراما إسرائيليا وخرقا للسيادة الوطنية"، معربة عن إدانتها "هذا العدوان الاسرائيلي الإجرامي، والذي يشكل خرقا خطيرا للسيادة اللبنانية، وإجراما موصوفا بكل المقاييس".
وتبرأت أميركا من الحدث، وقال متحدث وزارة خارجيها ماثيو ميلر، في موجز صحفي: "أستطيع القول إن الولايات المتحدة الأميركية ليس لها علاقة بهذا"، مضيفا: "لم يكن لدى الولايات المتحدة علم مسبق بهذه الحادثة، ونقوم حاليا بجمع المعلومات المتعلقة بذلك".
وتداول ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #البيجر، #حزب_الله، وغيرها من الوسوم الأخرى، صور ومقاطع فيديو توثق ما أسفر عنه الهجوم السيبراني الإسرائيلي على لبنان، معربين عن عضبهم واستيائهم وطالبوا بسرعة الرد والردع.
خرق أمني
وإعرابا عن الغضب من الحدث، قال المحلل السياسي هاني الدالي، إن تفجير أجهزة “Pager” في لبنان: خرق أمني غير أخلاقي، والكيان الإسرائيلي لا يتورع عن استخدام أخس الأدوات لإلحاق الضرر بالمدنيين، في وحشية تتفوق على همجية النازيين!
وأضاف أن العدو الإسرائيلي مجرم قاتل بلا ضمير، يمارس أبشع الجرائم دون رادع. لحظة الحساب آتية لا محالة!
وعرض الإعلامي أنيس منصور، مشاهد مؤلمة للكارثة في مستشفيات لبنان حيث أسعف عشرات المصابين انفجرت أجهزة الاتصالات بهم بعد اختراقها وتفجيرها من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وقال عبدالملك الهنائي، إن قيام "إسرائيل" بتفجير آلاف أجهز النداء (البايجر) في لبنان يؤكد همجية العدو، سواء من حيث التفجير ذاته أو من حيث قرصنة الصناعات بإدخال مواد فيها تضر بالبشر.
ضلوع أميركي
وتداول ناشطون تقارير لصحف إسرائيلية وأجنبية تؤكد علم أميركا المسبق بعملية التفجير الإسرائيلية في لبنان، منها نقل أسوشييتد برس عن مسؤول أميركيّ قوله إن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بعملية تفجير أجهزة الاتصال في لبنان بعد إتمامها، وأنها أبلغتها بإخفاء كمية قليلة من مواد متفجرة داخل أجهزة البايجر.
وأكدت الباحثة في الشؤون الأميركية والمشرق عبير كايد، أن واشنطن على علم مسبق بتفجيرات بيروت ولولا الضوء الأخضر والدعم الأميركي ما أقدمت إسرائيل على هذا الإرهاب الممنهج ضد 4000 آلاف لبناني مدني آمنين.
وقالت إنهم يريدون خلق غزة أخرى في لبنان الكبير وعلى المقاومة في لبنان وفلسطين أن تعيد حساباتها وتعلم أن إيران شريكة واشنطن وتضحي بهم من أجل مصالحها والخيانة والغدر سمة الفرس منذ الأزل ولن ترد إيران من أجل عيون العرب لا هنية ولا الضاحية الجنوبية.
وقال الأكاديمي مَكرم خُوريعندما تقول أميركا إنه لم يكن لديها علم عن هجوم بايجر في لبنان إنما هي تكذب وتكذب وتكذب وبعدها تكرر الكذب.
وذكر الكاتب ياسر أبو هلالة، بأن مسؤولين أميركيين يرددون بعد كل جريمة مروعة ترتكبها دولة العدوان من 7 أكتوبر إنهم لم يكونوا على علم، مذكرا بقول الشاعر "إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم."
وأكد أن أميركا هي الراعي والداعم والحاضن لهذا المجرم، عسكريا واستخباريا وماليا وسياسيا، وكونه لا يدري يزيد من مسؤوليته سياسيا وأخلاقيا .
نمر من ورق
ورفض ناشطون تضخيم إمكانيات وقدرات الاحتلال الإسرائيلي وذكروه بفشله على الأصعدة كافة منذ بداية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مؤكدين أنه لم يستفد شيئا من عمليته في لبنان.
وتحت عنوان "الغباء الإستراتيجي"، تساءل المحلل السياسي ياسين عز الدين: "ما الذي استفادة الاحتلال من عملية بايجر غير الصدى الإعلامي؟ لو كان ينوي بدء حرب على لبنان لماذا لم يستغل حالة الإرباك ويضرب ضربته؟"، مؤكدا أنه خلال الساعات القادمة سيكون الحزب امتص الضربة وذهبت ميزة المباغتة التي تمتع بها الاحتلال.
وواصل تساؤلاته: “هل ستردع الضربة حزب الله وتدفعه لوقف قصف شمال فلسطين؟ إن لم يصعد فعلى الأقل لن يتراجع، ما الإنجاز الحقيقي والملموس الذي حققه الاحتلال؟ باستثناء إثبات أنه دولة إجرام منظم.”
وأكد الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، أن إسرائيل التي لحست بعملية اليوم عقول البعض حتى ظنّوها إلها، هي ذاتها التي فشلت فشلا ذريعا في السابع من أكتوبر، وغارقة حتى أذنيها في غزة منذ قرابة العام بلا خلاص، ولم تستطع استعادة أسراها ولا القضاء على المقاومة.
ورأى أن الذهاب للحديث بهذه السرعة عن كون الانفجارات في لبنان هي مقدمة لعملية عسكرية جوية أو برية غير منطقي ولا يقع في سياق موضوعي، قائلا: "نحن نتحدث عن عملية أمنية محتملة، غير معلوم أبعادها لحد اللحظة، لكنها على الأرجح ليست مقدمة لأي عمليات كبرى".
وقال الكاتب هادي القبيسي، إن الحدث محدود والإصابات خفيفة إلى متوسطة، وعمليا لا يؤثر على جهوزية المقاومة في الجبهة وفي العمق، موضحا أن ما حدث اختراق تقني عبر أجهزة مفخخة.
وأشار الكاتب محمد سالم الجندي، إلى أن اليهود عايزين يوصلوا لبعض العرب السذج أنهم عن طريق هاكرز فجروا أجهزة اتصالات في 4000 عنصر من حزب الله، مستنكرا تصديق البعض من العرب السذج، وبدأ بعضهم الحديث عن القدرة للوصول لأي شخص عن طريق برمجة.
ولفت إلى أن ما حدث مع حزب الله خاص بحزب الله وبمشكلاته واختراقات العدو له والعملية كلها تلغيم لأجهزة في شحنة اتصالات جديدة استوردوها، مؤكدا أن التفجير تم بنفس الطريقة التي تمَّ بها استهداف الشهيد البطل يحيي عياش.
وحث الجندي، كل ساذج يفخم دون قصد في الصهاينة وقدراتهم أن يسأل نفسه أين أسراهم بعد عام من حربهم على غزة وماذا يفعل بهم القسام كل يوم، قائلا: "كفاكم سذاجة.. هم أهون من بيت العنكبوت وجدوا من هم أهون منهم فاستقووا عليهم ليس إلا".
وعد الكاتب ماجد أبو دياك، أن تقرير المونيتور الأميركية وكذلك أكسيوس بأن إسرائيل كانت تخطط لتفجير أجهزة البايجر لدى أعضاء حزب الله بالتزامن مع بدء شن حرب شاملة على حزب الله، وأنها اضطرت للقيام بذلك قبل الأوان بسبب اكتشافها من بعض عناصر الحزب، أو التخوف من قرب اكتشافها، تأكيد أن الكيان غير جاهز لشن الحرب في الوقت الحالي، وأنه ربما لا يبدأ بها قبل الانتخابات الأميركية، ويسعى لتصعيد متدرج ضد حزب الله.
الرد المرتقب
وعن الرد اللبناني على الاحتلال، قال الكاتب إبراهيم حمامي، إن خيارات حزب الله صعبة للغاية، من استهداف العاروري في الضاحية الجنوبية إلى استهداف شكر ومن ثم آلاف العناصر عبر تفجير أجهزتهم، ومع ضعف الرد أو انعدامه في الواقع، ومع حجم الاختراق الهائل الذي كشفت عنه الأحداث، تضيق خياراته.
وأضاف: "إما امتصاص ما جرى مرة أخرى والاستعداد لضربة جديدة، أو الرد في ظرف يعد فيه مكشوف تماما دون معرفة حجم الاختراق وعمقه ومدى معرفة الاحتلال بتفاصيل يعدها سرية".
وحذر حمامي، من أن الحديث عن قصاص قادم والرد الحتمي وتكراره كما في المرات السابقة، سيفقد الحزب أي مصداقية مفترضة، وسيُجرّئ الاحتلال على ارتكاب المزيد من الاعتداءات والضربات، وربما لن يكون هناك وقت لدراسة الخيارات.
وقال السياسي فايز أبو شمالة: "لو عبرت 24 ساعة دون رد حزب الله على الهجوم الإرهابي الصهيوني، فذلك يعني الخيبة وفقدان الهيبة، وتشجيع الصهاينة على المزيد من احتقار العرب وإهانتهم!".
وقال عبده فايد، إنه لا شماتة في المقاومة وما جرى لها في لبنان.. لكن حزب الله سوف يدفع ثمن "الصبر الإستراتيجي" قاسيا، إذا ما حقق العدو أهدافه في غزة.. وكل صاروخ تأخر في دعم غزة، سوف يرتد ألف دانة في صدور أبناء الحزب.
وحذر من أن كل دقيقة ضاعت في تجربة الميدان، سوف تنقلب جحيما سعيرا في الضاحية وجبل عامل، وليس إلا وقت يسير، قبل أن تنتج إسرائيل ألف غزة في لبنان، قائلا: “لا يرعبنك العرض التكنولوجي الإسرائيلي في تفجير أجهزة البايجر، بل يجب أن يخيفك ما قد يمهد له في قادم الشهور في جنوب لبنان.”
وأكد الكاتب سامح عسكر، أن أي تأخير في رد حزب الله، أو التنسيق بشأنه، يعني انهيار نظرية الردع التي بناها الحزب مع إسرائيل منذ عام 2006.
ورأى من أن سياسة الحذر اللبنانية أعطت انطباعا في إسرائيل بعجز المقاومة عن الرد فتمادوا في التصعيد وهم مطمئنين للنتائج.