آدم بوهلر.. مهندس "أبراهام" ومبعوث ترامب الذي أغضب إسرائيل بلقائه حماس

خالد كريزم | منذ ١٣ ساعة

12

طباعة

مشاركة

عاد آدم بوهلر مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون الرهائن إلى الواجهة بعد عقده اجتماعات "إيجابية" مع حركة المقاومة الإسلامية حماس، في أول مفاوضات مباشرة بين الطرفين.

وأثارت تصريحات وتحركات بوهلر الأخيرة غضب إسرائيل، في ظل جمود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، المكون من ثلاث مراحل، والذي انتهت مرحلته الأولى مطلع مارس/آذار 2025 مع تنصل حكومة بنيامين نتنياهو من استكماله.

اجتماعات مع حماس

والتقى بوهلر مطلع مارس/آذار 2025، مسؤولين كبارا من حماس في العاصمة القطرية الدوحة دون علم إسرائيل؛ لإجراء مباحثات حول إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة ومن بينهم 5 أميركيين.

وتقدر تل أبيب وجود 59 أسيرا إسرائيليا بقطاع غزة، منهم 24 على قيد الحياة، بينما يقبع في سجونها أكثر من 9500 فلسطيني، يعانون التعذيب والإهمال الطبي والتجويع.

وعن اللقاء، قال بوهلر لشبكة "سي إن إن" الأميركية إن رجال حماس “ليس لديهم قرون تنمو من رؤوسهم، إنهم في الواقع رجال مثلنا، طيبون للغاية”.

وأكد ⁧‫أن الاجتماعات المباشرة بينه وبين حماس كانت "مفيدة جدا"، وأن شيئا ما قد يجرى التوصّل إليه في غضون أسابيع. 

ولم يستبعد بوهلر عقد لقاءات إضافية مع الحركة، معربا عن اعتقاده بأن "جميع المختطفين قد يتم إطلاق سراحهم، وليس الأميركيين فقط".

وبعد تسريبات عن غضب الإسرائيليين من المحادثات، قال بوهلر: "أتفهم سبب ذلك، لكننا لسنا عملاء لهم ولا نعمل لصالحهم، ولدينا مصالحنا الخاصة".

وأردف: "لقد تواصلت مع حماس لنرى ما هو الحل الواقعي للإفراج عن الأسرى الأميركيين في غزة"، مؤكدا أن "هذه الاجتماعات وافق عليها ترامب، وكانت مفيدة للغاية في الترويج لإطلاق سراح الرهائن".

ووفق صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، أجرى وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر مكالمة هاتفية متوترة مع بوهلر "عندما علمت إسرائيل بالمحادثة غير المسبوقة".

وإثر ردود الفعل المنتقدة والمهاجمة لوصف بوهلر لقادة حماس، اضطر مبعوث ترامب "بعد الكثير من الانتقادات، وربما بعد توبيخه" إلى نشر تدوينة تنصل فيها من تصريحاته التي أثنى فيها على الحركة، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت".

وقال بوهلر في منشور على إكس بعد بث المقابلة: "أريد أن أوضح أن هناك من أساء الفهم - حماس منظمة إرهابية قتلت الآلاف من الأبرياء، لن يكون أي عضو فيها آمنا إذا لم تطلق سراح جميع المختطفين على الفور"، وفق تعبيره.

وفي وقت سابق، كشف بوهلر في حديث لهيئة البث العبرية، أن مقترحات حماس في المحادثات المباشرة تشمل "هدنة لعدة سنوات" مع إسرائيل.

وأضاف أن حماس "عرضت صفقة تتضمن إطلاق سراح جميع المختطفين والسجناء، ووقف إطلاق نار لمدة تتراوح بين 5 إلى 10 سنوات".

وتابع بوهلر أنه "خلال هذه الفترة ستنزع حماس سلاحها، وستساعد الولايات المتحدة ودول أخرى، في ضمان عدم وجود أنفاق أخرى، وألا يكون هناك المزيد من النشاط العسكري، وألا تشارك الحركة في السياسة من الآن فصاعدا"، وفق قوله.

وفي مقابلة مع قناة فوكس نيوز الأميركية، قال: "أجرينا مناقشات حول الشكل الذي قد تبدو عليه النهاية، ويمكنني القول إن حماس تهدف إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد".

وأضاف: "تحدثنا عن وقف إطلاق نار يشمل نزع سلاح حماس، وأن لا يكونوا جزءا من الحياة السياسية، وسنتأكد من أنه لا إيذاء لإسرائيل"، وفق تعبيره.

انتقادات حادة

ولم تكن حكومة نتنياهو التي تواصل الترويج لهدف "القضاء على حماس" سعيدة بهذا التحرك على الإطلاق، كما تعرض بوهلر لانتقادات شديدة.

وقال وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش في مقابلة مع هيئة البث العبرية، في اليوم التالي لاعتذار بوهلر: "لقد ارتكب خطأ رغم نواياه الطيبة".

وأضاف أن تحركات بوهلر "أضرّت بجهودنا وتجعل حماس تشدد مواقفها، كما أنه ليس المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، هذا دور (ستيف) ويتكوف ونحن ننسق معه بشكل كامل".

من جهته، زعم عضو الكنيست سيمحا روثمان رئيس لجنة الدستور بالكنيست (البرلمان) أن "آدم بوهلر وكل من يجري مفاوضات مباشرة مع حماس يسببون ضررا هائلا لعودة المختطفين".

وفي مقال تفصيلي هاجمت صحيفة تايمز أوف إسرائيلي بوهلر مستعرضة عدة نقاط شملت مقابلاته الأخيرة "حتى أصبح من الصعب مواكبة وفهم ما يقوله".

وقالت الصحيفة في 10 مارس: "يطلق بوهلر على السجناء الأمنيين الفلسطينيين مصطلح رهائن في بعض الأحيان ويسمي الرهائن الإسرائيليين سجناء".

وأردفت: "يرتكب الكثير منا أخطاء لغوية بسيطة عندما نتحدث، لكن هاتين الكلمتين رهائن وسجناء من بين اللبنات الأساسية لعمله الفعلي. قد تعتقد أنه يعرف ويحرص على تتبع الفرق بين الكلمتين".

وليس من قبيل المصادفة أن بوهلر أخطأ مرتين في تسمية المحتجز الوحيد الذي يحمل الجنسية الأميركية، إيدان ألكسندر، مشيرا إليه باسم "آدي". 

وبينت أن بوهلر "ينتقد علنا الشروط الإسرائيلية لصفقة الرهائن حتى الآن بصفتها سخية بشكل لا يمكن الدفاع عنه أمام حماس، كما يفرق علنا بين مصالح أميركا وإسرائيل في محاولة لإرضاء الحركة".

وواصلت الصحيفة القول: "لقد أعرب عن عدم اكتراثه الشديد بمخاوف إسرائيل بشأن مفاوضاته مع حماس وأعلن بمرح أنه لا يزعجه كثيرا إذا كان وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، غاضبًا من تفاعله وجها لوجه مع" قادة الحركة.

وفي ظل التحركات الأميركية، أرسل نتنياهو فريق المفاوضات الإسرائيلي إلى الدوحة مساء 10 مارس، في وقت يصر على إطلاق سراح مزيد من الأسرى الإسرائيليين، دون الانتقال إلى المرحلة الثانية وتنفيذ التزاماتها، لا سيما إنهاء حرب الإبادة والانسحاب من غزة بشكل كامل. 

وبعد عاصفة من الغضب على إثر اللقاءات المباشرة بين واشنطن وحماس، أصدرت إسرائيل أمرا بعدم التحدث علنا ضد بوهلر أو ترامب على الرغم من ظهور أمور صعبة في المحادثات الداخلية لوزراء الحكومة، بما في ذلك غضب الوزير ديرمر، وفق ما قال موقع آي 24 العبري في 10 مارس.

رجل أبراهام 

آدم بوهلر المولود في 23 يونيو/حزيران 1979 لعائلة يهودية في نيويورك، شخصية بارزة في مجال الابتكار في الرعاية الصحية، وقيادة القطاع الخاص، والدبلوماسية الدولية.

ساعدت إنجازاته الأكاديمية المبكرة في تشكيل مسيرته المستقبلية، حيث تخرج بمرتبة الشرف العليا في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، متخصصا في المالية مع تخصص فرعي في اللغة الفرنسية. 

بوهلر متزوج ولديه أربعة أطفال، وبدأ حياته المهنية في القطاع الخاص، حيث أظهر موهبة في الابتكار والاستثمار. 

وشغل مناصب في شركات كبرى مثل Battery Ventures وFrancisco Partners، حيث ركز على التقنيات الناشئة والاستثمارات في الرعاية الصحية والبرمجيات، بما في ذلك مشاريع في إسرائيل.

 أسس العديد من الشركات الناجحة بالرعاية المنزلية وانتقل إلى الخدمة العامة عندما جرى تعيينه مديرا لمركز الابتكار في برنامج Medicare and Medicaid التابع لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية. 

في عام 2019، أصبح بوهلر أول رئيس تنفيذي لمؤسسة التمويل التنموي الدولي للولايات المتحدة (DFC)، وهي وكالة حكومية تركز على الاستثمار والتنمية العالمية. 

تحت قيادته، لعبت المؤسسة دورا محوريًا في التفاوض مع حركة طالبان في أفغانستان، كما كان له دور بارز في التفاوض على اتفاقيات أبراهام إلى جانب زميله السابق في الجامعة، جاريد كوشنر صهر ترامب.

ووقتها، استخدم الحوافز المالية لتشجيع الدول العربية على الانضمام إلى اتفاقيات التطبيع، وقد حاز على أعلى وسام مدني من وزارة الدفاع الأميركية تقديرا لمساهماته، وفق ما قال موقع المكتبة الافتراضية اليهودية.

وقاد "بوهلر" بصفته الرئيس التنفيذي لتلك المؤسسة جهود تنسيق وتعبئة الأدوات والموارد الخاصة بـ16 وكالة حكومية أميركية لدعم مهمة “ازدهار إفريقيا”.

وكان وقتها يحصل من خلال العمل الوثيق مع البيت الأبيض على الدعم من الوكالات التي تعمل على زيادة تأثير أدوات الحكومة الأميركية لتعبئة رأس المال الخاص لإقامة مشاريع في إفريقيا.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أعلن عن الالتزام بتقديم تأمين بقيمة 430 مليون دولار لتعزيز أمن الطاقة في مصر، من خلال إعادة تأهيل خط أنابيب الغاز الطبيعي ونقله من الحقول البحرية في إسرائيل. 

كما أعلن عن مشاريع في دول إفريقية أخرى لتشجيع التطبيع ومكافأة الدول التي طبعت علاقتها مع إسرائيل عام 2020.

وتابع موقع المكتبة الافتراضية اليهودية: "يشارك بوهلر بفاعلية في قضايا يهودية وإنسانية، حيث يشغل منصبا في مجلس إدارة متحف ذكرى الهولوكوست الأميركي مما يعكس التزامه بالحفاظ على التاريخ اليهودي ومكافحة معاداة السامية". 

كما تعكس مساهماته في اتفاقيات أبراهام التزامه بتعزيز السلام والتعاون في الشرق الأوسط، بحسب نفس المصدر.

وبشأن توسيع اتفاقيات أبراهام، أعرب عن تفاؤله بشأن الأمر، مشيدا بفريق ترامب الدبلوماسي ووصفه بأنه "مجموعة من النجوم".

وقال في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية في 29 يناير/كانون الثاني 2025، إنه متفائل من إمكانية تطبيع العلاقات السعودية-الإسرائيلية، مشيرًا إلى انفتاح المملكة على الحوار.

 وعندما سئل عن موقف السعودية من إقامة دولة فلسطينية، أقر بدورها في أي حل مستقبلي.

مفاوضات الأسرى

جادل بوهلر مرارا بأن التهديد بالعمل العسكري يجب أن يكون مصاحبا للمفاوضات الأميركية لإعادة المواطنين المحتجزين في الخارج. 

وفي أغسطس/آب 2024، دعا إلى اتخاذ موقف أميركي أكثر صرامة لتأمين إطلاق سراح الأسرى المحتجزين في غزة، واقترح حتى إمكانية شن غارة عسكرية لإنقاذ الأميركيين منهم. 

كما أشار إلى أن عدم إحراز تقدم في قضايا المحتجزين يرجع إلى عدم فرض الولايات المتحدة عواقب كافية على المسؤولين عن احتجازهم.

وفي 4 ديسمبر/كانون الأول 2024، رشّحه الرئيس المنتخب دونالد ترامب لمنصب المبعوث الأميركي الخاص لشؤون الرهائن، الذي يتطلب التنقل في أزمات دبلوماسية معقدة. 

وفي رده على تعيينه، عبّر بوهلر عن التزامه العميق بإعادة الأميركيين المحتجزين في غزة، مشددا على أهمية اتخاذ إجراءات حاسمة ومحاسبة المسؤولين عن احتجازهم، واستخدم عبارة "أعيدوهم إلى الوطن"، التي ارتبطت بالجهود المبذولة للإفراج عنهم.

وسلط بوهلر الضوء على موقف إدارة ترامب الحازم تجاه حماس ودعمها القوي لإسرائيل، وذلك في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية في 9 ديسمبر 2024.

 واستشهد بسجل ترامب في اتخاذ إجراءات حاسمة، مثل اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني، كدليل على أن تهديداته ليست مجرد كلمات. 

وانتقد بوهلر إدارة الرئيس السابق جو بايدن لما أسماه “ترددها في دعم” تل أبيب، مؤكداً أن ترامب يعتبر العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل شراكة حقيقية غير مشروطة. 

وبشأن مقترح ترامب لنقل الفلسطينيين من غزة إلى مصر أو الأردن، قال للقناة الـ 12 الإسرائيلية في المقابلة المشار إليها سابقا، إنه يجب تقديم بدائل إذا جرى رفض الخطة، مشدداً على ضرورة وجود حلول قصيرة وطويلة الأجل.

وفي 4 فبراير/شباط 2025، رفض بوهلر في مقابلة أخرى مع نفس القناة فكرة أن السعي لهزيمة حماس يتعارض مع الجهود المبذولة لإطلاق سراح المحتجزين.

وفي اليوم التالي، طالب بالإفراج الفوري عن المحتجزة الإسرائيلية الروسية في العراق الباحثة إليزابيث تسوركوف، مهددا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بالاتهام بالتواطؤ إن لم يفرج عنها.

واتهم الحكومة العراقية بتقديم وعود كاذبة للإدارة السابقة، مشددا على ضرورة اتخاذ إجراء فوري بشأن الباحثة التي قال مكتب نتنياهو عام 2023 إنها اختطفت في العراق على أيدي "مليشيا شيعية".