الجزائر تمنع تصدير الغاز عبر المغرب.. "إلباييس": أضرت نفسها لتعاقب خصمها
.jpg)
نتيجة للتوتر الحاد في علاقة البلدين، قررت الجزائر منع تصدير الغاز عبر أراضي المغرب، في قرار اعتبرته صحف أوروبية يضر بالرباط التي تحتاج غاز جارتها، ويقلل من فرص الجزائر في زيادة استثماراتها في القطاع الأهم بالبلاد.
تقرير لصحيفة إسبانية سلط الضوء على إعلان الجزائر وقف استخدام خط أنابيب الغاز الذي يربطها بالمغرب وإسبانيا، بعد انهيار العلاقات الدبلوماسية بين البلدين المغاربيين، مشيرة إلى تأكيد حكومة الجزائر أنها لن تضر بمدريد.
صحيفة "إلباييس" قالت: إن خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي، الذي ينقل الغاز الطبيعي الجزائري إلى إسبانيا عبر الأراضي المغربية، أول ضحية لتصعيد التوتر الأخير بين الرباط والجزائر.
24 أغسطس/ آب 2021، أعلن وزير خارجية الجزائر، رمطان لعمامرة، قطع بلاده علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، متهما الرباط بالقيام بـ"أعمال عدائية".
وتشهد علاقات الجارتين العربيتين توترا منذ عقود، بسبب قضية الصحراء الغربية، كما أن الحدود بين الجارتين مغلقة منذ عام 1994.
وزير الطاقة الجزائري، محمد عرقاب، أعلن 26 أغسطس/ آب 2021، أن حكومته ستوجه ابتداء من خريف 2022، الغاز الذي تصدره لأوروبا عبر خط أنابيب "ميدغاز" الذي يربط مباشرة إسبانيا والجزائر عبر بحر البوران.
عرقاب، أكد أن ذلك لن يضر بإمدادات الغاز لمدريد، موضحا بعد اجتماع مع السفير الإسباني في الجزائر، فرناندو موران، أن بلاده "تحافظ على التزامها بتغطية كامل إمدادات الغاز الطبيعي لإسبانيا عبر (ميدغاز)".
خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي الذي افتتح عام 1996، ويبلغ حوالي 1400 كيلومترا، ويمر 540 كيلومترا منه عبر الأراضي المغربية قبل عبور مضيق جبل طارق.
الخط يمكنه نقل أكثر من 8 آلاف مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى إسبانيا والبرتغال، تضاف إليها الحصة التي يصدرها المغرب.

الاتفاقية الثلاثية
"الباييس"، ترى أن البيان الجزائري يشير إلى نية عدم تجديد الاتفاقية الثلاثية المتعلقة بخط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي، التي تنتهي نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2021.
الصحيفة الإسبانية أشارت إلى أنه إثر "الأزمة الثنائية بين مدريد والرباط، كانت هناك تكهنات بأن المغرب ربما يرفض تجديد الاتفاقية الثلاثية".
المديرة العامة للمكتب الوطني المغربي للمحروقات، أمينة بن خضرة، كانت نفت هذه الشائعات، وأكدت "رغبة المغرب في الحفاظ على هذا الخط لتصدير الغاز إلى ما بعد أكتوبر/ تشرين الأول 2021".
وقالت بن خضرة: "هذه الإرادة التي عبرنا عنها شفهيا وخطيا، علنا وسرا هي أداة للتعاون لصالح الجميع"، لكن في المقابل السلطات الجزائرية لم يكن لها نفس الرأي.
وتعلق "الباييس": "ومع الأخذ بعين الاعتبار التوترات الإقليمية في المنطقة المغاربية، وقعت الحكومتان الإسبانية والجزائرية، صيف 2020، اتفاقية لزيادة طاقة خط أنابيب الغاز ميدغاز".
ذلك الخط يربط حقول غاز "حاسي الرمل" الجزائرية بشبكة التوزيع الإسبانية في مدينة "ألميريا" منذ عام 2011.
وأشارت الصحيفة إلى أنه "بعد دخول هذا الاتفاق حيز التشغيل منذ خريف 2020، ستنتقل طاقة إمداد (ميدغاز) من 8 آلاف مليون متر مكعب سنويا إلى حوالي 10 آلاف مليون".
قدر تقرير "الباييس"، هذا الاستثمار بنحو 900 مليون يورو، لافتة إلى أن "الشركات المالكة للبنية التحتية، (سوناطراك) الجزائرية، و(ناتورجي) الإسبانية قامت بتنفيذ الخط".
وأكدت الصحيفة أنه "نهاية 2019 زادت حصتها في التخطيط الإستراتيجي في خط أنابيب الغاز من 15 إلى 49 بالمئة".
"الجزائر تعد موردا رئيسا لإسبانيا بالغاز الطبيعي، على الرغم من انخفاض حصتها في السوق بالسنوات الأخيرة بفضل سياسة التنويع التي تطبقها الحكومة الإسبانية"، بحسب التقرير.
وأضاف: "بعد أن كانت الشريك الرئيس في هذا القطاع لأكثر من 30 عاما، إذ قامت بتزويد ما يقرب من 60 بالمئة من الطلب الإسباني؛ تقدمت أميركا على الجزائر في فبراير/ شباط 2020".
وأكد أن "واشنطن المنتج الرائد في العالم لما يسمى بالغاز الصخري، تغطي 27 بالمئة من الواردات الإسبانية".
ووفقا لأحدث البيانات المتاحة، استعادت الجزائر موقعها الريادي في تصدير الغاز عام 2021 بحصة سوقية في إسبانيا تبلغ 29 بالمئة.
من الضحية؟
ونوهت الصحيفة بأن "الضحية الرئيسة لإغلاق خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي هو المغرب، الذي حصل على سبعة بالمئة من قيمة كمية الغاز الطبيعي المصدرة عبر هذه الاتفاقية".
"عام 2019، لم يصل هذا الرقم إلى 50 مليون يورو بسبب انخفاض السعر العالمي للوقود، لكن في ذروته، عام 2014، ارتفع إلى ما يقرب من 200 مليون يورو"، وفق تقدير الصحيفة الإسبانية.
وأضافت أن "خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي وفر 45 بالمئة من طلب السوق المغربي على الغاز بسعر منافس".
وتعتقد أن "الافتتاح المرتقب لحقل غاز (تندرارة) بشرق المغرب لن يكون قادرا إلا على ملء جزء من الفراغ الذي خلفه الغاز الجزائري، إذ تشير التقديرات إلى أنه سيلبي تسعة بالمئة فقط من احتياجات الرباط".
تقرير الصحيفة جزم بأن "القرار يضر أيضا إلى حد أقل بالجزائر نفسها، والتي ستشهد خفض قدرتها على إمداد الغاز إلى إسبانيا بمقدار النصف تقريبا، وتعتمد على طريق خروج واحد، مما يؤدي إلى فقدان طريق بديل لمشكلة تقنية محتملة، في (ميدغاز)".
وأكد أن "الجزائر استخدمت جزءا فقط من هذه الإمكانات في السنوات الأخيرة، إلا أنه دون خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي، لن تتمكن الجزائر من زيادة حصتها بالسوق حال انقطاع الإمداد من أحد المنافسين".
وقالت: "يمكن أن يحدث ذلك، إذا حظر الاتحاد الأوروبي واردات الغاز الصخري بسبب تأثيره البيئي الهائل، لكن في ظل تجدد الغضب بين الجزائر والرباط، تفوق خيار معاقبة الخصم الإقليمي على المصلحة الذاتية".
وحول أسباب هذا التصعيد في التوتر بين البلدين، نقلت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية عن المحلل، هيثم أميرة فرنانديز، أنه "تاريخيا كان للبلدين أنظمة سياسية معادية وساد بينها عدم الثقة والتنافس على الهيمنة".
ويضيف: "ليس فقط في المغرب العربي، وكذلك في القارة الإفريقية، وفي البحر المتوسط، وبقية العالم العربي… ".
ويؤكد أن "تغريدات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في ديسمبر/ كانون الأول 2021 عن المغرب وإسرائيل والصحراء الغربية، كانت سببا في تسريع الأزمة".